All Chapters of بعد الخيانة... وجدت حبي الحقيقي: Chapter 121 - Chapter 130

300 Chapters

الفصل121

ابتلعتُ ريقي، وأزحتُ جسدي قليلًا إلى مقدّمة المقعد، ومددتُ ذراعي اليمنى ورفعتُ كمَّ الثوب. الجرح بحدّ ذاته ليس خطيرًا، لكن لأن بشرتي بيضاء فخطّ الاحمرار بدا فاقعًا. وحين التأم الجرح وانكمش الجلد عند الحوافّ ارتفعت أطرافه قليلًا، وكلما مرّ بها الكمّ عند الرفع وخزني ألمٌ دقيق كأن نملًا يقضم المكان، فعقدتُ حاجبيّ من غير وعي. فجأةً تجهّم وجهُ سُهيل. "جرحٌ بهذا الطول ولا تُجرين أيَّ معالجة؟" نظرَ ثم قال بنبرةٍ جادّة. ابتسمتُ قليلًا: "لم يعد ينزف، لا بأس." لم يلتفت إلى قولي، واشتدّت ملامحه وانعقد حاجباه، ثم أمسك يدي بطبيعةٍ عفوية وجذب ذراعي نحوه. راحَ يتفحّص الجرح بعناية: "هل عقّمتِه واستعملتِ مرهمًا؟" "عقّمتُه حالما تأذّيتُ البارحة." وما زال عابسًا: "هل أخذتِ حقنة الكُزاز؟" "ها؟" ارتجفتُ يديَّ من الفزع، خفتُ أن يسحبني من فوري إلى المستشفى لأخذ الكُزاز، فسارعتُ أشرح: "لا داعي، الجرح غير عميق، ومقصّي غيرُ مُصدّأ، فلا خطر عدوى." رفع نظره إليّ: "أتخافين الإبر كثيرًا؟" هززتُ رأسي صراحة: "نعم، أخافها." "لكنّكِ وأنتِ مع فارس كنتِ تتبرّعين له بالدم طوال الوقت، أفما كنتِ تخافين إبرة الس
Read more

الفصل122

غمرتني مشاعر الامتنان حتى فاض قلبي، حتى إنّه انتبه إلى هذه التفصيلات الدقيقة. ضحكتُ مداعبةً وقلتُ متظاهرةً بالإعجاب: "أنت بارع حقًا، كيف تفهم في كل شيء؟" ابتسم ابتسامة خفيفة وقال: "لا تنسي أنني نشأتُ في الجيش". "أوه..." هززتُ رأسي وقد فهمت. فمن يقضي سنواتٍ يتقلّب في صفوف الجيش، لا بد أن يتعرّض للإصابات والدم، ومن الطبيعي أن يعرف أساسيات العناية الطبية. قال: "حسنًا، لِنأكل أولًا. المقهى هنا يقدّم وجبات عمل بسيطة، نأكل أيّ شيء، وبعد أن أنتهي من انشغالي خلال اليومين القادمين نرتّب لعشاءٍ أفضل" ثم ناولني قائمة الطعام منهِيًا الحديث. عندها فقط أدركتُ أنّه ما زال مشغولًا حتى بعد عودته من السفر، ومع ذلك اقتطع وقتًا لرؤيتي كي يطمئن على جرحي خفضتُ بصري إلى قائمة الطعام، لكن عقلي كان يضجّ بأفكارٍ أخرى: "إن ظلّ يعاملني بهذه العناية فكيف سأُبقيه في خانة الصديق فقط؟" آه… سُهيل، ماذا تريد بالضبط؟ إن كان شكرًا للجميل فليس بهذه الصورة. طلبنا وجبتين بسيطتين، وفي منتصف الأكل دخل السكرتير مازن. قال: "الرئيس سُهيل، الدواء الذي طلبتموه". "شكرًا"، تناول سُهيل كيس الدواء وقدّمه لي: "خُذيه معكِ، وا
Read more

الفصل123

سرت في صدري دفعة دفء لا تنقطع، فأومأتُ قائلة: "حسنًا". أمامه صرتُ من غير قصد مطيعةً، لا أُظهر عنادًا بعد الآن. وبينما كانت أودي A8 تبتعد ببطء، حملتُ الدواء بيدي، ولا يزال عقلي يكرر كلماته وابتساماته. سُهيل يا سُهيل، أهو خالص لردّ الجميل هذا، أم ستارٌ لمداعبةٍ عاطفية؟ لا أفهم، ولا أجرؤ على التحقق. أولًا، الفارق الطبقي شاسعٌ جدًا، وهو غير واقعي. ثانيًا، لم أطلّق بعد، ولا يجوز الآن بدء أي علاقة، ولا حتى التلميح. … عطلة نهاية الأسبوع، مراسم تأبين نورهان. حجَزتُ باقات رمزية تحمل كلماتِ تأبين، واتفقتُ مع المتجر على موعد تسليمها إلى قاعة الجنائز. بدأت المراسم في الثامنة والنصف، ووصلتُ في الثامنة وعشرين دقيقة، وكان المتجر قد أوصل الزهور إلى المدخل. دخلتُ قاعة العزاء، فرأيتُ عن بُعد صورة نورهان معلّقة في المقدمة، وكانت موسيقى الحزن تتردد في أذنيّ، فانخفض مزاجي معها. كان نزار، وسهى، وهادي، وفارس في مقاعد أهل الفقيدة يحيّون الضيوف القادمين للتعزية واحدًا واحدًا. نظرتُ حولي، وعثرتُ على أحد العاملين وطلبتُ منهم إدخال باقات رمزية تحمل كلماتِ تأبين من الخارج. وما إن رأى الموظف كثرتها حت
Read more

الفصل124

"يا زوجة أبي سهى، وِفقَ منطقكِ هذا، هل ينبغي لي اليوم أن أَجلِدَ جثمانَ نورهان ثأرًا لاغتصابها خطيبي؟" ما إن خرج كلامي حتى اضطرب المشهد. تابعتُ بهدوءٍ غير مستعجل: "مع أن هذا الرجل فعلًا ليس شيئًا يُذكَر، لكن حتى لو كان شيئًا لا أريده، فحقّه أن أرميه أنا أولًا ثم تلتقطه ابنتكِ لاحقًا، أمّا أن تخطفه مني مباشرةً، فذلك لا يستقيم عقلًا ولا عُرفًا، أليس كذلك؟" "جيهان!" قاطعني فارس بصوتٍ غليظ قبل أن أنهي كلامي، وهو يحدّق بي وملامحه في منتهى الحرج. ضممتُ شفتيّ، ونظرتُ حولي بعجز، وتمتمتُ: "حسنًا، وصلتْ نيّتي، وأن تشكروا أو لا تشكروا شأنكم، سأرحل." "جيهان، انتظري." ناداني فارس فجأةً محاولًا استبقائي. توقّفتُ قبل أن أستدير، فسمعته يخاطب نزار وسهى: "أبي، خالتي سهى..." عقدتُ حاجبيّ، لا أفهم كيف أطلق هذه "أبي" بهذه السهولة. قال فارس بصوتٍ منخفضٍ متّزن: "أنا مَن طلبتُ من جيهان أن تأتي اليوم. أولًا لأنها فردٌ من العائلة، وبصفتها أختًا يجدر بها أن تودّع نورهان. وثانيًا لأني أريد، ما دام الجميع حاضرًا، أن أُعلن أمرًا على الملأ." أفزعني آخر كلامه، وساورني حدسٌ سيّئ. ما الذي ينوي فعله هذه المرّة
Read more

الفصل125

ساد الصمت فجأةً. ولم يبقَ سوى موسيقى الحداد الهادئة تتردّد في القاعة، فبدت الأجواء غريبة للغاية. أخفضتُ نظري بهدوء، وأنا أحدّق بفارس، الراكع على ركبةٍ واحدة أمامي، وداخلي هدوءٌ غير مألوف، بل وانعطف طرف فمي بابتسامةٍ ساخرة. لم تكن زيارتي اليوم سدى؛ شهدتُ بعيني عرضًا مسرحيًا باهرًا. ذلك الخاتم الماسي الضخم، يشعّ بريقًا خاطفًا، فأغمضتُ عيني قليلًا من الوهج وضحكت بخفة: "فارس، بعد كل هذه السنوات معًا لم أكتشف إلا الآن أنك صاحب شخصية استعراضية." "لا، جيهان، أنا صادق من أعماقي." رفع فارس نظره إليّ بعينين مفعمتين بالعاطفة، "سامحيني وتزوّجيني مرةً أخرى." وسط الصمت، ارتفع صوتٌ متعاطف: "جيهان، اقبلي بالسيد فارس، فهو طيب القلب ولن يظلمك." وما إن تكلّم الأول حتى تبعه آخرون: "صحيح، ما هُدمت عشر معابد أهون من إفساد زواج. وقد تاب ووعى، فأعطيه فرصة أخرى." "جيهان، الزواج الثاني ليس سهلًا، وبعد بضع سنين ستبلغين الثلاثين، فأين تجدين عائلة كهذه؟" "بالضبط، لا تفوّتي الفرصة فتندمي." رفعتُ رأسي نحو مصدر تلك الأصوات وقلتُ مبتسمة: "ما دمتم ترونه مناسبًا لهذه الدرجة فتزوّجنه أنتن، وسأُخلِي الساحة." بك
Read more

الفصل126

المشهد انقلب فجأة، فالذين كانوا قبل قليل يحثّونني على مسامحة فارس، صاروا الآن جميعًا مُشترَين بالمصالح. فارس يركع هناك، ولم يخطر بباله حتى في الأحلام أنّي سأهينه علنًا هكذا؛ وجهه يتلوّن بين الشحوب والزرقة، ويداه المرفوعتان ترتجفان. "جيهان..." تقلّصت حدقتاه ونطق كلمتين لا يصدّق. "فارس، لا إمكانية لعودتنا معًا، فهمت؟" "لا أصدق، أنتِ فقط عالقة في تلك الغصّة وتريدين الانتقام؛ لا أصدق أن علاقة ست سنوات تُرمى بهذه السهولة! هل تتعمّدين التقارب منه لاستفزازي والانتقام؟" كان صوته منخفضًا يختنق بالغصّة، وحتى عيناه قد احمرّتا. في الماضي، لو ظهر بهذه الهيئة لا أدري إلى أيّ حدٍّ كنتُ سأرقّ له قلبًا؛ أمّا الآن فقلبي ساكنٌ كالماء، لا يضطرب وسط الجلبة المستمرة، انفجرت سهى فجأة: "كفى! اليوم جنازة ابنتي! ماذا تفعلون! ألا تخجلون!" ارتاع الحضور وكأنهم استفاقوا من حلم، وتذكّروا أنهم في دار الجنائز لحضور جنازة. استقام الأقارب فورًا، وأخذوا يرمقون سهى بحذر ووجوههم متحفظة. كانت سهى، غاضبة حدّ التشوّه، ولم يخطر ببالها قط أنّ فارس سيطعنها من الخلف؛ نظرت إليه كمن يهمّ بالقتل. وفجأة اندفعت نحوه وركلته بق
Read more

الفصل127

قالت جدّتي بلهجة يغلّفها القلق، فتوقّفتُ لحظة أستغرب: "لا شيء، ما الأمر؟" غضبت جدّتي وقالت: "قبل قليل، تلك سهى، اتصلت من هاتف نزار، وبدأت بالشتائم من غير مقدّمات، قالت إنني فاشلة في تربية الأولاد، وإن ابنتي وحفيدتي لسن صالحات، وقالت إنكِ أحدثتِ فوضى في جنازة نورهان ومنعتِ راحة الميت، وشتمتِك بلعنات كثيرة." كنتُ أقطّب حاجبيّ وأنا أسمع: "جدّتي، لا تبالي بها، هي الآن مثل كلبٍ مسعور، فاقدةٌ تمامًا لعقلها." "وكيف لا أبالي؟ شتمتُها شتمًا صريحًا، هناك كلمات كتمتُها سنين ولم أجد فرصة لأقولها لها، فلمّا أتتني على طبق من فضّة، ألا أُفرِّغ ما في صدري؟" لمّا سمعتُ هذا اطمأننتُ، وسارعتُ أُواسِيها: "جيّد أنكِ أفرغتِ غضبكِ، الأهمّ هو صحتكِ، لا تغضبي." "اطمئني، صحتي ممتازة." طمأنتني جدّتي، ثم سألت بقلق: "كيف ستفعلين مع فارس؟ سمعتُ أنه اليوم تقدّم لخطبتكِ أمام الناس." "نعم." قلتُ بهدوء، "لكن لا فائدة، وبعد أيام سنحضر الجلسة الأولى في المحكمة." "حسنًا، المهم أنكِ فكّرتِ مليًّا." لم نكن قد أنهينا الحديث، إذ ظهر اتصالٌ آخر على الشاشة، إنها صديقتي المقرّبة لينا. "جدّتي، لديّ مكالمة، سأغلق الآن، وا
Read more

الفصل128

"شركة اليمّ للتجارة؟" دوّى رأسي فجأة، وفهمت في الحال أنّ شركة نزار أصابها خلل. قالت يارا بجانبي: "أيها السادة، لا بدّ أنكم أخطأتم، نحن شركة أزياء، ونلتزم بدفع الضرائب دائمًا." خرجتُ من خلف المكتب وقلتُ لِيارا بخفض صوت: "إنها مسألة تخصّ عائلتي، سأذهب مع موظفي هيئة الضرائب قليلًا، وأنتِ تولّي شؤون الشركة هنا، ولا تدعي أحدًا يطلق تكهّنات." "حسنًا، فهمت." هزّت يارا رأسها والقلق بادٍ على وجهها. ابتسمتُ قليلًا: "اطمئني، أعرف ما أفعل، لا بأس." وبعد ترتيب العمل بإيجاز، غادرتُ مع موظفي هيئة الضرائب. منذ فترةٍ قصيرة، حين صار نزار ليّن الجانب فجأة، وعرض نقل ما تبقّى من أسهم أمّي إليّ، ثم حوّل لي جزءًا من أسهمه وجعلني ثاني أكبر مساهم في شركته، كنتُ أعلم أنه ينصب لي فخًا. لكنّ نورهان ماتت للتوّ، ولم تمضِ سبعة أيام على وفاتها، وهذا الأب لم يغرق في حزن فقد ابنته، بل سارع ليستهدف ابنته الأخرى... حقًّا إنّه أدنى من البهائم. ما لم أفهمه أنّني مجرد ثاني أكبر مساهم، بينما نزار هو المساهم الأكبر والممثل القانوني للشركة، وبالمنطق إذا حدثت مشكلة فعليه تقع المسؤولية الأولى، فلماذا جاءت هيئة الضرائب
Read more

الفصل129

كنتُ حائرة، "ألم تقولوا منذ قليل إن عليّ الانتظار؟" قبل أن يجيبني الموظفون، جاء من باب المكتب صوتٌ منخفضٌ صافٍ يقول: "جيهان." التفتُّ فإذا بي أُصدم: سهيل؟ اتّسعت عيناي، "كيف جئتَ إلى هنا؟" لوّح لي سهيل صالح البردي بيده: "هيا، نخرج أولًا ثم نتحدث." طرتُ فرحًا، وارتسمت البسمة على وجهي فورًا، وتقدّمتُ لأقف بجانبه. رفع يده على نحوٍ طبيعي ووضعها على كتفي، ثم اصطحبني إلى الخارج حيث القاعة الكبيرة. سرعان ما هرع قياديّ من هيئة الضرائب وقال: "أستاذ سهيل، لو أخبرتنا مسبقًا لقدِمنا إلى الباب لاستقبالك." ابتسم سهيل ابتسامةً رسمية وقال بنبرة مجاملة: "جئتُ فقط لآخذ شخصًا، لا أريد الإزعاج، سنغادر الآن." "ألا تجلسون قليلًا؟" "لا، لديّ أمور أخرى." "حسنًا، تشرّفنا، وسأزوركم عند ما يتيسّر." كان الرجل شديد اللطف والاحترام. وقفتُ إلى جوار سهيل ولم أنطق بكلمة، وكلّ انتباهي منشغلٌ بيده الموضوعة على كتفي. طوله الفارع يجعل هذه الحركة، وإن لم تكن كعناق الخصر بين العشّاق، رسالةً واضحة للجميع: أنا تحت حمايته. في تلك اللحظة شعرتُ بوضوح بما تعنيه رفعة المنزلة وهيبة المكانة. ناولني أحد الموظفين هاتفي
Read more

الفصل130

"نعم، هذه القصة طويلة…" تنهدتُ بعجز، ورويتُ باختصار كيف خدع نزار أمي قديمًا وابتلع تجارة جديّ وجدتي، وكيف تظاهر مؤخرًا بحسن النيّة فردّ إليّ أسهُمًا كانت لأمي، خطوةً فخطوة حتى جرّني إلى الفخ. كان سهيل يُصغي وهو يعقد حاجبيه مرارًا، ونظراته إليّ تمزج بين التعاطف والشفقة. ولما انتهيتُ، سأَل غيرَ مستوعب: "أأنتِ ابنته البيولوجية؟" "نعم." ابتسمتُ ابتسامةً باردة خفيفة، "يصعب عليك أن تصدّق أن أبًا حقيقيًا يمكن أن يقسو على ابنته هكذا، أليس كذلك؟ لكنها الحقيقة؛ في قرارة نفسه كان يودّ لو أن التي ماتت أنا، لا نورهان." هزّ سهيل رأسه وقال بصوتٍ منخفض: "هذا الصنف من الناس، سينال جزاءه." "ربما، لكن، حتى لو لم يُصفِّه القدر، فلن أدعه يهنأ." قلتها بوجهٍ متجمّد، وأنا أعضّ على أسناني. ابتسم سهيل ابتسامةً رفيقة: "يبدو أنكِ أعددتِ خطّةً من قبل." "أجل، أنا أعرفه جيدًا؛ منذ أن سلّمني الأسهم بلا سبب واضح، أدركتُ أنه ينصب لي، فاحتفظتُ بأوراقي." "ذكية." ظلّت ابتسامتُه الهادئة على محيّاه، "كنتُ سأسألكِ إن كنتِ تحتاجين مساعدتي، لكن الظاهر أن سؤالي زائد." نظرتُ إليه، وعضضتُ شفتي بخجلٍ بسيط وقلّلتُ الأمر:
Read more
PREV
1
...
1112131415
...
30
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status