Share

الفصل 214

Author: سيد أحمد
كانت سارة تجلس في المقعد الأمامي، تزمّ شفتيها وتطلق الشتائم على أسلاف أحمد، واحدًا تلو الآخر، بينما كانت ليلي تضحك حتى ارتجف جسدها من شدة الضحك.

قالت ليلي: "لولا أنني رأيت الأمر بعيني، لما صدّقتُ أن الكلب أحمد طفولي إلى هذه الدرجة، لمجرد أنكِ لم تركبي سيارته، يرشّكِ بالطين! هذا قمة في السوء!"

كانت سارة تمسك بمنشفة جافة، تمسح بها الوحل عن ثيابها، وملامحها يغمرها الضيق والاشمئزاز.

قالت سارة: "هكذا هو، شخص تافه النفس لا ينسى الإساءة مهما صغرت، لا أدري كيف وقعتُ في حبه من البداية، لا بد أنني كنت مختلةً عقليًا حينها!"

أومأت ليلي موافقة، وقالت: "هذا محتمل جدًا".

ثم نظرت إلى سارة من رأسها حتى قدميها، وسألتها: "لم نلتقِ منذ مدة، هل أنتِ بخير؟"

سارة لم تذكر شيئًا عن الحادثة الأخيرة التي تسببت في تقيؤها للدم من شدة الغضب، فاكتفت بالقول: "نعم، جلسة العلاج الأخيرة كانت فعّالة".

لاحظت ليلي أن حالة سارة النفسية باتت أفضل من ذي قبل، حتى تعابير وجهها أصبحت أكثر حيوية.

سارعت لتقترح عليها: "هلّا فكرتِ في إجراء جلسة أخرى؟ إذا تحسنت حالتكِ وبلغتِ معيار الجراحة، فبإمكانك الخضوع للعملية مباشرة".

"في الواقع
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 634

    الغرفة المظلمة بلا مصباح واحد، ورجل ضخم البنية، طوله يناهز المتر وثمانين، ينكمش في زاوية كأنما يبتلع نفسه."كرك"، دّوى صوت الباب.كان حنفي أشبه بفأرٍ في عتمة الليل، يراقب بصمت ما يجري في الخارج، حتى أضعف الأصوات كانت كفيلة بإثارة انتباهه.دفع نظارته على جسر أنفه، ثم تهاوى يركض متعثرًا نحو الباب.شقّ خيطٌ من الضوء طريقه من الخارج إلى الداخل، فأيقظ في قلبه بصيص أمل.منذ أن نشر فيديو التوضيح، ورغم أنّ أحدًا لم يجبره جسديًا على شيء، إلا أنّه ظلّ لأكثر من عشر ساعات لم يذق طعامًا أو شرابًا، حتى جفّ حلقه واحترق عطشًا.وأخيرًا جاء أحدهم، فهل حان وقت إطلاق سراحه؟ظهر من خلال الباب هيئة رجل طويل القامة، فتوسّع نظره، وسارع يقول بصوت مرتجف: "لقد قلتُ كل ما أردتم مني قوله، أليس من حقي أن أرحل الآن؟""طَقة!" انقلب مفتاح الكهرباء، وأُضيئت الغرفة فجأة.اخترقت الأشعة الساطعة عينيه دفعة واحدة، فرفع ذراعه ليحجب الضوء.ولمّا اعتاد بصره شيئًا فشيئًا، دوّى في أذنه صوتٌ بارد: "ترحل؟ هيا"لم يكن الصوت مرتفعًا، لكنه وقع على قلبه كصخرة تهوي من علٍ.غمره شعور ثقيل بالهلاك، وكأن لا سبيل للهرب.حين وقعت عيناه على

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 633

    كانت الصفعة أسرع من العاصفة، كإعصارٍ اجتاح كل شيء.ماذا؟!لقد تبيّن أن ماهيتاب ليست سوى امرأة بلا أخلاق ولا ضمير، فسمعتها السيئة لم تكن إلا البداية، وسرعان ما خرج كل الذين تعرضوا لتنمرها ليكشفوا ما فعلته بهم.منهم من أصيب بالاكتئاب الشديد، يقضي عمره في محاولة الشفاء.ومنهم من كان طفله ضحية لافتراءاتها حتى انتهى به المطاف إلى الانتحار، تاركًا والدين شابَ شعرهما حزناً يقفان أمام الكاميرات، وهما يحملان صورة قديمة باهتة يفضحان فيها ما ارتكبته ماهيتاب في حق ابنهما.مدرّسوها وزملاؤها وجيرانها جميعًا وقفوا ليرووا حقيقتها.بل وحتى فنيو المكياج ومصففو الشعر والعاملون البسطاء في الوسط الفني خرجوا إلى الإعلام، وقد أُخفيت وجوههم بالفسيفساء، ليكشفوا عن جبروتها وتكبرها اليومي.الأدهى من ذلك أنّ عدداً من عمّال النظافة والخدم أكّدوا أنهم وقعوا ضحية احتيالها بالطريقة نفسها.وفي اليوم ذاته، سُرّب مقطع الخلاف بينها وبين سارة، حتى أن فستان سارة الأصلي ظهر للعلن، لتنكشف معه الحقيقة كاملة.أما الرجل الذي رمى بسائل الكبريت عليها، فقد ظهر أمام الكاميرا باكياً بحرقة، مؤكداً أنه قد دُفع له المال ليفعل ذلك عمدًا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 632

    لم تُبدِ سارة أيّ انزعاج، بل على العكس أظهرت هدوءًا وثقةً بالنفس، فبدت على النقيض تمامًا من المرأة الممددة على الأرض.وفي اللحظة التي أُغلِق فيها الباب، بدا وكأن سناء قد أدركت أخيرًا السبب الذي جعل أحمد يحب سارة.لكن الأوان قد فات.فقد فصل الباب بينهما وبين صوتها المبحوح الممزّق.لم يعد لها غد، لقد أنهت بيديها زواجًا كاملًا، وخسرت رجلًا كان يومًا ما جيّدًا معها.حين عادا إلى السيارة، ظلّ أحمد ممسكًا بيد سارة.فمنذ أن استعادت وعيها، لم يحدث ما كان يخشاه، غير أنّ شخصيتها تغيّرت تمامًا عمّا كانت عليه من قبل.باتت هادئة.حتى حين ترى امرأة أخرى تقترب منه، لم تعد تملك ذلك الشعور المتأجج بالدفاع عنه كما في الماضي، كل ما كان يهمها أنّه يُحسن إليها، وهي لم ترفض ذلك.باختصار، صارت مشاعرها مستقرة للغاية، إلى درجة جعلت أحمد يشعر بشيء من الرهبة.قال بصوتٍ خافت في الظلام وهو يبادر بالكلام: "حبيبتي سارة، هل لديكِ ما تودين سؤالي عنه؟"أجابته بهدوء يشي بالسلام الداخلي: "إن أردت أن تقول شيئًا فقل، أنت وهي...""الأمر ليس كما تظنين، قلت لكِ من قبل إننا تعارفنا منذ إحدى عشرة سنة، وبعدها بعام وجدتها في قرية

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 631

    ردّة فعل سارة الأولى لم تكن الغضب، بل تساءلت في نفسها لماذا لا يوجد حول أحمد أي إنسان طبيعي؟أما هذه المرأة التي تحمل ملامح تشبه ملامحها قليلًا، فما قصّتها؟كان واضحًا أنّ أحمد غاضب بشدّة، فقد برزت العروق على جبينه وهو يأمر أكرم بالتوقف.كان جسد أكرم غارقًا بالعرق من شدّة الجهد، غير أن ملامحه بدت خاضعة ومتواضعة وهو يقول: "سيدي الرئيس أحمد، أعتذر حقًا، لقد جعلتُ رجالي يفتّشون في سجلّات محادثاتها ومكالماتها ولم نجد أي شيء مريب، لكنني حصلت على النسخة الأصلية من الفيديو."اقترب أحمد من المرأة الملقاة على الأرض وهي تلهث، وقال بصوتِ بارد: "أخبريني، ما الذي دار بينكِ وبين هيثم بالضبط؟"ابتسمت سناء بسخرية وقالت: "لا يوجد ما يُقال، أكبر خطأ في حياتي أنّني التقيتُ بك."صمت أحمد بدون أن ينبس بكلمة.وكان للمرّة الأولى يدرك إلى أي مدى يمكن أن يكون العاشق الأعمى مخيفًا.لقد ظنّ أنّ هذه المرأة، على الأقل بدافع الامتنان لإنقاذه لها، ستفصح عن الحقيقة، لكنّه لم يرَ منها سوى الجحود، فحتى وقد سقطت إلى هذا المصير ما زالت تلقي اللوم عليه.كانت عيناها وقلبها ممتلئين بأحمد وحده، وهو ما جعل أكرم يكاد ينفجر غيظ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 630

    تلك المرأة لم تكن سوى سارة! هي الحبيبة الحقيقية في قلب أحمد.حتى هذه اللحظة فقط، أدركت سناء أن أحمد لم يكن يومًا بعيدًا عن النساء كما ظنّت، بل إنه منذ عشر سنوات كان ينتظر ظهور سارة.لم يبرّر لها أي شيء، ببساطة لأنها لم تدخل قلبه أصلًا، لم يكن يحتاج أن يشرح، ولم تكن هناك ضرورة.كل ما في الأمر أنها هي من نسجت أوهامًا في خيالها، تكابرت سرًا بعيدًا عن أنظاره، واجتهدت بلهفة، حتى صارت تحلم كل يوم بأنها ستقف يومًا بجواره.وحين رُفضت منها، لم تحتمل، فذرفت الدموع حتى غسلت وجهها ليلًا ونهارًا، ودفعتها اليأس لارتكاب كثير من الأفعال الطائشة.والآن وهي تستعيد ذلك الماضي، لم تجد نفسها سوى كمهرّجة مثيرة للشفقة، بينما تقف المرأة التي اختارها أحمد في صورة من الرقي والسمو، فلم تهزمها سارة بجمالها فحسب، بل بهيبتها وذاتها أيضًا.ولمّا وقعت عيناها على ساقي سارة السليمتين، استعر الغضب في أعماقها، وكأن القدر تجمّد قلبه بالظلم، لماذا كان عليه أن يكون قاسيًا إلى هذا الحد، فيجمعها بأحمد في هذا الطريق؟"هل أفقتِ؟"قال لها أحمد بنبرة باردة وهو جالس على مقعده، يتأملها بفتور: "والآن اخبريني، من الذي تواصل معكِ؟"لك

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 629

    في موقف السيارات السفلي المظلم، كان هيثم متجهم الوجه.وهو يحدّق في شاشة هاتفه التي أظهرت رقمًا افتراضيًا، ثم أجاب ببرود: "إن كنتَ جئت لتشاهد مسرحية، فوفّر كلامك".جاءه صوت غريب هادئ: "أنا هنا لعقد صفقة معك"."ماذا؟"تابع الصوت: "أعلم أنك أنفقت أموالًا طائلة طوال هذه السنوات، يمكنني أن أبرم معك صفقة بمليار، هل ترغب في ذلك؟""تحدّث."قال الرجل ببطءٍ ووضوح: "ساعدني في قتل سارة، وأعطيك مليار".في مكتب الرئيس التنفيذي.استدارت سارة نحو أحمد وسألته بقلق: "ما الأمر؟ هل عثرتَ على خيط ما؟"أجابها: "لا، لم نتوصل إلى أي خيط يتعلق بذلك الشخص، لكن هذه المسرحية يمكن أن تُطوى صفحتها الآن، هل ترغبين في مشاهدة عرضٍ جيد؟"رمشت بعينيها بدهشة: "هل يمكنني فعل ذلك؟"ابتسم ابتسامة خفيفة: "بالطبع، فالمعتذر هذه المرة لستِ أنتِ، بل هنّ".بعد أن أنهى أحمد ما كان عليه من أعمال في الشركة، قاد السيارة بنفسه، واصطحب سارة نحو البحر.كان الوقت قد اقترب من الغروب، والسماء أخذت تظلم شيئًا فشيئًا، وسارة بدأت تلمح الخط الساحلي، غير أن الخوف الفطري الذي يسكنها تجاه البحر عاد يسيطر عليها، حتى إن أنفاسها أصبحت متسارعة ومتوتر

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status