Short
الزفاف الذي لن يكتمل أبدا

الزفاف الذي لن يكتمل أبدا

By:  البرتقاليCompleted
Language: Arab
goodnovel4goodnovel
17Chapters
270views
Read
Add to library

Share:  

Report
Overview
Catalog
SCAN CODE TO READ ON APP

خطيبي دانتي دي روسي هو وريث عائلة المافيا في مدينة الشروق، كان يحبّني حبًّا عميقًا، لكن قبل زفافنا بشهر فقط، أخبرني أنّ عليه، بناءً على ترتيبات العائلة، أن يُنجب طفلا من صديقة طفولته المقرّبة. رفضتُ ذلك، لكنه لم يتوقف عن الإلحاح يومًا بعد يوم، ويضغط عليّ. قبل الزفاف بنصف شهر، وصلتني ورقة من عيادة تحمل نتيجة فحص حمل. وعندها أدركت أنّها حامل منذ قرابة شهر. تبيّن لي حينها أنّه لم يكن ينوي الحصول على موافقتي أصلا. في تلك اللحظة، استيقظتُ من وهمي، وأدركتُ أنّ سنوات حبّنا لم تكن سوى سراب هشّ. ألغيتُ الزفاف، وأحرقتُ كلّ الهدايا التي قدّمها لي، وفي يوم الزفاف نفسه، غادرتُ بلا تردّد إلى إيطاليا لمتابعة دراساتي العليا في الطبّ السريري، وتولّيتُ رسميًا مهمّة خاصّة مع منظمة الأطباء بلا حدود، قاطعة كلّ صلة لي بعائلة المافيا. ومنذ ذلك اليوم، انقطعت كلّ الروابط بيني وبينه... إلى الأبد.‬

View More

Chapter 1

الفصل 1‬‬‬‬

قبل شهرٍ واحدٍ من زفافي على دانتي دي روسي، أصرّ على أن يُنجب طفلا من صديقة طفولته المقرّبة.

رفضتُ، لكنه كان يكرّر الطلب كل يوم، ويضغط عليّ خطوة بعد أخرى، وكأننا نتفاوض على صفقة لا بدّ من إتمامها.

حتى جاء قبل أسبوعين من موعد الزفاف، حين وصلتني طرد مجهول الهوية.

كان يحتوي على تقرير فحص حمل صادر عن عيادة خاصة في المنطقة الشرقية الراقية في مدينة الشروق.

وكان مكتوبًا عليه بوضوح:

إيزوبيل دي لوكا، حامل في الأسبوع الخامس واليوم الثالث.

في تلك اللحظة، أدركت تمامًا أنه لم يكن ينوي يومًا أن يستشيرني.

لقد اتخذ قراره مسبقًا، وكل ما فعله أنه أبلغني أنا، "الخطيبة الرسمية"، بما قرّره فحسب.

جلستُ أمام النافذة الزجاجية في شقتي، أحدّق في صخب المدينة، بينما تسلّل البرد إلى جسدي.

في اليوم التالي، ألغيتُ حجز قاعة الزفاف، مزّقتُ بطاقات الدعوة، وأحرقتُ كل الهدايا التي قدّمها لي، من خاتم الخطوبة إلى كلمات نذره التي كتبها بخط يده.

وفي يوم الزفاف، لم أذهب إلى الموعد، بل صعدتُ وحدي إلى الطائرة المتجهة إلى إيطاليا، إلى ميلانو، حيث انضممت رسميًا إلى "المركز الطبي الدولي"، لأبدأ مسيرتي البحثية في الطب السريري.

ومنذ تلك اللحظة، انقطعت كل صلة بيني وبين دانتي دي روسي.

"لقد شرحتُ لك الأمر مرارًا، إيزوبيل لم تعد قادرة على الصمود، سرطان نخاعها العظمي في مرحلته الأخيرة."

"الأطباء قالوا إن أمامها عامًا واحدًا على الأكثر."

"آخر أمنيةٍ لها أن تترك خلفها طفلا يحمل دم عائلتها."

"أنا مدينٌ لها بحياتي... هذا ليس مجرد امتنان لإنقاذ شخصي، بل هو امتداد لروابط الشرف بين عائلتين من المافيا."

وقف دانتي أمامي، قال لي بصوت هادئ كما اعتاد دائما، لكن كلماته كانت كالسكاكين تخترق قلبي.

قبل خمس سنوات، في شوارع مدينة الحديدية، اندلع قتال بين عائلة دي لوكا وتجار المخدرات في مدينة المرافئ، أُصيب دانتي برصاصة، وتلقّت إيزوبيل الطلقة بدلا عنه. ومنذ ذلك اليوم، أصبحت في نظره "ملاكا يمشي على الأرض".

لكن ما لم أفهمه هو:

هل يُسمّى هذا حبّا أن تضحّي بي لتردّ لها الجميل؟

قال محاولا إقناعي: "إنها مجرد عملية تلقيح صناعي، لن يكون بيننا شيء... فقط طفل يحمل دمها."

ثم توقّف لحظة، ونظر إليّ بعينين متردّدتين: "أنتِ تحبّينني، أليس كذلك؟ إن كنتِ تحبّينني فعلا، فعليكِ أن تفهميني وتساعديني."

نهضتُ بغضب، وارتجف صوتي وأنا أصرخ: "دانتي، سنُعقد قراننا الشهر القادم! ومع ذلك، جعلتَ امرأةً أخرى تحمل طفلك من وراء ظهري! ماذا أكون أنا إذًا؟"

صمتَ.

وفي لحظة انكسار نظره إلى الأرض، رأيت في عينيه لمحة تردّد، مزيجًا من الذنب والحساب.

لكن في الثانية التالية، استعاد هدوءه، وقال بصوتٍ منخفضٍ حاسم: "نينا، هذا ليس أمرًا يخصّني وإيزوبيل فقط—إنه اتفاق بين العائلتين."

"عندما تفاوضت عائلة دي روسي مع عائلة دي لوكا، توصّلوا إلى اتفاق يقضي بأن إنجابنا لطفل سيُنهي العداء المستمر منذ عشر سنوات بين العائلتين."

"ولا يمكنني أن أتمرّد على قرار العائلة بأكملها."

نظرتُ إليه، وشعرت فجأة بأنني أمام رجل غريب.

رغم أننا نشأنا معًا منذ الطفولة، من الحي الشعبي في مدينة الشروق إلى كلية الطب في مدينة الشروق، كنتُ معه في كل مرحلةٍ من حياته.

كنا نملك حبّا نقيّا، خاصّا بنا وحدنا.

لكن الحقيقة أنه لم يقف يومًا إلى جانبي حقًّا. كنتُ بالنسبة إليه "الخطيبة المناسبة" فقط: أنيقة، هادئة، ذكية، تعرف حدودها. امرأةٌ تليق بوريث عائلة دي روسي أمام الناس.

أما الفتاة التي يحتفظ بها في قلبه منذ الطفولة، فهي ليست أنا. إنها تلك التي كانت تلعب معه بمسدسات الماء منذ أن كانا في الخامسة، ابنةُ العائلة العدوّة، الفتاة التي، رغم وقوفها في صفّ الخصوم، ظلّ يحتفظ بها في قلبه سرًّا.

هل يحبّني؟ ربما.

لكن ما إن توضع العائلة، والسلطة، والوفاء، وصديقة طفولته المقرّبة في كفّةٍ أخرى من الميزان، سأكون دائمًا أول من يُضحّى به.

أراد أن يقول شيئًا، لكن رنّ هاتفه فقطع الموقف.

توجّه سريعًا نحو الشرفة ليردّ، وقد تغيّر صوته إلى نبرة دافئةٍ منخفضة.

لم أسمع ما قاله الطرف الآخر، لكنّي رأيت ابتسامة رقيقة ترتسم على شفتيه.

تلك الابتسامة، لم أرها موجّهة إليّ منذ زمن طويل.‬
Expand
Next Chapter
Download

Latest chapter

More Chapters
No Comments
17 Chapters
الفصل 1‬‬‬‬
قبل شهرٍ واحدٍ من زفافي على دانتي دي روسي، أصرّ على أن يُنجب طفلا من صديقة طفولته المقرّبة.رفضتُ، لكنه كان يكرّر الطلب كل يوم، ويضغط عليّ خطوة بعد أخرى، وكأننا نتفاوض على صفقة لا بدّ من إتمامها.حتى جاء قبل أسبوعين من موعد الزفاف، حين وصلتني طرد مجهول الهوية.كان يحتوي على تقرير فحص حمل صادر عن عيادة خاصة في المنطقة الشرقية الراقية في مدينة الشروق.وكان مكتوبًا عليه بوضوح:إيزوبيل دي لوكا، حامل في الأسبوع الخامس واليوم الثالث.في تلك اللحظة، أدركت تمامًا أنه لم يكن ينوي يومًا أن يستشيرني.لقد اتخذ قراره مسبقًا، وكل ما فعله أنه أبلغني أنا، "الخطيبة الرسمية"، بما قرّره فحسب.جلستُ أمام النافذة الزجاجية في شقتي، أحدّق في صخب المدينة، بينما تسلّل البرد إلى جسدي.في اليوم التالي، ألغيتُ حجز قاعة الزفاف، مزّقتُ بطاقات الدعوة، وأحرقتُ كل الهدايا التي قدّمها لي، من خاتم الخطوبة إلى كلمات نذره التي كتبها بخط يده.وفي يوم الزفاف، لم أذهب إلى الموعد، بل صعدتُ وحدي إلى الطائرة المتجهة إلى إيطاليا، إلى ميلانو، حيث انضممت رسميًا إلى "المركز الطبي الدولي"، لأبدأ مسيرتي البحثية في الطب السريري.ومنذ
Read more
الفصل 2‬‬‬‬
كنت أعلم، إنها إيزوبيل.التفتُّ نحو التقرير الطبي على الطاولة، تقرير فحص الحمل، وكان التاريخ عليه يعود إلى خمسة أسابيع مضت.وفي ذلك اليوم قبل خمسة أسابيع، اختفى دانتي طوال الليل.قال لي حينها إنه ذهب إلى ولاية الرافدين لمعالجة مشكلة في خط تهريب الميناء.لكن الآن، أدرك أنه كان برفقتها، ليُجري معها تلك العملية التي سمّوها "استمرار السلالة".اتضح أنني كنت مُستبعدة من خططهم منذ البداية.كل ما أرادوه هو أن "أعلم"، لا أن "أوافق".كنت أترقب يوم الزفاف، أحلم بأن أمسك بيد دانتي وندخل معًا قاعة الزواج.لكن الآن، كل تلك التوقعات تلاشت كفقاعة هواء، اختفت دون أن تترك أي أثر.في تلك اللحظة، اهتزّ هاتفي فجأة، قاطعًا أفكاري.جاءني صوت أختي في الدراسة، صافيا من الطرف الآخر من الخط.قالت: "نينا، أعلم أنك ستتزوجين، لكنني أود أن أسألك مرة أخرى، ألا تفكرين بالانضمام إلى مستشفانا للعمل؟""أنتِ أفضل طالبة موهوبة لدى الأستاذ، وهو دائمًا يتمنى أن تكوني ضمن فريقنا الطبي.""وبما أنك ستتزوجين قريبًا، قال الأستاذ إنه يمكنه أن يمنحكِ استثناءً خاصًا: تعمَلين شهرين ثم تحصلين على نصف شهر إجازة، لتقضي بعض الوقت مع زوجك
Read more
الفصل 3‬‬‬‬
في تلك الليلة، لم يعد دانتي إلى المنزل، ولم أتصل به لأعرف أين هو.كنت قد رأيت منشوراتها في إنستغرام الخاص بإيزوبيل.بعد خروجهما من المستشفى في فترة الظهيرة، ذهبا مباشرة إلى منزل إيزوبيل ليخبرا عائلتها بخبر الحمل.في الصورة، كانت جدّة إيزوبيل تمسك بيد دانتي بلطف وتتحدث معه، بينما كانت يده الأخرى تلامس بطن إيزوبيل برقة، وعلى وجهه ابتسامة دافئة غير مألوفة.خمس سنوات مضت ونحن معًا، ولم يعد دانتي إلى منزلي إلا مرة واحدة بعد أن وافق على خطبتي.رغم أن المسافة بين منزلينا لا تتجاوز نصف ساعة، إلا أنه لم يزر أهلي من تلقاء نفسه قبل ذلك قط.كان يقول إنه لا يحب الجلوس مع الكبار في السن، وإنه يشعر بعدم الارتياح بينهم.حتى في تلك الزيارة، كان تصرفه مجرد مجاملة لا أكثر، بعيدة كل البعد عن الدفء الذي أراه في الصور مع عائلة إيزوبيل.أغمضت عينيّ، وكتمت مرارة قلبي، ثم أغلقت هاتفي.في اليوم التالي، التقيت ببعض الأصدقاء وأخبرتهم أن حفل الزفاف قد أُلغي.كان دانتي قد قال من قبل إنه لا يحب حفلات الزفاف، ويرى أنها مجرد طقوس فارغة بلا معنى.وبإلحاحي وافق أخيرًا على إقامة حفل صغير يضم العائلة المقربة وبعض الأصدقاء
Read more
الفصل 4‬‬‬‬
"لا تذهبي غدًا لالتقاط صور الزفاف."نظرتُ إلى التقويم الموضوع على الطاولة، وتحت تاريخ الغد كانت مكتوبة بوضوح عبارة "صور الزفاف".لم أفهم لماذا قرر دانتي فجأة إلغاء جلسة التصوير، لكنني كنتُ في الأصل أنوي التخلّي عن هذه الزيجة. حتى لو لم يقل شيئًا، كنت سأجد عذرًا لإلغاء التصوير. والآن بعدما بادر هو بذلك، وفّر عليّ العناء وجعلني أشعر بالارتياح.أومأت برأسي بهدوء وقلت بنبرة ثابتة:"حسنًا، سأتصل بالمصوّر وأخبره بإلغاء الجلسة."ما إن أنهيت كلامي حتى بدا الارتباك على وجه دانتي، وكأنه لم يتوقع أن أوافق بهذه السهولة.تجمّد لوهلة ثم حاول إخفاء توتره قائلا:"لا، لا حاجة للإلغاء."ثم تابع: "إيزوبيل قالت إنها ربما لن تتزوج أبدًا، وتريد أن تلتقط معي صورة زفاف، فقط لتشعر أنها تزوجت مرة في حياتها، كي لا تبقى في نفسها حسرة.""دعي إيزوبيل تلتقط الصور معي غدًا، وسنقوم نحن لاحقًا بإعادة التصوير."كان صوته هادئًا، وكأنه يتحدث عن أمر عادي تمامًا، كما لو كان يسألني عمّا سنأكله اليوم. تمامًا كما فعل قبل شهر حين أخبرني بأنه سيجري عملية تلقيح صناعي مع إيزوبيل، وكأنه يطلب رأيي، بينما في الحقيقة كان قد اتخذ قراره
Read more
الفصل 5‬‬‬‬
مرّ أسبوع آخر، ولم يعد دانتي بعد.لكنني كنت أعرف دومًا ما الذي يفعله، فبوجود إيزوبيل التي لا تترك شيئًا دون نشره على إنستغرام، من الصعب ألا أعرف.كانا يذهبان معًا إلى الينابيع الساخنة، ويشاهدان البحر، ويلتقطان صورًا عند شروق الشمس...وفي إنستغرامي، رأيت دانتي مختلفًا تمامًا عمّا عرفته من قبل.اكتشفت أنه يمكنه أن يتصرّف كأي رجلٍ يعيش قصة حبٍ عادية.أما أنا، فلم أكن عاطلة عن العمل في تلك الأيام. فالبيت كان مليئًا بالأشياء، واستغرقني الأمر عدة أيام حتى أنهيت تنظيفه تمامًا.ثم وجدت وقتًا للعودة إلى منزل والديّ، وأخبرتهما أنني ذاهبة إلى معهد الأبحاث الطبية في ميلانو، وأنه سيكون من الصعب التواصل معهما في الفترة القادمة.تفاجأ والدي قليلا وقال: "ألم تكوني على وشك الزواج من دانتي؟ ألن يعني ذلك أنكما ستعيشان بعيدين عن بعضكما؟"أما والدتي فأمسكت بيدي بقلق وقالت: "فكّري جيدًا يا نينا، لقد وصلتِ مع دانتي إلى هذه المرحلة بصعوبة. أخشى إن ذهبتِ لتتابعي أبحاثك الطبية، أن يرفض هو الأمر، وربما يُلغي الزفاف وينفصل عنك..."كنت أفهم تمامًا قلق والديّ.فقد رأيا مدى تعلقي بدانتي طوال هذه السنوات، وأدركا في ا
Read more
الفصل 6‬‬‬‬
في اليوم الخامس من العدّ التنازلي، قدّمت استقالتي إلى المستشفى.كنتُ قد تخلّيت عن فرصة متابعة دراساتي الطبية لأجل أن أكون مع دانتي، واخترت أن أسير على خُطاه، فأصبحت طبيبةً مشرفة في أحد مستشفيات المنطقة المركزية في مدينة الشروق، وبقيت في هذه المدينة التي كانت يومًا ما تزدهر بالحياة.عندما علم زملائي باستقالتي، بدت الدهشة واضحة على وجوههم.قال أحدهم: "لماذا قرّرتِ الاستقالة فجأة يا نينا؟"وأضاف آخر ممازحًا: "قبل أيام فقط كنتِ توزّعين علينا حلوى الزواج، هل قرّرتِ أن تصبحي ربّة منزل متفرغة؟"احتضنتُ الملف بين ذراعيّ وابتسمتُ بهدوء وهززت رأسي."لا، تمّ إلغاء الزفاف."وحين عدتُ إلى المنزل وفتحت الباب، رأيت دانتي وإيزوبيل يجلسان على الأريكة يتحدثان بصوتٍ منخفض، ولم أره منذ أسبوع.نظر دانتي إلى الملف في يدي وسألني دون تفكير: "لماذا تحملين هذه الأوراق؟"فأجبته عفويًا: "بعض الملفات غير الضرورية، أحضرتها لأتخلّص منها."أومأ دانتي برأسه وألقى نظرة في أرجاء المنزل، وقال بنبرةٍ متسائلة: "لم أغب سوى أسبوع، لكن يبدو أن أشياء كثيرة اختفت من هنا."وضعتُ الملف في غرفة النوم وأجبت بهدوء: "فقط رتّبت بعض ال
Read more
الفصل 7‬‬‬‬
ما إن أوصل دانتي إيزوبيل إلى السيارة، حتى سمع آخر كلماتي.أدركت أنه لم يسمع ما قلته قبل ذلك، فاختلقت عذرًا سريعًا: "صديقتي ستغادر بعد فترة قصيرة."أومأ دانتي برأسه دون أن يسأل أكثر.في اليوم الرابع قبل الرحيل، عاد دانتي ومعه صور زفافه مع إيزوبيل.كان يمسك الهاتف بيد ليتحدث معها عبر الفيديو، وباليد الأخرى يحمل الإطار ليُريني الصور، وعيناه مملوءتان بالحنان.قال مبتسمًا: "إيزوبيل، أخيرًا حصلنا على صور الزفاف، قال الموظفون إننا كنا رائعين في التصوير."كنت أخرج من المطبخ لأملأ كوبًا من الماء.لمحت في عينيه لمحة من الارتباك، وكأنه أراد أن يقول شيئًا.نظرت إلى الصورة بابتسامة باهتة وقلت: "نعم، جميلة فعلا."كنت قد دفعت مبلغًا كبيرًا للمصور في ذلك الوقت، فقط لألتقط أجمل لحظة مع دانتي.في خيالي، كان من المفترض أن تكون تلك الصور مليئة بحلاوة حبّنا. دانتي ببدلته الأنيقة، وسيم وجذّاب، الرجل الذي كان يومًا أحبّ شخص إلى قلبي.الفرق الوحيد أن العروس في الصورة لم تكن أنا.تجمّد دانتي في مكانه.أدرك فجأة أنني منذ مدة لم أبدأ أي حديث معه، حتى عندما سافر مع إيزوبيل في عطلة أسبوع، لم أرسل له أي رسالة.شعر
Read more
الفصل 8‬‬‬‬
حين سمعتُ دانتي يوجّه إليَّ كلماته العشوائية دون تمييز، لم أتمالك نفسي من الابتسام.قلتُ ببرود: "أنا أعتذر؟ اذهب وشاهد تسجيلات المراقبة بنفسك، وستعرف من الذي يكذب فعلا!"تجهم وجهه، وعيناه تضيقان بعدم تصديق: "إيزوبيل مريضة، وهي أيضًا حامل، أتظنين أنها كانت ستتعمد أن تسقط من الدرج؟"لمعت في عيني إيزوبيل نظرة ارتباك، ثم قالت بصوت ناعم: "اترك الأمر يا دانتي، من الطبيعي أن تغضب نينا... فلنذهب."أدركتُ أنها خافت أن يذهب ليراجع التسجيلات، فتظاهرت بالضعف ووضعت يدها على بطنها.وفعلا، تغيّر وجه دانتي فجأة، فاحتضنها وغادر مسرعًا.تلك الليلة، لم يعد إلى البيت. خمنتُ أنه مشغول بالاعتناء "بإيزوبيل صاحبة الحمل المضطرب".في اليوم التالي، أرسلتُ أمتعتي إلى سكن كلية الطب، ولم أترك سوى حقيبة يد للسفر.وفي المساء، عاد دانتي، ولا تزال ملامحه مشبعة بالغضب.قال: "إيزوبيل ما زالت في المستشفى، حتى لو لم تفعلي ذلك عمدًا، ألا يمكنك أن تكوني أكثر تسامحًا؟ لماذا تصرين على الجدال معها؟"ابتسمتُ، لكنها كانت ابتسامة باردة كالجليد.لقد كنتُ متسامحة بما يكفي. تسامحتُ إلى حد أنني تركتُ خطيبي لها، وإلى حد أنني سمحتُ لها
Read more
الفصل 9‬‬‬‬
تراجع دانتي خطوة إلى الخلف، وعيناه تومضان كأن شفرة حادة قد مرت أمامهما، يحدّق بذهول نحو مدخل الفندق.الزفاف... أُلغي.أضافت الموظفة بصوت منخفض جملة أخرى: "نينا هي التي ألغته."تجمّد وجه والدة دانتي على الفور، وأمسكت بذراعه بقوة قائلة: "ما الذي يحدث؟! اليوم يوم الزفاف، أين هي؟ ألم يتم الاتفاق على كل شيء منذ فترة؟"ضاق حلق دانتي، وبعد لحظة طويلة تمتم بصوت مبحوح: "لا أدري..."يده التي تمسك بالهاتف كانت ترتجف. اتصل بها.—بيب... الرقم الذي طلبته لا يجيب حاليا.لقد أغلقت هاتفها.هبط قلبه إلى الهاوية، وانطلق بجنون نحو الشقة، ليجدها خالية تماما.الأريكة نظيفة كأن أحدا لم يجلس عليها قط.في الحمّام لا أثر لصندوق أدويتها، وخزانة الملابس فارغة نصفها. حتى الصورة التي كانت على طاولة الطعام لهما معا اختفت.تجمّد في مكانه.لقد رحلت دون أن تترك شيئا، كأنها اختفت من هذا البيت... ومن عالمه تماما.على التقويم كُتبت بخط واضح كلمتان:"دانتي، لننفصل."دوّى صدى الكلمات في رأسه كانفجار، وسقط على الأريكة، وأذناه تطنّان.انفصال؟ لماذا؟كان من المفترض أن يتزوجا اليوم، ألم تكن تنتظر هذا اليوم أكثر من أي شيء؟إذن..
Read more
الفصل 10‬‬‬‬
بعد بضع ساعات، حطّت الطائرة في ميلانو. قبل أن أنزل، وصلتني رسالة من زميلتي السابقة تخبرني أنها خافت أن أضيع في مكان لا أعرفه، فرتّبت أن يأتيني أحد لاستقبالي.عند بوابة الخروج المزدحمة، نظرت حولي مرارًا، ولم أرَ أحدًا يحمل لافتة باسمي. كنت على وشك إخراج هاتفي للاتصال، حين سمعت صوتًا يناديني من خلفي:"أيتها الأخت نينا!"تجمّدت في مكاني، والتفتّ، فرأيت شابًا مفعمًا بالحيوية والنقاء يتقدّم نحوي.قلت مترددة: "عذرًا، أنت...؟"أظهر ملامح مصدومة متظاهرة بالحزن، لكن عينيه كانتا تضحكان: "خمس سنوات فقط، وها أنتِ لم تعودي تتذكرين أخاك الصغير؟"تلك الملامح المرهقة من السهر على تحليل البيانات قبل خمس سنوات، مع عينيه المحمرّتَين من الإرهاق، بدأت تتضح في ذاكرتي. خرج الاسم من فمي دون تفكير: "تيم؟"ابتسم وأومأ، ثم أخذ حقيبتي بخفة قائلا: "هيا بنا، الأستاذ ينتظرك في المستشفى، وقد طال انتظاره لك."توقفت لحظة. قبل خمس سنوات رفضتُ رجاء الأستاذ بالبقاء، وسافرت مع دانتي إلى المنطقة المركزية في مدينة الشروق. وها أنا أعود بعد خمس سنوات، لا بدعوة من الأستاذ، بل بسبب مكالمة من زوجته.نعم، إيزوبيل أخبرتني بنفسها أن
Read more
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status