Share

الفصل2

Author: شان شيا تشنغ
في الماضي، كنتُ أهتمُّ بساهر، وكنتُ على استعدادٍ لمنحه كل شيء، والقيام بأي شيء من أجله، طالما أنه طلب ذلك.

لكن اليوم، كان هو نفسه من أيقظني من وهمي.

حين تأمَّلتُ الأمر جيّدًا، أدركتُ أنه منذ عودة شيرين إلى البلاد، صار كل ما يفعله يدور حولها وحدها.

لقد نسيَ أنني أنا من يُفترض أن أقضي معه بقيَّة حياتي.

كلماتي أثارت غضبَه، فزمجر بازدراء:"ما الذي تقصدينه بهذا الكلام؟ أترفضين؟ من الأفضل أن تستوعبي الأمر جيّدًا، شيرين هي أعزُّ أصدقائي، ومن الأفضل لكِ أن تُرضيها، وإلا فلن أتزوجك!"

قال ذلك، ثم خرج غاضبًا، مغلقًا الباب بعنف خلفه.

شعرتُ بضيقٍ شديد، فقرّرتُ النزول إلى الحديقة للجري.

لكن بعد إكمال جولة واحدة، رنّ هاتفي، وكان المتصل يوسف.

ترددتُ لثانيتين وأنا أتذكر وجهه الجامد، الذي لا يظهر عليه أي تعبير، ثم ضغطتُ على زر الإجابة.

بمجرد أن فتحتُ الخط، باغتني بصوته الحازم:"بمجرد أن تصعدي على متن سفينتي، تصبحين ملكي، وإن فكّرتِ فى الهرب، سأعيدك مقيّدة!"

التزمتُ الصمت دون رد، فتابع بصوت ثابت:"أرسلي لي بطاقة هويتك، لنُصدر شهادة الزواج."

"أخشى أن تتراجعي."

"يوسف، هناك خطب ما فيك."

كنتُ قد تخيلتُ آلاف السيناريوهات التي قد يستغل فيها الزواج لتعذيبي، وفي النهاية، لم أجد ما أقوله سوى:"نلتقي في حفل الزفاف، سيد يوسف."

لكن قبل أن أكمل جملتي، ظهر ساهر فجأة خلفي.

كان ساهر واقفًا هناك، لا أعلم متى ظهر، لكنه كان ينظر إليّ وكأنني ارتكبتُ خيانة لا تُغتفر.

"أنتِ تريدين دعوة يوسف إلى زفافنا؟ لن أسمح بذلك!"

كانت نظراته مشتعلة، كأن الأمر معركة حياة أو موت، ثم تابع بحدة:"لارا! ألم أقل لكِ من قبل ألا تتواصلي معه؟ نواياه تجاهكِ ليست بريئة! إن كنتِ مُصرّة على دعوته، فلا تلوميني إن تبرأت منك!"

حتى قبل أن أفتح فمي للرد، كان قد ألقى تهديده وغادر.

لطالما حمل ساهر كره غير مبرر تجاه يوسف، وكان دائم التوجس منه.

حين كنا في بداية علاقتنا، كان يشتعل غيرةً لمجرد مشاحناتي العابرة مع يوسف عبر الرسائل، لذا، بمرور الوقت، قطعتُ اتصالي به.

لكنه الآن يقول إن يوسف لم تكن نواياه بريئة تجاهي؟

كُنتُ على وشك سؤاله عن ذلك، لكن فجأة، مالت شيرين بجسدها لتتكىء على عنقه، متصنعة الألم.

"ساهر لقد آلمتني يدك."

عندها فقط، لاحظتُ أنهما كانا متشابكي الأيدي، يسيران معًا.

ساهر سعل مرتين بتوتر، لكنه لم يُبعد يدها عنها.

أما شيرين، فحدّقت به بنظرة مفعمة بالحنان، ثم تنهدت وكأنها مجبرة على ذلك، وقالت لي بأسف مصطنع:" لارا، أنا آسفة، أنا وساهر كنا فقط نتدرب على مراسم الزفاف مسبقًا، أرجوكِ لا تأخذي الأمر على محمل الجد."

"أما عن الشخص الذي أرسلته لضربي، وعن تدميرك لقبر والدتي، فلن أخبر أحدًا بذلك، لكن أرجوكِ، لا تؤذي ساهر، فالمشاعر الصادقة لا تحتمل الاختبار."

شعرتُ بالاشمئزاز من تمثيليتها الرخيصة، فاستدرتُ عازمةً على المغادرة، لكنني توقفت للحظة ثم التفتُ إليها بابتسامة باردة:"بما أنكِ تتوقعين ذلك بشدة، فسأحقق أمنيتك—سأرسل شخصًا الليلة ليبرحك ضربًا، وسأذهب بنفسي لنبش قبر والدتك!"

صوت صفعة!

هوى كفّ ساهر على وجهي بقوة.

"لارا، كيف أصبحتِ شريرة إلى هذا الحد؟!"

كانت عيناه متجهمتين، ونَفَسه مضطربًا، وكأنه بالكاد قادر على كبح غضبه.

أنا شريرة؟

بمجرد كلمات كاذبة خرجت من فمها، صدّقها بلا تردد، بينما خمس سنوات من العلاقة بيننا لم تستطع أن تكسبني ذرة من ثقته.

اجتاحني غضب هائل، كنتُ على وشك مواجهة ساهر وسؤاله مباشرة، لكن شيرين تقدمت بسرعة لتحميه بجسدها، ووضعت يديها بتوسل قائلة:"أرجوكِ لارا فقط انتظري حتى ينتهي حفل الزفاف بعدها سأعيد ساهر إليكِ.

"أرجوكِ، كوني رحيمة،لا تؤذي من حولي، ولا تؤذي ساهر."

قالت ذلك بصوت خافت، ثم انحنت قليلًا، وكأنها تستعد للركوع أمامي.

لكن قبل أن تفعل، سارع ساهر إلى احتضان خصرها بحماية، مانعًا إياها من الانحناء، ثم رمقني بنظرة نارية، وصرخ بغضب:"لارا! توقفي عن تمثيل دور ابنة العائلات الثرية المتعجرفة!"

ثم أكمل ببرود:"أنتِ تعرفين جيدًا أنني أكره هذه التصرفات. إن كنتِ لا تزالين ترغبين في الزواج بي، فاحذري من افتعال المزيد من المشاكل!"

أنهى حديثه بلهجة صارمة، ثم حذّرني من الاقتراب منهما أو إزعاجهما حتى موعد الزفاف.

لكنّ المفاجأة جاءت في اليوم التالي—ساهر هو من تواصل معي أولًا.

بمجرد أن فتحت الخط، انهال عليّ بالاتهامات:"لارا! هل ذهبتِ فعلًا لنبش قبر والدة شيرين؟! لم أتوقع أبدًا أنكِ قادرة على شيء كهذا!"

شعرتُ بالحيرة، ولم أفهم سبب هذه التهمة المفاجئة.

على الفور، اتصلتُ بمساعدي وطلبتُ منه التحقّق من الأمر.

لكن ما كشفه لي كان أشد صدمةً مما تخيّلت.

شيرين... والدتها لم تمت أصلًا.

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • لا يستحق أن أتمسك به   الفصل 9

    ابتسمت بسخرية باردة وقلت:"هل أنت متأكد أنك تريد الوفاء بهذا الوعد؟"أومأ برأسه بجدية: "نعم.""أريدكِ أن تمنحيني فرصة، حتى لو لم ترغبي في الطلاق من يوسف، أريد أن أكون معكِ مدى الحياة."أمسكت بالقفل بلطف، أتفحصه بين أصابعي، وازدادت ابتسامتي اتساعًا."في هذه الحالة، عليك أن تذهب إلى شيرين ،فبعد كل شيء، الاسم المنقوش على هذا القفل ليس اسمي، بل اسمها."اتسعت عينا ساهر في صدمة، وسحب القفل بسرعة ليتأكد بنفسه.ربما كان قد نسي تمامًا أنه حين نقش الاسم على القفل في ذلك الوقت، لم يكن اسمي.لم أخبره أبدًا أنني، في اليوم الذي قرر فيه الزواج من شيرين، عدت إلى كل الأماكن التي مشينا فيها معًا ذات يوم.وهناك، وجدت هذا القفل.يومها، شعرت فقط بالسخرية والشفقة على نفسي، لكنني في الوقت نفسه، ازددت يقينًا بأن عليّ استبدال العريس.نظرت إليه بثبات وقلت ببرود:"ساهر، ربما أنت نفسك لا تعرف من الذي تحبه حقًا. في اللحظة التي كنا فيها في أعمق مراحل حبنا، لم تتردد في نقش اسم حبيبتك السابقة على القفل.""ربما في داخلك، لا شيء يجذبك إلا ما لا يمكنك امتلاكه. حين كنت تملك قلبي، كنت تفكر في شيرين، والآن بعد أن فقدتني، تحا

  • لا يستحق أن أتمسك به   الفصل 8

    الجميع فهم الموقف على الفور، بل إن بعضهم تعرف عليه على أنه الرجل الذي أثار الفوضى في مؤتمرنا الصحفي سابقًا."إنه ذلك الرجل الحقير! تخلى عن ابنة عائلة سليم من أجل حبيبته السابقة، وكان ينوي الطلاق ليتزوجها!""ألا ينظر في المرآة ليرى إن كان يستحق ذلك؟!""يريد كل شيء لنفسه! مجرد رجل يعيش على حساب النساء!"لم يكن المارة يتوقعون أن تنقلب الأمور بهذه السرعة، وسرعان ما أدركوا أنهم كانوا مجرد أدوات في لعبته.فأطلقوا كلمات تعبر عن اشمئزازهم قبل أن يتفرقوا.تنفست الصعداء بشدة، ثم دفنت رأسي في عنق يوسف قائلة: "زوجي، لحسن الحظ أنك كنت هنا."ضمّني يوسف بقوة، ثم تنهد بفخر: "لقد انتظرت طويلًا حتى أصبحتِ زوجتي، وهناك رجال يتربصون بكِ، فمن الطبيعي أن أكون دائم الحذر."فقلت مع تنهيدة إعجاب: "من كان له زوج مثلك، فماذا عساه أن يطلب أكثر؟"رأى ساهر هذا المشهد، فزاد غضبه حتى كاد يعضّ على أسنانه من شدة الغيظ، ثم دفع شيرين بقوة وهو يصرخ:"كل هذا بسببك! أنت السبب في كل ما حدث!"احمرّت عينا شيرين."ساهر، انسَها، إنها لم تعد تحبك بعد الآن.""لقد تزوجنا بالفعل، فلنحاول العيش سويًا حياة مستقرة، أليس أفضل؟"ساهر دفع

  • لا يستحق أن أتمسك به   الفصل 7

    أمسك ساهر بيدي بقوة وقال:"لارا، أنت تعلمين أنني أحبك! أنا وشيرين لم يكن بيننا سوى لحظة طيش! لو لم يكن بسبب والدتها، لما كنتُ لأتزوجها أبدًا!"سحبت يدي بهدوء، ونظرت إليه بلا تعبير، دون أن أنطق بكلمة واحدة.انفجر في البكاء، وهو يصرخ بجنون:"لقد كان ذلك بدافع بر الوالدين! هل يمكنك حقًا أن تتحمّلي رؤية أم وحيدة تموت بقلبٍ كسير؟! أنتم الأثرياء قساة القلوب، لا تفهمون معاناة الناس العاديين!"وبينما كان يصرخ، شقَّ شخصٌ مجهول صفوف الحشد، مندفعًا نحوي بجنون.في لحظة، لمع نصل سكين في الهواء.قبل أن أتمكن من استيعاب ما يجري، دفعني يوسف بقوة بعيدًا!"صوت طعنه!"اندفع السكين في ظهره، مغروسًا حتى المقبض.تلطخت ثيابه بالدماء في لحظة.صرختُ بجنون، أبحث عن طبيب.أما المهاجمة، فقد طرحها الحراس أرضًا على الفور، لكنها لم تتوقف عن الصراخ الهستيري:"أعيدي إليَّ ابنتي! أعيدي إليَّ ابنتي!"اتضح أن هذه المرأة هي والدة شيرين، المرأة التي من المفترض أن تكون ماتت من زمان. ذهل ساهر."حماتي؟! ألم تكوني… ميتة؟!"حاولت المرأة المسنّة أن تمسك بذراعه، لكنه دفعها بعيدًا بعنف، وكأنها شيء مقزز. محدّقًا بها بعينين دامعتين،

  • لا يستحق أن أتمسك به   الفصل 6

    بعد ثلاثة أيام، كان موعد مأدبة العودة إلى منزل العائلة، والتي صادفت أيضًا الذكرى السنوية لتأسيس مجموعة شركات سليم.وبعد نقاش بين العائلتين، تقرر إقامة المناسبتين معًا في احتفال واحد.لكن من كان يتوقع أن تحدث فوضى؟ساهر فاجأ الجميع بدعوته للصحفيين إلى المؤتمر، ليطلق اتهامًا صادمًا أمام العلن: يوسف مجرد عشيق استولي على مكانه!في لحظة، انهالت الأسئلة، ووجه الصحفيون ميكروفوناتهم نحو يوسف، مما جعل القاعة تعمها الفوضى.قبل أن ينهض يوسف للرد، سبقتُه إلى المواجهة، ووقفت أمام الجميع بثبات."زواج عائلة الفهد وعائلة سليم تم بكل وضوح وشفافية، أحدهما أراد الزواج والآخر وافق، والأوراق الرسمية شاهدة على ذلك، فمن أين أتيتم بقصة العشيق هذه؟أتمنى أن تزنوا كلماتكم جيدًا، وإلا فإن القسم القانوني لمجموعة سليم لن يتهاون في اتخاذ الإجراءات المناسبة."سادت لحظة صمت، وبدأ الصحفيون يتراجعون قليلًا.في تلك الأثناء، شعرت بنظرة يوسف الثابتة عليّ، وحين التفت نحوه، وجدته يبتسم لي بحنان واضح.ارتبكت قليلاً، و أذني كانتا قد احمرّتا بالفعل.لكن ساهر لم يكن ليترك الأمور تنتهي عند هذا الحد.وكأنه كان مستعدًا لكل شيء، فج

  • لا يستحق أن أتمسك به   الفصل 5

    ها هو هاتفٌ متصلٌ بشاشةٍ عرض كبيرة.وما إن تم فتحه، حتى اندفعت أمام الجميع صورٌ بذيئة وكلماتٌ فاحشة لا تُحتمل.امتلأت الشاشة بسجل محادثات ساهر وشيرين على مدار عامٍ كامل، وآخرها ذلك الفيديو الذي يجعل القلب ينبض بعنف والوجه يحمر خجلًا.شحب وجه ساهر في لحظةٍ، صار أبيض كصفحة الورق.كيف حصلت على هذه الأشياء؟كيف عرفت بكل هذا؟وحينما وقعت عيناه على اسم المرسل، تجمدت ملامحه تمامًا.شيرين؟!منذ عودتها قبل عام، وهي لا تكف عن إرسال لقطاتٍ من المحادثات إلى لارا.كل كلمة كانت تلميحًا صريحًا بأن عليها الانسحاب.لا عجب إذن، فمنذ عام لم تعد لارا تقبّله، وتغيرت معاملتها له بشكلٍ جذري.وأخيرًا، ومع استمرار ذلك الصوت المخزي، انفجر ساهر غضبًا، وقذف الشاشة بقوة."لا أحد يجرؤ على النظر! لا أحد ينظر! هذا كله كذب!"كان يحاول إغلاق الشاشة بجنون، لكن أصابعه كانت ترتجف بشدة، حتى أنه، عن غير قصد، جعل الصوت يعلو أكثر!حفل الزفاف انتهى في بفوضي عارمة.عندما أرسل لي مساعدي رسالة ليخبرني بذلك، كنت قد انتهيت للتو من حفل زفافي مع يوسف ووصلت إلى المنزل.عندما رأيت الرسالة، ابتسمت دون أن أشعر وقلت:"فهمت، أحسنت صنعًا."ث

  • لا يستحق أن أتمسك به   الفصل 4

    في اليوم التالي، أرسلتُ رسالة إلى ساهر في اللحظة المناسبة:"مبارك زفافك!"أما في قاعة الزفاف، فكان ساهر يحدق عند الباب بقلق، ثم سأل السكرتير نادر:"لماذا لم تصل لارا بعد؟ ألم تتفق معنا على أن تعتذر علنًا لوالدة شيرين اليوم؟"كان السكرتير نادر يتصفح الأخبار على هاتفه، وبينما كان حاجباه ينعقدان، قال دون أن يرفع رأسه:"على الأرجح، لن تأتي ،فهي مشغولة بزفافها الآن."تجمد ساهر في وسط القاعة، وكأن أحدهم سحب منه روحه.القاعة بأكملها كانت مغطاة بورود الشمبانيا، المفضلة لدى شيرين، مما جعل المشهد كله يبدو وكأنه لوحة من حلم.تحت خشبة المسرح، كان الضيوف يرفعون كؤوسهم، يتبادلون الأنخاب، يضحكون، ويتحدثون بسرور.كل شيء كان يبدو مثاليًا.لكن يد ساهر كانت ترتجف، وهو يحدق بذهول في شاشة هاتفه.عنوان الخبر كان واضحًا ومبهرًا:"الآنسة لارا، رئيسة مجموعة سليم، تدخل القفص الذهبي—سلسلة ’الحب الحقيقي‘ تُطلق رسميًا في يوم زفافها!"بدأت كفّاه تتعرقان، وبلا وعي، ضغط على زر الاتصال، طالبًا الرقم الذي حفظه عن ظهر قلب.لكنه لم يتلقَ سوى صوت الجرس المتكرر... ثم الصمت.لا أحد يجيب."كيف يمكن أن يحدث هذا؟"لكن قبل أن يستو

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status