All Chapters of بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة: Chapter 81 - Chapter 90

100 Chapters

الفصل 0081

لطمة واحدة جعلت أذن جميلة تصم من الطنين.وضعت يدها على وجهها، تنظر إلى شيخ عباس بعدم تصديق، وتمتمت بصوت منخفض: "كيف يمكن هذا؟ ورد لم تعد قادرة على الإنجاب، لقد فقدت قيمتها."لكن برودة وجه شيخ عباس المظلم، كانت أشد قسوة من برد الشتاء.قهقه شيخ عباس بسخرية: "قيمة زوجة سهيل عندي، أترينها محصورة فقط في إنجاب الأطفال؟"فذهل الجميع.فقد كان الشيخ نفسه في الماضي أكثر من يلح عليها بالإنجاب.جميلة لم ترض.ففي صباح العيد، جاءت مرتدية ثوبا خفيفا، ولم يكن هذا ما تريده، فلا بد أن الشيخ لا يصدق.مدت ورقة لشيخ عباس بلهفة، قائلة: "وجدتها في جيب معطف سهيل، إن لم تصدقني فاسأله، لتر إن كان ما فيها صحيحا."فتقدم سهيل، وانتزع الورقة من يدها، ومزقها في الحال.وقال بهدوء: "ليست صحيحة."وكان قلبه حينها معقدا.فتمزيقه للورقة لم يكن لأجل الأسهم، بل لأجل ورد، إذ لم يشأ أن تهان زوجته، فالإنجاب مسألة بينهما وحدهما.صرخت جميلة: "سهيل! لماذا تدافع عنها؟"رمقها سهيل بنظرة جليدية.ثم أدار رأسه، وأمر ببرود كبير خدم القصر: "قيدوها وأعيدوها إلى صلاح وزوجته، ولا تدعوا أحدا بعد اليوم يدخل القصر بلا إذني."فأسرع الخادم يعتذ
Read more

الفصل 0082

قال شيخ عباس من جديد: "نادوها لتأتي إلي."أومأ ناصر برأسه موافقا.خرج من المكتب، وقلبه شديد الاضطراب، فهو كأب يتمنى لابنه السعادة، لكنه بات يدرك أن ورد لم تعد ترغب بالبقاء في عائلة عباس.وفكر مليا، فبغض نفسه لأنه كان كثير الكلام، لا يترك مجالا لأحد.أما في قاعة عائلة عباس، فقد خيم الصمت، يجلس الجميع في أماكنهم دون أن يجدوا شهية للإفطار.دخل ناصر القاعة، ونظر إلى ورد بلطف قائلا: "تفضلي إلى المكتب، الشيخ في انتظارك."فسألت زوجته على الفور: "هل غير الشيخ رأيه؟ سهيل لا يمكن أن يعيش بلا أولاد."فأجاب ناصر بوجه هادئ: "الشيخ قال بوضوح: قد يحدث أن تترك ورد سهيل، لكن لن يحدث أبدا أن يترك سهيل ورد."فجلست أم سهيل متهاوية على الكرسي، بلا حول ولا قوة.ونادى ناصر مرة أخرى بهدوء على ورد لتذهب.لكنها ما إن خطت خطوتين، حتى وقف سهيل بجانبها قائلا: "سأرافقك."فنظر ناصر إلى ابنه بعينين مترددتين: "الشيخ لم ينادك، لقد طلب ورد وحدها."غير أن سهيل أبى أن يستسلم.فأمسك بكف ورد بإصرار، يريد مرافقتها. وكان يشعر في قرارة نفسه أن ورد على وشك اتخاذ قرار مصيري، قرار لا يرغب أبدا في سماعه.شد سهيل على يدها بقوة، راف
Read more

الفصل 0083

حين سمع الشيخ كلام ورد، أدرك أنها اتخذت قرارها، وفهم أن نيتها بالرحيل قد حسمت.لكنه مع ذلك أراد أن يسألها: "وماذا عن سهيل؟ ألن تبقي معه أيضا؟"فأطرقت ورد بعينيها، وقالت بهدوء: "أرى أنه متى ما رضي هو بترك يدي، سنذهب معا ونأخذ شهادة الطلاق."كانت كلماتها واضحة، فما عاد للشيخ طاقة، وشعر أن روحه واهنة.لكنه لم يستطع أن يلومها، فهي لم تخطئ من البداية إلى النهاية، والخطأ كله على سهيل!استجمع الشيخ نفسه، وابتسم ابتسامة باهتة: "فلتختاري مجددا، فلدينا في عائلة عباس شبان آخرون، ربما تجدين بينهم من يعجبك."ابتسمت ورد بمرارة: "يا شيخ!"أطرق الشيخ بحزن: "إني لا أطيق فراقك."وكيف لها أن تطيق؟وهي التي ولدت في بيئة متواضعة، وجدتها هي من التقطتها وربتها، وفي عائلة عباس لم تجد الدفء إلا من هذا الشيخ، دفء لا تجد ما تكافئه به.نهضت ورد، وتقدمت نحو الشيخ، وقدمت له الشاي باحترام.الكوب الأول، شكرا لأربع سنوات من رعايته لها.الكوب الثاني، امتنانا لسعة صدره وصبره.الكوب الثالث، وفاء للمودة التي بينهما، فهي ليست حفيدته، لكنه عاملها كأنها ابنته الحقيقية.…ثم سجدت ورد أمام شيخ عباس.وقالت: "أتمنى لك حياة رغيدة
Read more

الفصل 0084

اخترق نور الصباح الضباب الخفيف، وأشعة الشمس تسللت إلى غرفة النوم.كانت ورد تجهز أغراضها، فلم تحمل معها سوى بعض الثياب للتبديل، ومعها لؤلؤة، ثم تكون جاهزة لمغادرة عائلة عباس.فتح باب الغرفة، ودخل سهيل.فقد كان لتوه قد تشاجر بشدة مع والدته، التي لامته لأنه أخفى أمر ورد، بينما كان يرى فيها قسوة وبرودا.وما إن دخل، حتى رآها منحنية تطوي الغطاء، لا يزال دافئا بحرارة جسديهما من ليلة الأمس، فتقدم منها وعانق خصرها النحيل برفق.لم ينطق، لكن ورد فهمت قصده—أنه لا يريد الطلاق.رأت الأمر سخيفا، لكنها اختارت أن تكلمه بهدوء: "سهيل، انظر كم كنت مهانة في هذا الزواج. اليوم عرف الجميع أنني لا أستطيع الإنجاب، لم يعد بإمكاني البقاء في هذا البيت، ولا أطيق نظراتهم إلي."سألها بصوت مبحوح: "وماذا ستفعلين بعد أن ترحلي؟"فكرت قليلا ثم أجابت: "سأعيش كامرأة عادية. قد أتزوج ثانية، وقد لا أفعل، لكن في كل الأحوال، لن أكون بعد اليوم زوجة سهيل."زاد صوته بحة: "وماذا لو لم يهمني الأمر؟ ماذا لو لم يهمني إن كنت تنجبين أم لا؟"نظرت إليه بدهشة، ثم بعد لحظة لم تصدق.فهو رئيس مجموعة عائلة عباس، لا بد له من وريث. ولم يكن يوما ر
Read more

الفصل 0085

بعد أن ردت ورد بكلماتها، شعرت ببعض الراحة، فاتجهت مباشرة نحو موقف السيارات.ومن بعيد، كان سلام يراقبها بصمت، لا يزال غير قادر على تصديق أن ورد ستتخلى عن عائلة عباس، وعن هذا المسرح الساحر المليء بالمجد والمال.لكن ورد حقا كانت على وشك الرحيل.أما سهيل، فكان ينتظرها في الأسفل، بجانب سيارته الفاخرة التي اعتاد قيادتها.وقف قربها وهو يدخن، وشعاع الصباح يتخلل دخان السيجارة، فيجعل ملامحه الوسيمة تبدو ضبابية وغامضة.وما إن لمحها قادمة، حتى ألقى سيجارته أرضا وسحقها بحذائه الجلدي اللامع.تقدم نحوها، ومد يده ليمسك حقيبتها: "دعيني أحملها عنك."تلامست أصابعهما، وكانت أصابع ورد باردة كالجليد…فلم يتمالك سهيل نفسه، بل غلف يدها بكفه الدافئ، وعيونه السوداء معلقة بوجهها الشاحب، وهمس بصوت خفيض وحنون: "الربيع ما زال باردا، احرصي على أن تبقي دافئة."شعرت ورد أن الموقف بات شديد الغموض، فهما على وشك الطلاق، ولا حاجة لمثل هذا القرب.فسحبت يدها وجلست في السيارة، وقالت بهدوء: "لننطلق إلى شقتي."فهي لا تريد أن تعرف جدتها بما جرى اليوم، حتى لا تقلق عليها.وقد أدرك سهيل ذلك دون أن يسأل، فاكتفى بالضغط بخفة على دواس
Read more

الفصل 0086

تجمد سهيل في مكانه.نظر إلى دموع ورد، ورأى كم بدت حزينة، عندها فقط صدم لاكتشافه أنها في الحقيقة كانت تبالي كثيرا.إنها لم تكن بتلك القوة التي كانت تظهرها.فهي ما زالت في السابعة والعشرين، وقد عاشت معه ما يفوق طاقتها من الأحداث، وما يدين به لها سهيل لا يمكن أن يسدد ولو عاش عمرا بأكمله.ومع ذلك، لم يجد ما يقوله سوى: "آسف."انساب خط من الدموع على طرف عين ورد، فابتسمت بابتسامة شاردة: "سهيل، لا أريد اعتذارك. كل ما أطلبه أن تتركني وشأني. إن كنت صادقا في شعورك بالذنب، فضع توقيعك على الورقة."لكن سهيل لم يقبل أن يوقع. لم يرد الطلاق، فاكتفى بمغادرة الشقة.في الأسفل، لم تتحرك سيارته—جلس داخلها، يمسك سيجارة بيضاء بين شفتيه، وحين هم بإشعالها، خطفت أنظاره مجموعة من الأطفال في البعيد.فاليوم أول أيام العيد، كانوا يلهون بالألعاب النارية، وضحكاتهم البريئة تملأ المكان.أطال النظر إلى وجوههم البريئة، شاردا——فالحقيقة أن ورد كانت تحب الأطفال كثيرا.في كل عيد، كانت تجهز الكثير من العيديات والحلوى لتوزعها على أبناء أقارب عائلة عباس، وهي تبتسم برضا وهي تراهم يأكلون الحلوى ويضعون العيديات في جيوبهم الصغيرة.
Read more

الفصل 0087

ابتسم سهيل بمرارة وقال: "كل ما في الأمر أنني خذلتها في الماضي، ولأنها كانت مريضة باستمرار، فقد اعتنيت بها أكثر، لكن بيننا لم يكن أي علاقة محرمة."كلمات المراوغة هذه لم تعجب شيخ عباس، فرمى بقطع الشطرنج أرضا غاضبا: "إن لم تكن بينكما علاقة، فلماذا تعاملها كأنها إلهة تعبد؟ مرضها خلقت به، لكن مرض زوجتك سببه أنت. فكر جيدا يا سهيل!"أطرق سهيل برأسه وقال: "أعلم ذلك يا شيخ."…في ثاني أيام العيد، تلقت ورد هدية—بطاقة تعريف صغيرة للجرو.قرص فضي صغير نقش عليه الحرفان بالإنجليزية [WS]، في إشارة إلى سهيل وورد، وإلى جروهما الصغير.فكرت ورد بدهشة: سهيل ليس من النوع الذي يفعل أمورا كهذه.لكن خلال الأسبوع التالي، ظلت تتلقى هدايا منه كل يوم، ليست باهظة الثمن، لكنها مليئة بالعناية. ومن بينها عقد رقيق مرصع بالألماس، أحبته ورد بالفعل.لكنها لم تستعمل أيا منها، بل وضعتها جميعا في صندوق.تجنبت لقاء سهيل، وتجاهلته، لكنه لم يفقد حماسه. وفي ليلة ما قبل مهرجان الفوانيس، انهالت عليها مكالماته، حتى اضطرت إلى الرد بحدة: "ماذا تريد بالضبط؟"جاء صوته من الطرف الآخر رقيقا: "غدا مساء هناك حفل استقبال العام الجديد في مد
Read more

الفصل 0088

امتلأت القاعة بمشاعر الشفقة تجاه ورد، فالآن تبين أن الشائعات صحيحة، وأنها فقدت قدرتها على الإنجاب.لكن هذه الشفقة بالنسبة لها كانت أقسى من الموت.فقد خذلها سهيل، والآن تجلد تحت أنظار الجميع، لكنها لم تسمح لنفسها بالانكسار؛ فعلى الأقل أمام الآخرين، وجب أن تحافظ على كرامتها وهيبتها.ثبتت ورد عينيها على مريم، وقالت كلمتها بوضوح——"لا تظني أن إهانتك لي ستجعلني أسحب الدعوى.""بل سأضيف دعوى جديدة ضد عائلتكم، بتهمة انتهاك حقي في السمعة، وسأجعل القاضي يحكم على السيد صلاح بدفع تعويض مالي، وأن يقدم اعتذارا علنيا لي عبر وسائل التواصل الاجتماعي لشهر كامل.""لكنني حقا لا أعلم… هل رصيد سمعتك يكفي لهذا؟"…ارتبكت مريم، وبدأت الندم يتسرب إليها.فقد كانت تخشى أن ينهار اسم زوجها. حاولت التراجع، لكن ورد اكتفت بابتسامة باردة: "انتظري أنت وزوجك استدعاء المحكمة! أعذروني، سأغادر الآن."ظلت مريم تحدق في ظهرها، مذهولة، قبل أن تتمتم: "سهيل، أتسمح لها بأن تهيننا هكذا؟"اقترب سهيل بخطوات ثابتة.وألقى بنظره على صلاح وزوجته.لطالما كان يحترمهما، لكنه لم يتوقع أن يتجرآ على إهانة زوجته علنا. كلماتهما الفظة لم تختلف ع
Read more

الفصل 0089

لحق سهيل حتى مرآب السيارات تحت الأرض.في تلك الليلة، كانت ورد قد قدت سيارة رياضية بيضاء فاخرة، لكن السيارة كانت فارغة تماما، ورد لم تكن بداخلها.جر سهيل باب السيارة، ثم تركه.جلس في سيارته الخاصة، مستعدا للانطلاق والبحث عنها، وقلبه يشتعل قلقا، راغبا بشدة في العثور عليها.وقبل أن يدير المحرك، رن هاتفه، وكانت المكالمة من مدينة النورين .—حسناء حامد.تأمل سهيل الاسم لبضع ثوان، ثم أجاب، فجاءه صوت امرأة ناعم عبر الخط.[سهيل، أعتذر حقا، جميلة سببت لك المتاعب مرة أخرى.][لقد علمت بما حدث الليلة. والداي فقدا أعصابهما وأساءا لزوجتك، وأنا أعتذر نيابة عنهما، أرجوك لا تلمهم، فقد ضحيا كثيرا من أجلي طوال هذه السنوات.][سهيل، لولا أن صحتي كانت ضعيفة في الماضي…]…لم يسمح لها سهيل بإكمال حديثها.قبض على الهاتف بيده، ووجهه الوسيم خال من أي تعبير، نبرته هادئة لكن بلا أي دفء: "سأتولى الأمر. سأغلق الآن."في مدينة النورين، على شرفة مستشفى خاص بجانب الكاتدرائية، وقفت امرأة شابة بثوب أبيض، ممسكة بالهاتف وعلامات القلق تغشى ملامحها.كانت تغوص في تفكير عميق.لم يحدث من قبل أن أنهى سهيل مكالمتها فجأة.لقد أغضبه
Read more

الفصل 0090

همست ورد بخفة: "لقد توقفت عن الألم منذ زمن."قال سهيل بصوت منخفض: "إذا لم تعودي تتألمين، فلماذا جلست تبكين على قارعة الطريق؟ ورد، في الحقيقة يمكنك أن..."قاطعته ورد بسؤال: "هل كنت أبكي في حضنك؟ حضنك ضيق جدا، سهيل."أراد أن يفسر، لكنه في النهاية عدل عن الكلام.لقد فقدت ورد أي ثقة به، والتفسير بات عبثيا، فما الجدوى، خاصة أنه كان صادقا في رغبته أن تعيش بسعادة أكثر، كما قال يوم تقدم لخطبتها—زوجتي ورد ستقف على قمة المجد، لينظر إليها الجميع بإعجاب.وقد تحقق ذلك، أصبحا أرقى زوجين في مدينة العاصمة، لكن يبدو أن هذا الزواج لم يعد قابلا للاستمرار، ورد لم تعد تريده.الحب الذي كان بينهما، تلاشى كله وسط الخيبات.بعد صمت طويل، مد سهيل يده، يمرر أصابعه على أطراف شعرها: "لنعد إلى المنزل."…الليل غامض كالسحر.توقفت سيارة فارهة سوداء أمام عمارة شقق، فك سهيل حزام الأمان، التفت إلى ورد وقال: "سأحملك إلى الأعلى."رفضت ورد، لكنه حملها رغم ذلك، وسار بها بخطى ثابتة نحو مدخل المصعد.تذكرت يوم زفافهما، حين حملها وهوة ترتدي الفستان الأبيض، وسار بها على السجادة الحمراء. يومها كان في أوج شبابه وفخره، وكان هو أكثر
Read more
PREV
1
...
5678910
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status