Share

إغواء العقاب
إغواء العقاب
Author: جمانة خالد

الفصل1

Author: جمانة خالد
"لماذا لم تطلقي زوجك الفاشل بعد؟"

كانت نورا، مديرة الأعمال، تقف عند مدخل قاعة المؤتمرات في فندق القمة بعد انتهاء حفل الاستقبال الحصري لكبار الشخصيات. جميع الحضور كانوا من نُخبة المجتمع، ولا تستطيع أن تهمل أيًا منهم.

شعرت بهاتفها يهتز في جيبها، وعندما فتحت الرسالة، وجدت هذا النص.

رقم مجهول، لكن الأسلوب مألوف.

تجاهلت نورا الرسالة للحظات، ثم عادت لتركيزها وابتسامتها المهنية بينما كانت تواصل توديع الضيوف، وكان المديح يتدفق من حولها.

"هل يستطيع ذلك؟"

" هل استمتعتِ من قبل؟"

انطلقت من ذاكرتها صور مجنونة وغامضة، بلا أي مقاومة.

اضطربت نورا قليلاً، لكنها أكملت توديع الضيوف حتى النهاية.

مرتديةً بزتها المهنية ذات اللون البيج، أسرعت خطواتها نحو الزاوية، لتصطدم بشخص مألوف.

من الظلال ظهر رجل طويل القامة، غريبٌ ومألوف في آنٍ واحد، بوجهٍ كانت تحبه بجنون في شبابها.

نظر إليها بنظرةٍ ساخرة، عيناه داكنتان كفوهة البندقية.

"لم ترد على الرسالة؟"

بلعت نورا ريقها، ثم قالت: "مرحباً، السيد جاسم." وحاولت المغادرة.

العالم صغير، بعد عام كامل، كيف التقت به هنا؟

لكن بالطبع، فقط يحضر في مثل هذه المناسبات الرسمية.

همّت بتسريح شعرها، محاولةً تجاهله، لكن جاسم أمسك بذراعها فجأةً، نظراته متحدية، وكلماته صادمة.

"متى سيموت زوجك؟"

ذلك الأسلوب الوقح... لا أحد غيره.

رغم مرور كل هذه السنوات، إلا إنه لا يزال يصيبها بالرعب.

انتزعت ذراعها بعنف، وقالت: "هل فقدت عقلك؟"

"نعم." وقف جاسم بثبات، بينما كان المارة ينحنون له احترامًا.

كان وجهه بلا تعابير، لا يبالي بمن يراهما يتشاجران.

ذلك الرجل المتعجرف، الذي كان دائمًا فوق الجميع، عاد ليثير الفوضى في حياتها من جديد.

"أهذه أول مرة تعرفينني؟"

غمرها إحساس مألوف.

بعد لحظات من الذعر، شعرت فجأةً أنها لم تعد تخشى شيئًا.

أدارت وجهها ببرود، وردت على رسالته "لا تشغل بالك، زوجي في صحة جيدة."

"حقًّا؟"

ابتسم جاسم بسخرية: "ما هذه الملابس الرخيصة التي ترتدينها؟ بعد انفصالنا، كيف رضيتِ بهذه الحياة؟ مُخزٍ."

كان قد طلب من مساعده إحضار بدلة فاخرة لها، كصدقة.

"حتى عندما كنتُ معك، كنتُ أشعر بالخزي."

تجمّدت تعابير جاسم.

"اتبعتك في المدرسة الثانوية، ثم تخلصت مني بعد التخرج من الجامعة." نورا، نظرت إليه مباشرةً، "بعد كلّ هذه السنوات، ماذا تريد؟ ألم تجد ضحيّةً أخرى؟"

ابتلع الرجل ريقه، بينما عبر وجهه الوسيم تعبير غامض. كان يحدق في وجهها، ذلك الوجه الذي لا ينسى كيف كان يزهو حين تغمرها السعادة.

"أمرت السكرتير بإحضار الفستان لك..."

لوحت بيدها ببرودة "لا حاجة لي به. ثمين أكثر مما أستحق."، "لدي عملاء بانتظاري، سأمضي الآن يا سيد جاسم."

أمسك جاسم أصابعها بقوة.

لقد انتزعتهم نورا واحداً تلو الأخر.

عقد حاجبيه وهو ينظر إليها، وبصوت خفيف: "على الأقل أخرجيني من القائمة السوداء."

لم ترد نورا، وحين حررت يدها أخيراً، همت بالمغادرة.

تكلم وهو قابض على أسنانه: "ألا يزعج زوجك ذلك الوشم الذي يحمل اسمي؟"
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • إغواء العقاب   الفصل100

    "أنا..." ارتعش صوت نورا من الذعر، "كيف أصبحتَ أنت هنا؟""ولماذا لا أكون هنا؟" توهج الغضب في عيني جاسم الوسيمتين، "أن تستيقظي وتنادي اسم صديقي المقرب، ما هذا؟ هل حقاً حدث شيء بينكِ وبين وسيم؟" قبل أن تتمكن من الرد، أمسك بوجهها بين يديه، "لماذا كان اسم وسيم على شفتيكِ؟" "ظننتُ أنه كان معي..." "وإذا كان هو؟ هل كنتِ ستستسلمين له أيضاً؟" بلغ الغضب ذروته في جاسم، حتى أنه نسي تفسير سبب حضوره بدلاً من وسيم، كل ما يشغله الآن هو أنها نادت اسم غيره. "نورا، هل تجرأتي على السماح لآخر بلمسكِ؟" "أنت مجنون!" دفعتْه بعيداً بعينين محمرتين، "لقد تم تخديري البارحة، وسيم هو من أحضرني، ظننتُ أنه..." توقفت فجأة، "انتظر، هل قبضوا على من فعل هذا؟" نظر إليها جاسم بتفحص. ضحكت نورا بسخرية، "الجماع معكِ مقزز أكثر من وسيم، لو كان الخيار بينكما، لاخترته." "كرري ذلك!" اشتعل غضب جاسم. بعد ليلة من الصراخ والبكاء، تستيقظ لتقول إنه أسوأ من وسيم! يكاد يريد أن يقتلها! "أتحب أن تسمعها؟ يمكنني أن أقولها كل يوم، وأغير الأسماء، اليوم وسيم، غداً ياسر، وبعد غد قائد." إنها تعرف كيف تُغضبه! مجرد سماع

  • إغواء العقاب   الفصل99

    "وماذا أفعل إذًا؟" صرخت نورا وهي تحاول نزع فستانها، "أشعر بالاختناق، يا وسيم، أنا..."أمسك وسيم يديها بقوة، وعندما التقت أطرافهما، ارتعشت نورا وقال: "هل تعرف من فعل هذا؟"قال وسيم دون تفكير: "أليست سارة؟""مستحيل." نفت نورا بينما تواصل خلع ملابسها، انفصل عقلها الواعي عن جسدها المسكون بالدواء."لا يمكن أن تكون هي...""ولماذا لا؟ توقفي عن لمسي، هل تعرفين كيف تفكين ربطة العنق؟" سعل وسيم، وظهرت تفاحة آدم في عنقه بوضوح، "لا تخنقيني.""بالطبع أعرف." بكت نورا، "جاسم علمني."غضب وسيم ودفعها على السرير: "جاسم مجدداً، دائماً جاسم."أصبحت رؤية نورا ضبابية، أشعل الدواء جسدها حتى كادت تفقد القدرة على الكلام، عيناها تفيضان بالدموع.لا تعرف إن كانت من تأثير الدواء أم بكائها.قالت: "لا يمكنك استغلالي هكذا، رغم أنك تساعدني الآن، يجب أن...""أعطيكِ مقابلاً، أعرف..." قال وسيم وهو يحاول فك حزامه بغضب، "أنتِ امرأة..."انتظرت نورا أن يكمل."غير منطقية!" صرخ، "لم أرَ في حياتي امرأة غير منطقية مثلكِ، لقد تم تخديركِ، أحدهم يحاول إيذائكِ!"لم تعد نورا تسمع شيئاً، شعرت بجسد وسيم الثقيل يعلوها، أنفاسها تتصاعد.صو

  • إغواء العقاب   الفصل98

    قال وسيم: "لكنكِ كنتِ حبيبة جاسم من قبل.""نعم، لذلك كنتُ غبية." بدت عينا نورا تفقدان التركيز مجدداً، "كنت ضحية في سلسلة الغذاء، كان عليّ أن أعرف أنه لا يوجد غداء مجاني، كان الأفضل أن أطلب المنفعة المباشرة مثلك."طلب الحب كان الطلب الأكثر كلفة.في اللحظة التي همّ فيها وسيم بالرد، لاحظ احمراراً غريباً في أذنيها، فانتفض: "نورا، هل أنتِ..."لكنها أغلقت عينيها وضغطت خدها على كفه البارد، "إنه منعش."انقطعت أعصاب وسيم فجأة.كيف لهذا أن يحدث؟ حاول إبعادها عن السرير، لكنها سقطت في حضنه بلا قوة، كالقطّة الصغيرة، تتمايل بين ذراعيه وتتمتم: "وسيم، أشعر بالحرارة، هل أصبت بالحمى؟""أنتِ..." تحركت تفاحة آدم في عنقه، بينما كانت الأفكار تتسارع في رأسه. عندما حاول رفعها، انزلق جسدها الناعم بين ذراعيه، وبدأت تفرك رأسها بصدره.يا نورا، لماذا تظهرين هذا الجانب الآن؟ أهذه دعوة واضحة؟عندما لمس صدرها الملتهب، شعر بقطرات عرق باردة تسري على ظهره.هذا ليس طبيعياً، هناك خطب ما.بصوت متغير، سحبها بعيداً: "هل شعرتِ بشيء غريب في الشمبانيا؟"قالت وهي تترنح: "متى أتيح لي شرب الشمبانيا؟ في الحفلات، كنتُ أحفظ بقايا الط

  • إغواء العقاب   الفصل97

    ظلت نورا منبطحة على السرير بلا حراك. وسيم الذي اعتاد رؤيتها بهيبتها وبرودها، وجد الموقف مسلياً. تلك المرأة التي طالما بدت أنيقة لا تُمس، ها هي الآن مثل طفلة صغيرة. "هل يمكنكِ الالتفاف؟" سألها وسيم بعد أن مسح دموعها. أجابت متلعثمة: "ساعدني." انفجر وسيم ضاحكاً، قلبها كأنه يقلب بيضة في المقلاة، ثم وضع يده على كتفها كصديق قديم: "أتشعرين بضغطي؟" "كادت أصابعك تخترق كتفي." "آسف، أنا أقوى مما أبدو." حدق في وجهها المحمر، "سأغادر حالما تتحسنين." "تبني لنفسك صورة الرجل النبيل." قالت بصوت أجش، "لو كنت حقاً لا تريد إزعاجي، ما كنتَ اختارتني مرافقةً وأنت تعلم أن جاسم سيأتي." يا لها من ذكيَّة."بالضبط." أغمض وسيم عينيه مبتسماً، "أردت إثارة غضبه." كان يعلم أن جاسم سيأتي.فقد صرخ حمود في المجموعة أن "الأخ جاسم فقد صوابه وسيحجز طائرة خاصة إلى دبي". كانت خطته محكمة: 1- جمال نورا سيضفي عليه هيبة. 2- يختبر مدى تعلق جاسم بها. "أنتِ ذكية جداً." "شكراً." كانت عيناها لا تزالان رطبتين، "هذا صحيح." "هل أمدح صدقكِ أم غروركِ؟" تنهد وسيم: "آسف لاستخدامكِ كأداة." "إذن ادفع لي." كانت

  • إغواء العقاب   الفصل96

    عندما التفت جاسم مجدداً نحو نورا، وجدها ترتجف وهي تتجه نحو وسيم، تمد ذراعها المرتعشة: "أعطني... كأساً."قال وسيم بقلق: "هل تستطيعين الشرب؟""يجب أن أشرب لأهدأ." عيناها محمرتان وهي تهز رأسها، "لا أريد أن أكون هكذا، أشعر بالخجل هذا ليس أنا الحقيقية..."تنهد وسيم وأعطاها كأس الشمبانيا، وقال مازحاً: "هل تريدين قصبة لشربه؟""أنت وغد." ارتعش صوتها، فهي تعاني من فرط التنفس عند التوتر. من لا يفهم حالتها قد يظن الأمر مضحكاً، لكن فقط من يعانون يعرفون مدى الألم.راقب جاسم المشهد بعينين معقدتين، حاجباه معقودان.شربت نورا الشمبانيا دفعة واحدة، ثم طلبت كأساً آخر، وأخذت حتى كأس وسيم.كانت الكحول تخدر أعصابها المتوترة.وسيم الذي أراد يوماً رؤيتها خارج السيطرة، ها هو يحقق أمنيته.لكن الثمن كان رؤيتها تتألم بسبب جاسم.قال وسيم بمكر: "لابد أن القهوة الصباحية على معدة فارغة سببت هذا، انظري كيف ترتعش يديكِ، حساسية من الكافيين."قهوة الصباح تتسبب بهذا في المساء؟ لكن من الواضح أنه كان يحاول صرف انتباهها لمساعدتها على تخطي النوبة.كانت بالكاد تمسك الكأس الرقيق بيديها المرتعشتين، وقالت: "أريد العودة للحفل.""

  • إغواء العقاب   الفصل95

    كيف لم يُعاملها كحبيبته؟ أراد جاسم أن يجيبها، لكن الكلمات علقت في حلقه. طوال تلك السنوات، هل عاملها حقاً كحبيبة؟ أم أنها كانت مجرد دمية متعة له؟ كانت نورا مجرد وجهها الأبيض الناعم، ساقيها الطويلتين، خصرها النحيل، ومتعة في سريره... كانت هذه الأفكار الدنيئة قد خطرت له من قبل، بينما كانت عيناها تنظران إليه بحب. "زواجي من حازم خطأ؟ أن أكون سيدة حازم أفضل ألف مرة من أن أكون لعبتك." "تجرؤين على مقارنتي به؟" قال جاسم بفظاظة: "هل الحياة مع ذلك الفاشل ممتعة لهذا الحد؟ هو لا يستطيع حتى إسعادك في السرير، أما أنتِ فتتمسكين به ككلبة جائعة، فقط لأجل المال." وقفت نورا تحدق فيه بعينين واسعتين، ثم تراجعت خطوة للوراء، كأن قلبها تجمد فجأة. "لا تطمعي في أكثر مما تستحقين." كان صوته قارساً، "أستطيع أن ألعب بكِ حتى الموت. لا تظني أنكِ صرتِ جزءًا من عالمنا فجأة، وتستطيعين التلاعب بالرجال كيفما تشائين." "هل لديكِ حتى مقعد على الطاولة؟" اخترقت كلماته روحها. كل هذا الكفاح، كل هذا التسلق، لم يكن في عينيه سوى نكتة. "ليست لديك سوى هذه الحياة لتجازفي بها، ولا تكفي إلا لمرة واحدة، أتظنين أن

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status