Masukبفطنة الصحفيين، أدركوا فورا أن هذه الفتاة التي تحمل بيديها رماد الشيخ الهاشمي ليست شخصية عادية، وأن من يكشف هويتها سيظفر بخبر ضخم.وفجأة، اندفع الجميع حاملين الكاميرات والميكروفونات نحوها.ورغم وجود الحراس لحفظ النظام، إلا أن المشهد بدأ يزداد فوضى."آنسة، هل لي أن أسألك: ما صلتك بالشيخ الهاشمي؟ ولماذا أنت من تحملين رماده؟""آنسة، بعد وفاة الشيخ الهاشمي، هل ستشاركين في نزاع الميراث مع عائلة الهاشمي؟ وهل حملك للرماد بهذه الطريقة العلنية يعني أنك حصلت على اعتراف مجموعة الهاشمي؟ هل تحاولين إيصال رسالة ما إلى الرأي العام؟"توالت الأسئلة كالسيل الجارف.أما فادية، فكانت ترتدي نظارة شمسية، لم تلتفت إلى أحد، ولم تبد أي نية للإجابة.كان يوسف يحميها بحرص شديد، وهي تسير بخطوات ثابتة نحو بوابة قصر عائلة الهاشمي.فما إن تعبرها، حتى تغلق الأبواب في وجه كل تلك الأضواء والعدسات.لكن الحاضرين لم يكونوا ليفرطوا بها بسهولة.وخاصة عندما رأوا السيد الأكبر لعائلة الهاشمي، يحمي تلك المرأة كما لو كان حارسا شخصيا، ازداد فضول الجميع حول هويتها.اصطف الحراس ليمنعوا الصحفيين من الاقتراب من عائلة الهاشمي.وبينما كا
"لا تظن أنني لا أعرف ما يدور في ذهنك!" قالت الحاجة الراسني وهي تلقي نظرة حادة على جاد، وقد خفت نبرتها فجأة لتصبح أكثر برودا.كانت حسابات جاد واضحة بالنسبة لها.إذا أصبحت ابنة عائلة النجدي زوجة مالك، وهذا بلا شك سيساعده على العودة إلى مركز السلطة في مجموعة الراسني.تجمد جاد لحظة، ثم تظاهر بالبراءة: "أمي...""لا تقل أمي وأمي، مجموعة الراسني قد أصبحت بيد مالك، فلا تفكر في طرق ملتوية. ما يجب أن تفعله الآن هو أن تؤدي عملك جيدا وتساند مالك في موقعك، لا أن تراقب حياته الخاصة."تابعت الحاجة الراسني كلامها بصرامة.فهي لا تسمح لأحد أن يقوم بما يضر عائلة الراسني.لا يملك جاد قدرات مالك، لكنه يظل طامعا ومليئا بالطموحات.صمتها لا يعني أنها غافلة.ألقت نظرة باردة عليه، ثم نهضت متجهة نحو الدرج.لكن جاد لم يستسلم، فاليوم جاء تحديدا ليدفع نحو زواج بين عائلة الراسني وعائلة النجدي. قبل قليل كانت الحاجة راضية جدا عن عائلة النجدي.فلماذا غيرت موقفها فجأة؟وحين وصلت إلى مدخل الدرج، قال جاد بسرعة: "أمي، وماذا عن زواجنا من عائلة النجدي...؟"توقفت الحاجة عن السير.فكرت لحظة وهي تعقد حاجبيها، ثم قالت: "سمعت أن
نظر إلى ساعته وقال: "عمي الثاني، إن كان لديك ما تقوله فادخل في الموضوع بسرعة."الحسم والسرعة!اعتاد مالك أن يكون حازما وسريع القرار، والحاجة الراسني تعرف طبعه جيدا.كانت تدرك أنه غاضب بسبب الرجال الذين أرسلهم جاد إلى المطار، فقالت له بنبرة عتاب: "أدعوك للحضور، ألا يمكن أن يكون السبب أنني اشتقت إليك؟ ذهبت إلى مدينة الياقوت دون أن تخبرني، كنت أظن أنك ستبقى هناك شهرين لا أكثر ثم تعود، لكنك تركتني هنا في العاصمة، لا تسأل ولا تهتم، أليس هذا قسوة منك؟"في عائلة الراسني كلها، كانت الحاجة الراسني الأقرب إلى مالك.هي في الثمانين من عمرها، ما زالت قوية الذهن، لكنها تبقى في النهاية امرأة مسنة.لينت نبرة مالك فجأة وقال: "جدتي، الأمر متعلق بالعمل."العمل...ارتبك مالك، واهتز بريق عينيه قليلا.فهو وحده يعلم أن سبب بقائه في مدينة الياقوت لم يكن العمل، بل فادية.حتى عودته إلى العاصمة كانت بسبب فادية.وبمجرد أن خطر بباله أنها الآن في العاصمة، شعر بلهفة شديدة لرؤيتها.لكن أمام جاد، لم يكن أمامه سوى كتمان شوقه.ومع ذلك، التقطت الحاجة الراسني خيطا من الحقيقة، فهي تعرف أن حفيدها هادئ الطبع وبارد المشاعر، ل
تمت إعادة رفات الشيخ الهاشمي إلى العاصمة ليدفن هناك.رافقت فادية الرحلة، وحين هبطت طائرتها، كان الطائرة الخاصة لمالك تهبط في المطار أيضا."سيدي، وردت رسالة من قصر عائلة الراسني القديم، يطلبون عودتك فورا." قال رائد وهو يسرع الخطى خلف مالك.سبب عودة السيد إلى العاصمة هو من أجل السيدة.لكن لم يتوقع أن تصل أخبار قصر عائلة الراسني القديم بهذه السرعة، فما إن نزل من الطائرة حتى علموا بقدومه.مالك عقد حاجبيه، وبلا كلمة أظهر تجاهله التام لرسائل قصر عائلة الراسني القديم.حتى خطواته لم تتوقف لحظة.بعد أن ركب السيارة وأمر رائد مباشرة: "إلى عائلة الهاشمي."جاءت فادية إلى العاصمة من أجل جنازة الشيخ الهاشمي، ومن المؤكد أنها موجودة في قصر عائلة الهاشمي."حسنا، سيدي." أجاب رائد مطيعا.لكن ما إن خرجت السيارة من المطار، حتى ظهرت قافلة فاخرة من كل الجهات، وحاصرت سيارة مالك.بعد ذلك، رن هاتف مالك.وكان المتصل قصر عائلة الراسني القديم.تجهم مالك، يعرف جيدا ألاعيب من هناك، ولم يكن ينوي الرد، لكن ما إن أنهى المكالمة حتى جاءه اتصال من الرقم الخاص للحاجة الراسني.تردد لحظة، ثم أجاب."ماذا؟ هل أصبحت مستقلا لدرجة
اعتذار؟لقد انحنت رأسها حتى لامست الأرض، فماذا يعني الاعتذار بعد ذلك؟سلمى اعترفت بهزيمتها.ثم التفتت نحو صورة الشيخ الهاشمي وصندوق رماده وقالت: "الشيخ، سامحني."لكن كلماتها خرجت بلا أي إحساس.فادية لم ترض بذلك وقالت: "أعيديها!"عضت سلمى على شفتيها وقالت من جديد: "الشيخ، سامحني!"إلا أن نبرتها بقيت باردة ومتهاونة.فادية عقدت حاجبيها وقالت: "أعيديها!""أنت..."كانت سلمى تدرك أن هذا الاعتذار إن لم يرض فادية فلن يكون أمامها إلا الخضوع، فتنفست بعمق وحدقت في صورة الشيخ الهاشمي.هذه المرة التقت عيناها بعينيه في الصورة.وفجأة عادت إلى ذهنها تلك اللحظة حين تبناها الشيخ وأدخلها إلى عائلة الهاشمي.حينها كان الزوجان قد فقدا ابنتهما، ولتخفيف ألم السيدة الهاشمي على فقدانها، تبنياها.وفي عائلة الهاشمي، غمراها بالحب والحنان، حتى شعرت أنها أسعد يتيمة في العالم.حتى بلغت الثامنة عشرة، كانت حياتها مليئة بالسكينة.لكن في ذلك اليوم اكتشفت صدفة أن عائلة الهاشمي لم تتوقف يوما عن البحث عن ابنتهم الحقيقية. عندها تسلل الخوف إلى قلبها.خافت أن تكون ابنة العائلة ما زالت على قيد الحياة، وخافت من اليوم الذي سيجدون
بلا وعي تقريبا، أغمضت سلمى عينيها.لكن حتى وهي مغمضة الجفون، شعرت أن المشبك في يد فادية لا يبعد عن جفنها سوى شعرة.لو فتحت عينيها الآن، ربما كانت فادية ستغرسه مباشرة في بؤبؤها.في خضم الخوف، جاءها صوت فادية من فوق رأسها: "اسجدي واعتذري للجد!"النبرة الباردة كأنها صادرة عن رسول من جحيم.عضت سلمى على أسنانها، ورغم رفضها، اضطرت أن تتنازل: "سأسجد… لكن أبعدي هذا أولا…"ثم أضافت بسرعة وكأنها لم تكتف: "وأيضا، اتركيني… وإلا كيف يمكنني أن أسجد؟!"كانت تظن أن فادية لن تستجيب،لكن على غير المتوقع، تركتها.نالت سلمى حريتها، لكنها لم تفكر أصلا في أن تسجد وتعتذر. غير أن عينيها وقعتا على صورة الشيخ الهاشمي، فشعرت وكأنه يحدق بها مباشرة."اسجدي!"جاء صوت فادية مجددا.نظرت سلمى إلى الحاضرين، فوجدت في عيونهم لوما وانتظارا.وكأن كل تلك النظرات تخبرها: إن لم تسجدي، فلن يتركك أحد هنا بسلام.لحظة تردد، ثم رضخت.جثت على ركبتيها، وانحنت برأسها أمام صورة الشيخ الهاشمي وصندوق رماده، وضربت جبينها بالأرض ثلاث مرات سريعة، ببرود شديد وكأنها تؤدي واجبا بلا قلب.قطبت فادية حاجبيها.أتريد الخداع بهذا الشكل؟مستحيل!"لا





![زوجتي الحبيبة: [سيد عبّاد، لقد غازلتك بالخطأ!]](https://acfs1.goodnovel.com/dist/src/assets/images/book/43949cad-default_cover.png)

