Share

الفصل 707

Author: سيد أحمد
كانت سارة تعاني من ألم حاد في معدتها، ثم وقعت في فخ دنيء دبره هيثم، فازدادت غصّة القهر داخلها حتى شعرت وكأنها تكاد تختنق، وفي تلك اللحظة التي كادت تنهار فيها، منحها أحمد حضنًا دافئًا، فبدت كسيرةً كجروٍ صغير تائه أخيرًا عثر على صاحبه.

رفعت ذراعيها تعانقه بمرارة، وقالت بصوت متهدج تغلبه العاطفة: "أخيرًا عدتَ."

أحمد مسح بلطف على وجهها، ورغم مساحيق الزينة التي تخفي ملامحها، التقطت عيناه القلقتان فورًا أن حالتها ليست على ما يرام.

سألها بقلق: "ما الذي يؤلمكِ؟"

نظرت سارة حولها، فرأت جمعًا من الفضوليين يترقبون المشهد، فلم تشأ أن تكشف عن ضعفها، بل تماسكت رغم الألم ورسمت ابتسامة باهتة على شفتيها وقالت: "لا بأس، يكفيني أنك عدت."

لم تغب عن أحمد قطرات العرق الباردة على جبينها، فظن أن سبب انزعاجها هو أفعال شهيرة وابنها في الأيام الماضية، فعزم على إنهاء الأمر سريعًا.

اقترب منها، وصوته يحمل وعدًا مطمئنًا: "لا تخافي، أنا هنا، ولن أسمح لأحد أن يؤذيكِ بعد الآن."

ثم التفت بعينيه الباردتين نحو شهيرة وقال: "ما حدث في الأيام الماضية بلغني كله، وكنت أنوي أن أؤجل الحساب مراعاةً لعيد ميلاد الجد وجدي، لكن بما أنك
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 708

    وقفت شهيرة مصدومة، تحدّق بعينيها الواسعتين نحو أحمد وكأنها لا تُصدّق ما ترى، فهي على كل حال الأكبر سنًا!قال سيد سامر بلهفة وهو يسحب المنديل من فمها: "شهيرة!"لكنها ما إن تحررت حتى كادت تندفع لتبكي مجددًا، غير أن نظرة أحمد الباردة حدّت من صوتها على الفور، فارتجفت وأشارت إلى هيثم الملقى على الأرض قائلة: "أنقذ ابننا أولًا."كان السيد سامر يعلم جيدًا أنّ الوقت ليس للمجادلة مع أحمد، فما يهم الآن هو حياة هيثم.قال بصوتٍ جاد وهو يسيطر على انفعاله: "كفى بكاءً".ثم ترك يد شهيرة واتجه إلى خالد قائلًا بصرامة: "اتركه."غير أنّ هالة قوته لم تجد نفعًا، فخالد ليس من رجاله أصلًا، فكيف يذعن لأوامره؟ بل إن معرفته بما فعله السيد سامر بأحمد في صغره لم تدع في قلبه سوى الغضب، ولولا احترامه أوامر أحمد لكان وجّه له اللكمات من زمن، ولهذا تجاهل أوامره تمامًا.شعر السيد سامر بالإهانة مجددًا، فازداد وجهه برودة وهو يزمجر: "قلت لك اتركه، هل أصابك الصمم؟"مد خالد يده إلى أذنه وكأنه يتهكم، ثم أجابه بلهجة مليئة بالاستهزاء: "لم تصلني أوامر الرئيس أحمد، فلا أستطيع تركه."صرخ سيد سامر غاضبًا: "أأنتَ تبحث عن موتك؟!" ثم

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 707

    كانت سارة تعاني من ألم حاد في معدتها، ثم وقعت في فخ دنيء دبره هيثم، فازدادت غصّة القهر داخلها حتى شعرت وكأنها تكاد تختنق، وفي تلك اللحظة التي كادت تنهار فيها، منحها أحمد حضنًا دافئًا، فبدت كسيرةً كجروٍ صغير تائه أخيرًا عثر على صاحبه.رفعت ذراعيها تعانقه بمرارة، وقالت بصوت متهدج تغلبه العاطفة: "أخيرًا عدتَ."أحمد مسح بلطف على وجهها، ورغم مساحيق الزينة التي تخفي ملامحها، التقطت عيناه القلقتان فورًا أن حالتها ليست على ما يرام.سألها بقلق: "ما الذي يؤلمكِ؟"نظرت سارة حولها، فرأت جمعًا من الفضوليين يترقبون المشهد، فلم تشأ أن تكشف عن ضعفها، بل تماسكت رغم الألم ورسمت ابتسامة باهتة على شفتيها وقالت: "لا بأس، يكفيني أنك عدت."لم تغب عن أحمد قطرات العرق الباردة على جبينها، فظن أن سبب انزعاجها هو أفعال شهيرة وابنها في الأيام الماضية، فعزم على إنهاء الأمر سريعًا.اقترب منها، وصوته يحمل وعدًا مطمئنًا: "لا تخافي، أنا هنا، ولن أسمح لأحد أن يؤذيكِ بعد الآن."ثم التفت بعينيه الباردتين نحو شهيرة وقال: "ما حدث في الأيام الماضية بلغني كله، وكنت أنوي أن أؤجل الحساب مراعاةً لعيد ميلاد الجد وجدي، لكن بما أنك

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 706

    عند بوابة القصر ظهر فجأة جمعٌ من الرجال يرتدون البدل الرسمية، كانت على وجهي خالد ومحمود آثار جروح واضحة، يقفان بملامح صارمة خلف أحمد بانحناءة مهيبة.كان أحمد طويل القامة، وقد رسمت ندبة جديدة على حاجبه مزيدًا من القسوة على ملامحه، غير أنّ البرودة التي تفوح من جسده لم تنقص ذرة، فهالته الطاغية اجتاحت المكان كله.تجمّد هيثم في مكانه، وقد بدا على وجهه الذهول وعدم التصديق، فتح فمه متلعثمًا: "كيف يمكن هذا، ألستَ..."لكن أحمد تقدّم بخطوات ثابتة، وجهه الوسيم مغطّى بالصرامة والبرد، ازدادت سرعته أكثر فأكثر، حتى قطع المسافة في لحظات ووصل أمام هيثم.من غير أن ينطق بكلمة، رفع يده فجأة وأمسك بعنق هيثم بقوة.وبالمقارنة مع أحمد، بدا هيثم هزيلًا وضعيفًا، عاجزًا تمامًا عن المقاومة، كسمكة وُضعت على لوح التقطيع تنتظر مصيرها، فلم يستطع إلا أن يتراجع مذعورًا إلى الخلف.كانت خطوات أحمد تلحق به بلا هوادة، وعندما رأت شهيرة أبراج الشمبانيا المزينة بالخلف، صرخت بصوتٍ حادٍ مبحوح: "توقّف! توقّف فورًا!"أرهقت حنجرتها بالنداء دون أن تغيّر شيئًا، فما كان منها إلا أن التفتت برجاء نحو كبير الخدم إبراهيم قائلة: "أيها الخ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 705

    لم يكن هيثم يتوقع أن يُسجَّل هذا المشهد الفاضح، بل ويُعرض علنًا غير آبه بهيبة عائلة أحمد، فيُسقط القناع عن وجهه أمام الجميع.الأحلام الوردية التي كانت تملأ قلوب الفتيات الحالمات في القاعة تحطّمت في لحظة، إذ اتضح أن هذا الرجل المتأنق ليس سوى وحش يختبئ خلف قناع زائف.السيدة ناريمان لم تتمالك نفسها، فاشتعل غضبها، والتقطت زجاجة شامبانيا لتضرب بها رأس هيثم بقوة.أيامٌ طويلة حاول فيها هو وأمه استفزازها بشتى الطرق دون جدوى، لكن كلمة واحدة منه فجّرت كل ما كانت تكبته.صرخت بصوتٍ مرعب وهي تهوي عليه بالزجاجة: "أيها الوغد الحقير، سأقتلك بيدي!"تهشّم رأس هيثم وتناثرت قطرات الدم الحمراء تتدفق من جبهته لتسيل تباعًا على وجهه.أما شهيرة التي كانت تراقب المشهد لم تعد قادرة على التمثيل أو التظاهر، اندفعت تريد الرد بالمثل ورمي زجاجة أخرى نحو السيدة ناريمان، غير أن الخادم إبراهيم أسرع إلى الإمساك بها ومنعها.شهيرة استنجدت بزوجها وقالت: "زوجي العزيز، إن ابننا لم يقل سوى جملة مازحة، وحتى لو أخطأ، فهل يحق لأختي ناريمان أن تكون بهذا القدر من القسوة وتفتك به؟! هذا البيت لم يعد يحتملنا، يا بني، أمك ستأخذك وترحل!

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 704

    قال باستياء: "أبي، هناك الكثير من الناس هنا، لا تُحرجنا حتى لا نصبح أضحوكة".قال هيثم بنبرة حادة: "جدي، بما أنك لا تطيقني، فأنا وأمي سنغادر، فقط أتمنى ألا تندم لاحقًا، هيا بنا يا أمي".كانت كلماته تحمل تهديدًا صريحًا.تدخل السيد سامر على الفور وأمسك بيديهما بقوة قائلاً: "طالما أنا موجود هنا فلن أسمح لكما بالمغادرة، أبي، أصل الخلاف كله بسببها، فهل يصعب عليها أن تعتذر؟"لكن صوتًا هادئًا دافئ النبرة ارتفع من بين الحضور: "أظن أن من يجب أن يعتذر ليس هي، بل ابنك".التفتت سارة بتعجب، فقد بدا الصوت مألوفًا لديها، وما إن أدارت رأسها حتى رأت أنه باسل، ذلك الشاب الذي التقت به صدفة في المطار قبل مدة.كان إلى جواره فتاة شابة تمسك بيده بقلق، وكأنها لا ترغب في أن يتدخل في شؤون عائلة أحمد.لكن باسل لم يبالِ، بل تقدم بخطوات واثقة، وقد بدت على ملامحه سكينة الطبيب الحاذق، وكانت أولى كلماته موجَّهة لسارة: "هل أنتِ بخير؟"منذ أن افترقا في ذلك الشتاء، مرَّ ما يقارب العامين دون لقاء. لم يكن يعرف كيف أصبحت حالتها الصحية الآن، لكن الأورام عادة ما تُحاصر المريض.حتى وإن خضع لعملية جراحية، فالأعوام الخمسة الأول

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 703

    لم تكد كلمات "قد رحل أخي الأكبر" تُقال، حتى التفت سيد سامر بنظرة حادة نحو ابنه، وسأله بجدية: "ماذا قلت؟"فأجابه هيثم بصوت هادئ يخفي سمًّا قاتلًا: "أبي، أخي الأكبر جُرَّ إلى الانفجار، وحتى الآن ما زال مفقودًا، والأرجح أنه قد فارق الحياة."ساد الذهول أرجاء المكان، فالكل يعرف أن أحمد، رغم إقامته الطويلة في دولة الشمال، إلا أن مكانته وهويته في العائلة لا يُمكن إنكارها. وإن صحّت وفاته، فإن كل الميراث وحق الوراثة سيؤولان مباشرةً إلى هيثم.عندها فقط أدرك الحاضرون سبب سماح الجد وجدي بعودة هيثم وأمه شهيرة إلى العائلة، فالحقيقة كانت مكشوفة أمام أعينهم.أما سيد سامر فقد سمع في الأيام الماضية بعض الأقاويل، لكنه ظل يظن أنها مجرد شائعات مدسوسة، فكيف يمكن أن يموت أحمد وهو في كامل قوته؟ غير أنّ سماعها الآن من فم هيثم نفسه جعله يتملكه القلق، فسأله بصرامة: "لا دليل قاطع لديك، فما الذي يجعلك تقول إنه قد مات بالفعل؟"قال هيثم بسخرية: "أبي، لقد سمعتَ كما سمع الجميع بخبر انفجار المصنع المهجور قبل أيام، فهل تظن أن أخي يمكنه النجاة من قوة تفجير كهذه؟"ساد الصمت على السيد سامر طويلًا، بينما تجمدت ملامحه كالجل

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status