Share

الفصل 456

Author: سيد أحمد
نيزك؟

سارة، منذ طفولتها وحتى كبرت، انتظرت مرات لا تُعدّ ولا تُحصى، وسهرت ليالٍ طويلة أملًا برؤية نيزك، لكنها لم تره قط، أما اليوم، فقد جاء هذا النيزك فجأة، دون أي إنذار، حتى إنها لم تكن مستعدة على الإطلاق.

وحين أدركت ما يحدث، كانت قد شبكت كفيها معًا، وارتسم في ذهنها أمنية واحدة، وهي أن يكن فارس بخير وسلام.

فتحت عينيها، فرأت أمامها مشهدًا مبهِرًا يغمره بياض فضي ساطع، كانت النيازك البيضاء تمرق عبر السماء الواسعة، كل واحدة تجرّ ذيلًا طويلًا خلفها، تخترق السماء بتألق يقطع الأنفاس.

شعرت سارة وكأنها في حلم، وكأنها فعلًا واقفة وسط وابل من الشهب.

أيّ حديث عن الفراق الأبدي لا معنى له الآن، فكل ما يدور في رأسها هو جنينها الذي ينمو داخل أحشائها.

تمنت أمنيتين لا ثالث لهما، أن يخرج فارس سالمًا، وأن يُولد طفلها بسلام.

وفي طريق عودته إلى المدينة، كان أحمد هو الآخر قد رأى تلك النجوم المتساقطة تملأ السماء.

أيها النيزك، إن كنتَ فعلًا قادِرًا على تحقيق الأمنيات، فأمنيتي الوحيدة أن أشيخ مع سارة، ونكمل حياتنا سويًا حتى النهاية.

كان يعلم جيدًا أن سارة، لو سمعت ما يدور في قلبه الآن، لضحكت ساخرة، لكنها لم تكن
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 472

    نُقلت سارة إلى غرفة العمليات، وكان أحمد واقفًا بجانبها، ينظر إلى وجهها المفعم بالحزن واليأس، فشعر بقلبه ينقبض ألمًا.قال لها: "حبيبتي سارة، لا تبكِ، لقد قلتُ لكِ إننا سنرزق بأطفال آخرين، يمكنكِ أن تُنجبِي الكثير والكثير بعد ذلك، أنا والطفل سنبقى معكِ"."أحمد، أنا ليس لديّ أحد بعد الآن، هذان الطفلان كانا أملي الوحيد، كانا كل ما تبقى لي في هذا العالم".ثم تمسكت بآخر خيط من الرجاء، وهمست تتوسل: "أحمد، فقط انتظر، أعطني ثلاثة أشهر، وسأُثبت لك أنني لم أكذب عليك"."لكن يا حبيبتي، أنا لن أُغيّر رأيي... كوني قوية، العملية ستنتهي سريعًا".لم يجرؤ على البقاء أكثر من ذلك، فقد خشي أن يلين قلبه إن ظل بجوارها، فاختار أن يرحل.سارة شعرت بالخوف يجتاحها حين رأت ظهره يبتعد، فهتفت باكية: "أحمد، لا تذهب، أرجوك، صدّقني، لماذا لا تستطيع أن تُصدقني؟!".صرخت بألم: "أحمد، هذا طفلك، أنت تتركه للموت! هذه جريمة بحق الحياة!".تابعت قائلة: "أنت ستندم، ستندم على هذا اليوم طوال حياتك!".ثم فجأة، أُغلقت الباب بصوت مدوٍ كطلق ناري.ومعه أُغلقت آخر نوافذ الأمل في قلبها.لم يكن من المفترض أن يكون هذا مصيرها... لم يكن من ال

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 471

    حدّقت سارة في أحمد بعينين يكسوهما اليأس، تمتمت بصوت متهدج: "أحمد، باستثناء هذين الطفلين، لم يتبقَّ لي شيء على الإطلاق، إن لم تصدقني الآن، فبإمكانك الانتظار حتى ولادتهما... لا، بعد أربعة أو خمسة أشهر يمكنني إجراء بزل السائل الأمنيوسي وإثبات النَسَب لك".قال أحمد: "حبيبتي سارة، لقد أصبحتِ أكثر خبثًا... في السابق، لم تكذبي عليّ أبدًا، لكن وقتها سيكون الجنين قد تشكّل، سواء كنتِ قادرة على التخلص منه أو لا، فإن الإجهاض في تلك المرحلة سيتلف جسدكِ بشدة، لقد استشرت طبيبًا خصيصًا، وأكّد لي أن إجراء العملية الآن أقل ضررًا بكثير".ثم أخذ يواسيها بلطف قائلًا: "حبيبتي سارة، كيف تقولين إنكِ لا تملكين شيئًا؟ والدكِ يتحسن يومًا بعد يوم، وخلال سنة أو سنتين سيعود كما كان، وسيواصل إدارة شؤون عائلتكم، وإن كانت صفاء هي ما يقلقكِ، فدعيني أؤكد لكِ أن ما أشعر به نحوها هو مجرد مسؤولية، أما الحب، فمنذ البداية وحتى الآن، لم أحبّ سواكِ".مرّر أصابعه برقة على خدّها، نبرة صوته امتزجت بالدفء والهيمنة: "أنتِ لا تزالين شابة، وستُنجبين مجددًا، لكن الأطفال الذين تحملينهم لا بد أن يكونوا من صُلبي أنا فقط، لذا كوني فتاة طي

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 470

    كان ذلك الجسد الطويل الفارع قد اقترب منها، مدّ يده نحو سارة قائلًا: "كوني مطيعة، تعالي معي".لكن صوته الحنون ذاك وكأنه يداعب طفل صغير بعث قشعريرة في الأوصال، وكأن خلفه شيئًا مرعبًا لا يُرى.حتى فاتن أحسّت بشيء مريب، فوضعت نفسها لا شعوريًا أمام سارة، وقالت بحذر: "السيد أحمد، السيدة سارة أنهت الفحص بالفعل، سأعيدها بنفسي."حينها فقط حوّل أحمد نظره من سارة إلى وجه فاتن، ونطق بكلمة واحدة ببرود: "ابتعدي".في هذه اللحظة بالتحديد، كان أحمد في أقصى درجات خطورته، وسارة لم ترغب في أن تتورط فاتن في هذا.قالت بسرعة: "أختي فاتن، انتظري في الخارج، هناك أمر أودّ الحديث معه فيه على انفراد".نظرت فاتن إلى سارة ثم إلى أحمد، وأدركت أن بينهما أمرًا بالغ الأهمية، فلوّحت بيدها وغادرت.وحين خلت الغرفة من الجميع، فتحت سارة فمها على عجل: "أحمد، نحتاج أن نتحدث عن موضوع الطفل".نظر إليها أحمد بهدوء، قبل أن ينطق بجملة جليدية: "لا تقولي لي إن الطفل الذي في بطنك لي؟"قالت بسرعة: "إنه لك، أتتذكر حين كنت مريضًا بالحمى في ذلك اليوم، نحن...؟"لكن أحمد أطلق ضحكة ساخرة، ومرّ ظل من السخرية على وجهه، ثم رفع يدًا ليلمس ذقنها

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 469

    انقطع الاتصال فجأة، لم يعد أمام سارة أي خيار آخر.هي تعرف أحمد كما يعرفها هو تمامًا، طوال الفترة الماضية، كان يوهمها بالأمان فقط ليجعلها تغفل.وإن كانت تظن أنها تحاول خداعه، فالواقع أنه هو من كان يُعدّ الخطة للإيقاع بها.من المؤكد أن السيد فؤاد قد بلّغ أحمد الآن… لم يعد لديها وقت، عليها أن تهرب فورًا.دخلت فاتن في تلك اللحظة، وقالت: "سارة، لماذا تأخرتِ كل هذا الوقت؟ الطبيب بانتظاركِ."قالت لها سارة بسرعة: "لن أكمل الفحوصات، فاتن، علينا أن نغادر فورًا، ولا بد أن نغادر الآن.""ماذا؟ ألم يتبقَّ فحصٌ أو اثنان؟"سحبت سارة يد فاتن بقوة وهي تندفع بها نحو الخارج: "لا وقت للتفسير، الأمر معقد، لكن لا يمكننا البقاء هنا، المكان خطر."نظرت فاتن إليها بدهشة وهي تقول: "خطر؟ حتى الحراس جاءوا معنا، كيف يكون هناك خطر؟ سأتصل بالرئيس التنفيذي أحمد ليحل المشكلة."قالت سارة بحدة: "يا حمقاء، هو نفسه الخطر الأكبر."سحبتها سارة وبدأت بالركض خارجًا، وفاتن تحاول إقناعها: "لا يجوز، أنتِ لم تُكملي الثلاثة أشهر بعد، ولا يجب أن تركضي أو تتحركي بعنف، انتظري، سأحملكِ على ظهري."ورغم أنها لم تفهم ما الذي يحصل، لم تتردد

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 468

    في تلك اللحظة، خيّم الفراغ على عقل سارة، وكأنها غارقة في حلم مشوَّش، غير قادرة على استيعاب ما يحدث، لا بد أن هناك خطأ ما، لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا.أصدقاء أحمد قِلّة، وهي تعرفهم جميعًا، حتى إن لم تلتقِ ببعضهم، فإن أسماءهم ليست غريبة عنها، لكنها لم تسمع قط باسم السيد فؤاد.أخذت نفسًا عميقًا، محاوِلة تهدئة نفسها، لا بد من التروّي.ربما اختار أحمد شخصًا لا تعرفه عمدًا، كي لا يثير الشبهات.لا تخيفي نفسك يا سارة، حتى وإن كنتِ تقيمين في منزل يخصّ السيد فؤاد، فهذا لا يعني شيئًا.غير أنّ كلمات ليلي التالية، حرّكت الأرض من تحت قدميها، وقطعت كل سبل الإنكار.قالت ليلي: "قلتُ لكِ إن الشقة ملكٌ لمديري، أتذكرين يوم التقينا؟ حين لحقتُ بكِ ومعي حمض الفوليك، ذكر وقتها أنه يعرفك، وقال إنكِ حبيبة أحدهم، كنت مستعجلة لتسليمك الدواء، وبعدها شغلتني أمور العمل ونسيْتُ تمامًا ما قاله".ظهرت على صوتها نبرة ندمٍ خافتة، وأضافت: "آسفة يا سارة، كنت مشغولة جدًا تلك الفترة، ولم أتذكّر الموضوع إلا الآن، بعدما سلّمتُه رسوم الإدارة، خطرت ببالي فجأة فكرته تلك، فحملتُ علبة حمض الفوليك، ومرّرتُها أمامه عمداً".شعرت سارة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 467

    شعر رامي بشيءٍ من الحرج والشفقة، فحاول التوسّط بلطف: "سيد أحمد، نحن نتحدث عن روحين صغيرتين، تعلم جيدًا كم هو أمر شاق بالنسبة لأي امرأة أن تحمل وتُربي روح في داخلها، أعتقد أن هذا القرار..."أما حازم، فرغم غبائه المعتاد، فقد أدرك أخيرًا أن الأمور ليست على ما يُرام، فسارع بالسؤال: "أخي، عن أي جراحة تتحدثون؟ ما الذي يحدث؟"لكن أحمد قد نفد صبره تمامًا، وقف بغتة وهو يأمر ببرود: "جهّزوا غرفة العمليات."أمسك حازم بذراع أخيه بانفعال: "أخي، أخبرني الحقيقة، ما نوع الجراحة التي تتحدث عنها؟"أطلق رامي زفرةً ثقيلة، ثم تبع أحمد وهو يقول بهدوء يخبئ انكسارًا: "أكثر من شهر... ما الجراحة التي تظنها إذًا؟"بقي حازم وحده في مكانه، وكأن سُحِبَ الهواء من حوله، وعلت علامات الاستفهام في رأسه كالعاصفة.لماذا؟ ألم يكن أحمد يحب سارة حبًا جنونيًا؟ فلماذا يقرر التخلص من طفليها؟ طفلين، وليس واحدًا!لم تكن سارة تعلم شيئًا عن كل هذا، بل إنها بالأمس فقط أرسلت إليه رسالة خجولة تطلب فيها معروفًا صغيرًا.وتحت ثقل الذكريات والزمالة القديمة، لم يستطع حازم احتمال فكرة أن تفقد سارة طفليها في لحظة قسوة كهذه.أخرج هاتفه بسرعة،

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status