All Chapters of بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة: Chapter 51 - Chapter 60

100 Chapters

الفصل 0051

كانت ورد ترتدي فستانا أسود، وتحمل كأس نبيذ أحمر في يدها.لقد كانت تراقب منذ وقت طويل.اقترب منها سهيل.رفعت ورد كأسها الرفيع قليلا وأشارت بذقنها:"أمتأكد أنه لا توجد أي مشكلة؟ أخشى أنك قد أهملت السيدة كريمة."حدق سهيل مباشرة في زوجته، وفي عينيه كل جاذبية الرجل الناضج.وبعد لحظة، أخذ الكأس من يدها، ثم انحنى ليطبع قبلة على شفتيها:"سيدة عباس، هل نغادر الآن؟"لم تتمكن ورد من استيعاب الموقف بعد، حتى كان سهيل قد أمسك بيدها، وغادرا سويا.في الحقيقة، كان ذلك نوعا من قلة اللباقة، لكنه أراد أن يفعل ذلك.أضواء الثريات الكريستالية انعكست لتسحب وراءهما ظلا أنيقا وفاخرا...ومن خلفهما، جاء نداء عاطفي من كريمة:"سهيل!"وبطريقة غير متوقعة، ابتسمت ورد. الأمر الذي أثار غضب سهيل، فصب انزعاجه عليها، مثبتا إياها إلى الحائط، ليعاقبها بقبلة متملكة.في ممر الفندق العام، حيث قد يمر أي شخص في أي لحظة، لم تكن ورد لتقبل بذلك؟حاولت أن تتملص قليلا، لكن سهيل أمسك مؤخرة عنقها، وعمق القبلة وكأنه يريد أن يبتلعها بالكامل...طال الأمر حتى استسلمت ورد، لترفع رأسها وتبادل قبلة الرجل.بصوت أجش قال:"هل ترغبين بذلك؟"ارتجفت ورد
Read more

الفصل 0052

في اليوم الثالث من سفر سهيل إلى مدينة السحاب، ذهبت ورد في جولة إلى السوق.في قسم الماركة المفضلة لسهيل من القمصان، اختارت له قميصين بلونين: الأسود والرمادي الداكن. أما القمصان البيضاء، فنادرا ما يرتديها، إذ عادة ما تكون مصنوعة خصيصا له.عند الدفع، ابتسمت موظفة المتجر بلطف وقالت:"سيدتي ورد، ذوقك رائع. الأسبوع القادم سنستقبل دفعة جديدة من التصاميم، أرجو أن تعودي لتتفقديها. السيد سهيل يبدو في غاية الأناقة بملابس ماركتنا."ابتسمت ورد:"بالطبع."عادة ما يكون التسوق باعثا على السعادة للنساء، وورد لم تكن استثناء. بل حتى رغبت أن تدعو السيدة بسمة لتناول فنجان قهوة معها، لكنها لم تكن تعرف إن كانت متفرغة.وبينما كانت تستعد للاتصال، سمعت صوتا مفعما بالفرح:"أختي ورد!"رفعت بصرها——إنها لينة، ومعها شقيقها سليمان.كانت لينة قد نسيت منذ زمن ما جرى في حفل عيد الميلاد تلك الليلة.لقد أحبت ورد كثيرا، لأنها كانت تشتري لها الحلويات، في حين أن الآخرين لم يفعلوا سوى التحذير من زيادة الوزن. وظلت تلتصق بها وتتحدث إليها بمودة بالغة.أما سليمان، فظل ينظر بصمت إلى الكيس في يد ورد، الذي كان يحتوي على قميص رجالي.فج
Read more

الفصل 0053

قامت سكرتيرة ياسمين بترتيب الأمر فورا، ثم طردها رئيسها إلى الخارج.خارج النافذة الممتدة حتى الأرض، كان الليل هادئا.في تلك اللحظة، كان معظم مفعول الخمر قد تلاشى من جسد سهيل، فاتصل بورد، متوقعا أنها لم تنم بعد.وفعلا، ما إن رن الهاتف قليلا حتى أجابت.سألها بصوته المبحوح قليلا:"هل اشتريت القمصان؟""نعم، لكنها قبيحة قليلا."قالتها ورد عمدا، فندر ما يتبادلان مثل هذا الحديث الخفيف، الممزوج بنكهة عذبة بين زوجين.ابتسم سهيل:"أنا واثق من ذوقك."ثم غير مجرى الحديث، وجعل صوته أكثر رقة:"هناك حفل موسيقي مميز. طلبت من سكرتيرة ياسمين أن تحجز لنا مقعدين. عندما أعود إلى مدينة عاصمة، سأرافقك لنحضره معا."غمر الفرح قلب ورد؛ فذلك العازف الذي تحبه منذ ست سنوات، لم تتح لها الفرصة بعد أن تراه مباشرة.حين يعرف الرجل كيف يلامس موضع شغف المرأة، أي قلب لا يلين؟رقت نبرتها قليلا، وهمست:"شكرا لأنك لم تنس، سهيل."كان الليل حالكا كالحبر...وقف سهيل أمام النافذة العالية في الطابق الثاني والثلاثين من الفندق، يتأمل أضواء مدينة السحاب الممتدة، وفجأة اجتاحه الحنين إلى ورد. لأول مرة، لم يفكر في من بمدينة النورين، بل في ز
Read more

الفصل 0054

كان الليل قد انتصف، لكن ورد لم تنم بعد.كانت تكرر في ذهنها كلمات سهيل.قال إنه لم يعرف امرأة غيرها، وقال إنه لن يرى نساء من الخارج بعد الآن، وقال إنه سيتعلم كيف يكون زوجا صالحا.قال: "ثقي بي!"وتحت الضوء الأبيض الساطع، بدت ملامح ورد هادئة وهي تفكر:"يا سهيل، هل أستطيع أن أصدقك مرة أخرى؟"في تلك اللحظة، تجمعت الغيوم السوداء خلف النافذة، وبدأ صوت الرعد الخافت يلوح من بعيد.…في اليومين التاليين، لم يتصل سهيل، وبكبرياء الأنثى، لم تبادر ورد أيضا بالاتصال.في صباح اليوم الثالث، استيقظت ورد باكرا.وعند نزولها لتناول الإفطار، فوجئت بها الخادمة تسألها بدهشة:"سيدتي ورد، هل ستذهبين لزيارة جدتك في المستشفى؟"ارتشفت ورد قليلا من الحليب، وابتسمت برفق:"لا، إنما السيد سهيل سيعود من رحلته، وسأذهب إلى المطار لاستقباله."تهللت أسارير الخادمة قائلة:"ما أروع حب السيد سهيل والسيدة ورد!"لم تعلق ورد، أنهت فطورها، ثم خرجت لتقود السيارة بنفسها إلى المطار.فقد كان بين الزوجين تفاهم قديم، إذ يفضل سهيل السفر بطائرة خاصة تغادر في السابعة صباحا، وتصل إلى مدينة عاصمة حوالي التاسعة، فتوقيت خروج ورد كان مناسبا تماما.
Read more

الفصل 0055

كانت ورد تقود أسرع من غيرها، حتى إنها لم تراع سلامتها.في تلك اللحظة، شعرت كأنها عادت إلى الماضي.إلى عمر الثانية والعشرين، حين كانت تلك الفتاة التي تخوض غمار الحب بشجاعة وحدها!فجأة توقفت سيارة البي إم دبليو البيضاء، حاولت تشغيلها مرات عدة لكنها لم تعمل، فزاد قلقها.فتحت الباب بعد لحظات، ونزلت وسط العاصفة الثلجية لتتفقد السيارة، فهبت الثلوج الباردة كالسكاكين على وجهها، وتسللت إلى عنقها وأطرافها، حتى أخذ جسدها يرتجف من شدة البرد.والأدهى أن السيارة تعطلت، وهاتفها أيضا نفدت بطاريته.والعاصفة الثلجية لا ترحم، ما زالت تهطل بلا توقف...جلست ورد في السيارة قليلا بصمت، ورموشها لا تزال تحمل بقايا ثلج لم يذب، كان الخارج شديد البرودة، لكن ما أقلقها أكثر هو أن سهيل لم يظهر حتى الآن.بعد ثوان، اتخذت قرارها وفتحت الباب من جديد، متقدمة وسط الرياح والثلوج سيرا على الأقدام.تساقطت الثلوج القاسية على جسدها، باردة ومؤلمة، تذكرها بألم تلك الركلة في بطنها ذات ليلة، يوم كانا في أشد فترات الانكسار، حين ضمها سهيل بشدة وقال لها——"يا حبيبتي ورد، لم يبق لنا في هذه الدنيا غير بعضنا!"واليوم، بعد سنوات، ها هي ت
Read more

الفصل 0056

عادت ورد إلى تلال الرفاهية، وكان الوقت قد بلغ الرابعة عصرا.توقفت السيارة السوداء الفاخرة فوق طبقة سميكة من الثلج، عند ساحة موقف القصر الرئيسي.فتحت سكرتيرة ياسمين الباب وساعدت ورد على النزول. كانت تريد البقاء للاعتناء بها، لكن ورد رفضت.وقفت ورد على الدرج، ترفع رأسها لتراقب تساقط الثلوج، وهمست بصوت خافت:“المرأة التي ترهق نفسها في سبيل رجل، لا يكون لها مآل حسن!”لم تسمعها سكرتيرة ياسمين بوضوح، فأرادت أن تسأل مجددا،لكن ورد كانت قد بدأت تصعد الدرجات. ورغم البرد الذي يجمد أوصالها والألم الذي يفتك بجسدها، ظلت مستقيمة الظهر، لا تريد أن تفقد وقارها أمام الآخرين.حتى وإن كان وقارها قد سلب منها على يد سهيل قطعة قطعة.اقتربت الخادمة لتسندها، لكن ورد دفعتها برفق:“أريد أن أصعد وحدي.”رأت الخادمة حالها، فانهمرت دموعها قائلة:“سيدة ورد، ماذا جرى لك؟”شردت ورد قليلا ثم أجابت بهدوء:“لا شيء، لا تقلقي علي. سأصعد لأنام قليلا، ومهما حدث، لا تدعوا أحدا يوقظني.”كانت تخشى أن تفقد سيطرتها على نفسها، أن تفضح مشاعرها.فالآن، لم يبق لها من تماسكها سوى القليل، وبات فقدان هيبتها أمرا لا مفر منه.من أجل سهيل، من
Read more

الفصل 0057

قهقهت سيدة بديعة بسخرية.لكن مهما كان لديها من اعتراض، لم تجرؤ على مخالفة أوامر شيخ عباس.…في عمق الليل، وصل أفراد عائلة عباس إلى فيلا تلال الرفاهية.أتى شيخ عباس محملا بأجود أنواع الأدوية الطبية، ومعه أفضل الأطباء، خوفا من أن تتعرض ورد لأي مكروه.صعد الشيخ عباس متكئا على عصاه، وبصوت غاضب وبخ ناصر:“أين اختفى ذلك الأحمق سهيل؟ زوجته مريضة بهذا الشكل، وهو؟ أفي لهوه أم مات؟ وإن كان قد مات، ألم يكن ينبغي أن نجد له جثة على الأقل؟”انحنى ناصر برأسه، مجيبا بحذر:“لقد ذهب سهيل إلى مدينة النورين.”تجمد الشيخ عباس في مكانه.انعكس ضوء المصابيح على وجهه، فجعل ملامحه تبدو كأنها شاخت عشر سنوات دفعة واحدة.تحركت شفتاه كأنه يريد أن يقول شيئا، لكنه اكتفى في النهاية بزفرة عميقة:“ابحثوا عن وسيلة للتواصل معه.”أومأ ناصر برأسه خاضعا، واعدا ببذل جهده.تلك الليلة، جلس شيخ عباس بنفسه ساهرا إلى جانب ورد، وكأنه يحرس بيت سهيل، لأنه إن أصابها مكروه، تفكك بيت سهيل بالكامل. ومن ذا الذي سيبقى بعد ذلك ليسند كاهل سهيل بحمل عائلة بهذا الحجم؟بين أضواء القصر، تلألأت عينا الشيخ، تلمع فيهما الحكمة.في ساعات الفجر، دخل ناصر
Read more

الفصل 0058

ذاب الجليد في مدينة عاصمة.لكن سهيل لم يكن قد عاد بعد.حين قلبت ورد صفحات التقويم، اكتشفت أنه قد أصبح اليوم الثاني عشر، وأن حفلة عازف الكمان الشهير ستقام هذا المساء عند الساعة الثامنة.فجأة راودتها رغبة شديدة في الذهاب، وحدها.الخادمة في المنزل لم تطمئن، وقالت برجاء: "لقد تعافيت للتو من مرضك، وإذا خرجت وتعرضت للبرد مجددا ستعانين كثيرا."قالت ورد: "سأرتدي معطفا سميكا من الريش."فما كان من الخادمة إلا أن أخرجت من الخزانة ثيابا ثقيلة وألبستها لها بنفسها، ثم ناولتها وشاحا من الكشمير لتدفئة عنقها، وربطته بإحكام قائلة: "دعي السائق يوصلك، وإلا سأضطر لإبلاغ شيخ عباس."وافقت ورد.وبعد خمس دقائق، جلست داخل السيارة السوداء الفاخرة.وبعد أن سأل السائق عن الوجهة، ضغط على دواسة البنزين.غادرت السيارة السوداء ببطء تلال الرفاهية، تاركة خلفها الأضواء المتلألئة، فيما أخذت أضواء النيون في الظهور تدريجيا أمامها.كانت أضواء النيون في أوجها، تملأ السماء بألوان ساحرة.المسرح الكبير في مدينة عاصمة.توقفت السيارة السوداء عند المدخل، فلفت هيكلها الفاخر اللامع الأنظار، وتساءل الجميع: أي سيدة راقية من مدينة عاصمة
Read more

الفصل 0059

قالت بسخاء: "يكفيني أن تعود سالما."كان سهيل ما يزال يريد أن يقول شيئا.لكن ورد أنهت المكالمة، أعادت هاتفها إلى الحقيبة، وأخرجت تذكرتي العرض المتجاورتين.ظلت مطرقة تحدق فيهما طويلا، تتذكر فرحتها الغامرة يوم وصلها الخبر، لتدرك الآن كم كان ذلك سذاجة، ولحسن الحظ أنها لن تكرر ذلك بعد اليوم.وفي النهاية، رمت ورد التذكرتين في سلة المهملات عند جانب الطريق.تلفعت بمعطفها السميك من الريش، وسارت إلى ليل الشتاء البارد.أحيانا، لا يكون الرجل أوفى من قطعة ثياب، فعلى الأقل في ليلة كهذه، تمنحها الثياب شيئا من الدفء.…بعد ظهر مدينة النورين.مجموعة مبان شبيهة بالقلاع شامخة قرب الكاتدرائية، وهي أشهر مستشفى في المنطقة، يضم نخبة أطباء العالم، حيث اعتاد الأثرياء إرسال ذويهم المصابين بأمراض خطيرة لتلقي العلاج هناك.وقف سهيل عند نهاية الممر، يدخن بهدوء.كان يفكر في زوجته في مدينة عاصمة.كانت الشمس مشرقة خارج النافذة، لكن أشعتها لم تخترق الزجاج الجليدي، ولم تستطع تدفئة جسده. أخذ يتساءل: ذلك اليوم حين كانت العاصفة تعصف بمدينة عاصمة، كيف اجتازت ورد الثلوج؟ هل كانت تشعر ببرودة قاسية؟ هل تألمت......ارتعشت أصابع
Read more

الفصل 0060

في يوم العملية، لم يعد سهيل.غضب شيخ عباس غضبا شديدا، ولإظهار مدى تقديره لورد، جاء بنفسه للإشراف، ورافقه نادر وزوجته.حين وصل الوفد إلى المستشفى، كان لابد من القيام بواجب الضيافة، ولحسن الحظ، كانت الخالة بجانب الجدة ماهرة في التعامل مع الجميع، فأدت كل مراسم الأدب والاحترام كما ينبغي.الشيخ عباس، وقد راعى المصلحة العامة، قال: "هذا خطأ سهيل، سأجعله يعتذر لك كما ينبغي لاحقا."لكن ورد لم تعد تكترث.فكل ما أرادته في تلك اللحظة هو البقاء بجوار جدتها، أما سهيل فليدعوه لمصيره.فأفسح شيخ عباس لها المجال، وغادر غرفة المرضى، تاركا ورد مع جدتها وحدهما.كان ضوء المصباح الدافئ ينسكب على شعر الجدة الفضي، اللامع خصلة بخصلة.اتكأت الجدة على وسادة السرير، وقبضت بقوة على كف حفيدتها.لم تكن تخشى الموت، فقد عاشت أكثر عمرها، فما عاد الموت يخيفها؟ إنما كان يؤلمها أن تترك حفيدتها وحدها، كانت تخشى أن تبقى ورد غريبة بلا سند، وأن تخذل.اغرورقت عينا الجدة بالدموع، وهمست تحكي حلم الليلة الماضية: "رأيت والدي يأتي ليأخذني، ممتطيا عربة بيضاء مذهبة، واسعة وفخمة، وكان لا يزال شابا، شعره خال من الشيب، بينما أنا شابتني ا
Read more
PREV
1
...
45678
...
10
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status