مد كمال يده ليبعد جميلة، لكنها تشبثت به بقوة، ثم رفعت وجهها نحو ليلى بابتسامة متعجرفة.كانت ابتسامة تحد وافتخار.ليلى لم تظهر أي تعبير.قالت جميلة وهي تنظر إلى ليلى: "يا ليلى، هل جئت لرؤيتي؟"لم ترد ليلى عليها، بل حدقت بكمال: "سيد كمال، عندي ما أريد قوله لك."تفاجأ كمال بأنها تبادره بالكلام، وهم أن ينهض.لكن جميلة شدت ذراعيها حوله، تمنعه: "كمال، لا تتركني، قلبي يؤلمني…"صرخت روان بغضب: "كفي عن التمثيل يا جميلة!"تمسكت به جميلة أكثر: "كمال، لا تذهب، وعدتني أن تبقى بجانبي، لا تتركني."قطب كمال حاجبيه: "جميلة، اتركي، سأعود بعد قليل.""لن أتركك، لن أدعك تذهب~"ثم رمت ليلى بنظرة متحدية.رفعت ليلى عينيها الباردتين نحوها بازدراء، وكأنها تقول: أهذه كل حيلك يا جميلة؟اغتصبت هويتي، سرقت القلادة، وكل ألاعيبك انكشفت أمامي.نظرت إليها ليلى كما لو كانت تشاهد مهرجا، ثم ابتسمت بسخرية: "سيد كمال، سأنتظرك بالخارج."ثم استدارت وغادرت.قالت روان وهي تحدق بكمال: "ابن خالتي، اخرج بسرعة، ليلى تريد أن تحدثك، وإن لم تستمع ستندم طول عمرك!"ثم تبعتهم روان.التفت كمال إلى جميلة: "جميلة، اتركي!""جميلة، اتركي!"جا
"جميلة أخذت القلادة؟""هذه السارقة! لم تترك وسيلة إلا واستعملتها!"انفجرت السيدة الرشيد الكبيرة وروان بالشتائم.ابتسمت ليلى ببرود وقالت: "تظن جميلة أن سرقتها للقلادة ستنجيها؟ الحقيقة لا تمحى، والباطل لا يصير حقا. هيا بنا نعود إلى المستشفى.""حسنا."...في جناح المستشفى جلست جميلة بجانب نسرين، تمسك يدها بقلق: "أمي، هل أعدت كمال؟"أومأت نسرين: "عاد، سيد كمال والسكرتير يوسف عند الباب، سيدخل بعد قليل."تنفست جميلة الصعداء: "إذن هو ما زال يهتم بي، وهذا طبيعي، فطالما أنني من أنقذته فلن يتخلى عني."ثم التفتت إلى نسرين: "أمي، هل انتهيت من أمر الخاطفين والأطباء؟"ابتسمت نسرين بخبث: "اطمئني، وضعت لهم السم قبل تنفيذ مهمتهم. حتى لو قبض عليهم، لن ينطقوا. لن يعرف أحد أننا وراء الأمر، ولا دليل."بعد أن عانت نسرين مرات سابقة، أنفقت هذه المرة مالا كثيرا لتضمن محو كل أثر.لكن جميلة لم تخف انزعاجها: "رغم كل هذا التخطيط، نجت ليلى وبقي طفلها. السيدة الرشيد الكبيرة جاءت بنفسها، أخشى أن يكتشف كمال الحقيقة، أن الطفل له."بان القلق على وجه نسرين، لكنها حاولت تهدئتها: "اهدئي يا جميلة، لا تفقدي رباطة جأشك. إن أح
"ليلى، لماذا تبكين؟ أنت الآن حامل، والدموع تؤذي جسدك." قالت السيدة الرشيد الكبيرة وهي تسحب منديلا بسرعة لتمسح دموع ليلى.وجدت ليلى الأمر مثيرا للسخرية، لقد فهمت كل شيء أخيرا: جميلة انتحلت شخصيتها!طوال هذا الوقت، جميلة أخذت مكانها وادعت أنها منقذة كمال.وكان كمال يظن أن التي أنقذته في الكهف يومها هي جميلة.مدت ليلى يدها تتحسس عنقها، فإذا به خال، القلادة لم تكن هناك.تلك القلادة هي ما أهداه لها كمال في الكهف يومها.لم تكن تضعها معها، بل تذكرت أنها تركتها في شقتها."ليلى، ما بك؟ لا تفزعي قلبي."وقع الخبر عليها شديدا، لكنها تماسكت سريعا: "جدتي، روان، أنا بخير… جميلة مجرد كاذبة!"سألتها روان بدهشة: "ليلى، ماذا تقصدين؟"قالت ليلى: "التي أنقذت سيد كمال في الكهف لم تكن هي، بل أنا!"قفزت روان غاضبة: "ليلى! جميلة سرقت مكانك؟ يا لها من مخادعة بلا حياء!"ضربت السيدة الرشيد الكبيرة بيدها على فخذها: "كنت أعلم أن جميلة لن تنقذ كمال، فهي أنانية لا تفكر إلا بنفسها! وكمال أعمى، ظل هذه السنين مخدوعا بها!"قالت روان: "ليلى، لنفضحها الآن!"أومأت ليلى: "لدي القلادة التي أعطاني إياها سيد كمال، هي الدليل بين
كمال نظر إلى ليلى، وهم بالدخول.لكن ليلى لم تشأ أن تراه، فأدارت بصرها بعيدا بسرعة.تجمد كمال في مكانه.جاء صوت نسرين من الخارج: "سيدي كمال، جميلة تشعر بألم في قلبها، تريد أن تراك، أسرع إليها."لقد جاءت نسرين تبحث عن كمال، وجميلة تشتكي مجددا من قلبها.سمعت السيدة الرشيد الكبيرة وروان الصوت، فتمتمت السيدة بحدة: "ها هم ينادونك مجددا، لم لا تذهب؟"قالت روان ساخرة: "جميلة ادعت وجع القلب مئات المرات، وما زالت حية ترزق."وقف كمال شامخا عند الباب، وعيناه معلقتان بليلى.لم تنطق ليلى، بينما صبت روان لها كوب ماء دافئ، فأخذته وهي مع تدلي رموشها وتشرب الماء..وارتسم وجهها الجانبي تحت الضوء صافيا كالعاج.عاد صوت نسرين يلح: "سيدي كمال، أما سمعتني؟ جميلة ما زالت تنتظرك."رمق كمال ليلى بنظرة، ثم استدار وغادر.لقد ذهب حقا إلى جميلة.قالت السيدة بغضب: "وها هو يذهب! لا حاجة لعودته!"أمسكت ليلى بيد جدتها: "جدتي، لا تغضبي، صحتك أهم."قالت السيدة: "ليلى، كان علي منذ البداية أن أرسل جميلة للخارج، لولاها لما وصلت أنت وكمال إلى هذا الحال."ابتسمت ليلى بمرارة: "جدتي، ليس الأمر بتلك السهولة. الحب لا يمنع، وسيد كم
تبادل الخاطفون والأطباء نظرات سريعة، ولم يتمالكوا أنفسهم: "سيدي كمال، سأتكلم!"بدأ الطبيب ياسر بالكلام أولا.ابتسم كمال ببرود: "جيد، تكلم، قل لي من الذي أرسلكم."قال ياسر: "يا سيد كمال، هناك من دفع مالا طائلا ليأخذ جنين ليلى… وهذا الشخص هو…"لكنه لم يكمل الاسم، إذ فجأة تفجرت دماء من فمه.تغير وجه كمال: "إلى هنا بسرعة!"دخل الأطباء من الخارج على عجل لفحص ياسر.وفي اللحظة ذاتها تقاطر الدم من أفواه الخاطفين واحدا تلو الآخر، وانهاروا جميعا.وقف الطبيب وقال بقلق: "سيدي كمال، لقد تم تسميمهم، لن يتمكنوا من النطق بكلمة."اشتدت ملامح كمال قسوة، بينما همس يوسف: "يبدو أن المحرض دس لهم السم مسبقا؛ ما إن تحققت غايته حتى رأى أن لا حاجة لوجودهم. يا له من قاس!"لم يتوقع كمال أن تصل يد المحرض إلى هذا الحد من الجرأة، فيعبث تحت نظره مباشرة.أما الآن فقد انتهى أمرهم، ولم يعد يستخرج منهم شيء.نهض كمال وغادر الغرفة.سألته السيدة الرشيد الكبيرة وروان بلهفة: "هل عرفت من هو المحرض؟"هز كمال رأسه نفيا.حكى يوسف ما جرى في الداخل للسيدة وروان.ضربت السيدة بعصاها على الأرض وقالت باستهجان: "ما أقسى أساليبه، لقد است
قام كمال بتمشية حاجبيه الوسيمين تعبير صارم وقال: "لن تكون جميلة هي من وراء هذا."أطلقت السيدة الرشيد الكبيرة زفرة احتقار: "أتصنع الثقة بها هكذا بسهولة؟""ليست ثقتي بها، بل لا منطق لقيامها بهذا الفعل؛ الطفل في بطن ليلى من خالد، وجميلة لا علاقة لها بخالد. فما الذي يدفعها إلى تنظيم مؤامرة لإسقاط طفل خالد؟ أليس هذا قفزا فوق العقل؟"السيدة الرشيد الكبيرة قالت بهدوء حاد: "بالضبط — لا معنى لأن تسعى جميلة لإسقاط طفل خالد، إلا إن كان الطفل ليس لخالد أساسا، أليس كذلك؟"تفاجأ كمال من السؤال للحظة، ونظر إلى السيدة وروان قائلا: "ما الذي تحاولان الإيحاء به بالتحديد؟"السيدة وروان كانتا تعلمان أن كمال يحمل شكا سابقا في أمر جنين ليلى — لقد اعتقد طيلة الوقت أن الطفل ليس له.فجاءت الفكرة أن تدعه يكتشف الحقيقة بنفسه."لا نريد أن نشرح شيئا؛ الحقائق أبلغ من الكلام. كمال، اذهب الآن إلى الذين قبضنا عليهم — الخاطفون والأطباء — واستخرج منهم اسم المحرض الحقيقي. وإن تبين أنه جميلة، فعندها عليك أن تعيد التفكير مليا: لمن ينتمي ذلك الجنين؟"ثم دخلت السيدة وروان الجناح معا.جمد كمال عند العتبة؛ كان ذكيا بما يكفي ليق