Share

الفصل 34

Author: سيد أحمد
تحركت تفاحة آدم في حنجرة أحمد، وقال: "حسنًا."

كانت هذه المرة الأولى التي يتوقف فيها كل شيء بينهما بعد أكثر من عام. كانت كالسابق، تعانقه بإحكام، بينما تحركت أصابعه قليلاً، وفي النهاية ظلت يداه معلقتين بجانبه.

وصلت السيارة إلى شركة أحمد، وأعطى تعليماته لخالد بأن يعيد السيدة سارة إلى منزلها.

لم تذهب سارة إلى منزل أحمد، بل ذهبت إلى المستشفى. لا يزال رشيد في غيبوبته، وتم نقله إلى غرفة عادية.

أبعدت سارة الممرضة، وجلبت الماء الساخن بيديها لتغسل وجهه وأصابعه.

تمتمت بصوت منخفض: "أبي، لقد عرفت سرّك، كم أتمنى لو كان ذلك كذبًا. أرجوك استفق وادحض كلامي، قل لي أنك لم تفعل تلك الأشياء، ولم تقتل أسماء."

"أبي، لقد أصبت بسرطان المعدة، وأحمد لا يعلم بذلك، ربما هذا أفضل، إذا أعطيت له حياتي، هل سيستطيع أن يتخلى عن كراهيته؟"

"لقد كانت حياتي سلسة وسهلة، نشأت مدللة بين يديك، أنت أفضل أب في العالم، ومهما فعلت مع الآخرين، ستظل دائمًا الشخص الذي أكن له كل الاحترام. الديون التي عليك، سأسددها أنا."

"أعلم أنه إذا كنت على قيد الحياة، لما سمحت لي بفعل ذلك، لكنني حقًا لا أملك حلاً. أنا أحبه، منذ تلك النظرة الس
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 838

    مرّت الأيام يومًا بعد يوم، ولم يظهر حسني طوال ثلاثة أيام، فلم تعد سارة وحدها التي نفد صبرها، بل حتى الأطفال باتوا قلقين.اعترضت طريق مسعد مرة أخرى قائلة: "ما حال مرضه بالضبط؟ مضت كل هذه الأيام ولم يتحسن؟"قال وهو يحاول تهدئتها: "لا تقلقي يا سيدتي، لقد تحسّن كثيرًا، لكن الأخ حسني يخشى أن يكون ما زال يحمل فيروسًا فيعديكم."لم تكن سارة تدري، هل يتجنبها عمدًا، أم أن مرضه بلغ به حدًّا خطيرًا بالفعل؟فهو في النهاية كان يعاملها بطيب طوال هذه الفترة، وكان من الواجب أن تطمئن عليه بعينيها.قالت بلهجة حاسمة: "سأذهب لرؤيته، أين هو؟"أجابها: "لا حاجة، فالأخ حسني لن يرضى أن تذهبي إليه."قالت بإصرار: "لن أفعل أكثر من إلقاء نظرة، أطمئن على حالته ثم أرحل، في أي غرفة هو؟"تردد مسعد: "أنه...."قالت بصرامة: "إن لم تخبرني، فلن تغادر هذا الباب اليوم."حكّ رأسه بحرج وقال: "يا سيدتي، أنا فقط أساعد الأخ حسني في إحضار الطعام إليكِ، فلا تحرجيني."قالت: "كل ما أريده هو أن أراه، وهذا ليس إزعاجًا."قال بعد تفكير: "حسنًا، سأخبر الأخ حسني أولًا."تنفست سارة الصعداء وقالت: "حسنًا، سأنتظر خبرًا منك."عاد مسعد مسرعًا إل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 837

    لم يكن مسعد مخطئًا، فأحمد مريض حقًا، لقد أصابته الحمى يومًا وليلة، وبات ملقى على السرير يترنح بين الحياة والموت.كان خالد يجلس بجانب السرير، يقطع تفاحة كما تفعل ربة بيت عجوز، ولسانه لا يكف عن الثرثرة.قال وهو يرمق سيده: "يا سيدي، أنظر إلى حالك الآن، أي شبحٍ أصبحت؟ لماذا تعذّب نفسك؟ نصف عامٍ كامل وأنت تتبع السيدة متخفيًا باسم مستعار، وفي النهاية لم تلمس حتى يدها."رمقه محمود بنظرة حادة وقال: "خفف من كلامك، أتظن أن السيدي يهوى هذا الحال؟"ثم ناول أحمد كوبًا من الماء الفاتر: "اشرب يا سيدي، كلما شربت أكثر استعادت صحتك أسرع."كان وجه أحمد شاحبًا، وشفاهه متشققة من الجفاف، وقد بدا منهكًا إلى حدٍّ مخيف.شرب كوب الماء، ثم اتكأ على حافة السرير، ودلك جبينه بيده، رأسه ما يزال يثقل عليه، وأول ما خرج من فمه كان اسم سارة."كيف حال سارة حبيبتي هناك؟"ابتسم خالد وقال: "اطمئن، فمسعد دقيق كالعجائز، يعرف كل ما تحبه السيدة عن ظهر قلب، لن يخطئ في شيء أبدًا، غير أن..."وقعت عينا أحمد على وجه خالد المتردد: "تكلّم."قال على مضض: "السيدة لا تكفّ عن السؤال عنك، ولم يجد مسعد حيلة إلا أن يخبرها بالحقيقة."سأل أحمد

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 836

    أشارت مارية إلى الرسمة وبدأت تشرح: "هذه ماما، وهذا العم حسني، وهذا أخي، وهذه أنا، نحن عائلة واحدة."عضّت سارة على شفتها، فتحت فمها محاولة أن تشرح، لكنها لم تعرف كيف يمكنها أن تفسّر الأمر للطفلة.وهذا بالذات هو ما يجلبه الواقع القاسي للأسر التي تعيش بلا أب، مشكلة لا تستطيع أي أم في العالم حلّها، ولم تكن سارة استثناءً.بعد لحظة طويلة من التردّد، شرحت قائلة: "حبيبتي، العم هو العم فقط، العائلة الحقيقية هي ماما وأنتِ وأخوكِ، العم موجود ليحمينا، مثل الأب الروحي تمامًا، هو يرافقنا فترة من الزمن، لكن في النهاية حين نصل إلى وجهتنا، سيغادر العم."الطفلة التي عُرفت دومًا بطبعها الهادئ والطائع، بدأت تبكي وتثور عندما سمعت هذا التفسير: "لا! لا أريده أن يرحل! أنا أحب العم."قالت سارة بصوت مفعم بالصبر: "نعم، أعرف أنّك تحبّينه، لكن يا حبيبتي، في المستقبل ستقابلين الكثير من الأشخاص، وليس كلّ من نلتقيهم يمكن أن يبقوا معنا إلى النهاية، العم له عمله، وله حياته وأموره الخاصة، ولا يستطيع أن يكرّس حياته كلّها من أجلكِ، أليس كذلك؟"انهمرت الدموع كحبات اللؤلؤ على رموش الطفلة الطويلة، منظر جعل قلب سارة يعتصر حزن

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 835

    قضى الصباح كله دون أن يعود حسني، فسألت مارية أكثر من مرة، وكل مرة كانت سارة تتهرّب منها بعذر مختلف.لكن غيابه امتد ليوم كامل وليلة بأكملها، وكلما سألت سارة، كان مسعد يراوغ ولا يجيب مباشرة.بدأ القلق يتسلل إلى قلبها، فمهما كان تأثير ذلك الدواء قويًا، لا يمكن أن يستمر يومين كاملين بلا توقف.وفي صباح اليوم التالي، ما إن همّ مسعد بالمغادرة حتى سارعت سارة لاعتراض طريقه.قالت بجدية: "أيها الشاب، ما الذي جرى لحسني بالضبط؟"وكان واضحًا من هيئتها أنها لن تدعه يغادر دون أن تحصل على جواب.تنهد مسعد وقال: "الأخ حسني مريض.""مريض؟" لم يخطر هذا الاحتمال ببال سارة أبدًا، فقد بدا دائمًا قويّ البنية، ممتلئ الحيوية.قال الرجل: "لن أخفي عنكِ، تلك الليلة كان تأثير الدواء عليه بالغ الشدة، وخوفًا من أن يؤذيكما، غيّر غرفته بنفسه، وجلس طوال الليل في حوض مليء بالماء المثلج، أنتِ تعرفين أنّ الفرق بين حرارة النهار وبرودة الليل في البحر كبير، والاستحمام بالماء البارد وحده أمر قاسٍ، فما بالك حين أضاف إليه الثلج، وفوق ذلك…"ارتجف قلب سارة، وسألت في نفسها: أيمكن أنه لم يلجأ إلى امرأة كما ظنّت؟قالت بسرعة: "وفوق ذلك

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 834

    في تلك الليلة لم يغمض لسارة جفن تقريبًا، ظلت طوال الوقت في حالة قلق وتوجس.كانت تخشى أن يقتحم حسني الباب في أية لحظة، وفي الوقت ذاته يساورها القلق بشأن حاله وما قد يكون قد أصابه.بينما كانت السفينة بأكملها غارقة في أجواء الصخب والمرح، لم يكن هناك سوى سارة وحدها تحرس تلك البقعة الصغيرة من السكينة.جلست على الأرض، عانقت ركبتيها بيديها، وراحت تحدّق في القمر البارد المعلّق خارج النافذة، ولم يبق لها في هذه الدنيا سوى ضوءه رفيقًا.كان قلبها مضطربًا، تعود بها الذكريات إلى كل ما مرّت به طوال الطريق، لتكتشف أن حياتها لم تكن سوى عبثٍ وسخريةٍ قاسية.تساءلت في أعماقها ما الذنب الذي اقترفته لتُحرَم من طفلها، وتعيش كل يوم في مطاردةٍ وهروبٍ لا يجرؤ صاحبه على الظهور في النور؟حتى أنها فكرت، لو أن هذا الباب دُفع في هذه اللحظة، ماذا يمكنها أن تفعل؟والجواب كان واضحًا، لا شيء.الفارق بين قوتها وقوته شاسع كالسماء والأرض، وإن أراد أن يغتصبها فلن يكون أمامها سوى الخضوع.ومن أجل طفلها لم يكن مسموحًا لها أن تفكر في الموت، بل عليها أن تنقش هذه الليلة المذلة في أعماق روحها إلى الأبد.الهرب لم يكن خيارًا ممكنًا.

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 833

    كان وعي أحمد ينهار مرة بعد مرة على حافة الانفجار، عيناه قد احمرّتا بالدم، ورغم ذلك قاوم آلام جسده وقال بصوت متحشرج: "لا حاجة".قال الطبيب بجدية: "سيدي، تحت تأثير الدواء ستبقى في هذه الحالة، وإن لم تجد متنفسًا فقد يتفاقم الأمر، نصيحتي أن تجد امرأة، فهذا الحلّ مباشر وآمن بلا آثار جانبية".حدّق أحمد فيه بعينين داميتين، حتى شفتاه الرقيقتان قد انفتحتا من شدّة العضّ حتى سال الدم، ثم أجاب بصوت منخفض أجشّ: "قلتُ لا داعي! أعطني الدواء".تنهد الطبيب بمرارة، وكأنه يواجه ثورًا عنيدًا.ثم قال: "حسنًا، لكنني لا أتحمل مسؤولية أي مضاعفات، وحالتك لن تكفيها حقنة واحدة، بل تحتاج إلى اثنتين".ضغط أحمد على أسنانه وقال: "أعطِها لي".حين اخترقت الإبرة جلده ببطء، أغلق أحمد عينيه بإحكام، ولم يسيطر على فكرة واحدة تتردد في ذهنه.لقد كاد يؤذيها مجددًا.في غرفة أخرى مهيّأة بأجواء خادعة، تحيطها المرايا من كل جانب لتكشف الجسد من كل زاوية.كانت امرأة تتمدد فوق السرير، إنها رغدة التي حاولت إغواء أحمد وفشلت.ظنّت أنها اصطادت سمكة كبيرة، لكنها لم تدرك أنها وقعت في شِباك حوت قاتل، وحش لا يرى في الشيطان سوى لعبة.قبل قليل

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status