Share

الفصل 11

Author: سفينة الحلم
من الواضح أن باهر لم يصدق.

امتد نظره على وجه المرأة.

شعرت نيرة بضيق في التنفس، أمسكت الجرو في حضنها بقوة، وتراجعت خطوتين غريزيًا، ملتصقة ظهرها بشدة بجدار المصعد.

"لقد سؤالي عابرًا فحسب، لماذا تبدين متوترة جدًا سيدة نيرة؟"

"ألا تعتقد يا دكتور باهر أن تصرفك الآن وقح جدًا؟"

"أنا واقف خارج المصعد، على بعد مترين منكِ، وتقولين إنني وقح."

انتهى كلام الرجل.

ينظر إليها بهدوء.

كانت قد التصقت بشدة بأعمق زاوية في المصعد، تنظر إليه بحذر ودفاع.

بسبب عدم إغلاق المصعد لفترة طويلة، أصدر صوت إنذار "صفير".

في النهاية، أفلت باهر يده، وأغلق باب المصعد ببطء.

نظرت نيرة إلى تلك العينين السوداوين، وفي اللحظة التي أغلق فيها باب المصعد، أطلقت زفير ارتياح طويل، وكان ظهرها مبللًا بالعرق.

هل تعرف عليها؟

لا، الأرجح انه لم يفعل.

حتى لو عرف، فماذا في ذلك؟ سوسو هي ابنتها، لن تسلمها لعائلة الدالي، لقد مرت سبع سنوات بالفعل، وها هو الآن يحظى بصحبةِ امرأةٍ أخرى، صفاء لم تكن سوى فتاة سمينة مُجرد لَعبة في يده، أما باهر ذلك الأميرُ المتكبّر، فالأرجح أنه يكره تذكُّرَ تلك الذكريات أكثر منها.

أرخى باهر ذراعيه ببطء.

مشى عائدً
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • ضباب حالم   الفصل 100

    لكن على الشرفة، بدا وكأنّ هناك خطًّا خفيًا يفصل بين الضوء والظلّ.ظلّ الرجل الطويل ارتسم على الأرض في تلك العتمة المتقطّعة بالضوء.لا أحد يعلم، أنه كان جادًّا تمامًا عندما أجاب عن ذلك السؤال.وصلت نيرة اليوم إلى مكتبها متأخرة قليلًا، صحيح أن مكتب تصميم إل أند إم يعتمد نظام العمل المرن، لكن مع اقتراب نهاية السنة وتقييم الأداء السنوي، تحوّل الجميع إلى حالة من المنافسة المحمومة.ما إن جلست على مكتبها حتى تذكّرت أن حاسوبها تعرّض لعطل قبل أيام، ولم يتمكن الفنيّ من إصلاحه بعد، فاضطرت أن تخرج جهازها اللوحي من الحقيبة.لم يكد يمضي دقيقتان على جلوسها، ولم تتح لها الفرصة حتى لخلع معطفها، حتى بدأ اجتماع الصباح المعتاد.انتهى الاجتماع، فأوقفتها لينا قبل أن تغادر، وطلبت منها أن تتسلّم عملًا جانبيًا خاصًا؛ كان عبارة عن تصميم فستان سهرة، والموعد النهائي بعد نصف شهر.قدّمت لينا عرضًا ماليًا مناسبًا، فأومأت نيرة موافقة.قالت لها، "حسنًا، سأرسل لكِ تفاصيل المطلوب لاحقًا".عادت نيرة إلى مكتبها وجلست، لكن هاتفها رنّ بعد دقيقتين فقط، كان السيد منير يطلبها إلى مكتبه.في المكتب، جاء مسؤول العلامة التجارية من

  • ضباب حالم   الفصل 99

    "كيف تقولين هذا عن شقيقك؟ ألا تتمنين له الخير؟"لم تنتظر السيدة هويدا رد شيماء ثم تابعت قائلة، "أنا أعرف، أليس ابن عم سليم هو منير؟ وجدّه أستاذ محترم في جامعة النهضة، على الأرجح لن يتقبل مثل هذا الوضع بسهولة".لم تحصل شيماء على جواب واضح، وشعرت بالارتباك.سارت وهي تسند والدتها إلى الحديقة الصغيرة في الخارج، تمشيان معًا بهدوء.تبدو هويدا كعجوز لطيفة مرحة، لكن من يعرف تاريخها يدرك أنّها قضت سنوات طويلة إلى جانب زوجها سالم في عالم المال والأعمال، فاكتسبت خبرة ونظرة ثاقبة لا يستهان بهما.حاولت شيماء أن تدافع عن نفسها للمرة الأخيرة، "كنت أتحدث على سبيل الافتراض فقط...!"فقالت لها والدتها، "حتى على سبيل الافتراض لا يجوز، هذا الكلام لا يقال إلا أمامي. لو سمعه والدكِ، لأصابته نوبة من شدة الغضب وارتفع ضغطه إلى السماء".عاد باهر إلى المنزل.كان نيمو ممددًا على الأريكة، رفع رأسه ونظر إليه بكسل ثم أعاد إغلاق عينيه واستلقى من جديد.كلب مسنّ، لم يعد حيويًا كما كان في البداية.فالكلاب من نوع جولدن ريتريفر معروفة بحماسها الشديد، وخاصة نيمو، فهو خليط بين سامويد وجولدن ريتريفر.في صغره كان سببًا في الكث

  • ضباب حالم   الفصل 98

    قفز عرق خفيف في جبين باهر.أطرق رأسه وقضم قضمة من التفاحة بين يديه.خارج النافذة كان الليل حالك السواد، لا يقطعه سوى وهج مصابيح الشارع وظلال المارة وعجلات السيارات العابرة.انعكس الضوء على وجهه، فبدا عميق الملامح، بارد القسمات.وعلى التفاحة التي في يده، الحمراء القانية كأنها حبة مصقولة.كانت سارة قد أعطته إياها بنفسها، أكبر تفاحة وأكثرها حمرة.لكن كلما أكل منها، ازدادت حموضتها في فمه.قال أخيرًا ببرود، "أخبري أمي أنني الأسبوع القادم مشغول، والذي يليه مشغول أيضًا، ولا داعي لأن تقلق بشأن تلك الأمور، أما الشابات اللواتي رتبت لرؤيتهن فلن ألتقي بأي منهن".أما شيماء فكانت ترى أن المسألة الطارئة الآن ليست حضور أو عدم حضور لقاءات تعارف، بل إنّ شقيقها الأصغر، ابن أرقى عائلات مدينة الزهور، يفكر باقتحام حياة امرأة متزوجة.فسألته، "باهر، هل تدرك أنه إن علم والدانا بما يجول في رأسك، فستكون كارثة؟"ردّ بهدوء، وصوته خالٍ من الانفعال، "ألم أقل إنني لم أفعل شيئًا بعد؟"ثم أطرق يتأمل التفاحة في يده وقد بدأ لونها يتغير مع الأكسدة.صرخت شيماء وهي تمسك قلبها بيدها، "لو عرفا أنك تنوي أن تصبح رجلًا يقتحم زوا

  • ضباب حالم   الفصل 97

    رمشت سوسو بعينيها "هممم".فسألتها نيرة، "وهل تحبين العم وائل؟"أجابتها سوسو، "أجل، أحبه".كانت والدة وائل على معرفة وطيدة بالسيدة شكرية، فهما من سكان الحي نفسه. ولأن السيدة شكرية تعيش بمفردها، كلما تعطّل الدش أو انطفأ الضوء كان يأتي وائل في أوقات فراغه ليصلح ما تعطل.وهكذا رأته سوسو عدة مرات.ظنّت نيرة أنها ستسمع من الطفلة إجابة عفوية واضحة، فالأطفال في هذا العمر لا يعانون من تعقيدات الكبار. غير أنها لم تتوقع أن ترى في وجه سوسو لمحة تردّد وتفكير.فقالت سوسو، "العم وائل طيّب، لكن العم باهر أطيب بكثير".وحين لاحظت سوسو صمت والدتها، تابعت ببراءة، "أمي، هل يمكن أن يأتي العم باهر مع مهند في عيد ميلادي؟"كان عيد ميلاد سارة بعد أسبوع واحد.ربتت نيرة على شعر ابنتها برفق وقالت، "سوسو، ذلك اليوم يصادف يوم السبت، وسنذهب لرؤية جدتكِ الكبرى"."آه" بدت على الطفلة مسحة من الخيبة، لكنها ما لبثت أن ابتسمت وقفزت إلى حضن نيرة بفرح وقالت، "إذن سنرى جدتي الكبرى ذلك اليوم! لدي الكثير لأقوله لها، وقد رسمت لها لوحة جميلة!"استقل باهر سيارة أجرة عائدًا.وفي الطريق، فتح تطبيق الواتساب.وجد أن شيماء أرسلت إليه ر

  • ضباب حالم   الفصل 96

    جلس باهر على الأريكة.كانت الأريكة صغيرة، لكنها مريحة للغاية، تعلوها وسائد باللون البيج.لم تكن غرفة المعيشة واسعة، ومع ذلك، تنبض بدفء مألوف.وُضع على الطاولة مزهرية شفافة تحتضن أزهارًا نضرة، وعلى حافة النافذة اصطفّت بضع أصص صغيرة من نباتات الزينة.التلفاز قديم الطراز وصغير الحجم، وعلى الطاولة تحيط به ملصقات ملوّنة اختارتها سوسو بحب.رائحة الهواء عذبة، تبعث على الطمأنينة.بدا سطح الطاولة فوضويًا قليلًا، إذ تراكمت فوقه كتب الفتاة، ولوحة يدوية مرسومة بعناية، وأقلام ألوان مائية مبعثرة.سوسو ما إن تعود إلى البيت حتى تجلس هنا، مستغرقة في الرسم بكل تركيزها.ظلّ باهر يتأملها.رفعت الصغيرة رأسها وقالت ببراءة، "عمو باهر، تحب تاكل فاكهة؟"كان يريد أن يجيب، "لا أريد".لكنه أومأ برأسه موافقًا.قفزت الصغيرة واقفة، وركضت نحو الثلاجة بخفة، شعرها المربوط على شكل ذيل حصان يتمايل مع كل خطوة، في مشهد يفيض براءة.وقفت على أطراف أصابعها تنادي أمها.اقتربت نيرة بهدوء، وساعدتها في إخراج تفاحة.وهكذا، وجد باهر نفسه يتلقى التفاحة الصغيرة من يدي سوسو.كل هذه التفاصيل كانت لحظات عابرة لكنها دافئة، غير أنها بالنس

  • ضباب حالم   الفصل 95

    داخل المجمع السكني، لم يكن كثيرون يعرفون أنّ نيرة تزوجت من خالد ثم انفصلت عنه، وأنّ زواجهما كان زواج مصلحة لا أكثر. مثل هذه الأمور ليست مما يفاخر به المرء أو يتحدث عنه علنًا، خصوصًا أمام كبار السن، فهؤلاء لا يفهمون مثل هذه التعقيدات.ولم يكن من المجدي أن تضيّع وقتها في الشرح أو الدفاع عن نفسها، فالذي لا يريد أن يفهم، لن يقتنع مهما شرحت. ماذا يفيد أن تفسر لسيدة مسنّة في السبعين أو الثمانين؟ لن تصدّقك على أي حال.بمرور الوقت، لم تعد نيرة تهتم إلا بأن تعيش حياتها بهدوء. أما الكلمات الجارحة، فقد صارت تتجاهلها عمدًا، وكأنها لم تسمع شيئًا.عندما وصلوا إلى باب بيتها، التفتت سوسو إليها فجأة وابتسمت ابتسامة واسعة، وكأنها ترى في ما حدث قبل قليل لعبة ممتعة.ففي عالم الطفلة البريء والنقي، بدا الأمر وكأن والدتها كانت تدفع باهر إلى الأمام لتلعب معه لعبة ما.ابتسمت نيرة بدورها، ومدّت إصبعها لتداعب أنف ابنتها برفق وقالت لها، "هيا، انزلي".أمام ابنتها، كانت دائمًا تشعر بأنها تملك قوة لا حدود لها، قادرة على تبديد أي حزن أو كدر.أنزل باهر سوسو عن كتفيه.صعد ستة طوابق كاملة على قدميه، ومع ذلك لم يتغيّر لو

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status