LOGINمات...ماذا يعني هذا؟تقريبا بلا وعي، تفجرت الكلمات من فم سلمى: "بما أن ليان لم تكن الحفيدة الحقيقية للشيخ الهاشمي، فذلك الوصية السابقة باطلة، ويجب أن يعاد تقسيم ممتلكات عائلة الهاشمي!"فبعد رحيل الشيخ الهاشمي، أصبحت هي أكبر كبار العائلة!وفي هذا الموقف، لا بد من استباق الآخرين.لكن ما إن أنهت كلماتها، حتى التفت الجميع نحوها، وكانت نظرات يوسف حادة كالسيف.رغم أن سلمى شعرت بالارتباك، إلا أنها تظاهرت بالقوة وقالت: "أنا لم أخطئ، فثروة عائلة الهاشمي الضخمة هذه يجب أن تدار كما ينبغي...""أمي، توقفي عن الكلام!"لم يسمح لها علاء بأن تكمل، فقاطعها بصوت صارم.لطالما كان يعرف أن أمه تطمع في ثروة العائلة، لكن هذه اللحظة جعلته يدرك تماما أن عينيها لا ترى إلا المال.فبينما الجميع غارق في الحزن على رحيل الجد،هي... لا تفكر إلا في الميراث!خوفا من أن تنطق بما هو أفظع، فيستفز يوسف وفادية، أمسك علاء بمعصمها وسحبها بقوة نحو الخارج."ماذا تفعل؟ علاء، أتركني!"غضبت سلمى جدا، حاولت أن تفلت، لكن لم تستطع مجاراة قوته.وبينما يجرها إلى الباب، جاء صوت يوسف من خلفهم ببرود:"وصية جدي ما زالت سارية المفعول!"تجهم
القاعة غارقة في الفوضى.لم يخطر ببال ليان أن الطعنة التي وجهتها لفادية، سيقف الشيخ الهاشمي بنفسه ليتلقاها عنها.سقط الشيخ الهاشمي بضعف في حضن فادية، فجمد المشهد ليان لبرهة، وقبل أن تستوعب ما جرى، باغتها أحدهم بركلة قوية أطاحت بها بعيدا.ارتطم جسدها بالأرض بصوت عظام متخلخلة، فبدت كقطعة مهملة في زاوية القاعة، ملامحها مشوهة من شدة الألم.لكن لم يلتفت إليها أحد.الجميع التفوا حول الشيخ الهاشمي، قلقون، خائفون…حدقت ليان مذهولة بما يحدث أمامها، وفجأة بدا وكأنها استيقظت من غفلة.لقد أفسدت كل شيء تماما، وتحت أنظار الجميع أصابت الشيخ الهاشمي مجددا، وإن أصابه مكروه، فمجرد يوسف وحده لن يتركها وشأنها!لم يعد في رأسها سوى فكرة واحدة:الهرب…وسط هذه الفوضى، هذه فرصتها!لم يلحظ أحد كيف سحبت جسدها المتألم بصمت، وتسللت خارجة.“ف… فوفو…” خرج صوت الشيخ الهاشمي ضعيفا، وهو يحدق بها وكأن في صدره آلاف الكلمات يريد أن يقولها.لكن جسده لم يعد يحتمل.“جدي، أنا هنا… أنا معك، الطبيب قادم حالا…” تشبثت فادية بيده بقوة، قلبها يتقطع من الرعب والارتباك، لم تشعر يوما بهذا العجز.في ذهنها يتكرر المشهد الذي وقف فيه أمامه
أيتركها ترحل هكذا؟أصيب الجميع بالدهشة من قرار الشيخ الهاشمي."جدي..." كانت جنى أول من اعترض، "لقد كادت أن تقتلك، لا يمكن أن نتركها ترحل هكذا!""صحيح يا أبي، لا يمكن أن نسمح لها بالذهاب!" أضافت سلمى مؤيدة.وسط أصوات الاعتراض، استعادت ليان وعيها أخيرا.ترحل؟"لن أرحل!" ارتجفت نظرات ليان، "ما زلت أريد أن أرث عائلة الهاشمي، لن أرحل!"إن رحلت الآن، فلن يتبقى لها شيء على الإطلاق!ملامحها كانت مليئة بالهوس، مما أثار النفور، أين كان الخطأ؟بدأت ليان تستعيد في ذهنها ما حدث، وفجأة بدت وكأنها تذكرت شيئا، استدارت بعينين مليئتين بالشر نحو فادية: "أنت..."إنها فادية!لا شك أنها فادية!لم تكن تعرف ما الذي فعلته فادية، لكنها أيقنت أن خططها جميعا انتهت بهذا الشكل بسببها!ألقت بكل كراهيتها وحقدها على فادية دفعة واحدة.وفي اللحظة نفسها التي انفجرت فيها الكراهية بداخلها، اندفعت ليان بجنون نحو فادية.لا أحد يعلم من أين أمسكت بشوكة، لكنها وجهتها مباشرة نحو عين فادية، تريد أن تدمرها، تريد أن ترى كيف ستفسد خططها بعد ذلك.بل أرادت أن ترى، إن شوهت وجهها، فبأي شيء ستسحر الراسني الثالث!ومع هذا التفكير، ازدادت ج
كان على ورقة تقرير الفحص مكتوب بوضوح اسما ليان والـسيد كامل الهاشمي، أما النتيجة…"لا توجد أي صلة دم! ها…" ابتسمت سلمى باستهزاء، وهي تقلب بين يديها نتيجتين واضحتين، متسائلة في نفسها: كيف ستتمكن ليان من التهرب الآن؟وقع صوت السخرية في أذن ليان، فثبتت بصرها على التقرير الملقى أرضا.الأسماء والكلمات الحاسمة التي عليه جعلتها تحاول الهروب بنظرها، لكنها أينما التفتت لم تر سوى التقرير يملأ المكان."ليان… كامل الهاشمي…""لا توجد أي صلة دم…"لا مهرب!كل كلمة كانت كالمسمار تخز عينيها وتؤلم رأسها، فيما شفتاها تهمهمان بلا توقف:"لا… ليس هكذا…""هذا كله كذب، هذا غير صحيح! أنا ابنة ربى الخالدي، أنا من دم عائلة الهاشمي…"ارتفع صوتها شيئا فشيئا، حتى مع وجود الأدلة أمامها، رفضت الاعتراف بالحقيقة.تذبذب بصرها، وملامحها ازدادت جنونا، حتى غمر القاعة كلها صدى صراخها المليء بالمرارة.نظرات الحاضرين ازدادت اشمئزازا من حالتها.أما جنى، فشعرت بنشوة الانتصار.لن تترك ليان وشأنها، فإذا فقدت الأخيرة حماية لقب "حفيدة عائلة الهاشمي"، فإن القضاء عليها سيكون أسهل بكثير.قالت جنى بشماتة: "بما أنها ليست من دم عائلة اله
تحت أنظار الجميع، وحتى أمام الأدلة الواضحة، عادت ليان لتنكر بعصبية: "لا، هذا غير صحيح، هذا التقرير فيه مشكلة! نعم، التقرير مزور، لا بد أنه مزور…"كانت ليان متلهفة للتخلص من وصمة "أنها ابنة سناء".في داخلها، كانت تردد لنفسها مرارا: هي الحفيدة الحقيقية لعائلة الهاشمي، وليست ابنة سناء.ليان ترى أنها تستحق أجمل ما في الدنيا، وأنها فقط كحفيدة لعائلة الهاشمي، ووارثة لكل ما يملكون، تستطيع أن تضع الجميع تحت قدميها.كانت متوترة، وعلى ملامحها بريق من الجنون.الجميع نظروا إليها باشمئزاز.خصوصا الشيخ الهاشمي وكريم، فقد كانا يظنانها في الماضي فتاة بريئة، لكنها في الحقيقة لم تكن سوى صورة قبيحة مملوءة بالغرور والطمع."سناء! أخبريهم بسرعة أني لست ابنتك، بل تبنيتني من دار الأيتام، أنا ابنة ربى الخالدي، أنا من دماء عائلة الهاشمي!"حدقت بها بعينين مضطربتين، ولما رأت الحزن في عيني سناء، صاحت بعصبية أكبر: "سناء! تكلمي بسرعة!"استفاقت سناء من شرودها.صحيح أنها شاركت في خطة الادعاء بأن ليان هي حفيدة عائلة الهاشمي،بل إنها لم تتردد في التسبب بحادث سيارة لريان من أجل تمهيد الطريق أمام لولو.فعلت كل شيء كي تصل
سلمى صاحت بحدة وهي تستجوب، وقلبها يكاد يطير فرحا حتى أنها كادت أن تصفق بيديها سرورا.إن كان الأمر حقا كما تظن، فالوضع الحالي سيكون في صالحها تماما!فمن دون ما يسمى بـ"ابنة ربى الخالدي"، تصبح الوصية التي أعلنت قبل قليل لاغية، ويمكن إعادة توزيع ثروة عائلة الهاشمي من جديد!ولما رأت ليان ترتبك بشكل واضح تحت وطأة أسئلتها، ازداد حماس سلمى وارتفعت نشوتها.لكن مجرد الاستجواب لم يكن كافيا، بل أرادت أن تصب الزيت على نار غضب الشيخ الهاشمي."لو كنت فعلا ابنة ربى الخالدي، لكنت أول من يرفع يديه تأييدا لوراثتك كل ما تملكه عائلة الهاشمي، لكنك لست سوى مدعية، ولحسن الحظ اكتشفنا ذلك في الوقت المناسب، وإلا لكنت اغتصبت ما يخص ابنة ربى حقا!"كانت تكرر اسم "ربى الخالدي" عمدا، متناسية رفضها القاطع قبل قليل عندما أعلنت الوصية.فقد أرادت أن تستثير غضب الشيخ الهاشمي أكثر فأكثر.وبالفعل، ارتسمت في عيني الشيخ الهاشمي الغاضبتين لمحة من الندم.فقد عاش طوال هذه السنين مثقلا بالذنب تجاه ربى، والآن وقد أخطأ مرة أخرى فظن أن مدعية هي ابنتها، كيف لا يزداد شعوره بالذنب؟سلمى بدت راضية تماما بهذا الندم الذي يعتصر قلب الشيخ.