LOGINخارج قصر الهاشمي.علمت تالة منذ الصباح من عمتها بمكان وجود مالك، فلم تتمالك نفسها وأسرعت إلى قصر عائلة الهاشمي.أما التعزية في ميت، فلم تكن تهمها كثيرا،لكنها لم تمانع أن تجعلها وسيلة للاقتراب من مالك.داخل السيارة الفاخرة.كانت تالة ترتدي فستانا أسود طويلا، تفقدت بعناية مكياجها الأنيق الذي أعدته خصيصا، وحين تأكدت أن مظهرها في أفضل حال، وضعت نظارتها السوداء ونزلت من السيارة.أخذت تنظر حولها، لكن عينيها أظهرت خيبة أمل، ولم تتمالك أن تهمس لمساعدتها بنبرة استياء: "ألا يوجد صحفي واحد هنا!"كانت تظن أن شخصية مثل الشيخ الهاشمي ستجذب الصحفيين للتجمع أمام قصر عائلة الهاشمي.ولو كانت تعلم مسبقا بعدم وجودهم، لكانت رتبت حضورهم بنفسها.لكن الآن، بلا شك، فات الأوان."لا بأس، في المرة القادمة أخبري الصحفيين قبل أن أصل." قالت تالة بامتعاض وهي تحدق في مساعدتها: "حتى هذا العمل البسيط لم تنجزيه، لولا أن..."توقفت فجأة، لكن عينيها خلف النظارة السوداء أطلقتا نظرة حادة."آنسة، سأقوم بواجبي كما يجب." ردت المساعدة بخوف.كانت تعرف جيدا ما الذي لم تكمله تالة في جملتها.فعندما عادت تالة إلى البلاد.وخلال حفل تو
تراجع رائد فورا عن الفكرة التي خطرت له للتو.لم يكن أمامه سوى أن يشغل السيارة رغم التردد.تحركت السيارة لمسافة، ومن خلال المرآة الخلفية، ظلت فادية واقفة في مكانها، تتضاءل صورتها شيئا فشيئا، حتى اختفت عند منعطف الطريق.عادت فادية إلى قصر عائلة الهاشمي.في قاعة العزاء، كان يوسف يجلس وحيدا يحرس المكان.ولما رآها تدخل، تعرف فورا على المعطف الذي كانت ترتديه.إنه معطف مالك!إذن… لقد ذهبت لرؤيته فعلا؟أطرق يوسف بعينيه، وشعر بشيء غريب يتسلل إلى قلبه، لكنه أجبر نفسه على كبته.…عاد مالك إلى مسكنه في وسط المدينة.ولم ينل قسطا من الراحة، فما إن بزغ الفجر حتى اغتسل وبدل ثيابه، وبعد نصف ساعة توقفت سيارته مجددا أمام قصر عائلة الهاشمي."سيدي… ما الأمر؟"في السيارة، رائد يراقب سيده عبر المرآة الخلفية.لم يمض سوى ساعتين أو ثلاث على مغادرتهما المكان، وها هو يعود من جديد.كان واضحا أن سيده يتمنى لو يقضي كل لحظة إلى جوار السيدة.لم يكتشف رائد من قبل أن سيده… بهذا القدر من التعلق!ولكن...قال رائد بحذر: "سيدي، في مثل هذه الظروف عند عائلة الهاشمي، ما تفعله قد يغضب السيدة؟"فسيدة في فترة حداد.رد مالك بلهجة
طريقة أخرى...من نبرة صوته وحدها، ارتجف قلب فادية من غير وعي.حين التقت بعيني مالك المليئتين بالجرأة والتمرد، أدركت فورا ما الذي يقصده بقوله "طريقة أخرى".اقترب وجهه الوسيم منها، فاندفعت فادية لا إراديا إلى الوراء.لكن كفه الكبيرة استقرت خلف رأسها، مانعا إياها من الهروب.أنفاس مالك لامست وجه فادية، وكأن اللحظة التالية سيغرس أسنانه في عنقها. وفي تلك اللحظة الحرجة، تفجرت الكلمات من شفتيها: "سمعت، سمعتك!"توقف مالك عن اندفاعه.لكن ذلك لم يكن كافيا ليرضيه.هذه الصغيرة عديمة القلب، التي قالت كلماتها القاسية قبل قليل بكل حزم، كان لابد أن يمنحها عقوبة تليق بها، ليمسح شيئا من جرحه الداخلي."وما الذي سمعته؟" قالها بأنفاسه الدافئة على عنقها.صوته المليء بالإغراء اخترق أذنها، فشعرت فادية بتيار كهربائي يجتاح جسدها كله.وبينما كانت مذهولة، تغير صوته قليلا قرب أذنها: "هاه؟"كان واضحا أنه يطالبها بالإجابة بسرعة.ما الذي سمعته؟ترددت كلماته الأخيرة في ذهنها، فاشتعلت وجنتاها بحرارة مفاجئة."ما الذي سمعته؟" قالها وشفاهه تلامس بشرتها.لم تجرؤ فادية على التأخير لحظة، فاندفعت تقول وكأنها ترمي بنفسها في الب
إنه يخشى أن تشعر بالبرد!لكن تلك الكلمة "زوجتي" ذكرت فادية بأن علاقتها به لم تكن سوى صفقة عابرة جاءت بالخطأ.في مدينة الياقوت، كانت تستطيع أن تتجاهل الأمر.أما في العاصمة، فلم يعد بإمكانها إنكار ما قالته جنى قبل قليل، فقد لامست الحقيقة."أي زوجة؟ الراسني الثالث، من فضلك لا تناديني هكذا." قالت فادية ببرود، وعيناها تحملان شيئا من النفور.تجمدت ابتسامة مالك للحظة،لكن سرعان ما عاد وجهه الوسيم ليرتسم عليه نفس الابتسام.مد يده محاولا الإمساك بيدها، لكنها تفادت لمسته.ثم انبعثت صوت ضحكتها الباردة عند النافذة:"الراسني الثالث، بهذه الطريقة تجعل موقفي صعبا. هذا قصر عائلة الهاشمي، وأنت حاكم مجموعة الراسني، ولو التقطت وسائل الإعلام الخبيثة صورا لك وأنت تتجول خارج القصر، لأضافوا إليها ونسجوا الشائعات، وذلك لا يصب في صالحك ولا في صالحي. وهناك أيضا...""في الليلة الماضية، أمام وسائل الإعلام، ساعدتني، أنا ممتنة لك. لكنك رجل ذو مكانة عالية، لذا أرجوك لا تقم بما قد يثير الشبهات، ولا تقل ما قد يسبب سوء الفهم."لم تكن فادية تريد أن تغرق أكثر في هذا التشابك،لذلك اختارت كلمات قاسية، باردة، خالية من أي عا
هبت نسمة باردة فجعلت مالك يقشعر ويرتعش، وأخذ يعطس مرارا.وما إن خرجت فادية من القصر حتى سمعت صوت عطاسه.توقفت في مكانها، فرفع مالك عينيه نحوها، وفي اللحظة التي وقعت عيناه عليها بدا وكأن النور قد اشتعل فيهما فجأة.لم ينتظر حتى تقترب منه، بل ركض نحوها بحماس."فادية..."وما إن لاحظ أنها ترتدي ثوبا خفيفا، حتى خلع سترته دون تردد ووضعها على كتفيها.حين غمرتها سترته، انتبهت فادية فجأة،ونظرت إلى أنفه الأحمر من شدة البرد، فشعرت بشيء من الشفقة، لكن كلماتها خرجت بنبرة عتاب: "ألم تجد مكانا تذهب إليه؟"مالك: "..."قبل أن يتمكن من الرد، أمسكت فادية بمعصمه وقالت: "تعال معي!"انتقل دفء كفها إلى جسده، وكأن البرد تلاشى في لحظة.حاول مالك أن يسحب معصمه قليلا، فتوقفت فادية والتفتت إليه بوجه متسائل."أنت..."لماذا توقفت؟وقبل أن تنطق بسؤالها، أجابها مالك بفعل لا بكلام.أمسك بيدها التي شدت على معصمه، وفك أصابعها بلطف،شعرت فادية بفراغ في راحتها، وفي اللحظة التالية، وضع مالك كفه في راحتها وأحكم أصابعه بين أصابعها."أنا أحب هذه الطريقة." قال وهو يحدق بها بعينين لا ترى سواها، ثم حرك أصابعهما المتشابكة بفخر كأ
الحقيقة التي وضعت أمامها جعلت هدوء فادية الظاهري يبدو كسكين يغرس في قلبها.لم تستطع جنى كبح جماح غيرتها، فتقدمت بخطوات سريعة، عازمة على مسح تلك الابتسامة اللامبالية من وجه فادية.رفعت يدها لتصفعها، لكن فادية أمسكت بمعصمها بقوة قبل أن تهوي.بعد نوم قصير، استرجعت فادية شيئا من قوتها.وبالنسبة لجنى، لم تظهر أي رحمة، قبضتها كانت محكمة لدرجة أن جنى مهما حاولت لم تستطع أن تفلت منها.نظرت جنى بعينين حاقدتين وقالت: "فادية، أتركيني!"ابتسمت فادية بسخرية.أن تفلتها لتتلقى صفعة؟شدت قبضتها أكثر دون أن تضعفها لحظة.واصلت جنى تهديدها: "نحن في قصر عائلة الهاشمي، إن لم تطلقي يدي فسأستدعي الخدم!""جربي!"ازدادت قسوة ملامحها فجأة.قالت بلهجة حادة بعد أن قررت أن لا مجال للمجاملة: "لا تظني أني لم أعرف أنك البارحة عند باب القصر كنت من وضعت العثرة في طريقي…"منذ تلك اللحظة، كانت فادية تدرك تماما ما الذي جعلها تتعثر.كانت تعرف الحقيقة، لكنها لم ترغب بفضحها.لكن ما دامت جنى أصرت على إثارة المشاكل، فلن تسكت.فادية لا تحتمل أبدا أن يزعجها الآخرون بالمشاكل!تجمد وجه جنى، حتى أنها نسيت أن تحاول التملص.قالت فادي







