Share

الفصل 691

Author: سيد أحمد
جلس أحمد على الكرسي، أصابعه تنقر بخفة على مسند الذراع، وقال بصوت بارد: "تابع، أخبرني كم مرة شننتم الهجمات حتى الآن؟"

أجاب الثعلب الأسود: "المهمة التي كلفني بها في البداية كانت قتل فارس، لكنك أخفيته جيدًا فلم أجد فرصة للانقضاض عليه، ثم أمرني أن أجد وسيلة لقتل سارة، بعد حادثة منظمة الحشرات السامة ازداد حذره، فلم أتمكن من التحرك، حتى اتصل بي فجأة وطلب أن أفتعل حادثًا بالسيارة وكأنه قضاء وقدر، ما جرى لاحقًا أنتم تعرفونه، حينها أدركت وجود خطب ما، فانقلبت على خطته وأعددت هذا الفخ في المصنع المهجور قرب البحر."

لم ينتظر خالد حتى ينهي كلامه، فاندفع بقبضة غاضبة وسدد لكمة على صدره وهو يهدر: "كل ما قلته محض هراء! لا تجرؤ على المماطلة، قل الحقائق، من هو هذا الشخص؟"

انحدرت خيوط الدم القانية من زاوية فم الثعلب الأسود، وتمتم بصوت مبحوح: "ليس أنني لا أريد البوح، لكنه شديد الحذر، لم أرَ وجهه قط، كنا نتواصل عبر الهاتف فقط، وكان يستخدم دائمًا مبدّلًا للصوت، حتى إنني لم أستطع التمييز، أهو رجل أم امرأة، شيخ أم طفل."

قال أحمد ببرود متجمد: "حتى إن لم تعرف هويته، لا بد أنك تعرف وسيلة للتواصل معه، حين اكتشفتَ أ
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 694

    كان هذا الرجل يطابق تمامًا الوصف الذي قدمه الثعلب الأسود عن المدير مؤمن، رفع أحمد حاجبيه وهو يتأمله، لحيته الكثيفة غطت ملامحه حتى لم يعد يظهر منه أي أثر لهيبته السابقة.مدّ يده الكبيرة فبعثر الرقائق الموضوعة أمامه بلامبالاة وهو يتكلم بلهجة متغطرسة: "العبوا."كان المدير مؤمن رجلاً عادياً في ملامحه، غير أنّ عينيه كانت تتحركان بقلق دائم كعيني فأر. عند سماعه رد أحمد ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة بالكاد تُلحظ، بينما ومض بريق ماكر في عينيه، كأنه يقول في سره أن السمكة قد وقعت في الشَّبك.ألقى نظرة على الرقائق القليلة أمام أحمد وقال بنبرة مترددة: "لكن يا سيدي، هذه الرقائق لا تبدو كافية."تدخل محمود بتعالٍ: "سيدي يملك من المال ما لا يحصى، أرنا الطريق."لمع بريق الطمع في عيني المدير مؤمن، فأدرك أنه أمام صيدٍ ثمين آخر، وفرصته لكسب وفير قد جاءت. فقادهم لاستبدال ثلاثة ملايين من الرقائق، ثم اصطحب المجموعة إلى الطابق السفلي، وكلما انخفضت الطوابق قلّ عدد اللاعبين، وزادت درجة الخصوصية، وارتفع مستوى الرهان.قال محمود محذراً: "لا توجد كاميرات مراقبة هنا، أليس كذلك؟ اللعب على نطاق ضيق لا بأس به، لكن إن

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 693

    حين كانت سارة تبحث، لم يكن في ذهنها سوى وجه أحمد المليء بالحب والدفء، لكن ما إن ضغطت على زر البحث حتى أخذ جسدها يرتجف لا إراديًّا، وكأن هناك خوفًا دفينًا يسيطر عليها.هي نفسها لم تفهم ما الذي تخشاه، أهو أن تأتي النتيجة مطابقةً لما قاله هيثم؟خصوصًا في اللحظة التي أوشكت فيها الصفحة على الظهور، شعرت سارة أن قلبها يكاد يقفز من صدرها.لكن ما إن اكتمل تحميل الصفحة حتى اتضح أنه لا وجود لأي خبر يربط بين أحمد وصفاء.سارة حذفت الاسم وأعادت البحث بشكل منفصل، فظهرت لها صفحة تعريفية عن أحمد في الموسوعة، وكان في خانة الزوجة مذكورًا بوضوح ثلاثة أحرف "السيدة سارة". بل وزاد التعريف على أنه كان يخفي زواجه بها ثم أعلنه مؤخرًا.تنفست سارة بارتياح، وأدركت كم كانت أوهامها تجرها إلى القلق بلا سبب، فهي الآن على يقين أن هيثم اختلق تلك الأكاذيب في غياب أحمد ليفسد علاقتهما.لكن لمزيد من الاطمئنان، مسحت اسم أحمد وهمّت بكتابة اسم صفاء، وما إن كتبت نصف الاسم حتى سمعت صوت السيدة ناريمان من خلفها تقول: "صغيرتي سارة، ماذا تفعلين؟"أجابت سارة قائلة: "أمي، أبحث عن شخص ما."قالت السيدة ناريمان: "ومن هو؟ يمكنكِ أن تسألي

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 692

    كانت سارة غارقة في أفكارها، وفجأة أفزعها أحدهم حتى قفزت عن الأرجوحة.ثم وقفت مستقيمةً بوجه حذر وهي تحدّق بالرجل أمامها، انعقد حاجباها الرقيقان وقالت بصرامة: "ابتعِد عني".لكن الرجل لم يبتعد، بل أخذ يقترب منها خطوة بعد خطوة، وعيناه تجولان عليها بنظرة لا مبالية تحمل شيئًا من التقييم، وقال ساخرًا: "مع امرأة فاتنةً مثلكِ، فأن أخي محظوظًا حقًا، لو كنتُ مكانه لتمسكتُ بكِ كجوهرة، فكيف يخونكِ ويجرحكِ؟"ازداد انقباض حاجبي سارة وقالت: "ما الذي تهذي به؟"كان هيثم قد حاول خلال الأيام الماضية أن يجد فرصة للانفراد بها، لكن وجودها الدائم مع السيدة ناريمان داخل الغرفة حال دونه، حتى سنحت له هذه اللحظة، فتقدّم نحوها متباهيًا.قال بابتسامة ساخرة: "وما الجدوى من التظاهر يا سارة؟ لقد شاع في كل مكان خبر طلاق أخي منكِ وزواجه من صفاء، وأنا أفهم جيدًا عقلية النساء، أنتنّ دومًا تعتقدن أن الرجل إذا عاد إلى بيته فلابد أن يُصفح عنه الماضي، أليس كذلك؟ لكنكِ في داخلكِ لا بد أن تشعرين بالمرارة، لماذا يتمكن أخي من أن يترككِ ويُقيم علاقة مع أخرى ويحمل منها بطفل، ثم يعود ليُظهر لكِ الحب وكأن شيئًا لم يكن؟"كل كلمة منه ك

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 691

    جلس أحمد على الكرسي، أصابعه تنقر بخفة على مسند الذراع، وقال بصوت بارد: "تابع، أخبرني كم مرة شننتم الهجمات حتى الآن؟"أجاب الثعلب الأسود: "المهمة التي كلفني بها في البداية كانت قتل فارس، لكنك أخفيته جيدًا فلم أجد فرصة للانقضاض عليه، ثم أمرني أن أجد وسيلة لقتل سارة، بعد حادثة منظمة الحشرات السامة ازداد حذره، فلم أتمكن من التحرك، حتى اتصل بي فجأة وطلب أن أفتعل حادثًا بالسيارة وكأنه قضاء وقدر، ما جرى لاحقًا أنتم تعرفونه، حينها أدركت وجود خطب ما، فانقلبت على خطته وأعددت هذا الفخ في المصنع المهجور قرب البحر."لم ينتظر خالد حتى ينهي كلامه، فاندفع بقبضة غاضبة وسدد لكمة على صدره وهو يهدر: "كل ما قلته محض هراء! لا تجرؤ على المماطلة، قل الحقائق، من هو هذا الشخص؟"انحدرت خيوط الدم القانية من زاوية فم الثعلب الأسود، وتمتم بصوت مبحوح: "ليس أنني لا أريد البوح، لكنه شديد الحذر، لم أرَ وجهه قط، كنا نتواصل عبر الهاتف فقط، وكان يستخدم دائمًا مبدّلًا للصوت، حتى إنني لم أستطع التمييز، أهو رجل أم امرأة، شيخ أم طفل."قال أحمد ببرود متجمد: "حتى إن لم تعرف هويته، لا بد أنك تعرف وسيلة للتواصل معه، حين اكتشفتَ أ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 690

    كان صوت أحمد أشبه بنغمةٍ شيطانيةٍ تُزهق الأرواح، الهاتف ملتصق بأذنه، وقد سمع بوضوح وقع خطوات الفتى وهو يركض مسرعًا.قال بصوت عميق يقطر تهديدًا: "فيروز، إيّاكِ أن تفكري في حماقةٍ تودي بكِ، أين أنتِ؟"جاء صوت الثعلب الأسود مبحوحًا وهو يصرخ: "توقف، مازن، أرجوك توقّف!"!"تجمّد الفتى فجأة في مكانه، حدّق حوله وقال بارتباك: "أخي، كأنني سمعتُ صوتًا غريبًا، هل سمعتَه أنت أيضًا؟"رد الرجل ببرود: "الوقت ليس مناسبًا لمثل هذا الكلام، أختي لم تُعثر عليها بعد."أومأ الفتى: "صدقتَ"، ثم قفز من فوق الحاجز المعدني معتقدًا أن زميلته مختبئة خلفه، لكنه حين هبط أدرك الحقيقة المروعة، لم يكن هناك أحد.والمكان الذي وقف عليه لم يكن سوى منصةٍ ضيقة لا تتجاوز خمسة عشر سنتيمترًا، وأي حركة طائشة كانت كفيلة بأن تُسقطه من ارتفاع خمسين طابقًا ليتحوّل إلى جثةٍ ممزقة.لم يستوعب بعدُ حجم الخطر، فالتفت قائلًا: "أخي، هنا لا وجود لأختك، لعلك أخطأت؟""أنت على حق!"، لكن ملامح الرجل تبدلت فجأة، غشيها ظلال قاتمة جعلته يبدو كملك الموت بوجهه الصارم.ثم قال ببرود قاطع: "لم يكن لي أية أختٍ منذ البداية، الشخص الذي أبحث عنه منذ اللحظة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 689

    صرخ الثعلب الأسود بصوت مبحوح: "لا تذهب!"، لكن الطرف الآخر لم يكن يسمعه أصلًا.ابتسم أحمد بسخرية خفيفة وقال: "يا له من طفل نقي ومشرق، على الرغم من أنّه فقد والديه ولا يعرف إن كان أخوه لا يزال حيًّا، إلا أنّه ظل يواجه كل يوم بروح إيجابية، طفل كهذا سيختفي من هذا العالم بسببك، أليس هذا مؤلمًا للقلب؟"احمرّت عينا الثعلب الأسود، لم يعد هادئًا كما كان من قبل، بل بدا كوحش جريح. صاح في وجه أحمد: "إن كان لديك حساب معي فتعال إليّ مباشرة، اقتلني أو مزقني، لكن لا دخل له بالأمر! إنه لا يعرف شيئًا عن كل هذا!"أمسك أحمد بتلابيبه وضحك ببرود: "ولماذا لم تأتي أنتَ إليّ؟ لماذا اخترت أن تهاجم طفلًا صغيرًا؟ هل ابني يعرف شيئًا عن كل هذا؟ عندما سقط السكين على جسدك الآن أحسستَ بالألم، أليس كذلك؟ ابني أصغر من أن يفهم، فكيف تجرّأتَ على إيذائه؟ وسارة كانت تحمل جنينًا في أحشائها، تحت المطر الغزير كيف تجرأتم أن تفعلوا بها ذلك؟ بأي حق تطلب مني الرحمة، بينما لم ترحموا عائلات الناس ولا أطفالهم؟"لعق الثعلب الأسود شفتيه اليابستين، هو نفسه كان يعلم أن الخطأ منهم، فلم يجد أي كلمة ليدافع بها عن نفسه.قال بصوت خافت: "أتوس

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status