All Chapters of بعد الخيانة... وجدت حبي الحقيقي: Chapter 111 - Chapter 120

300 Chapters

الفصل111

"آه، أنا أيضًا لا أحب تلك الأجواء الصاخبة، رأسي يكاد ينفجر." لوّحت سندس بيدها وقالت للنادل الذي يتبعها: "ضَعْه هنا." حمل النادل تشكيلة من الحلويات وبعض الأطباق وزجاجة نبيذ أحمر، ورتّبها على الطاولة المنخفضة في الشرفة. "جيهان، اجلسي، لم تأكلي شيئًا يُذكر هذا المساء، هيا تناولي بعض الطعام." جلست سندس ودعتني. جلستُ معها. "سندس، لقد خدعتِني جيدًا؛ ساعدتِني مراتٍ عديدة ولم أكن أعرف مَن أنتِ." قلتُ متصنّعةً العتب. قالت سندس: "افعلي الخير ولا تسألي عن الجزاء، هذا ما تعلمته منكِ؛ أنقذتِ أخي مراتٍ ودفنتِ الفضلَ وابتعدتِ في صمت." لم أملك إلا أن أبتسم. ومع قولها بدا الأمر فعلًا كذلك. "في تلك المرة عند باب المستشفى، أليس لأنكِ أردتِ إيصالي للبيت تركتِ أخاكِ هناك؟" سألتها وأنا آكل. "يا فتاة، كان يمكنه أن يطلب من السائق أن يقلّه؛ لا ضرر من بعض الانتظار." "وماذا به يومها؟" "لا شيء يُذكر؛ كان الجوّ جافًا في الخريف، وكان يسهر ويعمل ليلًا في تلك الفترة، فارتفعت حرارته ونزف أنفه بلا توقف، فأيقظني باكرًا لأخذه إلى المستشفى." ففزعتُ وقلت: "هل كانت الفحوص سليمة؟" "بالطبع؛ هو فقط يهمل جسده حين ي
Read more

الفصل112

"آنسة جيهان، صنعتكِ رائعة حقًا، سمعنا أن لديكِ ورشة خاصة، أين تقع؟" "آنسة جيهان، هل لديكِ وقت قريبًا؟ ابنتي ستشارك في مسابقة بيانو كبرى في دولة الشروق، هل يمكن أن تجهّزي لها فستان سهرة مُفصّلًا على المقاس؟" "آنسة جيهان، هل لديكِ رغبة في شراكة؟ أودّ أن أكون وكيلةً لعلامتكِ للأزياء، متى يناسبكِ أن نتحدّث؟" أُحيطتُ بحلقة من زوجاتُ الأثرياء وبناتهنّ، يتسابقن واحدةً تلو الأخرى حتى كدتُ أختنق. لم أتوقّع أنّ جملةً عابرة قالها سُهيل ذاك اليوم ستتحقق فعلًا. في حفل ميلاد سيّدة البردي حصدتُ دفعةً من العملاء المهمّين، وعدتُ أعيش ذروةً جديدة في العمل. وحين انتهيتُ من تهدئة هؤلاء السيّدات والتقطتُ أنفاسي، رأيتُ ليلى وابنتها جُمانة تقفان على الطرف. كانت جُمانة مكفهرّة الوجه، نافخةً شفتيها، تحدّق بي غاضبةً ولا أدري منذ متى. أما ليلى فكان على وجهها ما لا يوصف: "شيءٌ من الندم والغيرة وعدم الرضا." اعتدلتُ ببطء، ونظرتُ إليهما بابتسامةٍ خفيفة ثم أدرتُ ظهري وانصرفت. انتهت الوليمة، وبعد أن ودّعتُ سيّدة البردي، أوصلني سُهيل بنفسه إلى الباب، وكان السائق ينتظر عند سيارة الراية الحمراء L5. استدرتُ وقل
Read more

الفصل113

لما علمت جدتي بذلك دهشت أشدّ الدهشة وقالت: "هذه أمور مضى عليها أكثر من عشر سنين، وما زالوا يذكرونها؟" سألتُ بفضول: "جدتي، هل كنتِ تعرفين أن من جاء يومها ليقدّم الشكر هو الجدّ الأكبر لعائلة البردي؟ بعد تقاعده استقرّ في جبل الندى." قالت جدتي وقد غمرها العجب: "كيف لي أن أعلم! رأيتُ يومها رتبة ذلك القائد العسكري فعرفتُ أنه برتبة فريق." "ثم صار برتبة فريق أوّل." قالت خالتي مبهورة: "حقًا نفوذٌ عظيم... آه، لا نبلغه." قلتُ مبتسمةً أوضّح: "خالتي، ما الذي يدور في بالك؟ إنهم يردّون الجميل لا أكثر، وليس كما تظنّين." وبيني وبين نفسي جدّدتُ تذكير نفسي بذلك. "يا فتاة، نحن نتحدّث بيننا، لم نُخبر أحدًا من الغرباء." قالت جدتي: "لو لم تكن لجيهان تلك القصة مع عائلة الهاشمي، لكان الاتّكاء على جميل إنقاذ الحياة غير مستبعد... لكن للأسف، ما جرى مع عائلة الهاشمي تضخّم كثيرًا، وحتى الآن لم يقع الطلاق..." تلبّد قلبي غيمٌ قاتم ما إن ذُكرت هذه الحكاية. تبقّى نحو عشرة أيام على الجلسة، وعليّ أن أتحدّث مع المحامي لأرى هل من سبيلٍ ليحكم القاضي بالطلاق مباشرةً بلا حاجة إلى دعوى ثانية. ولم أكن قد حدّدت الموعد
Read more

الفصل114

حدّقتُ فيه، وملامحي كأنها تنظر إلى مخلوقٍ عجيب، وقد انقلب تصوّري للعالم مجددًا. "أول مرةٍ أسمع أحدًا يجعل الخيانة عملًا عظيمًا نبيلاً، كأنه بطولةٌ تُخلَّد. يا فارس، كيف تختار شأنَك ولا أتدخّل، لكن كيف أختار أنا أيضًا شأني ولا شأنَ لك به. خياري قلتُه لك منذ زمن، الطلاق، ولا مجالَ للمساومة." ظلّ فارس على نبرته المتصلّبة: "أنا لا أوافق. حتى لو رفعتِ دعوى، فطالما أنني لا أوافق فلن يحكم القاضي بالطلاق." قلتُ بحزم: "صحيح أن المحكمة في المرّة الأولى تسعى للصلح، لكن في الثانية ستحكم بالطلاق، وكل ما في الأمر إرجاء بضعة أشهر." لمّا رأى أن لا منفذ عندي، سكت لحظةً ثم حاد بالحديث: "يا جيهان، أإنكِ تستعجلين الطلاق كي ترتبطي بسُهيل؟ نحن معًا صباحَ مساء، ولم ألحظ متى صرتِ على هذه الألفة مع عائلة البردي. سُهيل أقرضكِ أولًا ‎ثلاثون مليون دولار، ثم أعادكِ إلى بيتكِ وبِتِّ ليلةً هناك، والآن يدعوكِ إلى عيد ميلاد في عائلة البردي. أيُّ مكانة اجتماعية ذاك، حتى يدعوكِ؟ ثم إن أمَّه وأختَه تنظران إليكِ بعينٍ أخرى وتميلان إلى حمايتكِ." كلما تكلم فارس ازداد غيظًا، والتوى وجهُه أكثر فأكثر. منذ رأيتُ ليلى وابن
Read more

الفصل115

"نعم، كنتُ مشغولة في الفترة الماضية، فظلّ الأمر مؤجّلًا إلى الآن." وضعتُ ما بيدي وأحضرتُ شريط القياس، "قفي مستقيمة، سأقيس لكِ المقاسات." ابتسمت سندس قليلًا، "وأنتِ بهذا الانشغال، ما زلتِ ستخيطين لي؟" "لا بدّ من ذلك، أفراد عائلتكم كلّهم أنجزتُ لهم، فكيف أستثنيكِ وحدكِ؟" قلتُ ضاحكة. "رائع!" كنتُ أقيس لها، وهي لا تكفّ عن الحديث بفرح؛ بدأتْ بالتذمّر من أنّ أخاها في الأيام الأخيرة يعمل ساعاتٍ إضافية بجنون، وقد سافر في مهمة هذا اليومين، ولا أحد يعلم إلى أين. ثم شكتْ أن السيدة البردي تريد أن ترافقها لترتيب جلسات تعارف للزواج، وقد انتقت لها طابورًا ممّن يُسمَّون "شبابًا موهوبين"، لكنها لم تُعجب بواحدٍ منهم. قلتُ في نفسي: لا عجب ألّا تَرِدَ أخبارٌ عن سُهيل هذه الأيام؛ اتّضح أنه مشغولٌ جدًّا وسافر أيضًا. "يا جيهان! تعالي إلى البيت آخر الأسبوع على العشاء، جالسي أمي قليلًا ليتحوّل انتباهُها عنّي ولا تظلّ تراقبني." قالت سندس فجأةً تدعوني لزيارة قصر البردي. بعد أن أنهيتُ القياس وطويتُ الشريط، اعتذرتُ آسفة: "يبدو أنّ الأمر غير مناسب هذه غيرُ مناسبٍ في هذه الفترة." "ما الأمر؟ ألستِ متفرّغة؟"
Read more

الفصل116

كان فارسُ يعرف أنّ نقاطَ قوّتي هي أزياءُ النساء، وأنّ الجوائزَ التي نلتُها في الأعوام الأخيرة كانت في الغالب عن فساتين نسائية، ولم أفُز بعملٍ رجاليٍّ إلا في مشروعِ التخرّج. على أنّ ذلك العملَ معروضٌ إلى الآن في خزائنِ عرضِ كلّيةِ تصميم الأزياء في جامعة التفوّق. وفوق ذلك فبدلةُ الزفاف التي ارتداها فارسُ يوم الزواج كانت من عملي بيدي، وكانت متقنةً للغاية. إذن فالأزياءُ الرجالية ليست ضعفي، لكن ضيقَ الوقت واحتياجاتِ علامة شركتي جعلا استثماري يميل أكثر إلى أزياءِ النساء. سألني، فلم أُجب؛ لم أُرِدِ الحديث معه. قال بنبرةِ تقريرٍ لا سؤال فيها: "أنتِ تخيطينها لسُهيل." قالها بنبرةٍ حاسمة لا شكّ فيها. بقيتُ صامتةً، واستقمتُ بظهري وأنا أُعيدُ طرده: "يمكنك أن ترحل، هذا المكان لا يرحّب بك." ما إن أنهَيتُ كلمتي، حتى تقدّم خطوتين وخطفَ معصمي بشدّة: "جيهان، إلى أيّ مرحلةٍ وصلتِ معه؟ طوال هذه السنين لم أرَكِ تخيطين لرجُلٍ غيري، والآن تخيطين له بيديك!" كان فارسُ مستفَزًّا، وكأنّه رأى سُهيلًا قد لحق به ليقف معه على قدمِ المساواة. اشتدّ قبضُه على معصمي حتى آلمني، والأدهى أنّ اليدَ التي أمسكها كانت
Read more

الفصل117

أما فارسُ فكان الأسوأ حظًّا؛ فقد هَوَى مقصُّ الخياطة عموديًا كالمِخرَز فشقّ حفرةً داميةً في ساقه. نظرتُ إلى الدم يتسرّب من بين أصابعه، وهو يقبض أعلى ركبته، وأنا ألهث من الفزع ولا يسعني إلا أن أفكّر: "من جنى على نفسه فلا يلومنّ إلا نفسه". هذا الطارئ المفاجئ أذهلني وأذهله. لا أدري أين سقط الهاتف وفي سكونٍ تام جاءني صوتُ سُهيل القَلِق المتعجّل. أفقتُ سريعًا وأخذتُ أبحث حولي فرأيت الهاتف تحت الطاولة. أفاق فارسٌ أيضًا وهمَّ أن يخطفه لكني سبقتُه ونلت الهاتف أوّلًا. تراجعتُ سريعًا مبتعدةً عن فارس وقلت "ألو السيّد سُهيل..." "جيهان ما الذي يجري عندك؟ ماذا حدث؟" نبرةُ سُهيل الهادئة المعتادة اضطربت نادرًا، وشعرتُ بتوتّره وقلقه عبر السماعة. حدّقتُ في فارس بتحفّز وتمتمتُ: "لا شيء مجرّد عارضٍ بسيط أستطيع التعامل معه". "متأكّدة؟ أتريدين أن أرسل أحدًا إليكِ؟" "لا داعي، سيّدَ سُهيل. لستُ متفرّغة الآن؛ سأتصل بك لاحقًا". وبعد أن هدّأته أنزلتُ الهاتف ونظرتُ إلى فارس وهو ينهض ببطء. كانت ساقُه لا تزال تنزف ولم تقتصر الحمرة على كفّه بل تقاطر الدم إلى الأرض أيضًا؛ منظرٌ مفزع. قلتُ بصوتٍ حازم: "ا
Read more

الفصل118

"أنا أيضًا لا." ازدادت نبرته حزمًا وقال: "أتريدين أن أبعث أحدهم إليكِ الآن؟" تحرّك فمي وأنا أمسك الهاتف في حيرة، ثم غشيتني موجة من العجز، فغيّرت كلامي: "حسنًا... في ساعدي جرحٌ سطحي بسيط، عالجته للتوّ، ووضعُ لاصقَين كافٍ." "مجرد جرحٍ سطحي؟" "نعم." "أأنتِ في الورشة أم في البيت؟" "في الورشة." "عودي الآن ولا تُكملي العمل، وأغلقي الأبواب والنوافذ ليلًا، وإن وقع طارئ فاتصلي بي وأنا أتولّى الأمر." أصغيتُ مذهولةً إلى أوامره ولم أفهم لماذا أنصاع له بهذه الأريحية، فنحن من الأصل ليست بيننا أيّ علاقة. لكن تصرّفه كله يوحي كأنه يعتبرني صديقته. "ذاك... لقد رحل، والأمر انتهى الآن، ثم إن جرحي مجرد خدش، لا يستدعي كل هذا الـ..." أردت أن أقول لا داعي لتضخيم الأمر والتوجّس، فأنا منذ صغري في عائلة الناصر تلقيت ضربًا أشدّ من هذا بكثير، وهذا الجرح عندي لا شيء. لكن قبل أن أُكمل قاطعني سُهيل هذه المرّة بنبرةٍ دافئة مفعمة بالشفقة: "جيهان، أنتِ فتاة، لا تهملي نفسكِ هكذا، وتأجيل العمل قليلًا لن يضير." ارتجفت أعصابي، وفاض صدري بمرارةٍ حلوة؛ سنواتٌ طويلة وحتى فارس لم يقل لي يومًا كلامًا رقيقًا كهذا، أن
Read more

الفصل119

"العم زيد يُعيدكِ سيكون أأمن، لا تتكلّفي. ولم يكن في اتصالي قبل قليل أمرٌ مهم، أختي الصغرى قالت إنها مرّت بمرسمكِ نهارًا ورأتكِ تكادين تُنهي ثوبي، فسألتُ على الهامش." اتّضح الأمر. ابتسمتُ قليلًا، ورددتُ برسالة صوتية مباشرة: "أكملتُ قصّة الباترون، حين تعود من سفرك أريك النموذج." فأجاب بكلمة واحدة: "حسنًا." قدّرتُ أنه ما يزال منشغلًا فلم أُطِل، وأنهيتُ بـ"لن أُطيل عليك" ثم توقّفت. بعد نصف ساعة، وصل العم زيد بسيارة الراية الحمراء L5 تحت مبنى شركتي، ركبتُ ودعوتُه يوصلني إلى البيت. لمّا وصلت، وبحكم اللياقة، أخبرتُ سُهيل أنّي عدتُ. لكنه لم يردّ، ولا أدري أأغفو الآن أم أنه مشغول لا يتفرّغ للهاتف. صباح اليوم التالي، تناولتُ هاتفي كعادتي أول ما أستيقظ، فدهشتُ لرسالةٍ منه عند الثالثة فجرًا: "علمتُ." اضطرب قلبي قليلًا، وتحقّقتُ من التوقيت ثانيةً: 3:05. إذًا انشغل حتى هذا الوقت. قطّبتُ بأسى، وتذكّرتُ ما قالت سندس يومها: أن أُعينهم على حمله على الرفق بنفسه وألا يرهق جسده. لم يكن لي موقفٌ يخولني قول هذا، لكن الرغبة تسلّلت إلى طرف لساني. غير أنني، وأنا أهمّ أن أراسله على الواتساب، تذكّرت
Read more

الفصل120

"هل تناولتِ الطعام؟" راودني خاطرٌ ساخر: ما جدوى المجاملة الآن؟ لو قلتُ لم آكل، هل سَتدعوني فعلًا؟ ابتسم قلبي، لكن لساني أجاب بجدية: "لا، ما زلتُ منشغلة." "متى تنتهين؟" "همم؟" أوقفني هذا السؤال عن عملي، وانقبض حاجباي، ماذا يقصد؟ أترى أنه عاد من رحلة العمل؟ اضطربت نفسي، وترددت لحظة ثم سارعتُ: "أوشكتُ، والباقي أمور غير عاجلة، أُتمّها بعد الظهر." "حسنًا، فلنخرج لتناول الغداء. المكان: الحديقة المعلّقة أعلى المبنى المقابل لشركتك." قالها بنبرة هادئة، لكني سمعتُ فيها ابتسامة خفية. نتناول الغداء معًا؟! قفزتُ واقفةً، واندفع الفرح في صدري إلى عنان السماء. "أعدتَ من سفرك؟" لقد أنهى عمله ليلًا عند الثالثة وردّ على الواتساب، فكيف عاد إلى مدينة قرناج ظهرًا؟ "نعم، وصلتُ للتو. فقلتُ بما أنه وقت الغداء، أدعوكِ لوجبة." شدَدتُ على الهاتف وأنا أقف كلّي حماسة: "حسنًا… سأرتّب نفسي وأجيء فورًا." "لا عجلة." أغلقتُ الخط، وخفضتُ بصري إلى ملابسي. لأنني ركبتُ المترو صباحًا، خرجتُ بلباسٍ عملي وحذاءٍ رياضي أبيض. لحسن الحظ، لديّ في المكتب زوجان احتياطيان من الأحذية ذات النعل الأحمر. بدّلتُ إلى الحذ
Read more
PREV
1
...
1011121314
...
30
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status