All Chapters of بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة: Chapter 61 - Chapter 70

100 Chapters

الفصل 0061

…على الطرف الآخر، ساد صمت طويل جدا.برد قلب ورد شيئا فشيئا.لقد خمنت قرار سهيل.ابتسمت فجأة ابتسامة باهتة.نعم، فهي ليست حبيبة سهيل، فكيف تظن أن توسلاتها ستغير قراره؟ لقد كان دائما معها بقلب من حجر.وأخيرا، تكلم سهيل بصوت منخفض: "ورد، سامحيني."لقد حاولت جميلة الانتحار، وحياتها على المحك، ولم يكن سوا عمر قادرا على إجراء العملية.وبعد طول موازنة، اختار سهيل هذا الحل، فرتب أن يجري العملية أحد تلاميذ عمر.وأطلق وعودا كثيرة لورد، لكنها لم تعد تسمع حرفا واحدا منها. انزلق الهاتف من يدها، وشعرت أن عالمها كله ينهار أمامها؛ تبين لها أنها في قلب سهيل لا تساوي شيئا، وأن كل ما بذلته من جهد طوال تلك السنين لا يساوي شيئا أمام أحضان فتاة صغيرة السن!ورد، لقد أسأت الاختيار حقا.كان هذا الطارئ صادما للجميع، حتى شيخ عباس شعر بالحرج الشديد، ولحفظ ماء الوجه خرج بنفسه ليتولى زمام الأمور، واقترح تأجيل العملية حتى عودة عمر للنظر في الأمر.لكن المدير تردد قليلا قبل أن يقول: "الآن هو التوقيت الأمثل، وأخشى ألا يكون من الجيد التأجيل."فاستشاط شيخ عباس غضبا.وفي النهاية، كان قرار الجدة بنفسها.أمسكت بيد ورد، وقا
Read more

الفصل 0062

لم تستفق الجدة بعد، وظلت في غرفة العناية المركزة.ومن خلف الزجاج الشفاف، كانت ورد واقفة تحدق شاردة، فكل دقيقة وثانية تمر عليها كانت عذابا لا يطاق.كانت سيدة بسمة تشفق عليها، فكانت تحضر لها الحساء المغذي بين الحين والآخر.لكن ورد لم تكن تقوى على الأكل، فخلال يومين فقط نحفت بشكل ملحوظ، حتى برز ذقنها حادا، ولم تجد كلمات سيدة بسمة في إقناعها، فلم يكن أمامها سوى مرافقتها بصمت.كما كان سليمان وأخته يزوران أحيانا، يساعدان بما يستطيعان.ولما رأت لينة ورد تزداد هزالا، ألقت رأسها على كتف أخيها وهي تبكي بخفوت: "أختي ورد مسكينة جدا! لماذا فعل سهيل هذا؟ كم كان قاسيا بحقها!"كان سليمان يعرف السبب، لكنه لم يستطع البوح به.—لأن الحقيقة أشد قسوة.وفي فترة العصر، أرسل شيخ عباس ناصر وزوجته للحضور.عاملها ناصر بلطف وهدوء، لكن سيدة بديعة لم تكن كذلك، فكانت تلمح وتصرح بأن ورد لم تحسن رعاية زوجها، حتى تعرض ابنها لغضب الشيخ عباس.وكانت سيدة بسمة حاضرة صدفة، وما إن سمعت تلك الكلمات حتى اشتعل غضبها.سألتها سيدة بديعة بحدة: "أنت أيضا امرأة! كيف تجرئين على قول مثل هذا الكلام المقلوب؟"ابتسمت سيدة بديعة بسخرية: "ب
Read more

الفصل 0063

…أراد سهيل أن يقول شيئا.لكن سليمان اقترب فجأة، قبض على ياقة سهيل ودفعه بعنف إلى الحائط، وسأله بحدة: "لقد توسلت إليك بهذا الشكل، وهي الفتاة المتعالية، بكت أمام الجميع لتتوسل إليك، سهيل، هل قلبك من حجر؟ لو كان لديك ذرة إنسانية، لما نسيت أن ورد هي زوجتك، الزوجة التي عاشت معك أربع سنوات كتفا إلى كتف.""هل الحب أهم من كل شيء؟""سهيل، هل تعرف معنى الحب أصلا؟"…فرد سهيل بلكمة قوية.تراجع سليمان بضع خطوات، ومسح الدم عن زاوية فمه، ثم حدق بسهيل بغضب شديد.كانت هذه المرة الثانية التي يتشاجران فيها بسبب ورد.صدر سهيل يعلو ويهبط بشدة، وأشار إلى سليمان ساخرا: "ورد زوجتي، سليمان، بأي حق تتدخل في شؤوننا الزوجية الخاصة؟"ابتسم سليمان ابتسامة خفيفة: "أني أحبها، هل هذا سبب كاف؟"وقفت سيدة بسمة جانبا مذهولة.خشيت أن يتفاقم الوضع، فأخذت تهدئ وتقنع سليمان حتى سحبته بعيدا، فعاد الممر ساكنا كالموت.تأمل سهيل زوجته——في أيام قليلة، نحفت كثيرا حتى بدا جسدها هزيلا.غمرت قلبه آلاف المشاعر، وانفلتت من شفتيه كلمة بلا وعي: "حبيبتي ورد."لكنها لم تكن بحاجة إليه، فتمتمت بصوت خافت: "اخرج."أسندت رأسها إلى الزجاج الب
Read more

الفصل 0064

في السابعة مساء، وصلت سيارة سهيل إلى قصر عائلة عباس.توقفت السيارة، فسارع أحد مرافقـي الشيخ لفتح الباب مبتسما: "هذه المرة غضب الشيخ عباس شديد، يا سيد سهيل عليك أن تتحمل وتكظم غيظك، ولا تصب الزيت على النار"نزل سهيل من السيارة، وأغلق الباب خلفه، وتبع الرجل إلى الداخل.استقبله الشيخ عباس في مكتبة المنزل.في مكتب عتيق تفوح منها رائحة العود، تتراقص أنوار الشموع الباهتة، وما إن دخل سهيل حتى أطلق الشيخ ضحكة ساخرة: "ها قد عاد عاشقنا الكبير أخيرا! هل تريدنا أن نستقبلك بزهور وموكب ترحيب؟"لم يتجرأ سهيل على الرد، فانحنى برأسه: "جدي."جلس الشيخ يحتسي الشاي، وعيناه العجوزتان الحادتان تجوبان حفيده كعيني صقر، ثم قال لمرافقيه: "هاتوا لي العصا، سأطبق عليه قانون العائلة!"وما إن أنهى كلامه، حتى دوى من الخارج صراخ سيدة بديعة…تضايق الشيخ، فمشى ليغلق الباب، ثم التفت إلى سهيل قائلا: "انزع ملابسك، أيها الحفيد الثاني!"ابتلع سهيل ريقه، لكنه أطاع، فنزع معطفه، ثم قميصه الأسود.وقال: "القميص لا يجوز أن يتسخ، لقد اشترته لي ورد."رمقه الشيخ ساخرا: "زوجتك اشترته لك؟ إذا فهي أطعمت قلبها لكلب. حسنا، ضربي لك سيكون ث
Read more

الفصل 0065

بعد الزواج، لم تعد ورد ترتدي الفساتين البيضاء، بل استبدلتها ببزات باردة، ترافق سهيل في مختلف مناسبات التجارة، حتى غدت الكنة المثالية لعائلة عباس.ظل سهيل صامتا.وكان الشيخ عباس حكيما، فشعر أن حفيده لا يزال يمكن إنقاذه: "سهيل، فكر جيدا! الحب ليس عقارا ثابتا يبقى ساكنا في مكانه، فالقلوب تتغير وتضطرب."ضغط سهيل على أسنانه: "نصيحتك في محلها يا جدي."فازداد الشيخ غضبا: "انهض، واذهب إلى المستشفى لتكفر عن ذنبك! زوجتك لن تسامحك بسهولة. لديها من المقومات ما يجعلها لا تلتزم بك. قل لي، ما الذي يميزك؟ غير بعض المال القذر، ماذا لديك؟ هذا المظهر؟ هيه، الآن الممثلون الوسيمون يملؤون الشاشات، فافهم الدرس!"أومأ سهيل برأسه.حاول النهوض بصعوبة، فمد أحد المرافقين يده لمساعدته: "انتبه لنفسك."لكن سهيل أبعده، وقال ببرود: "جرح بسيط، لا بأس به."فأطلق الشيخ شخيرا ساخرا: "تبدو صلبا حقا."لم يرد سهيل، بل تماسك ومسح الدماء عن جسده، ثم ارتدى قميصه الأسود مجددا.وما إن ارتدى نصف قميصه، حتى اقتحمت سيدة بديعة الغرفة.وما إن دخلت، ورأت الدماء على ظهر سهيل، حتى تجمدت لحظة، ثم صرخت بصوت حاد: "سهيل!"فزمجر الشيخ عباس غا
Read more

الفصل 0066

سجدت ورد خمسمائة مرة.أحرقت نصوص الدعاء، ثم حاولت النهوض وهي تتمايل، وكادت تسقط لحظة وقوفها.أسرع سهيل ليمسك بها، وكان يظن أنها ستدفعه بازدراء، لكن على غير المتوقع لم تفعل، بل قالت بهدوء: "سأعود الآن."غمر سهيل شعور لا يوصف، كأن شيئا ثمينا عاد إليه، لمجرد أن ورد رغبت في مخاطبته.خارج القاعة الكبرى، كانت تنتظرهم سيارة سوداء فاخرة، لامعة وباهظة الثمن.اقتربت ورد، ولمست هيكلها هامسة: "إذن هذه السيارة هي التي جئت بها."أومأ سهيل بالإيجاب.ساعدها على الصعود، وأثناء ربط حزام الأمان قال بلطف: "ذهبت قبل قليل في زيارة سريعة إلى منزل العائلة، واستبدلت السيارة وجئت بهذه خصيصا. سأوصلك إلى المستشفى، وننتظر معا استيقاظ جدتك."تحدقت ورد فيه مباشرة: "هل تظن حقا أنها ستستيقظ؟"ابتلع سهيل ريقه وقال: "ستستيقظ، لقد سجدت من أجلها مئات المرات، فلا بد أن يرحمها."أراد أن يمسح الدم عن جبينها...لكنها أدارت وجهها جانبا وقالت بصوت بارد: "أريد أن أذهب إلى نهر الأزرق! سهيل، أوصلني هناك، أرجوك."التفت إليها سهيل متفحصا——كانت تبدو غريبة، لكنه لم يستطع رفضها.بعد لحظات، ضغط سهيل على دواسة البنزين، واتجه بالسيارة نح
Read more

الفصل 0067

عند الفجر، استيقظت ورد.وأول ما وقع بصرها عليه، وجه شيخ عباس المفعم بالقلق. وكانت كلماته الأولى: "جدتك استفاقت. لقد رق قلب الله لإخلاصك يا بنيتي، وانتزعها من يد الموت في قلب الليل.""حقا؟"استندت ورد إلى الوسادة، وانهمرت دموعها بغزارة، لم تستطع إيقافها.شد الشيخ الغطاء عليها، وطمأنها: "حقا! لا تتحركي كثيرا، هناك أطباء مختصون وعمة إلى جوارها يعتنون بها، أما أنت يا ابنتي، فيجب أن ترتاحي قليلا، فقد انخفض سكر دمك بشكل مخيف، ولولا وجود سهيل إلى جانبك، لكانت العواقب وخيمة."وما إن قيل: "اذكر القط، يظهر على الفور——"حتى دفع سهيل باب الغرفة ودخل.والتقت عيناه بعيني ورد.حين التقى الزوجان من جديد، غدا كل شيء عصي الوصف، وذكريات الليلة التي أحرقت فيها السيارة بجوار نهر الأزرق لا تزال مشتعلة في الأذهان.وحتى تلك اللحظة، لم يهدأ اضطراب قلب سهيل.بعد برهة، قال بصوت مبحوح: "أتيت للتو من عند جدتك، إنها بخير، فاطمئني واعتني بنفسك."ثم اتجه إلى الحمام.كان يرتدي قميصا رماديا فاتحا، بدا وكأنه قد بدله ليلا. القميص الثمين غلف قوامه المثالي، لكن ما إن استدار، حتى ظهرت بقع دم واسعة على ظهره.لم تستطع ورد إلا
Read more

الفصل 0068

قهقهت سيدة بديعة بسخرية: "وماذا عنك أنت؟ أليست لك فضائح تذاع؟ ناصر، أتظن أنني لا أعلم بخيانتك مع سكرتيرتك؟ خمس عشرة ساعة في اليوم لا تفارقها، لم لا تتزوجها مباشرة؟"وفي ظل ما جرى مؤخرا، لم يعد ناصر قادرا على كتمان امتعاضه من زوجته، فصرح بحدة: "بل كنت أتمنى!"وكادت سيدة بديعة تنفجر غضبا.لكن الشيخ عباس خرج من غرفة المريضة، وحدق فيهما بصرامة: "تعيرين ورد بأنها لم تنجب، فماذا عنكما؟ في ثلاثين سنة لم تنجبا سوى سهيل واحد، ومع ذلك تجدين الجرأة لتعيبي غيرك؟"فما جرؤ الزوجان على مواصلة الشجار.…حل الليل على مبنى المستشفى، فبدت أجواؤه كعالم تكتنفه الأشباح.كان جسد ورد ضعيفا، فما أن تخطو بضع خطوات حتى تضطر لتستند إلى الحائط لتستريح. مد سهيل يده ليسندها، لكنها زجرته بحدة.وقالت: "سهيل، لا تلمسني، فأنت قذر!"عمقت عيناه سوادا، كأنها مغموسة بالحبر.لم ينم منذ ما يقارب ثمان وأربعين ساعة، ركض عائدا إلى مدينة عاصمة، ثم تلقى عقوبة قاسية من الشيخ عباس، وقد بلغ الآن أقصى حد من الإرهاق، لا يستند إلا إلى قوة الإرادة.نظر إليها، وقال بنبرة ترج: "دعينا نؤجل أمرنا إلى حين خروج جدتك من المستشفى، لا نريد أن نزي
Read more

الفصل 0069

انفتح الباب، ودخل سهيل.عرفته ورد من صوته وخطواته، فأدارت ظهرها وقالت بنبرة فاترة: "لا تأت بعد الآن. دموع التماسيح بعد الفعل لا تنفع، فلا أحد يحتاج إليها."اقترب سهيل، محاولا أن يضع يده على كتفها، لكنها تفادت لمسته.توقف يده في الهواء، وبعد صمت طويل قال بصوت منخفض: "لن أطلب الطلاق. ورد، بيننا عهد."ابتسمت بمرارة: "أعرف، أنا وقعت على سنتين.""سهيل، إن كنت مصرا على رفض الطلاق، فسأصبر لعامين، وحينها آخذ المال والأسهم وأرحل. النتيجة لن تتغير."بدت ورد غير مكترثة.قال سهيل بصوت مثقل بالألم: "ورد، ما كان يجب أن نصل إلى هنا."فأجابته برد قاطع: "وما البديل؟ سهيل، غير المال، ماذا تبقى لنا؟"…مع حلول المساء، أرادت ورد العودة إلى شقتها.وما إن خرجت من مبنى المستشفى، حتى رأت سيارة سوداء فاخرة متوقفة جانب الطريق، وبجوارها سهيل، يقف بكبرياء، بين أصابعه سيجارة مشتعلة، وكأنه ينتظرها.تظاهرت ورد بعدم رؤيته، ومشت متجاوزة إياه.لكن سهيل مد ذراعه وأمسك بها، وحدق بعينيه السوداوين العميقتين وقال بصوت خافت: "سآخذك إلى مكان ما."رفضت ببرود: "لا أريد الذهاب."غير أن سهيل لم يمنحها فرصة الرفض، وكعادته، فرض إرا
Read more

الفصل 0070

انتهى العرض، فخرج العازف ليحيي الجمهور، وغادرت ورد.سارت تحت أضواء النيون المبهرة، وفكرت أن الحياة أيضا ستسدل ستارها، تماما كما علاقتها مع سهيل.خلفها، ناداها صوت: "ورد."التفتت ببطء، وزفيرها شكل ضبابا أبيض غطى عينيهما.ومن خلف الضباب، ارتجف صوت سهيل: "هل ما زلت تحبينني؟ ورد، أما زلت قادرة على أن تحبيني؟"قالت بهدوء عميق: "لا أعلم إن كنت ما زلت أستطيع الحب، لكني متأكدة أني لن أحبك أنت، سهيل."سهيل، أحببتك مرة، فاستنزفت كل قوتي.سهيل، أحببتك مرة، فدفعت ثمنا باهظا.سهيل، أحببتك مرة، حتى فقدت ذاتي.سهيل، لم أعد قادرة على الحب!تلاشى الضباب، ورأت عينيه محمرتين بالدموع.وفي اللحظة التالية، ضمها سهيل بقوة إلى صدره.لم يشأ أن يتركها، ولم يشأ الطلاق، فظل يعانقها، مرددا "آسف" في أذنها، ووعدها مرارا ألا يتكرر ما حدث، راجيا أن تمنحه فرصة أخرى.لكن وعود الرجال بدت لورد هزلية.رفعت رأسها تحدق في زوجها، وهمست: "أين كنت يا سهيل؟ يوم اخترت جميلة بدلا من جدتي، ألا تتذكر؟ لقد اخترت عشيقتك!"وصفعته صفعة مدوية بكل ما أوتيت من قوة.ترددت رنة الصفعة في أزقة الليل، كأجراس قديمة لا تهدأ.أدار سهيل وجهه ببطء،
Read more
PREV
1
...
5678910
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status