Share

الفصل 2

Author: حارس الزهور
‫بهذه الطريقة فقط أستطيع أن أضمن براءتي.

حين سمع كلماتي، تجهّم ضياء قليلًا، ثم أشرق بريق في عينيه.

قال لي بحماس: "هيا، تعالي معي الآن."

بعد أن وافقتُ على طلبه، بدا أن نظرات ضياء ازدادت حرارة، وراح يقترب مني مسرعًا متجهًا نحو الحمّام.

كنت أشعر باضطراب وخوف في داخلي، حتى إنني لم أجرؤ على النظر إليه.

لم يكن الأمر كما لو كنت سأتصرّف معه تصرّفًا غير لائق، لكن مجرّد أن أُخرج قليلًا من الحليب الدافئ أمامه جعلني أشعر بالحرج والارتباك.

أنا امرأة ناضجة، وضياء رجل بالغ، فكيف لي أن…؟

وفوق ذلك كنت أخشى أن يقوم بتصويري خفية بهاتفه أثناء ذلك.

رغم أنني لم أرفع بصري نحوه، إلا أن هذا الخاطر جعلني مضطرة لأن أسأله.

وحين خرج أحدهم من الحمّام وبدا المكان خاليًا، التفتُّ إليه وقلت:

"ضياء، لقد وافقتُ على شرطك… لكنك لن تواصل تصويري، أليس كذلك؟"

هزّ رأسه قائلًا: "مستحيل، أنا فقط أريد أن أتذوّق قليلًا من الحليب الدافئ، لقد اشتقت إلى طعمه، ثم..."

وحين رفعتُ رأسي نحوه، ثبت نظره في عينيّ وقال:

"في الحقيقة أنا معجب بكِ يا سيّدتي، أتابعك منذ زمن، رأيتك في الاجتماع الأخير في الحضانة، يومها لم أستطع مقاومة إعجابي بكِ، برائحتك، وبحضورك الأنثوي."

كانت ملامحه توحي بشيء من الافتتان، وهذا جعلني أرتخي قليلًا.

رغم أنني شعرت أنه يهددني، إلا أنني تمنّيت ألّا يتجاوز حدوده.

قلت له بجدية: "يجب أن تفي بوعدك، لا يجوز أن تواصل تصويري."

أومأ برأسه مطمئنًا: "لا تقلقي، لن أفعل. والآن، فلنذهب إلى حمّام الرجال."

ثم لوّح بهاتفه أمامي وقال:

"لا تحاولي الهرب، إن لم تفعلي ما أطلبه، فقد أنشرُ هذه الصور على الإنترنت."

ارتجف جسدي خوفًا من تهديده.

وحين رأى استسلامي، أخذ يحدّق بي مليًّا وقال مبتسمًا:

"انظري، ثوبكِ من الأمام مبلّل بالكامل، وبعد قليل سأساعدك على تصريفه لكِ، هيه هيه..."

ثم دخل ضياء إلى داخل الحمّام للرجال.

وحين تأكّد من خلوّه، خرج وأشار إليّ بيده:

"تعالي، المكان خالٍ، يمكننا نتصرف جيدا..."

لحس شفتيه، ووقف بجسده القويّ عند الباب، وذراعاه الممتدّتان كأنهما جداران.

شعرتُ باضطراب غريب في صدري، وسرتُ نحوه بخطوات متردّدة.

قلت له: "أعطني الكوب، وسأملأه لك."

هزّ رأسه رافضًا:

"أحضرتك معي لأنني لا أريد كوبًا، أريد أن تعصر الحليب لأشربه مباشرًا."

ثم دفعني قليلًا حتى وصلت إلى المقصورة الأخيرة في الحمّام.

كانت ضيّقة، والتصقتُ بظهرِي بالحائط البارد من الخزف، أحدّق فيه بخوف.

لقد تجاوز حدوده تمامًا، وكيف يمكن لشخص أن يرغب في الشرب إلى هذا الحد؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة لي…؟

وفجأة، سُمعت خطوات تقترب من الخارج، فسارع ضياء إلى إغلاق باب المقصورة.

كان وجهه يحمل ملامح استعجال واضح:

"هناك أحد قادم، لا ترفعي صوتك يا سيّدتي، فأنت لا تريدين أن يعرف زوجك أو أيّ أحدٍ آخر بأمرنا، أليس كذلك؟"

ثم تابع مهدّدًا:

"لا تنظري إليّ هكذا، افعلي ما قلت لكِ، وإلا فسأرسل الفيديو فورًا إلى مجموعة أولياء الأمور في الحضانة."

"لا…!"

ارتجفت يداي، وتحت نظراته المهدِّدة بدأت ببطء أمدّ يديّ نحو أزرار ثوبي…‬
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • الرجل الذي يشتهي الحليب   الفصل 10

    ‫كانت أطرافي باردة، ولم أتوقع أن تتطور الأمور إلى هذا الحد.علاء يريد حقًا أن يطلّقني!شعرت بانقباض شديد في قلبي، كأنّ يديّ قويتين تعصرانه بقسوة، فزاد الألم حتى لم أعد أتحمّله.كانت صور علاء ولطفه معي تتوالى في ذهني بلا توقف.كان ينحني ليربط لي رباط الحذاء، ومع وجوده لم أكن أحتاج إلى حمل أي شيء.ومهما كان الوقت، إذا اشتهيت طعامًا ما، كان يترك عمله ليأخذني لتناوله، وفي البيت لم يدعني أقوم بأي عمل منزلي.كنت أغار من معاملة ضياء لزوجته، ولم أنتبه إلى الصدق الذي كان إلى جانبي.نادمة، سارعت للاتصال بعلاء، لكن الهاتف لم يُجب إطلاقًا.عندما علم والداي بالأمر، جاءا إليّ، وظننت أنهما سيحاولان إقناع علاء بالعدول عن الطلاق، لكنهما فاجآني بدفاعهما عنه.قالا: "الطفل مع علّو لن يضلّ الطريق، وإن أردتِ رؤيته فلن يمنعكِ، لولو، لقد خيّبتِ آمالنا حقًا!"كنت في تلك الأيام متعبة نفسيًا وجسديًا، فصرخت بغضب حين سمعت والديّ يدافعان عن علاء."ألستم أنتم من أصرّ على تفريقي عن ضياء؟ لولاكما لما فعلتُ ما فعلت..."صفعة!لم أكمل كلامي حتى صفعتني أمي.قالت بغضب: "يا لكِ من حمقاء! نحن فرّقنا بينكما لأن ضياء كان يطمع

  • الرجل الذي يشتهي الحليب   الفصل 9

    ‫حين سمعتُ كلمات ضياء، ابتسمتُ ابتسامةً فيها أنوثةٌ ودلال.لكن قبل أن أنتهي من خلع ملابسي تمامًا، سمعتُ طرقًا على الباب."حبيبتي، لقد عدتُ، افتحي الباب."حين سمعتُ صوت علاء من الخارج، ارتجف قلبي من الخوف.لم أتوقع أن يعود علاء بهذه السرعة.وشحب وجه ضياء فجأة.قال بصوتٍ مرتجف: "علاء عاد؟! ماذا سنفعل الآن؟"ازداد وجه ضياء شحوبًا أكثر فأكثر.وحين رأيته بهذا الخوف، شعرتُ أنا أيضًا بالارتباك.لكن هذه المرة لم يكن تمثيلًا كما في السابق، بل كان خوفًا حقيقيًا.كما حدث في المرة السابقة في الحمّام، حين ظهر علاء فجأة، وكنتُ أنا وضياء نختبئ هناك، كدنا نموت خوفًا.لكن في تلك المرة كان الأمر جزءًا من سيناريو متفق عليه بيني وبين ضياء، فشعرتُ وكأنها لعبة، ولم أكن مرعوبة إلى هذا الحد.أما الآن، فلو اكتشف علاء ما بيني وبين ضياء في البيت، فستكون الكارثة.قلتُ له بسرعة: "اختبئ في الخزانة الآن!"ودفعتُ ضياء بعجلة، وارتديتُ ملابسي على عجل.تسلّل ضياء بسرعة إلى داخل الخزانة.وحين خرجتُ لأفتح الباب، كان على وجه علاء بعض العرق.قال لي: "كنتُ على عجلة من أمري فنسيتُ ملفًا مهمًا جدًا."ثم دخل الغرفة وهو يتحدث.ا

  • الرجل الذي يشتهي الحليب   الفصل 8

    ‫كنتُ متكئة في حضن ضياء، وتركته يرمي بي على السرير.وحين اقترب بجسده مني، صفعتُ وجهه بخفة بيدي الصغيرة."أيها الماكر، كفى تمثيلاً، ما فعلته في مدينة الألعاب كان كافياً، والآن تلحق بي إلى بيتي لتكمل المشهد؟ أظن أنّ الإثارة بلغت حدّها، فلنبدأ الآن بالجدّ."نظرتُ إلى ضياء بابتسامة يملؤها الدلال.وضحك ضياء ومدّ يده يلامسني بقوة.قال مبتسماً: "ما زال النداء بسيّدتي يثيرني، فيه شعور بالمغامرة الحقيقية، كيف وجدتِ ما فعلته من قبل حين هددتك؟"ضحكتُ وأنا أرتجف من شدة الانفعال.وحدقت عيناه فيّ بدهشةٍ وافتتان.قال: "صدقاً يا لولو، أنتِ جميلة حقاً، وجسدكِ هذا يجعلني أفقد السيطرة كل مرة، لو ذهبتِ إلى حيّ الدعارة لتمثيل الأفلام، لجنيتِ جمهوراً كبيراً من المعجبين."اتكأتُ على صدره، ونظرتُ إليه بعينين لائمتين.قلتُ: "انظر إلى نفسك، لو ذهبتُ فعلاً إلى هناك، أما كنتَ فقدتَ مكانك؟"مدّ ضياء يديه يتحسسني وقال معتذراً: "أخطأتُ، لا أحتمل أن أراكِ مع غيري. كدنا أن نُكتشف من قِبل علاء... في المرة القادمة يجب أن نكون أكثر حذراً، لا مجال للمجازفة."أطلقتُ نفساً غاضباً وقلت: "كفّ عن المراوغة، لقد رأيتك اليوم مع ز

  • الرجل الذي يشتهي الحليب   الفصل 7

    ‫أقوم كل يوم بتنظيف المنزل، وأنا أعرف تمامًا كل ما فيه من أثاث وزينة.تلك كانت دمية دب صغيرة مصنوعة من مكعبات "ليغو"، وقد كانت هدية من علاء إلى ابنتي.قضيا وقتًا طويلًا معًا حتى أتما بناءها بنجاح.وبعد أن اكتمل شكلها الجميل، اقترح علاء أن نضعها في غرفة الجلوس لأنها تبدو لطيفة.عندما أفكر بالأمر، لم يمضِ على ذلك سوى أيام قليلة.لم أنتبه من قبل، لكنني الآن لاحظت أن عيني الدمية تبدوان غريبتين بعض الشيء.يبدو أن ما قاله ضياء كان صحيحًا.في البداية لم أكن لأصدق ضياء بسهولة، لكن هذا المجسم موجود في بيتي، ولا يمكن لأحد أن يعرف بوجوده أصلًا.ومع ذلك، ضياء لم يعرف عنه فقط، بل تحدث أيضًا عن المراقبة، وهذا جعلني أبدأ بالشك.لكن ما لم أفهمه هو: لماذا يفعل علاء ذلك؟هل كان يتوقع أن يأتي ضياء لزيارتي؟وبينما كنت غارقة في أفكاري، سمعت ضياء يتابع كلامه:"علاء على علاقة بامرأة أخرى منذ زمن، ويريد الطلاق، لكنه لا يريد أن يخسر أمواله.لو طلقك الآن سيكون هو المخطئ، وسيتوجب عليه أن يدفع لك الكثير، لذلك أراد أن يجعلك أنتِ المخطئة. ولهذا السبب لجأ إليّ. في الحقيقة، كل شيء كان من تخطيط علاء."اقترب ضياء قليلً

  • الرجل الذي يشتهي الحليب   الفصل 6

    ‫لم تهدأ الرغبة التي لم أفرغها مع علاء، فبدأت تتصاعد في داخلي حتى شعرتُ بحرارة تسري في جسدي.وبّخت نفسي بصمت، كم أنا عديمة الحياء!مزّق ضياء قميصي، وكان يهمّ بأن ينحني نحوي، لكنّ هاتفه رنّ في تلك اللحظة.أخرج الهاتف ليغلقه، غير أنّه عندما رأى اسم المتصل، عقد حاجبيه قليلًا.ثم تركني وأجاب على المكالمة.رأيت على شاشة هاتفه كلمتين: **الزوجة**.لا أدري ماذا قالت له زوجته، لكنّه أنهى المكالمة على عجل، ثم رتّب ملابسه."سأخرج قليلًا، انتظريني، وسنكمل ما بدأناه بعد قليل."راقبته وهو يغادر بخطوات مسرعة، ثم وقفت من على الأريكة، وكأنّ قوة خفية دفعتني لأتبعه.خرجت من باب المبنى، فرأيته جاثيًا على الأرض، يربط حذاء امرأة."حبيبتي، لماذا لم تتصلي بي لأوصلك منذ البداية؟"كان صوته رقيقًا للغاية، لا يشبه لهجته المليئة بالتهديد معي."لم أرد أن أزعجك، ولو لم أنسَ المفتاح لما اتصلت بك أصلًا."بعد أن أنهى ربط الحذاء، وقف ضياء، وأخذ الحقيبة من يدها، ووضع ذراعه حول خصرها، وسارا معًا نحو المبنى المجاور.وقفت أنظر إليهما، وهما يسيران كزوجين يملؤهما الودّ، وشعرتُ بحزن غامض يتسلل إلى قلبي.كم هو طيب ضياء مع زوجته

  • الرجل الذي يشتهي الحليب   الفصل 5

    ‫لكن عندما صعدتُ إلى السرير، مستعدةً بتلك الهيئة الخجولة، أنتظر بحماس قدوم علاء، رنّ هاتفه فجأة.عقد حاجبيه وقال:"حسنًا، حسنًا، فهمت."نظر إليّ زوجي بنظرةٍ فيها رغبة، ثم تنهد قائلاً:"عذرًا يا حبيبتي، حدث أمر طارئ في الشركة، يجب أن أعود الآن."قال ذلك وهو ينهض بسرعة ويلبس ثيابه من جديد.كنت ما زلت متأثرة بما جرى مع ضياء؛ رغم الخوف الذي في داخلي، إلا أن ذلك الموقف المليء بالالتباس جعلني أشعر باضطرابٍ غريبٍ وسرورٍ خفيّ.ولهذا عندما ألقاني زوجي على السرير قبل قليل، كنتُ أتوق إلى لحظةٍ حميمية معه.لكن الآن، وهو يستعد للمغادرة، شعرتُ بفراغٍ يملأ قلبي."علاء، ألا يمكنك أن تبقى معي قليلًا؟ ألا يمكن أن يتولى أحد غيرك أمر الشركة؟"هزّ رأسه مبتسمًا بأسى، ومدّ يده ليمسح شعري الطويل بحنان."انتظريني قليلًا يا حبيبتي، فالأمر اليوم يتعلق بمشروعٍ كبير في الشركة."بعد أن غادر زوجي، هممتُ بالذهاب لأرى إن كانت ابنتي قد نامت، فإذا بصوت طرقٍ على الباب.نظرتُ من خلال العين السحرية، وما إن رأيتُ من يقف خارجًا حتى تسارعت دقات قلبي.كان ضياء يقف هناك.لقد تبعني إلى بيتي!ارتجف جسدي خوفًا، وفي تلك اللحظة رنّ

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status