Share

الفصل 7

Author: ضياء الجمال
حتى دون أن تلتفت، فقد خمنت أمل مَن.

فقال فارس: "عمي! أنا والآنسة أمل..."

تتبعت أمل نظرة فارس، فرأت عماد وقد تجعدت جبهته بشدة، وكان الألم يجعل جسده يرتجف قليلًا.

لكنه لم ينظر إلى أمل، بل ظلت عيناه تحدقان فقط في الدواء الذي في يد فارس.

هذا الدواء يعرفه عماد جيدًا.

هذا الدواء الذي أنكرت سكرتيرته قبل دقيقة واحدة إنها أحضرته معها.

وكأن الزمن قد توقف فجأة.

وبعد بضع ثوانٍ، استدار عماد ومشى، ورغم أن الألم في معدته بلغ ذروته، إلا أن ذلك لم يجعله يتوقف ولو للحظة.

كان رد فعل فارس أنه ناداه من الخلف عدة مرات: "عمي! انتظر يا عمي!"

أدركت أمل أنها قد تسببت في مشكلة، ولكنها تذكرت اتفاق عائلة البدراوي، وتذكرت أيضًا أخاها المريض، الذي ينتظرها على سريره، فلم يكن أمامها سوى أن تركز على هدفها أولًا.

فقالت أمل: "سيد فارس! تناول الدواء أولًا، وأنا سأذهب لأطمئن على سيد عماد."

فأجاب: "حسنًا! اذهبي بسرعة، فإن مرض معدة عمي أخطر مني، يجب أن تقنعيه بالذهاب إلى المستشفى!"

فأومأت برأسها، وغادرت في اتجاه مغادرة عماد.

في الواقع، كانت أمل تدرك جيدًا مدى ألم معدة عماد، وإلا لما كانت تحمل دواء المعدة معها دائمًا في أي وقت.

...

"سيد عماد! انتظر يا سيد عماد!"

رجلاه طويلتان ومسرعتان حقًا، حتى في أشد اللحظات ألمًا بسبب مرض معدته، فما كان عليها سوى أن تركض مسرعةً لتلحق به.

لحسن الحظ كانت الفيلا ضخمة، والطريق طويل بما فيه الكفاية، وإلا كان عماد قد اختفى دون أثر!

"سيد عماد، هل أتصل بالإسعاف؟ لقد شحب وجه سيادتك من شدة الألم!"

بينما كانت تقول العديد من الجمل، لم تتلقَ أي رد.

لم يكن هناك خيار، فاضطرت إلى الركض بضع خطوات أخرى لتصل أمامه، ومدت ذراعيها لكي توقفه.

قال: "ابتعدي!"

بمجرد أن تحدث عماد، كان صوته قاسيًا، وعيناه خالية من أي دفء.

فقالت أمل: "أنت تشعر بألمٍ في معدتك، الاحتمال لن يخفف الألم، يجب أن تذهب فورًا إلى المستشفى."

لم تنهِ كلامها بعد، وفجأة شعرت بضغط شديد على معصمها.

في الثانية التالية، دفعها إلى عمود خشبي في الممر، واقترب منها.

حتى أنها شعرت بأنفاس عماد، غير منتظمة، والغضب في أعماقه يتزايد بلا حدود.

"سيد، سيد عماد!"

فسألها عماد: "أتحبين فارس؟"

ارتجف قلب أمل من سؤال عماد، وبدون وعي هزت رأسها: "لا."

فقال لها: "إذن لماذا هو أهم مني؟"

حتى أنها لم تتردد في الكذب عليه بأنها لم تحضر الدواء، لتعطي تلك الجرعة الوحيدة لفارس.

بكل تأكيد خلال الستة أشهر الماضية، كانت أمل تحضر كل الأدوية من أجل عماد فقط!

شعرت أنها أثارت غضبه هذه المرة حقًا، وربما لو لم تكن إجابتها مقنعة تمامًا، فمن الغد ستجمع أمتعتها وتُطرد من مجموعة البدراوي.

بينما كان ذهنها شاردًا، تذكرت بغتةً ما قالته ياسمين الدسوقي!

أيًا كانت شخصية الرجل، فإنه يحب دائمًا أن يشعر بتعظيم المرأة له، ويحب أيضًا أن تُظهر المرأة ضعفها. فكلما بانت أضعف، كلما قلت استشاطة غيظه، حتى قد يبادر بإيجاد أعذارًا لخطئها!

وعلى الفور، وجدت أمل إجراءات مجابهة.

في البداية خفضت رأسها لتستجمع مشاعرها، وانتظرت حتى رفعت نظرها نحو عماد، كانت عيناها مبللتين قليلًا.

وقالت: "سيد عماد! منذ ستة أشهر وأنا ألاحقك، ولم تمنحني أي استجابة! أعلم أنه لا يجب أن أطمع في أي شيء، فالفجوة بيني وبين سيادتك كبيرة جدًا، لذلك أحاول الآن كبح نفسي، بألا أكون دائمًا بجوارك، أصبحت أتواصل مع آخرين، وبهذه الطريقة، سأقلل من جرحي، وسيادتك لن يزدد نفورك مني!"

وتابعت: "سيد عماد، في السابق كنتُ حقًا لا أعرف قدر نفسي، بل وصل بي الحال إلى أن أتمنى أن أكون شريكة لك..."

وأثناء حديثها، انهمرت دمعتان حقًا، وتابعت: "اتطمئن سيادتك، فمن الآن فصاعدًا لن تكون لدي أية أفكار غير لائقة، وسأبذل قصارى جهدي في إلهاء نفسي، وسأقوم فقط بواجبي كسكرتيرة..."

لم تكمل أمل حديثها، وفجأة شعرت بحرارة على شفتيها!

فوجدت عماد يقبل شفتيها.
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • سكرتيرة تغوي الرجل الخطأ، والعم وابن الأخ يتنافسان للظفر بها   الفصل 30

    "سيد… سيد عماد؟""هل أنتِ موافقة على النقل؟"في تلك اللحظة، شعرت أمل وكأن عقلها توقف عن العمل تمامًا!توقف الكلام في حلقها، ولم تعرف هل تهز رأسها بالموافقة أم بالرفض.كانت عينا عماد السوداوان كالهاوية، تحدق فيها دون أن تنطق بكلمة واحدة…وبعد دقيقة تقريبًا، تحدث أخيرا: "اخرجي."…بدأ الخصام الصامت بين أمل وعماد.بالمعنى الدقيق، هو يمارس الصمت العقابي، وهي في حيرة تامة.منذ حدوث الأمر المتعلق بالنقل الوظيفي بعد الظهر، لم يتحدث عماد مع أمل كلمة واحدة، وحتى في اجتماع المساهمين، كان يرسل مساعد المشروع لإحضار المستندات بدلًا من أن يكلّفها هي بذلك.بعد عناء طويل حتى انتهاء الدوام، فكرت أمل أن تنتظر حتى تصل إلى المنزل لتعرف منه ما يجري، لكنها عند خروجها من الشركة وركوبها المترو عائدةً إلى الفيلا، وما إن فتحت الباب، اكتشفت أن عماد قد حضّر العشاء مسبقًا ووضعه على طاولة السفرة.ولا تدري إن كان قد تناول طعامه أم لا، فالأهم أنه ذهب إلى مكتبه!وبما أن أمل شعرت بالذنب بسبب ما حدث اليوم، كانت مشاعرها متقلبة للغاية.تسللت خلسة إلى باب المكتب لتستمع… يبدو أن عماد يعقد اجتماعًا عبر الفيديو.ونظرًا لفارق

  • سكرتيرة تغوي الرجل الخطأ، والعم وابن الأخ يتنافسان للظفر بها   الفصل 29

    "إذن، هل إذا وافقت، ستسمح لي بأن أكون سكرتيرتك؟" تلاعبت ليان قليلًا بمفهوم السؤال، محاولةً أن تمنح نفسها فرصة!إقناع عماد ليس بالأمر السهل، لكن إقناع سكرتيرته، ربما لن يكون صعبًا إلى هذا الحد. كل ما في الأمر أن تدفع قليلًا من المال.لقد فكرت مسبقًا أن أي امرأة بجانب عماد لا بد أن تكن مولعة به! لكنها على الأرجح سرعان ما ستدرك أن عماد، بخلاف عمله، لا يقيم أي علاقة معهن.والآن، لو تمكنت من الحصول على مبلغ من المال، ثم تنسحب، فربما تقتنع بذلك.بينما كان عماد على وشك الرد، سُمِع طرق على باب المكتب فجأة..."سيد عماد، إنه أنا."وتمامًا كما يُقال، ما إن ذُكر، حتى حضر.كانت أمل قد أنهت قيلولتها القصيرة، وأتت لتسليم بعض الملفات."تفضلي بالدخول."وعند سماع صوت رئيسها، فتحت الباب، وبدأت على نحو اعتيادي بالتقرير مباشرة:"سيد عماد، لقد وجدت جميع مستندات التدقيق التي طلبتها…"توقفت أمل فجأة، إذ لاحظت وجود شخص آخر في مكتب المدير.امرأة.لا يمكن لومها على شعورها بالمفاجأة، فالواقع أن عماد لا يحيط به عادة أي إناث!وبطبيعة الحال، انتبهت ليان لوجود أمل أيضًا.ولم تنتظر حتى يتكلم عماد، بل بادرت بالقول: "أ

  • سكرتيرة تغوي الرجل الخطأ، والعم وابن الأخ يتنافسان للظفر بها   الفصل 28

    قال ياسين بنبرة ممتلئة بالاستياء: "عذر! بالتأكيد مجرد عذر!"عض ياسين شفتيه ببعض الإحباط وقال: "عماد، انظر إلى ليان جيّدًا! أؤكّد لك، لن تجد في هذا العالم كثيراتٍ يفُقنها جمالًا، أنت واثق أنك لا تريدها؟"سكت عماد.وتراجع خطوة إلى الخلف ليضع مسافة بينه وبين ياسين، ثم قال بفتور: "أرى أن فراغك جعلك تلعب دور الخاطبة، أظنني سأضطر للاتصال بالعم قيس الرفاعي."وما إن سمع ياسين ذلك حتى ارتجف قليلًا وهزّ رأسه بسرعة: "لا لا! دعنا من هذا! كنت أمزح، وأنت تأخذ الأمر بمحمل الجد!"كيف يجرؤ على الاستمرار في الحديث؟لم يبقَ له سوى سحب عماد للخلف بسرعة، ثم قال مبتسمًا لليان: "يجب أن يكون لديكما أمور عمل للحديث عنها، سأغادر الآن! هناك أصدقاء يدعونني للشرب معًا!"فأومأت ليان برأسها وقالت بهدوء: "حسنًا، لكن تذكّر، إن شربتَ، فلا تقد السيارة."ابتسم ياسين بثقة وقال:"اطمئني، أنا أكثر الناس التزامًا بقواعد المرور."ابتسمت ليان مستسلمة، لكن عيناها سرعان ما اتجهتا نحو عماد مرة أخرى.حقًا، هو الرجل الذي لم تستطع نسيانه طوال السنوات الماضية…فما إن ظهر، حتى أصبح معدل ضربات قلبها خارج السيطرة!فتح عماد باب مكتبه، وص

  • سكرتيرة تغوي الرجل الخطأ، والعم وابن الأخ يتنافسان للظفر بها   الفصل 27

    قامت أمل بحمل كرسي بنفسها وجلست أمام الطاولة، مواجهةً فارس، ورفعت يدها قائلة: "لكل شخص طريقته في الحياة، وعدم الزواج ليس بالأمر السيئ.""وماذا عنكِ؟"مدّ لها فارس ملعقة الطعام بشكل طبيعي.أمسكت أمل بالملعقة وابتسمت قائلة: "لا تسخر مني، فأنا الآن أريد فقط أن أركز على عملي، ولم أفكر في أي شيء آخر. لكن، إذا كان عليّ التكهن بناءً على وضعي الحالي، فأنا على الأرجح لن أتزوج أيضًا."كانت كلماتها صادقة.لم تقلها لإرضائه.فحتى لو خضع شقيقها لزراعة نخاع العظم، فقد أكد الطبيب أن احتمال الانتكاس موجود دائمًا.سواء كان العلاج تقليديًا أو الاستمرار في البحث عن متبرع جديد، فإن التكلفة ستكون كبيرة جدًا.فكرت أمل في نفسها: "كم من الرجال العاديين سيكونون مستعدين لمساعدة حبيباتهم في إعالة إخوتهن؟ عندها، سيعتبرها الناس بالتأكيد "امرأة مهووسة بدعم أخيها."لم ترغب أمل في إلزام أي شخص، لكنها أيضًا لا تستطيع التخلي عن شقيقها، لذلك كل ما يخص الحب أو الزواج بالنسبة لها أمور بعيدة المنال.الواقع وكثرة الضغوط لم تترك لها مجالًا للتفكير في شيء آخر.قال فارس بصدق: "هل تواجهين صعوبات شخصية؟ يمكنكِ إخباري بها، وإذا اس

  • سكرتيرة تغوي الرجل الخطأ، والعم وابن الأخ يتنافسان للظفر بها   الفصل 26

    "رئيس الفريق الخاص بالمشاريع– فارس: "لا تقلقي، ما دمتُ لن أخبر عمي، فلن يحدث شيء، أليس كذلك؟"لم يخطر ببال أمل أنها ستحصل على هذا العائد غير المتوقع!فإن رفضت الآن… ألا يعني ذلك إضاعة فرصة ثمينة ساقها القدر إليها؟وبدون أي تفكير، أرسلت لفارس علامة الموافقة.وبعد انتهاء الاجتماع الصباحي، خرج عماد مع بعض المساهمين لبحث شؤون الفرع الخارجي.أكملت أمل المهام الموكلة إليها، ثم اتصلت بـياسمين."كيف حال أنس الآن؟ هل مررتِ عليه اليوم؟"أجابت ياسمين: "اطمئني، في أيام عملك أنا أذهب كل يوم! وسألتُ طبيبه المسؤول بخصوص زراعة النخاع!حتى الآن، أسرة خالكِ متعاونة جدًا."ثم قالت ياسمين بتنهيدة: "من الواضح… بعد أن أخذوا المال، تغيّر موقفهم تمامًا!"شدت أمل شفتيها، وقد فقدت الرغبة في الحديث عن أسرة خالها وقالت: "كل ما أرجوه هو أن يتحسن أنس."تنهدت ياسمين وقالت: "بالمناسبة، هل هناك تقدم في مهمتكِ؟ هل أتيحت لكِ فرصة للتقرب من فارس؟"مبلغ التعويض الضخم— عشرون مليون دولار— جعلها تشعر بالقلق على صديقتها!قالت أمل: "نحن الآن أصدقاء نوعًا ما، و... فترة التبويض لهذا الشهر قد انتهت، حتى لو كررت الحيلة الآن لن تنف

  • سكرتيرة تغوي الرجل الخطأ، والعم وابن الأخ يتنافسان للظفر بها   الفصل25

    نتيجة ليلة الانغماس العاطفي كانت واضحة…عندما جاءت أمل إلى العمل في اليوم التالي، بدت وكأن طاقتها كلها قد استنزفت!كان ظهرها متألمًا، ساقاها متعبتين، وصوتها خافت ومبحوح.أما عماد، في الاجتماع الصباحي، فكان يبدو كامل الرضا، حتى صوته أصبح أعمق وأكثر قوة.وبعد أن استمع إلى تقارير المدراء التنفيذيين، لمح أمل بعينيه السوداوين بشكل عابر، ثم أرسل لها رسالة عبر برنامج الشركة الداخلي على حاسوبه المحمول: "الرئيس التنفيذي– عماد البدراوي: إذا كنتِ متعبة جدًا، يمكنكِ أخذ قسط من الراحة في غرفة استراحتي."سرعان ما ظهرت على شاشة كمبيوتر أمل رسالة جديدة.بشكل غريزي، نظرت حولها بسرعة، ولاحظت أنه لا أحد ينتبه إليها، عندها فتحت الرسالة للرد"سكرتيرة الرئيس التنفيذي– أمل: لا داعي، سيد عماد، هذا ليس مناسبًا."رغم أن غرفة استراحة عماد تقع داخل المكتب الداخلي للرئيس التنفيذي، ولن يتمكن أحد من الدخول دون موافقته.لكن…الخوف يكمن في أن عماد يرى فارس كابن أخيه، وليس كشخص غريب!لو نامت قليلًا واستيقظت لتخرج من غرفة استراحة الرئيس الخاصة، وفجأة وجدت فارس بالخارج، سيكون ذلك بمثابة كارثة حقيقية… لم تعد تعرف كيف ستخت

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status