هذه الحركة… جعلتها تتذكر شخصا ما.لكن في لحظة، ترك الرجل أذنها وضحك قائلا: "أنا أريد المال، وأريد النساء أيضا... طالما أنك تعطيني ما يكفي، فسأهديك ذلك الفيديو أيضا كهدية."كانت ليان غارقة في الخوف،قبل قليل عندما عض أذنها، ظنت أنه كريم.فكرت في أيامها معه، عندما كانا يلتقيان سرا بعيدا عن فادية، وفي لحظات الشغف كان لا يتوقف عن العض الخفيف في أذنها،ويهمس في أذنها بلا توقف بأنه يحبها.وقال إنه حين يتزوج من فادية ويحصل على مجوهرات نادية جبران، فسوف يتخلى عنها، ثم يتزوجها هي علنا وبشكل مشرف.لكن الرجل تطرق فجأة إلى موضوع الفيديو.فاسترجعت ليان وعيها فجأة.ربما لأنها أرادت التخلص من هذا التهديد بسرعة، سرعان ما طردت أفكارها من ذهنها وقالت: "إذن، أخبرني الآن، أين وضعت ذلك الفيديو؟""وضع في…" أخبرها كريم بمكانه.وكان بالضبط ذلك الفندق الذي خدعها إليه في المرة الأولى.شعرت ليان ببعض الارتياح في قلبها.فيما بعد، كان كريم يطلبها مرة بعد مرة، وكأنه لا يشبع أبدا.فجأة خطرت فكرة في ذهن ليان.هي لم تر ملامح هذا الرجل من قبل، وأرادت أن ترى وجهه.منذ أن راودها اسم كريم قبل قليل، وهي لم تستطع طرده من قل
كريم يطلق تنهيدة باردة في قلبه.سواء في الماضي أو الحاضر، في عيني ليان، لم يكن سوى قطعة شطرنج تحرك كيفما شاءت.ما إن تذكر ما مر به من قبل، فاشتدت برودة نظرته، حتى ضغط بيده أكثر على ذقنها، تاركا آثار أصابعه واضحة."آه، مؤلم…"تألمت ليان قليلا، شعرت أن ردة فعله كانت مبالغا فيها.هل لأنه يرى الأمر خطيرا ولا يريد المساعدة؟لكنها في هذه اللحظة لم يكن أمامها سوى التمسك به، فهو الوحيد الذي يمكنها استغلاله.لم تستطع رؤية ملامحه بسبب غطاء عينيها، لكنها شعرت بوضوح بيده التي تمسك بذقنها. وحين خفف قبضته قليلا، تعمدت أن تداعب يده بخدها."أنا مجرد امرأة، لا أستطيع فعل ذلك، لذلك أنت وحدك تستطيع مساعدتي، وستساعدني، أليس كذلك؟"مع أنها كانت تتحدث عن أمر يتعلق بحياة أو موت،إلا أن نبرتها البريئة جعلت كلماتها كأنها طلب رقيق من حبيب، كأنها تسأله إحضار باقة ورد أو هدية صغيرة.كريم حدق فيها طويلا.وفجأة رسم ابتسامة هادئة على شفتيه، ضاحكا بصمت.ساد هدوء ثقيل في الجو.انتظرت ليان جوابه.ولما كادت تظن أن محاولتها في الإغواء لن تجدي نفعا، دوى صوته المنخفض فجأة:"مساعدتك ليس أمرا مستحيلا."فشعرت ليان بالارتياح ي
حين تمكنت فادية من العثور على يوسف، رأته واقفا وظهره إليها وهو يتحدث بالهاتف.كان يبدو وكأنه يدير عن بعد بعض شؤون مجموعة الهاشمي في العاصمة.انتظرت فادية وقتا طويلا، يتلقى مكالمة تلو أخرى، وعندها أدركت أن يوسف، بصفته الحفيد الأقرب والأكثر ثقة لدى الشيخ الهاشمي،لا يقتصر دوره على إدارة مجوهرات الهاشمي فحسب،بل يشرف أيضا على سائر ممتلكات العائلة وأعمالها.إنه رجل مشغول دوما، ورغم ذلك، منذ أن تعرفت عليه، كان دائما يوليها عنايته، بينما هي نادرا ما فكرت في أحواله أو أظهرت له اهتماما.وفي هذه اللحظة…الشيء الوحيد الذي تستطيع فعله هو ألا تزعجه وألا تزيد من أعبائه.غادرت فادية بهدوء.وبينما كانت تخرج من مبنى دار الأيتام ذي طابقين، فجأة، اقتحم ظل ما مجال رؤيتها."إنها هي!"نعم، تلك العجوز التي رأتها من قبل!لم تتردد فادية، ورأت العجوز تتوغل في زقاق غير بعيد، فسارت خلفها بسرعة. لكنها عندما وصلت هناك، لم تجد أي أثر لها.بدأت تبحث في كل مكان.وبينما هي تتساءل عن مكان الشيخة، إذ سمعت صوتا مكبوتا مليئا باللذة.فانفجرت رأس فادية بالدهشة.فهي امرأة ناضجة، وقد خبرت مع مالك أمورا لا تليق بذكرها.لذلك عر
كانت فادية اليوم سعيدة بشكل واضح للعيان.يوسف لم ير ابتسامتها هكذا منذ زمن طويل، شعر بارتياحها، ورغب أن يترك لها حرية هذا الارتياح.على المنحدر، نبتت زهرة حمراء برية صغيرة وسط الأشواك، متفتحة بجمال لافت.قطفت فادية تلك الزهرة بسهولة، وكانت تنوي أن تعود بها وتهديها للشيخ الهاشمي، لكن فجأة وصلها صوت إلى مسامعها."مالك…"تعرفت فورا أن ذاك صوت جنى.كانت جنى تنادي مالك.فادية لم تكن تنوي الالتفات، لكن قدماها كأنهما التصقتا بالأرض.رفعت رأسها، فرأت ظهر جنى وهي تخفض رأسها قليلا وأحيانا تلمس خصلات شعرها برقة، مثل امرأة عاشقة تخاطب حبيبها بكلمات غرامية."أمس شربت كثيرا، أغلق هاتفك، استرح قليلا، نعم، وأنا أفتقدك أيضا، حين أعود سألقاك، نعم، في مكاننا المعتاد."فادية لم تسمع سوى صوت جنى.لكن حتى بذلك وحده، استطاعت أن تتخيل ما يقوله الآخر.أيضا…يا لها من كلمة "أيضا" !لم يمض وقت طويل منذ أن جاءا إلى مدينة الياقوت، ومع هذا صار لهما "المكان المعتاد"!فجأة انقبض قلب فادية، وشعرت بألم في صدرها للحظة.لكن سرعان ما أدركت وفكرت بمرارة وابتسمت بسخرية من نفسها.لقد أهدى تلك الخاتم لجنى، وجنى ورغم كونها حفي
ارتسمت ابتسامة جانبية على شفتيه، تكشف عن شر دفين بلا أي مواراة."تسألينني أين أنا؟ هل تريدين المجيء للبحث عني؟" وصل صوت ضحكة منخفضة من الرجل إلى أذن ليان.من غير الممكن أن تكون ليان قد قصدت البحث عنه.لكن هذه اللحظة، كانت بحاجة إليه."أريد أن أراك."تعمدت ليان أن تستخدم نبرة صوت رقيقة متدللة، كالطعم في انتظار أن تبتلعه السمكة.تخللت لحظة صمت الطرف الآخر من الهاتف، ثم تبعها ضحكة ساخرة: "ها… هاها، تريدين رؤيتي؟ ألا يكون هذا فخا نصبته لي بانتظاري هناك؟ أم علي أن أصدقك، أنك تشتاقين إلى جسدي؟"ظهرت في ذهن ليان صور مشوشة مثقلة بالخجل،فشدت قبضتها خفية."سأعطيك عنوانا، تعال، حينها سأكون لك، لن تحتاج أن تسقيني شيئا، سأفعل كل ما تريد، وإن لم تأت، فسأعتبرك جبانا."لم تعد ليان تلتفت الكلام.فهذا الرجل، في كل لقاء، كان يحبسها بين يديه على السرير.وهي واثقة أن جسدها كان بالنسبة له إغراء.وفعلا، انبعثت من ضحكته نبرة الشهوة: "العنوان… انتظريني!"وأغلق الهاتف.ظهر العنوان سريعا على هاتف الرجل.أمسك عجلة القيادة، يتأمل العنوان ببطء وسخرية: "حبيبتي لولو، لم يخطر ببالك أنني وصلت منذ زمن، أليس كذلك؟!"ومن
يتحقق لها كل ما تتمناه…شعرت فادية بقلبها يهتز.كل كلمة سمعتها جعلتها تدرك مقدار حب الشيخ الهاشمي لابنته.في تلك اللحظة، تمنت لو أن ربى ما زالت على قيد الحياة، لعل الأب وابنته يجتمعان حقا وجها لوجه.ربى الخالدي…ظل الاسم يتردد في عقل فادية.وفجأة تذكرت تلك الجدة التي التقتها قبل قليل، وشعرت بقوة خفية في قلبها تدفعها لأن تفعل شيئا ما.لكن ماذا يمكن أن تفعل؟بين شرودها لم تنتبه لتلك النظرات الحاقدة المسلطة عليها.يتحقق لها كل ما تتمناه…هاه!عضت ليان على شفتيها بغضب خفي.فادية تحقق لها كل ما تريد، أما هي؟هي من ستصبح الشخص الذي تتحقق له كل أمانيه كل ما يطلب يتحقق، وأما فادية…نظرت إليهما نظرات حادة كالخنجر، وبعدما كانت قد استعجلت العودة لتستعيد بريقها، التفتت وغادرت.انطلق ضحك الشيخ الهاشمي العالي المليء بالحيوية خلفها.من الواضح أن حالته الصحية في السابق لم تكن بخير، بل كانت متدهورة، حتى أن ليان ظنت أنه بعد سقوطه من على جسر الممر، إن لم يمت فالجسد لن يقوى بعد ذلك.لكن ما لم تكن تتخيله أن حالته الجسدية والذهنية في الفترة الأخيرة ازدادت حيوية ونشاطا."الوصية…"إن كان الشيخ الهاشمي يريد حق