توقف تساقط الثلج في مدينة الشمال، لكن رصيف الميناء ظل باردا ورطبا بشكل قاس.كانت جميلة تقف إلى جانب بدر عند الميناء، فيما ألقى رجل مقنع بجسد ليلى المغمى عليها داخل يخت راسي عند الشاطئ.تأمل بدر ليلى ثم التفت إلى جميلة قائلا: "جميلة، كيف جعلته يحضرها؟ ماذا فعلت بها؟"قطبت جميلة حاجبيها وقالت: "بدر، هل تستجوبني؟ أشعر أنك تغيرت… كأن قلبك بدأ يميل إلى ليلى!""لا يا جميلة، لم يحدث ذلك.""بدر، أما زلت تعتبرني زوجة أخيك؟"أومأ بدر برأسه، فقد كان يراها مثالية لأخيه دائما، وقال: "بالطبع.""إذن أثبت لي ذلك. ألست تكره ليلى؟ ها هي غائبة عن الوعي، خذها إلى عرض البحر وادفعها إلى الماء لتختفي للأبد."تجمد بدر في مكانه، كان يظن أن كلماتها السابقة مجرد تهديد، لكنه أدرك الآن أنها تعني ما تقول.بقي واقفا مترددا وقال: "جميلة…""بدر، حتى أنت لن تساعدني؟ أنت وكمال وقعتما تحت سحر هذه المخادعة… أنا…" وضعت يدها على صدرها تلهث."جميلة، ما بك؟""قلبي يؤلمني… فقط أجبني، هل ستساعدني أم لا؟"نظر بدر إليها مليا ثم أومأ: "حسنا… سأساعدك."ثم صعد إلى اليخت، وما لبث أن ابتعد مبحرا حتى اختفى عن ناظري جميلة.ارتسمت ابتسام
هل سيكتشف أنها كانت تتقمص شخصية ليلى طوال الوقت؟نظر كمال حوله، لقد انتظر طويلا، لكن ليلى لم تأت.فأدار ظهره وغادر بخطوات حازمة.اقتربت جميلة من بدر وقالت: "بدر، أخوك أصبح أسيرا لسحر ليلى، يجب أن تساعدني."لكن بدر لزم الصمت.اشتعل القلق في صدر جميلة، فهي تعرف أن بدر أراد كسب قلب الفتاة العبقرية دائما، والآن بعدما اكتشف أن ليلى هي تلك الفتاة… هل سينحاز إليها؟لا.لا يمكن أن تسمح بحدوث ذلك.تعلقت بكم بدر، وأخذت تسيء إلى ليلى قائلة: "بدر، إياك أن تنخدع بها. هي بالفعل تلك الفتاة العبقرية لكنها أخفت الأمر طويلا لتترككما أنت وكمال على أحر من الجمر، حتى تفاجئ الجميع في المنتدى الأكاديمي وتخطف الأضواء. إنها ماكرة، تعرف جيدا كيف تجذب الرجال."ظل بدر صامتا لحظة، ثم نظر إليها قائلا: "جميلة، وكيف تريدين أن أساعدك؟"لمعت عينا جميلة ببرود قاس وقالت: "بدر، أريد أن تختفي ليلى!"…………عادت ليلى مع فارس وبقية الزملاء إلى الفندق، فسأل فارس: "وأين كمال؟ لماذا لم يعد معنا؟""فارس، حبيبته وصلت، لا بد أنه معها الآن، ولهذا لن يعود معنا."تفاجأ فارس: "كمال لديه حبيبة؟""نعم، يقال إنها راقصة الباليه الأولى، جميل
"كمال، لقد التقينا من قبل فعلا!"التقيا فعلا من قبل؟لكن لم يبق في ذاكرته أي أثر… متى التقى بها؟ومع ذلك، كانت ملامحها تبعث في داخله شعورا مألوفا، يجذبه إليها بلا وعي."كمال، نحن…"مدت ليلى يدها إلى عنقها تبحث عن القلادة التي أهداها لها.لكنها لم تجدها، وتذكرت أنها تركتها في غرفتها.قالت على عجل: "كمال، انتظرني هنا، سأعود بشيء أريك إياه." ثم ركضت مبتعدة.تابع كمال ظلها وهي تبتعد، وتساءل في صمت: ما الذي تريد أن تجلبه؟…………عادت ليلى إلى فندق المنتجع، دخلت غرفتها وأخرجت القلادة من درجها.أمسكتها براحة يدها، تتساءل: هل سيتذكر كمال ماضيهما إذا رآها؟هل سيعود إلى ذاكرته شيء عنها؟أرادت أن تخاطر بتجربة.أسرعت عائدة إلى ساحة التزلج، ورأته من بعيد واقفا في مكانه بانتظارها.هرولت نحوه قائلة: "كما…"لكنها توقفت فجأة، فقد أبصرت جميلة واقفة بجواره.جاءت جميلة من مدينة البحر، وها هي تقف عند جانبه.تجمدت ليلى في مكانها، وانطفأت حماستها فجأة، شعرت بالغباء.إن كان قد نسيها، فكيف خطرت لها فكرة إيقاظ ذاكرته بقطعة حجر؟بالنسبة له ليست سوى شخص عابر، وإلا لما محاها من ذاكرته.محبوبته هي جميلة، وهي من ترافق
أدار كمال وجهه الوسيم ببطء نحوها.كانت ليلى منشغلة بتدليك الورم على رأسه، ولم تنتبه إلى مدى قربهما، وفجأة حين مال بوجهه أحست بشيء دافئ يلامس شفتيها.انزلقت شفتاه الباردتان على شفتيها الناعمتين… فتلاقتا في قبلة مفاجئة.اتسعت عينا ليلى الصافيتان وتجمدت في مكانها.نظر إليها كمال وقال: "ليلى… لقد قبلتني!"قالها صراحة: "أنت قبلتني!"أرادت أن ترد، لكن أصوات فارس وبقية الزملاء علت وهي تنادي: "ليلى؟ أين أنت؟""كانت تتزلج هناك قبل قليل، كيف اختفت فجأة؟"وحين لم يجدوها، جاء فارس يقود المجموعة للبحث عنها.فتحت ليلى فمها لتقول: "أنا…"لكن قبل أن تكمل، أمسك كمال مؤخرة رأسها وقبلها بقوة.ماذا يفعل؟حاولت ليلى أن تفلت، لكن قبضته كانت قوية، لم يترك لها مهربا، بل اقتحم شفتيها بعناد وجذبها إلى قبلة طويلة ملتهبة.وصل فارس عند الصخرة الكبيرة وهو ينادي: "ليلى! أين أنت؟"ارتفع خفقان قلب ليلى حتى حلقها، فارس صار قريبا جدا، وهي مع كمال مستلقية خلف الصخرة، شفاههما متشابكة فوق الثلج.كان نفس كمال مضطربا، والفتاة فوقه متوترة إلى حد أنها لم تدرك كيف كانت تشد على لسانه بحمرة شفتيها.وحين حاولت أن تنهض وجدت نفسها ج
وقع الحادث فجأة، فرفعت ليلى عينيها لترى وجه كمال الوسيم المهيب أمامها.في اللحظة الخطيرة كان هو من اندفع نحوها.كيف يكون هو؟"سيد كمال؟"تدحرجا بسرعة نحو الأسفل، وكانت صخرة كبيرة بانتظارهما، أوشكا على الاصطدام بها.شد كمال ذراعيه حولها بقوة وقال بصوت منخفض: "احتضنيني بشدة."وبلا وعي، أحاطت ليلى ذراعيها به أكثر."بوم!" ارتطما بالصخرة وتوقفا.وجدت نفسها مستندة فوقه، وهو يحتضنها، فنهضت بسرعة وقالت: "سيد كمال، هل اصطدمت بالصخرة؟"قبل لحظة الاصطدام دار بها بقوة، ليتلقى هو الضربة برأسه.أما هي فلم تشعر بألم، فقد حماها بذراعيه دون أن يمسها شيء.والآن أغمض كمال عينيه، بلا أي حركة.ارتبكت ليلى وقالت بلهفة: "كمال؟ كمال! افتح عينيك، لا تخيفني!"لكنه بقي ساكنا.أرادت أن تنهض لتطلب المساعدة.لكن يدا قوية أمسكت بذراعها وجذبتها ثانية إلى صدره.فتح كمال عينيه، ونظر إليها بابتسامة ماكرة: "ليلى، لم كل هذا الذعر؟"تجمدت للحظة.ارتسمت ابتسامة رفيعة على شفتيه: "ألم تقولي إنك لم تعودي تحبينني؟ فلماذا قلقت علي إذن… ها قد كشفتك."إذن كان يتظاهر؟غمرتها مشاعر مختلطة بين الفرح والدموع، فضربته بقبضتها قائلة: "كم
حدق في السقف فوقه، وأدرك أنه كان يحلم.لقد رأى ليلى في حلمه.في الليلة الماضية ظهرت ليلى في حلمه.جف حلقه، وتصلبت عضلاته تدريجيا، فجسد الرجل في عنفوانه يكون شديد الحساسية مع استيقاظه في الصباح.مد كمال يده ببطء تحت الغطاء، وأغمض عينيه في استسلام متراخ……………تساقط الثلج طوال الليل، وكان الجميع قد اتفقوا اليوم على الذهاب للتزلج.اجتمعوا كلهم، لكن كمال لم يأت بعد."أين كمال؟ لم لم يأت بعد؟""سأذهب لأناديه."كانوا يهمون بالذهاب، فإذا بكمال يخرج من غرفته."صباح الخير، كمال."وجهه الوسيم لم يكشف عن أي مشاعر، لكن هالته كانت باردة تنذر بالابتعاد. اكتفى بهز رأسه قائلا: "صباح الخير.""كمال وصل، لننطلق إلى ساحة التزلج."وقعت عيناه على ليلى، تقف بجانب فارس.قال فارس وهو يبتسم: "ليلى، أرسلت لك قبل قليل رسالة على واتساب، هل رأيتها؟"أومأت ليلى: "رأيتها يا فارس."ابتسم كمال بسخرية: "فارس، لديك حساب ليلى؟"أجاب فارس: "نعم."وأضاف الآخرون: "كمال، كلنا أصدقاء مع ليلى على واتساب، أليس لديك حسابها؟"كمال: "……"إذن، هو الوحيد الذي لا يملك حسابها؟لقد أضافت الجميع، إلا هو؟وكان مزاجه متعكرا أصلا، فأرسل نظرة