Share

الفصل 6

Author: أَلُوت
بعد تناول العشاء، ذهبت كاترين وألبرت لحجرة الدراسة لمناقشة المشاكل الحالية.

"ألبرت، لقد راجعت المعلومات التي أرسلها لنا المحامي الخاص بك، وللأسف، ليس لدي أخبار سعيدة. لقد هرب شريكك المزعوم بالملايين كما وأضر بواحدة من أكثر العائلات أهمية ببلادك، مما يجعل الأمر صعبًا للغاية."

"ما الذي تقترحي علي فعله؟ لم يبق لي الكثير، يمكنني أن أسلم نفسي لأتجنب كل تلك المشاكل."

"لا يا ألبرت، لا أقترح أن تسلم نفسك، الحقيقة أننا ليس بوسعنا فعل الكثير حتى نجد الجاني الحقيقي."

"إذا، ما الذي يجب علينا فعله برأيك؟"

"لقد قمت بتحليل الاحتمالات، وتوصلت لخيارٍ واحدٍ ولكنه لن يعجبك."

"وما هو؟"

"عائلتنا تملك بعض الأملاك الغير معلن عنها، ففكرت أنك ربما قد تمكث هناك على الأقل حتى نتمكن من تحديد مكان شريكك. أعلم أنهم بمجرد أن يصلهم خبر مغادرتك للبلاد فسيبدأون بالبحث في كل مكان، ولا أعرف كم من الوقت سيستغرقهم الأمر حتى يكتشفوا علاقتك بنا."

"إذًا فما تقترحيه هو أن نذهب إلى إحدى ممتلكاتك؟"

"أعتقد أن أهم شيء هو سلامتك وسلامة عائلتك، وبإمكاني حمايتكم ولكنني لا أريد أي مخاوف لا حاجة لها."

"أفهمك، وأعلم أنني أسبب لك الكثير من المتاعب، وأعلم كذلك أن مساعدتك لنا تضعك في خطر."

"إنه ليس بالأمر الجلل، فعائلتي تستطيع وتعرف كيف تحمي نفسها، ولكن أنت يا صديقي العزيز تقلقني بشأنك، وكذلك أقلق على حفيدتك. أبناؤك بأمان بالفعل، ولكن ما زال علينا أن نضعك وإياها بمكانٍ آمن."

"لم أعتقد أبدًا أنني سأجد نفسي في مثل هذا الموقف."

"لا داعي للندم الآن يا ألبرت، ولإخراجك من هنا، يجب علينا فعل ذلك اليوم."

"أتفهم الأمر، ولكن هناك ما أريد أن أطلبه منك."

كان ألبرت يفكر في الأمر طوال حديثهم، ولم يكترث ما إن انتهى به الأمر بالقبض عليه أو إن خسر كل شيء، ولكن الأهم بالنسبة له وأشد ما آلمه كانت ماري التي ربما تتعرض للأذى أو للسجن لشيءٍ لا ذنب لها به.

"أريدك أن تعتني بحفيدتي."

"ماذا؟ ماذا تعني؟"

"ماري صغيرة جدًا، وقد أخافتها بالفعل فكرة الهرب من البلاد بتلك الطريقة، ولم أعطها حتى فرصةً لتذهب لقبر والدتها لتوديعها. لا أريد لها أن تخوض المزيد، كتنقلنا من مكانٍ لآخر، وتجنبنا اكتشاف هوياتنا."

"أنا أفهم ما تعنيه، وأنت تعلم جيدًا أنني سأكون سعيدة باعتنائي بها، ولكن... هل ستقبل؟"

"أنا أعلم انها لن تقبل، ولكن لا خيار لدينا، فلطالما ألقى والدها عليها اللوم لموت والدتها ولم يعاملها يومًا برفق، وأنا هو ملاذها الآمن الوحيد، ولكنهم أبنائي كذلك، ومهما كانت قراراتهم خاطئة، لا يمكنني التخلي عنهم."

"أنا أعلم يا ألبرت، وأفهم تمامًا ما تعنيه! لا تقلق! ستكون في يدٍ أمينة، وأنت تعلم جيدًا كم أردت أن تكون لي ابنة، ولكن الحياة لم تعطني تلك الفرصة، والآن أنت تمنحني فرصة أن تكون لي حفيدة. سأعتني بها من كل قلبي، وسأفعل ما بوسعي لأتأكد أنها ستكون دائمًا بأمانٍ وسلامٍ هنا."

"أعلم أنك ستفعلين ذلك، فأنت الشخص الوحيد الذي أثق به رغم اننا لم نلتق منذ سنوات."

"هكذا سيكون الأمر إذًا يا صديقي العزيز!"

وبدون نقاشاتٍ أخرى، طلبت كاترين من العاملين لديها أن يصطحبوا ألبرت لمكانٍ آمن، ولكن ليس قبل أن تسمح له بتوديع حفيدته بصمت.

دخل ألبرت غرفة ماري، وترك لها رسالةً قبل أن يطبع قبلةً رقيقةً على وجنتها، وغادر إلى وجهته غير المعلومة محاولًا عدم الالتفات للوراء.

في الصباح التالي، تسلل شعاع ضوء من خلال الستائر، وأيقظ ماري. تفاجأت حين وجدت ورقةً بجوارها، واتسعت عيناها حين رأت أنها كانت ظرفًا عليه اسمها. ففتحته وبدأت تقرؤه.

(عزيزتي،

أعلم أن تلك ليست الطريقة المثلى للقيام بذلك، ولكنني أعلم أيضًا أنني في حال أخبرتك وجهً لوجه، فستتشبثين بي كما فعلت حين كنت طفلة، ولن تدعيني أغادر.

الأمور ليست على ما يرام، ولا أريدك أن تتنقلي من مكانٍ لآخر معي، ولهذا طلبت من كاترين أن تعتني بك. أعلم أنها سوف تعتني بك جيدًا، فهي لم تحظ قط بإبنة، ولذا فمن الآن فصاعدًا ستصبحين ابنةً لها. اعتني بها جيدًا، كما ستعتني هي أيضًا بك.

أحبك يا عزيزتي، أحببتك منذ اللحظة التي حملتك بها بين ذراعي، ومنذ حملتك جدتك إلى السرير لتبقي دافئةً بدلًا من وضعك في سرير الأطفال. ستظلين دائمًا وأبدًا ابنتي الصغيرة.

بمجرد أن تتغير الأمور، سآتي من أجلك، وحينها سنذهب لحيث نريد. سنحقق أحلام مراهقتك المجنونة. صدقيني، أنا أفضل أن أترك العمل وأسافر العالم معك بدلًا من جعلك تمرين بكل هذا.

آمل أن أتمكن من التواصل معك قريبًا. أرجوك استمعي إلى نصائح كاترين، فسلامتك هي الأهم دائمًا. آمل أن أزورك قريبًا يا عزيزتي.

مع حبي،

جدك.)

ما إن أنهت ماري قراءة الرسالة، حتى انفجرت عيناها بالدموع لتغطي وجهها بالكامل. كانت تفضل أن تودعه شخصيًا وليس من خلال رسالة، ولكنها كانت تعلم أيضًا أنها كانت ستجد طريقة للتنصل واللحاق به كما قال لها في الرسالة. لم تكن تفهم جيدًا المشكلة التي تواجهها عائلتها، فهي مجرد فتاة بالسابعة عشر من عمرها وجدت نفسها فجأة في مكانٍ مختلف، مع أناس غرباء، ولا تتحدث عنها لغتهم.
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 100

    اتجه بيتر وكاترين إلى المطار مباشرةً ما إن غادرا غرفة الاجتماع، وهناك كان رجال ماركوز بارتز بانتظارهما. لم تكن كاترين على ما يرام، ولكنها ارتدت قناع الشجاعة. بمجرد أن استقلا الطائرة الخاصة، وجدوا ماركوس جالسًا فيها يتفقد بريده الإلكتروني. قالت كاترين بنبرةٍ ضعيفة: "عزيزي ماركوس! شكرًا لأنك انتظرتنا."أجابها ماركوس محدقًا خارج النافذة: "لا داعي لشكري! بل هذا من دواعي سروري، كما أنني سأذهب لفلورنتيا كذلك."قالت كاترين واضعةً بطانية فوق كتفيها: "اعذراني، فأنا متعبة قليلًا. أعتقد أنني سأستريح حتى نصل."سرعان ما نامت كاترين بعمق، وبدأ ماركوس وبيتر في مناقشة أحداث اجتماع اليوم. "هل كنت تعلم بأي من هذا يا ماركوس؟"نظر ماركوس إلى عينيه مباشرةً وقال مغلقًا حاسوبه: "لا، ولكن هذا يفسر سبب اهتمام الجدة الكبير بشفائي."سأله بيتر: "هل أنت متأكد أنك لا تريد العودة؟""لا أريد العودة تمامًا. تعلم أن هناك فدية على رأسي، وإذا عدت، فسيقوم ذلك الحقير فرانك ليفيت بإرسال رجاله خلفي.""إنه لأمرٌ غير معقول أن يكون هذا الرجل لا يزال على قيد الحياة، وهو من القضاة الأعلى شأنًا في فاليريا.""لم يعد هناك ما يفاجئ

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 99

    سأله بيتر: "هل أنت ذاهب إلى فلورنتيا؟""نعم، سأتوقف بها قبل العودة إلى المنزل. إذا كنت في عجلة من أمرك، فبإمكاننا الذهاب معًا وإنهاء تفاصيل نقل الملكية."غادر ماركوس المكتب بعد ذلك مغلقًا الباب بعده، وحينها بدأ الشجار الحقيقي."ما الذي تفكرين به يا جدتي؟ تحضرين شخصًا ما إلى هنا وقد لا يكون حتى من عائلة بارتز!"سألته جدته بغضبٍ واضح: "هل تقصد أنني كاذبة يا ماكسيموس؟""لا تنكري يا أمي أن الظهور المفاجئ لهذا الرجل الغامض يعد أمرًا مثيرًا للشك!""هل أنت حقًا تصدق ما يقوله ابنك يا ليونارد؟"قال ليونارد بحيرة: "لم أعد أعرف ما الذي يجب عليّ تصديقه يا أمي.""بيتر أيها الأحمق اللعين! ألعن اليوم الذي أصبحت فيه أخي! أنت خائن لعين!""ماكسيموس!" سقطت كاترين بمجرد أن صرخت.صرخ بيتر وهرع لمساعدتها: "جدتي!"كان من الصادم أن ترى حفيدها الأكبر، المعروف عادةً باتزانه، يفقد السيطرة تمامًا ويثور غاضبًا على شقيقه الأصغر.قالت كاترين بضعف: "احضر لي بعض الماء يا بيتر."أجلسها بيتر على كرسي، وأسرع بسكب كوبٍ من الماء لها. رغب للحظةٍ بضرب ماكسيموس، ولكنه تمالك نفسه حين رأى جدته في تلك الحالة الضعيفة.وبخه ليونار

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 98

    بعد سماعهم ما قالته الجدة كاترين، كان ليوبارد غاضبًا، وماكسيموس لم يستطع تصديق ما سمعه، أما بيتر، فابتسم ببساطة.قال ماكسيموس بغضب: "ما الذي تضحك عليه يا بيتر؟""أضحك على حقيقة أن طليقتك المستقبلية سيصبح نفوذها أكبر مني ومنك."صاح ماكسيموس واقفًا ومشيرًا إليه بإصبعه: "أنت أحمق!"إذا لم تفصل بينهما طاولة الاجتماع، للكم ماكسيموس أخوه بيتر في وجهه."هل أنت مدركة للجهد الذي بذلته عائلة بلمير لبناء هذه الامبراطورية؟""أنا مدركة، ولكن هذا ليس إرثنا نحن فقط، بل يخص ماركوس وماري كذلك. كنت حمقاء إذ اعتقدت أنك ستتقبل الأمر. يمكنك تحدي قراري، ولكن الأمر قد تم قانونيًا.""سأقبل حصتي بنسبة 11% من الأسهم بامتنان. أشكرك يا جدتي! إذا انتهينا، فعلي المغادرة لألحق بطائرتي إلى فلورنتيا."قالت كاترين بهدوء: "كنت أعرف أنك ستتفهم الأمر يا بيتر."قال ماكسيموس وبالكاد يكبح غضبه: "لم يوافق بيتر إلا لأنه لم يعمل يومًا في حياته. كل ما يفعله هو إنفاق الأموال التي ترسلها له الشركة يوميًا.""أوه يا ماكسيموس! أنا لست بحاجة لتلك الشركة كي أعيش، فمنذ ذهبت إلى جاليا، تعلمت ألا أتوقع أي شيء من عائلة بلمير، ولذا فأنا حتى

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 97

    راقبت أورورا ماري وهي تدخل العيادة، وكان جسدها الصغير الضعيف يبدو ضئيلًا أمام المبنى الأبيض الكبير الذي يشع هدوءًا. كانت الحدائق المحيطة بالمكان تبعث على السكينة، لكن أورورا لم تستطع منع نفسها من القلق على صديقتها.تردّدت ماري عند المدخل، لكن يد أورورا الثابتة الممسكة بيدها منحتها الشجاعة للمضي قدمًا. في الداخل، تعجبت من همس الأصوات الهادئة ومشهد الناس يسيرون بسلام في الممرات. بدا الجميع طبيعيين، وكان أغلبهم مبتسمين. لم يكن هذا مكانًا لمعالجة الأجساد، بل ملاذاً للقلوب المنكسرة.استقبلتهما الطبيبة هيل بابتسامة دافئة ونبرة مطمئنة تعكس هالة من الحكمة والاحتواء، وقالت: "مرحبًا بك يا ماري. أنا سعيدة جدًا لأنك هنا. دعينا نقوم بتسجيل دخولك ونرتّب لك الأمور."ورغم تردد ماري، إلا أنها أومأت برأسها وتبعتها. رافقتها أورورا في الإجراءات الرسمية، ووقعت الأوراق وتأكدت من أن ماري تعلم أنها ليست وحدها. وعندما حان وقت رحيل أورورا، تعانقت الصديقتان بحرارة.وعدتها أورورا بصوتٍ واثق: "سأزورك بقدر ما أستطيع. تذكّري أنك أقوى مما تعتقدين، وأنك ستتجاوزين هذا."راقبت ماري صديقتها وهي تغادر، وشعرت بألم الهجران

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 96

    جلس ليونارد وماكسيموس مذهولين في صمتٍ بينما تعانق كاترين ماكسيموس بارتز بحرارة، ذلك الرجل الغامض الذي دخل الغرفة بسلطةٍ تحيط به، إلا أنهم ما زالوا لا يعلمون صلته بالعائلة.قال ماركوس بأريحية: "سأعترف يا بيتر، لقد شككت بحضورك الاجتماع حين أخبرتني جدتي."أجابه بيتر بنبرةٍ دافئةٍ ومماثلة: "ماركوس! يالها من مفاجأة رائعة أن أراك مجددًا يا أخي."قاطعتهما كاترين بفضول: "أخي؟ كيف تعرفان بعضكما البعض؟"قال ماركوس: "تقابلنا في مستشفى."قاطعه بيتر بسرعة: "أعتقد أن علينا الذهاب إلى غرفة الاجتماعات."وافقته كاترين قائلة: "نعم، أنت محق. والآن طالما جميعنا هنا، لنبدأ. عزيزي ماركوس، أحتاج أن نكون نحن الخمسة وفريدريك فقط في هذه الغرفة، أتمانع أن ينتظر رجال حراستك في الخارج؟""بالطبع لا!" استدار ماركوس إلى رجاله قائلًا: "انتظروني هناك رجاءً، وسأعلمكم إذا احتجت شيئًا."انتقلت المجموعة إلى غرفة اجتماعات واسعة حين تمركز حراس الأمن بالخارج. جلست كاترين عند رأس الطاولة، على جانبها ليونارد وماكسيموس في ناحية، وماركوس وبيتر في ناحيةٍ أخرى. تحدث ماركوس وبيتر كأصدقاء قدامى، مناقشين أمور العمل والاستثمار، وتذكر ب

  • حبي حتى الوداع الأخير   الفصل 95

    استيقظ بيتر مبكرًا ليُحضّر أغراض ماري استعدادًا لإقامتها في العيادة. انفطر قلبه حين رآها على هذه الحال، لكنه كان على علم أنه ليس بمقدوره تقديم المساعدة التي تحتاجها. فكان لا بدّ أن تأتي تلك المساعدة من خبراء، من خلال العلاج والوقت. أصرت أورورا -أقرب صديقة لماري- على أن تكون جزءًا من هذه المرحلة، وأن ترافقها.قالت أورورا وهي تطمئنه: "لا تقلق يا بيتر. سأصطحبها وأهتم بكل شيء. وقّع فقط على استمارة الدخول التي كتبها الطبيب، وسأتولى أنا الباقي."وقبل أن يهمّ بيتر بالمغادرة، تلقّى رسالة من كاترين، تحثّه فيها على القدوم إلى فاليريا بأسرع ما يمكن. حيّرته نبرة الاستعجال في طلبها، لكنه كان يعلم أن جدته لا تطلب شيئًا من فراغ، وإذا وضعت خطة، فهناك بالتأكيد سبب وجيه وراءها.دخلت أورورا غرفة ماري بخفة، فوجدتها جالسة على حافة السرير. كانت قد ارتدت بلوزة فضفاضة بلون البيج، وبنطالًا أبيض واسعًا، مع حذاء مسطح بلون مماثل. كانت ضفائرها مجدولة بإتقان. تألم قلب أورورا عندما رأت عيني صديقتها المتورمتين والحمراوين من كثرة البكاء، ووجهها المبلل بآثار الدموع، ومع ذلك، استقبلتها ماري بابتسامة باهتة دافئة."هل اضط

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status