Share

الفصل65

Author: سيد أحمد
انكمشت رقبة ليلي من الخوف عندما رأت أحمد، فرغم جرأتها على طاولة الشراب سابقًا، إلا أن السبب كان: أولًا، الخمر يشجع الجبناء، وثانيًا، لأن سارة كانت بجانبها.

لقد رأت بأم عينيها كم يحب أحمد سارة، فبقدر ما يُدللها، يكون قاسيًا مع الآخرين.

تذكرت قبل عامين عندما أخذت سارة إلى مقهى ليلي، وجاء أحمد بنفسه ليأخذها، وبينما لم تكن سارة منتبهة، رمقها بنظرة باردة ولم يقل سوى أربع كلمات:

"إياك أن تكرريها مجددًا."

وبعد أن غادر، كانت ليلي غارقة في عرق بارد، ولم تتوقف عن رؤية كوابيس لعدة أيام، كلها تدور حول نظرات أحمد تلك.

(كليك)

أغلق أحمد غطاء ولاعته، ونظر إليها نظرة عابرة، لكنها أعادت إليها ذلك الإحساس بالرهبة وكأن روحها بأكملها أصبحت تحت سيطرته.

بلعت ليلى ريقها، وانخفض صوتها عدة درجات، وقالت:

"أه، سيد أحمد... أنا فقط أبحث عن سارة، لا أريد أن أزعجك."

نفض أحمد الرماد عن سيجارته بلا مبالاة، وألقى عليها نظرة جانبية:

"أنتحدث قليلاً؟"

لم تكن ليلي تظن للحظة أن أحمد يريد تبادل الذكريات معها، وكان جسدها كله يصرخ بالرفض:

"أمي تقول إن الفتاة الجيدة يجب أن تعود إلى البيت قبل أن يحل الظلام، لكن ربما ن
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 100

    في خضم انفعالها، أمسكت سارة بشعر صفاء بعنف، والشر يطل من عينيها وهي تصرخ:"ألم يكن يتظاهر أمام الجميع بأنه الرجل المثالي؟ ألستِ أنتِ نوره الأبدي، وضياء حياته الذي لا يُطفأ؟ أعتقد أن شعب هذه البلاد سيكون مهتمًا جدًا بمعرفة أن له زوجة سابقة، وأن تلك السيدة التي تحسدها كل النساء على لقب زوجة أحمد، ليست سوى أفعى بوجه إنساني! وكل الأدلة ما زلت معي وأحتفظ بها"!كانت سارة تعلم جيدًا أن هذا التهديد قد لا يُجدي نفعًا مع أحمد، فهو أشبه بإلهٍ ينظر من أعلى إلى الناس، لا يكترث بما يظنه العامة عنه.لكن صفاء لم تكن كذلك، فقد بذلت الغالي والنفيس لتصل إلى ما وصلت إليه، وسمعتها كانت عندها أثمن من حياتها.لذلك كان هذا التهديد كافيًا ليجعل الرعب يتسلل إلى أعماقها."حسناً، حسناً! فهمت! أليست ملكية منزل عائلك هي ما تريدينه؟ سأعيده إليك! فقط أبعدي تلك السكين من وجهي".قالت سارة محذّرة، ونبرتها تنذر بالعواقب: "وهذا آخر تحذير مني لكِ. إن تجرأتِ على إيذاء أحد أصدقائي، فسأجعلك تسقطين من أعلى بلا رجعة. أنتِ امرأة ذكية، ويجب أن تعرفي أن لا أحد يضحي بكل شيء من أجل مكيدة صغيرة. لا تكوني كالتي نقضت غزلها من بعد

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 99

    لم تكن صفاء تتوقّع قط أن تجرؤ سارة على التمرّد. فها هي تسريحة شعرها التي قضت ساعات في ترتيبها تتحوّل إلى كومة من العجين والبيض تنزلق على جبينها!صرخت بصوتٍ حاد يخترق الآذان: "آآآه! أيتها الحقيرة، ماذا فعلتِ بي! لم يجرؤ أحد على معاملتي هكذا من قبل"!تراجعت سارة خطوتين إلى الوراء، بينما كان وجه صفاء مغطًى بالكامل بخليط العجين، فلم تستطع حتى أن ترى من أمامها، وأخذت تتخبّط في مكانها وهي تمدّ يديها يمنة ويسرة، تحاول الإمساك بشيء.ثم سمعت صوت خطوات خفيفة، فحاولت التقدّم نحوها، إلا أن نعالها الفروية انزلقت فوق العجين، فهوت أرضًا سقوطًا مدوّيًا، كمن سقط عن صهوة جواد.قالت سارة، وعيناها تلمعان بشيء بين الحزن والثورة: "صفاء، أنا أيضًا لم يسبق لأحد أن أهانني هكذا. نعم، أنتِ أميرة مدلّلة، لكن ما الذي يجعلك تعتقدين أنني لستُ كذلك؟ بأي حق تظنّين أنك تملكين سلطة التحكم بي؟"استغلّت سارة لحظة ارتباك صفاء، وانقضّت عليها، وصفعتها صفعتين متتاليتين، ثم وجّهت إليها ركلات حادّة بكل ما بقي في قلبها من قهر."هذه الصفعة عن طفلي الذي لم يُكتب له أن يولد، وهذه الأخرى عن زواجي الذي دفنته بيديك".صفاء كانت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 98

    في طريقها، استعرضت في ذهنها كل الاحتمالات الممكنة لما قد يحدث. في النهاية، لن يتطلب الأمر سوى أن تتخلى عن كرامتها، وتُساير صفاء فيما تريد.ولم يكن هذا بالأمر العسير.فما أهمية الكرامة أمام شبح الموت؟كانت تلك هي المرة الأولى التي تطأ فيها أقدام سارة عتبة لؤلؤة البحر من الداخل، كان طراز الزخرفة أقرب إلى ذوقها الخاص: أقواس زرقاء، نوافذ وأبواب على هيئة حوافر الخيل، جدران من الطين الرمادي، وستائر بيضاء ترفرف مع نسيم البحر في مشهد يغلفه الغموض والرومانسية.لولا أن صاحبة هذا القصر هي صفاء، لكان المكان أشبه بالجنة.قادتها الخادمة إلى بهو القصر، وكان فسيحًا مضاءً بنوافذ زجاجية ممتدة على شكل قوس بزاوية مائتين وسبعون درجة، بحيث يمكن رؤية البحر من كل زاوية فيه.قبل أن تلمح صفاء، باغتها جسم صغير يلتصق بساقها... لقد كان فارس، ذاك الصغير الذي لم تره منذ مدة.قال بصوت ناعم حلو، وقد تحسنت مخارج حروفه عما سبق: "ماما".كانت عيناه تلمعان كأنهما نجمتان من السماء، ولمّا رأته سارة ثانيةً، غمر قلبها شعور عذب من الألفة.مد الطفل ذراعيه نحوها، وقطرات من لعابه تتساقط من فمه الوردي الممتلئ، وهو يهمس بر

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 97

    في تلك اللحظة، كانت صفاء تجلس في غرفة دافئة، تلاعب طفلين صغيرين. توأم، أحدهما صبي والآخر فتاة. الاسم الذي اختير للصبي كان فارس، وقد سماه به أحمد بنفسه، أما اسم الفتاة فكان من اختيار صفاء، وسمّتها فريدة.أحمد وصفاء... زوجان مدى الحياة، لا ثالث لهما.نادتها صفاء بنغمة رقيقة: "جميلتي، تعالي إلى حضن ماما".كانت الفتاة أضعف جسدًا من أخيها، فلا تقارن ساقاها الهزيلتان بساقي فارس القويتين. وقد أصبح فارس في الأيام الأخيرة قادرًا على المشي بثبات على الأرض، أما فريدة فلا تزال تحتاج إلى الاتكاء على الأريكة، تتحرك خطوة فخطوة.وهي تناغي بصوت طفولي خافت: "ما... ما"...ابتسمت صفاء بحنان ومدت ذراعيها: "يا لها من مطيعة... تعالي، ماما ستحملك".ثم التفتت إلى فارس، وقالت بلطف: "فارس، تعال إلى ماما أيضًا".رفع فارس رأسه لينظر إليها، ثم سرعان ما حوّل بصره بعيدًا عنها، دون أن يُبدي أدنى رغبة في الاقتراب. كانت نظراته الباردة لا تختلف كثيرًا عن تلك التي اعتاد والده أحمد إطلاقها.منذ أن أعاده أحمد إلى هذا البيت، والطفل دائم التحديق خارج النافذة، بالكاد يتفاعل مع من حوله. ازدادت عزلته وانطواؤه، حتى حين يغ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 96

    انعقدت شفتا محمود في تعبير خفيف من الضيق، غير قادر حقًا على تقبُّل ما نعتته به ليلي.قالت ليلي: "في الواقع، ذلك التابع الذي معه لم يكن بهذا القدر من الوسامة، كان دائمًا بوجه عابس، هكذا تمامًا".ثم بدأت ليلي تُقلّد تعابير وجهه، مما جعلها تُسرع في دفعه لها نحو السيارة، ثم ربتت على المقعد المجاور لها، وهي تناديه: "أيها الفتى، ما أوسمك! ما رأيك؟ هل تودّ أن أتكفّل بك؟"وما إن همّ محمود برفض عرضها، حتى سبقته قائلة: "أنا بارعة للغاية في تربية الكلاب، آخر واحد اعتنيت به صار بدينًا وممتلئًا من فرط الدلال..."تجمد محمود في مكانه، عاجزًا عن الرد.أما سارة فلم تكن تتوقع أن تصادف أحمد في هذا المكان. لكنها كتمت قلقها بسرعة، وسألت بهدوء: "ماذا عن ليلي؟"أطفأ سيجارته، ونطق كلماته بتأنٍ واضح: "سيُرافقها محمود إلى المنزل".لم تكن سارة قلقة بشأن نزاهة محمود، بقدر قلقها على ما تمثّله علاقتها الحالية بأحمد... ماذا يعني لقاؤهما هنا؟كان واقفًا بيد واحدة في جيبه، يتساقط الثلج الخفيف حوله كأنّه مشهد من لوحة حالمة، ثم نظر نحوها وقال بنبرة هادئة: "هل يمكن أن نتحدّث قليلًا؟"لم تنظر إليه حتى، بل ردّت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 95

    بينما كانت ليلي مشغولة بتقشير الثوم بجانب صاحب المطعم، اغتنمت سارة الفرصة لتغيير صورتها الشخصية على تطبيق التواصل، واختارت صورة التقطتها ليلي لها خلسة قبل قليل.كانت صورة للبحر — وأرفقتها بكلمة واحدة: (البُعد).ما لم تكن سارة تعلمه هو أن في تلك اللحظة، كانت هناك سيارة متوقفة أسفل مبناها، بداخلها يجلس أحمد، يحدّق بصمت في الظل الذي تركته خلفها وهي تغادر.خمسون مليون... ما تبرعت به جعل قلبه يضطرب، تمامًا كما حدث في اليوم الذي قفزت فيه من فوق سطح المبنى، ذلك الشعور الذي عاد ليقلقه.كان يريد تفسير لهذا.انتظر طويلًا في السيارة، ولم تعد سارة ولا ليلي.حينها قال محمود بهدوء: "سيدي، السيدة سارة ما زالت في مطعم الشواء، ويبدو أنها لن تعود في وقت قريب"."أين هي الآن؟""من منشوراتها على وسائل التواصل، يبدو أنها في طريق البحر، لقد نشرت شيئًا قبل قليل".أسرع أحمد إلى هاتفه، وفتح التطبيق، لكن آخر منشور ظهر له كان لرجل يتحدث عن الصحة قائلًا: "تناول البيض المقلي بانتظام قد يصيبك بهذا المرض... مدهش"!وكان ذلك قبل ساعة كاملة.سأل بنبرة باردة: "متى نشرت ذلك المنشور؟"أجاب محمود بصوت خافت، وهو

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 94

    كانت مناظر الليل على طريق البحر من أجمل ما يُمكن أن تراه العين، والطريق الأسفلتي الواسع على الجانبين تنبعث منه أضواء براقة، كأنما هو ممرٌ سماوي يؤدي إلى الجنة، يمتد بلا نهاية حتى يبتلعه الأفق.خفضت سارة زجاج النافذة، فاندفعت نسمات البحر الباردة داخل السيارة.لفحتها نسمات الليل بحدة، تسللت الريح إلى عنقها، بردٌ نفذ إلى القلب، وكأن نبضات قلبها تجمّدت.كانت ليلي تمسك عجلة القيادة وتحاول التركيز، لكنها لم تنس أن تذكّرها: " أغلقي النافذة، وإلا ستصابين بالبرد."ردّت سارة، مغمضةً عينيها وقد أسندت رأسها إلى ذراعها المتكئة على حافة النافذة: "فقط لبعض الوقت... أريد أن أشعر بحرية هذا النسيم."قالت بصوت ناعم، كمن يُعلن وصيته قبل الرحيل: "لقد قررت... إذا متُّ، فلتنثري رمادي في البحر."ضغطت ليلي على المكابح فجأة، وأوقفت السيارة على جانب الطريق، ثم قالت: "سارة! لا تقولي مثل هذه الكلمات في هذا الوقت من الليل... هذا ليس مضحكًا أبدًا"!لكن سارة فتحت الباب ونزلت، تنفست نسيم البحر العليل برئة مثقلة بالحياة، ثم قالت بصوت خافت لكنه صادق: "كنت أريد أن أشتري منزل عائلتي القديم، وكنت أفكر أن أُدفن تحت ش

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 93

    كانت ليلي تغلي من الغيظ، وتكاد أسنانها تطحن بعضها، تمتمت وهي تغمز لصفاء بنبرة منخفضة: "كيف يمكن أن يوجد شخصٌ بهذه الوقاحة؟ سرقتِ منها حبيبها، وجلستِ على عرش زوجته، ألا يكفيك هذا؟"ضحكت صفاء بسخرية باردة: "لولاها، لكنتُ أنا من تزوج أحمد منذ زمن، هي من سرقت مني كل شيء"!ردّت ليلي بلا تردد: "يا آنسة صفاء، وقاحتك هذه جديرة بالتسجيل في موسوعة جينيس! كنت أظن نفسي جريئة، لكنكِ تجاوزتِ الجميع! لا سابقة لكِ ولا شبيهة بعدك، ولو كان هناك بطولة للوقاحة، لكنتِ الفائزة بلا منازع".تقدمت صفاء خطوة، وضمّت ذراعيها، قائلة ببرود: "أنصحك أن تنتبهي لطريقة حديثك معي".قهقهت ليلي مستفزة: "آه، بدأتِ ترتبكين؟ من الواضح أنك بدأتِ تفقدين أعصابك"!ثم نظرت ليلي إليها بنظرة ثابتة وأردفت: "في الواقع، من يفترض أن تكون غاضبة الآن ليست أنا، بل أنتِ"، كانت ملامحها ساكنة، على النقيض تمامًا من سارة، التي كانت تتقلب داخليًا بين نار القهر والمشاعر المتفجرة.في هذه الأثناء، كانت سارة قد رفعت المزايدة إلى خمسون مليون، وكان أحمد على علم تام بأن هذا هو أقصى ما تستطيع تقديمه سارة، ولم يكن يحتاج إلا أن يضيف مليون فقط ليُس

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 92

    جلست ليلي في مقعدها، وما إن استقرت حتى خفتت الأنوار في القاعة، ثم انحنت صفاء نحوها، وهمست بنبرة تحذير بارد: "ليلي، لا تتمادي أكثر من هذا".ردّت ليلي بابتسامة ساخرة: "آه، هل هذا تمادي؟ كنت أظن التمادي هو أن أفضحك أمام الجميع وأعلن أنك عشيقة متخفية"!سقط الضوء الخافت على وجه صفاء، فبدا شاحبًا كالأشباح، بينما أطلقت ليلي ضحكة خفيفة، وقالت: "أنا أعشق تلك النظرة في عينيكِ، نظرة من تكرهني... لكنها لا تستطيع أن تؤذيني. يا صفاء، أنا أحتفظ بكل الأدلة لكل ما فعلتِه، ولو تجرأتِ مرة أخرى على إيذائي أو إيذاء سارة، لا أضمن لكِ أن أبقى صامتة. فلو كنت مكانك، لتمسّكتُ بما كسبت، وسكتُّ... فكلنا ثعالب قديمة، فلا تحاولي تمثيل بطلة في رواية خرافية أمامي."رمقتها صفاء بنظرة حاقدة، لكنها لم تجرؤ على الرد.أما سارة، فلم تكن تتوقع أن تصادف أحمد مجددًا بهذه السرعة، بعد انفصالهما.جلسا في القاعة كأنهما لا يعرفان بعضهما، لا كلام، ولا نظرات، ولا شيء يدل على ماضٍ جمعهما.في أعين الحاضرين، هما مجرد شخصين غريبين، سواء ارتفعت المزايدات إلى مليون أو مليونين. لا شأن لهما، فالصخب دومًا للآخرين.اقترب عرض المقتنيا

Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status