Share

الفصل755

Author: شاهيندا بدوي
"مرحبًا."

عندما سمعت نور هذه اللغة العربية الركيكة، تعرَّفت على صاحبها على الفور، كان هذا هو الشخص نفسه الذي اتصل بها في ذلك اليوم باستخدام هاتف لاشين.

"إنه أنا. الشخص الذي أراد صاحب هذا الهاتف بحوزتك التواصل معه. اسمي نور، وقد وصلت إلى قبيلة العزبي الآن. هل بإمكانك إعطائي عنوانًا؟ أو يمكنك إرسال الهاتف إليّ، ولكن يجب أن تخبرني أين وجدته بالضبط. سأقدم لك مكافأة سخية."

كانت نور بحاجة لمعرفة ذلك المكان.

في الوقت الذي كان فيه لاشين في أقسى لحظات معاناته، لم ينسَ أن يترك لها رسالة تطمئنها، كان يحاول أن يجد العلاج من أجلها.

لا يمكنها أن تفي بدينه هذا.

والآن بما أنها أتت، ما يشغل ذهنها هو أن تجد لاشين أوَّل شيء.

أما بالنسبة لسمير...

كان عليها أيضًا أن تحاول الاتصال به، لتطلب منه أن يتوَّقف عن القلق بشأنها، فهي لم تعد بحاجة إلى كل تلك الترتيبات التي كان يضعها من أجلها.

هي ليست طفلة بعد الآن، هناك أمور يجب أن تفعلها بنفسها، وهي قادرة على التعامل معها.

خصوصًا وأن تلك الذكريات المبعثرة في ذهنها جعلتها تدرك بوضوح أنها مرتبطة بذلك التنظيم الذي يُسمى النيل.

كان عليها أن تكتشف هذه الأمور بنفسها!

"لي
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل780

    لم تعرف أبيبا أين تخبِّئ وجهها من الخجل حين وُجِّهَ إليها الكلام.وأدرك القرويون في لحظةٍ من المخطئ ومن المصيب، فراحوا يوبِّخون أبيبا ويعتذرون لنور: "عذرًا، نحن الذين لم نفهم الموقف، وكدنا نتسبّب لك بالأذى"."لا تحملي الأمر في قلبك، واطمئني، من اليوم فصاعدًا لن نوجّه سهامنا إليك، إن أردتِ البقاء في القرية فابقي.""أبيبا، من أخطأ فعليه أن يعترف بخطئه، أسرعي وقدّمي اعتذارك لهذه الفتاة."...تكلّم القرويون بلغة قبيلة العزبي، واستطاعت نور أن تفهم نصف ما قيل.لكن أبيبا لم ترضَ بالهزيمة. إذ كانت تحب الأستاذ همَّام، لكنها لم تجرؤ على البوح بمشاعرها، والآن وقد فضحتها نور أمام الجميع، لم تدرِ كيف تواجهه بعد هذا.بالإضافة إلى أن الجميع أخذوا يلقون عليها المواعظ من كل صوب، حتى تمنّت الموت، أما أن تعتذر لنور، فذاك ما لن تفعله.فقال همَّام بنبرة باردة نافذة: "أبيبا، اعتذري لنور".ارتجف قلبها، فالأستاذ همَّام قد أمرها، وبصوتٍ لا يقبل ردًّا.فما كان لها إلا أن اقتربت منكَّسة الرأس من نور، وقالت: "آسفة، كان هذا خطئي، أقدّم اعتذاري، وأرجو أن تسامحيني"."آمل ألا يتكرّر هذا، ففي زمن الفتن لا أريد سوى أن

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل779

    رأت نور فتاةٌ ترتدي ثوبًا طويلًا بنيًا وبشرتها برونزية، تقف على مسافةٍ منها، وترمقها بنظرة احتقار.ارتسمت على شفتي نور ابتسامةٌ باردةٌ متهكمة: "تريدون إخافتي؟"رمي فأر عليها، كان هذا أسلوبًا سافلًا. عقدت الفتاة ذراعيها، واحتد وجهها بقسوة، ثم تقدمت نحو نور تقول: "لا، أنا هنا لأحذّركِ! ابتعدي عن الأستاذ همَّام، ولا تحلمي بأن تغويه!"نطقت الفتاة بالعربية، كانت لغتها أفضل قليلًا من لغة الأطفال هنا. لم تتمالك نور نفسها، فقالت ضاحكة: "إذًا فأنت تحذِّرين الشخص الخطأ، أنا لا أفكر في الأستاذ همَّام بهذه الطريقة".قالت الفتاة غير مصدِّقة وعينها تُوقد الغضب: "على من تكذبين! أنتِ لستِ من قريتنا، جلبتِ النوايا الخبيثة معكِ!" ثم أكملت وقد ازداد غضبها: "وما إن أتيت وأنت تقفين بجانب الأستاذ بهذا القرب، ما هذا إن لم يكن إغواءً؟"رأت نور أن الأمر مضحك.لكن ضحكتها أشعلت غيظ الفتاة. فتقدمت الأخيرة بخطى متسارعة، حاولت دفع نور أرضًا، وحين همَّت نور بتجنُّب الدفعة، رأت حول العشب أفعىً صغيرةً مستلقية.ففاجأتها فكرةٌ خاطفة. أمسكَت نور الأفعى بجرأة وألقتها نحو الفتاة."آه!!!" صرخت الفتاة مذعورةً، وإذ بها ت

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل778

    وقع هذا المشهد أمام عيني همَّام، لكنه لم يُبدِ أي تغير على ملامحه.سرعان ما أخذ الشاحن بيده.لكنه لم يتعجل في الاقتراب.في هذه الأثناء، رن هاتفه. بدت نظراته أكثر برودًا عند رؤية رقم المتصل. أجاب المكالمة.سمع صوتًا ناعمًا في أذنه: "أخي، متى ستعود؟"أجاب همَّام ببرود: "لن أعود في الوقت الحالي".في هذه اللحظة، بدا مختلفًا تمامًا عن الشخص الشهم واللطيف أمام الأطفال، وعن نفسه حين تحدث مع نور؛ كأنهما شخصان مختلفان تمامًا.صمتت المرأة على الطرف الآخر للحظة. ثم قالت بصوت يحمل بعض الترقب: "أخي، اتصل بي إذًا عندما تقرِّر العودة، أو دع أحدهم يخبرني مسبقًا...""حسنًا، لدي بعض الأمور الآن، سأنهي المكالمة."بعد بضع كلمات، أنهى همَّام المكالمة. بعدما سمعت المرأة على الطرف الآخر صوت الانشغال، ظهر على وجهها الغضب، وكأنها تشتكي من سرعته من إنهاء المكالمة.وافتقاد الدفء في حديثه....بعد أن أسقط حميدي كعكة الجبن، حدقت فيه نور لبضع ثوانٍ، ثم التقطت الكعكة، ونفضت الغبار والأوساخ عنها.قالت بِنبرة غير راضية: "لقد أخبرتك عدة مرات، ومع ذلك ما زلت لا تستطيع التحكم بنفسك".كانت نور أيضًا مزاجية. إذا لم يت

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل777

    في اللحظة التالية، وجد الأستاذ همّام صخرة، وجلس عليها بجانب نور.ثم أخرج من يده كعكة جبن ومدها إليها.لم تأخذها نور، قائلة: "ذلك الطفل قد اعتذر لي بالفعل".أجاب الأستاذ همّام وهو يحافظ على وضعه الهادئ: "لقد اعتذر لك فقط لأنه خشي مني، ولولا أنك تجنبتِه في الوقت المناسب، لكان قد ضربك. على أي حال، ما زلت لا أعلم ما اسمك"."...اسمي نور."كانت نور تدرك أنها تحت مراقبته، لذا تردَّدت قليلًا ، لكنها أفصحت عن اسمها في النهاية.فرجال فرعون يبحثون عنها، وإذا كان بإمكانها التضحية بنفسها لإحداث فرق، لا فائدة من إخفاء اسمها الآن.سألها الأستاذ همّام بعد ذلك: "نور من نور الهدى أم نور الدين؟"كانت هناك ابتسامة لطيفة على زاوية فمه.أجابت نور بهدوء: "نور الهدى".في اللحظة التالية، دفع الأستاذ همّام كعكة الجبن إلى يدها، قائلًا: "كيف وصلتِ إلى هنا في ظل هذه الفوضى؟""رأيتك للتو، ويبدو أنكِ تستطيعين فهم القليل من لغة قبيلة العزبي، فهل تستطيعين الحديث بها أيضًا؟"كان صوت همَّام ناعمًا ولطيفًا، يجعل المرء عاجزًا عن إيجاد أي عيب فيه.لكنها علمت أنه يجس نبضها بأسئلته هذه. ابتسمت، وقالت: "لقد تم بيعي وإرسالي إ

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل776

    لاحظ أحد الأطفال الأستاذ همَّام، ففرح فورًا ولوّح بيده قائلًا: "أستاذ همَّام!"سمعت نور الصوت فنظرت نحو المصدر.ارتدى الأستاذ همَّام اليوم قميصًا أسود، مفتوح عند الزرّين العلويين، وأكمامه مطوية حتى الساعد.وقف تحت أشعة الشمس، يد واحدة في جيبه، والأخرى تحمل عدة كتب، وتحت نظارته الذهبية، كانت عيناه السوداوان غامضتين. ومع ذلك، ارتسمت على شفتيه ابتسامة عميقة.وفي اللحظة التالية، اندفع الأطفال بجانب نور نحو أستاذ همَّام كالسيل."أستاذ همَّام، هذه الكلمة لا تُنطق ساشعة! أستاذ همَّام، ألم تعلِّمنا هذه الكلمة في المرة السابقة؟""أستاذ همَّام، نحن نصدِّقك أنت فقط!""أستاذ همَّام، نحن لا نعرفها، من هي؟"...تعالت الأصوات.حتى أن بعض الأطفال ألقوا بنظراتهم الحادة نحو نور.وفجأة، أمسك أحد الأولاد بحجر ورماه نحو نور.تجنبت نور الحجر ببراعة، لكن أستاذ همَّام اندفع نحوها.أصاب الحجر فخذ أستاذ همَّام مباشرة.حمل وجهه جديّة مفاجئة وقال: "عبد العزيز، ما الذي كنت دائمًا أعلِّمك إياه؟"خفض الصبي المُسمى بعبد العزيز رأسه قائلًا: "أستاذ همَّام، أنت دائمًا تعلّمنا أن نكون طيبين مع الآخرين، ولا نحلّ المشاكل

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل775

    "هذا ممكن، سأصحبك غدًا لرؤية الأستاذ همَّام".لم يفكر صاحب البيت كثيرًا.السبب الرئيسي هو أن نور ذكرت أنها من دولة عربية، والأستاذ همَّام أيضًا يتحدث العربية، ووجهه يبدو عربيًّا مثل وجهها.كما أنه عندما ذكرت نور الطهي، إن أُعجب الأستاذ همام بطعامها، يمكنه اعتبار ذلك طريقتهم للتعبير عن شكرهم له."حسنًا، شكرًا لك."شكرته نور.مع أنها لم تعتد على طعام قبيلة العزبي، إلا أنها أكلت نصف وعاء من عصيدة البطاطس. إذ أن عليها الحفاظ على طاقتها في هذه البيئة الغريبة.بعد الطعام، عادت نور إلى الغرفة الصغيرة. لم يكن في تلك الغرفة سرير، فأعد لهما صاحب البيت لوحين من الورق المقوى.استلقت نور على اللوح، وفي تلك اللحظة، خطرت ببالها عزة ورفاقها. لا تزال تجهل وضعهم الحالي.همس الشاب في أذنها: "سأذهب معك غدًا".لم يكن ضمن خطة نور إشراكه معهم عندما ذكرت الأمر لصاحب البيت، لكن ذهابه كان ضروريًا، لمراقبة الأستاذ همَّام.والتأكد في كل الأوقات من أي حركة مشبوهة..."يدك مجروحة، وغدًا قد نحتاج للعمل."قال الشاب بعزم: "يمكنني العمل!""حسنًا، إذن استرح مبكرًا." قالت نور، ولم تكثر الكلام.لم تمضِ لحظات حتى طرق أحده

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status