Share

الفصل 482

Author: سيد أحمد
قال رشيد بنبرة هادئة وهو يواصل حديثه: "يا ابنتي، لقد حميتكِ منذ صغركِ، ولم تدركي قسوة هذا العالم، هناك أناس، رجالًا ونساءً، يسلكون كل طريق ممكن من أجل المال، والسلطة، والمكانة، وبعضهم لا يتورع عن شيء."

قالت سارة: "الآن عرفت."

تابع رشيد: "في الماضي، أمضت تلك الفتاة وقتًا طويلًا في الاقتراب مني، وكنتُ الخيار الأنسب لها، أولًا، ليس لدي عادات سيئة، وثانيًا، لأنني رجل مستقيم ومخلص، بعد زواجها لن تحتاج إلى القلق من نساء أخريات، والأهم من ذلك أنني أكبر منها بكثير، فإن رحلتُ يومًا، ستجني الكثير من المال، وعندما حصلت على هذا الرد الواضح مني، تخلّت عن فكرة استهداف غيري، لكن، يا ابنتي، هل تعرفين من كان هدفها تلك الليلة؟"

شعرت سارة بقشعريرة تسري في ظهرها، وسألت بدهشة: "من؟"

قال رشيد ببطء: "أحمد."

تجمّدت ملامح سارة تمامًا، وقالت بذهول: "كيف يكون هو؟"

قال رشيد بأسف: "تلك الفتاة كانت تطمح إلى الكثير، وربما لم تتقبل في قرارة نفسها أنها لم تتمكن من جعلي أضعف أمامها، ثم أن زواجكِ من أحمد لم يُعلن رسميًّا، ولا يعرف أحد من الغرباء أنه متزوج، وهذا ما جعل العديد من الفتيات يحاولن التقرب منه."

استرجعت سارة ف
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 484

    حين رآها مكفهرّة الوجه، وضع رشيد السكين جانبًا وسألها برفق: "ما بكِ يا صغيرتي؟ إن كان هناك ما يزعجكِ فقولي لوالدكِ، لا تكتمي الأمر في صدركِ."قالت سارة: "أبي، هذا المكان ليس إلا مسكنًا مؤقتًا لنا، وأنا أفكر... عندما يُولد الطفل، أين سنعيش؟"في أعماقها، لم تكن ترغب في أن يجمعها أي رابط بأحمد مجددًا، لكن في ذلك الحين، إن أرادت الهرب ومعها طفل، فكيف ستفعل؟ وإلى أين تفرّ أصلًا؟تنهد رشيد، وقال: "سمعت من أحمد أنه اشترى منزل عائلتنا مجددًا، ما رأيك أن نعود إليه؟"هزّت رأسها قائلة: "دعني أفكر بالأمر، لا داعي للعجلة، ما زال الوقت مبكرًا."ثم تناولت السكين بنفسها وقالت: "علّمني يا أبي، أريد أن أترك لهذا الطفل بعض الذكريات."ابتسم رشيد ابتسامة دافئة وقال: "حسنًا، سأعلّمك."من بعيد، كانت فاتن تراقب هذا المشهد العائلي الهادئ، ثم التقطت صورة سريعة وأرسلتها إلى أحمد.في تلك اللحظة، كان أحمد في متجر فساتين الزفاف، يختار الأزياء، حين وصله الإشعار، شرد وهو يتأمّل الصورة، تظهر فيها سارة وهي تمسك بالسكين بيدها اليسرى، تثبّت قطعة خشب صغيرة على الطاولة.مع أنها تستخدم يدًا واحدة فقط، إلا أن كل حركة من حركا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 483

    رأت سارة نظرة التأمل التي ارتسمت على وجه والدها، فعلم رشيد حينها أن حديثه قد ابتعد عن مجراه الأصلي.قال مبتسمًا: "انظري إليّ، كنت أريد الحديث عنكِ وعن أحمد، فإذا بي أتكلم عن نفسي، سارة، لا تقلقي، أحمد رجل طيب، لن يعبث خارج البيت، قبل زواجكما، طلبت من أحدهم أن يجري تحريات دقيقة عنه، وقد تأكد لي أنه رجل مستقيم في علاقاته مع النساء."لكن سارة لم تردّ، ولم ترغب حتى بسماع حرفٍ واحد عن أحمد.سألته بهدوء: "أبي، إلى أيّ حدٍّ تعرف أسماء؟"لم يكن رشيد يرغب بالعودة إلى هذا الحديث، لكنه لاحظ مدى اهتمامها، فاسترسل قائلًا: "في البداية، كانت تبدو لي فتاة ذكية ومهذبة، لكن ما رأيته لاحقًا من أفعالها جعلني أدرك أنني لم أكن أعرف منها سوى القشور، لماذا تسألين؟ هل تعرفينها؟"هزّت سارة رأسها، ثم قالت: "لا شيء، فقط شعرت فجأة برغبة في معرفة المزيد عن مشاعرك، أبي."ابتسم رشيد ابتسامة دافئة: "كل ذلك صار من الماضي، الآن لا أرجو شيئًا سوى أن أراكِ سعيدة كل يوم."يبدو أنه ما يزال يظن أن موت أسماء كان مجرد حادث عابر، ولا يعلم شيئًا عما فعله أحمد من بعد ذلك، ولا عن الكراهية التي وجهها إلى عائلتها بسببه، لذا، لم تجد

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 482

    قال رشيد بنبرة هادئة وهو يواصل حديثه: "يا ابنتي، لقد حميتكِ منذ صغركِ، ولم تدركي قسوة هذا العالم، هناك أناس، رجالًا ونساءً، يسلكون كل طريق ممكن من أجل المال، والسلطة، والمكانة، وبعضهم لا يتورع عن شيء."قالت سارة: "الآن عرفت."تابع رشيد: "في الماضي، أمضت تلك الفتاة وقتًا طويلًا في الاقتراب مني، وكنتُ الخيار الأنسب لها، أولًا، ليس لدي عادات سيئة، وثانيًا، لأنني رجل مستقيم ومخلص، بعد زواجها لن تحتاج إلى القلق من نساء أخريات، والأهم من ذلك أنني أكبر منها بكثير، فإن رحلتُ يومًا، ستجني الكثير من المال، وعندما حصلت على هذا الرد الواضح مني، تخلّت عن فكرة استهداف غيري، لكن، يا ابنتي، هل تعرفين من كان هدفها تلك الليلة؟"شعرت سارة بقشعريرة تسري في ظهرها، وسألت بدهشة: "من؟"قال رشيد ببطء: "أحمد."تجمّدت ملامح سارة تمامًا، وقالت بذهول: "كيف يكون هو؟"قال رشيد بأسف: "تلك الفتاة كانت تطمح إلى الكثير، وربما لم تتقبل في قرارة نفسها أنها لم تتمكن من جعلي أضعف أمامها، ثم أن زواجكِ من أحمد لم يُعلن رسميًّا، ولا يعرف أحد من الغرباء أنه متزوج، وهذا ما جعل العديد من الفتيات يحاولن التقرب منه."استرجعت سارة ف

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 481

    منذ أن بدأت سارة تربط بين أسماء وزهرة، كانت تظن أنّها قد توصّلت أخيرًا إلى الحقيقة، لكن الآن يبدو أن الصورة ما تزال ناقصة.رشيد لم يكن يعرف شيئًا عن تلك العقد المتشابكة من الحبّ والانتقام، فما زال يعيش بعقليّة السنوات الماضية.قال بنبرة عاتبة: "يا فتاتي، أما زلتِ لا تثقين بوالدكِ؟ حتى لو رغبتُ بإنجاب طفل، فلا بدّ أن أمنح المرأة مكانتها أوّلًا، وأحصل على موافقتكِ كذلك، ولا يمكنني اتخاذ خطوة كهذه إلا حين تستقر كلّ الظروف، كيف يمكن أن أقوم بتصرّف غير مسؤول؟"لو لم ينطق رشيد بهذا بنفسه، لكانت سارة قد ظلّت تعيش في سوء فهمٍ طوال عمرها.لطالما ظنّت أنّ الطفل غير المكتمل في بطن أسماء هو من نسل عائلتها.قالت بشكّ: "لكنها كانت تحبّك... فكيف تُرزق بطفل من غيرك؟"تنهد رشيد بمرارة: "وهنا يكمن طيش الشباب واندفاعه، بعد أن تركتني غاضبة، ذهبت إلى نادٍ ليلي، وأسرفت في الشرب، ثم ارتكبت خطأً لا يُغتفر... لاحقًا، حين وجدتها وأخبرتها بموقفي، قررنا أن نعود لبعضنا، لكن سرعان ما اكتشفنا حملها."نظرت إليه سارة مباشرةً: "وماذا كان قرارك وقتها؟""لن أنكر أنّ وجودها في حياتي منحني شعورًا بالراحة، وكنت أشعر معها بخ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 480

    كان رشيد يلوّح بمروحة في يده، ويرفع رأسه إلى السماء قائلًا: "دعيني أسألكِ، إن لم أتركها ترحل، فماذا كنتُ سأحصل عليه بالمقابل؟"لم تجب سارة، فتابع رشيد حديثه بنبرة هادئة: "كل ما كنتُ سأحصل عليه هو التذمر، والعنف الصامت، لم تكن لتشتمَني، لكنها كانت ستكرهني في كل يوم يمر، وتكره هذا العالم الذي لم ينصفها، كانت عيناها ستخلو من النور، وشفتيها من الابتسام، حتى وإن امتلكتُ جسدها، فلن أملك قلبها، لن أحصل سوى على أسرة مفككة، خاوية من الحب، ظاهرها الترابط، وباطنها الانهيار... حتى نشأتكِ أنتِ كانت حذرة متوترة، تخشين إغضابها.""لم أنسَ كيف كنتِ، رغم صغر سنكِ، تحاولين بكل ما أوتيتِ من حيلة أن تكسبي رضاها، بينما أقرانكِ ينشغلون باللعب، كنتِ أنتِ منشغلة بمحاولاتكِ الطفولية في إسعادها... لكن، ألم يكن ذلك كله بلا جدوى؟ ألم تفشلي في تدفئة قلبها؟ في بيت كهذا، يخلو من الصخب، لكنه يفيض بالصراع الخفي... بيت يتحوّل إلى ساحة حرب صامتة، كنتِ لتصيري مثلها تمامًا في نهاية المطاف.""الطاووس لا يكون جميلًا إلا حين يملك فضاءً واسعًا يمد فيه ذيله، أما إن حُبِس في قفصٍ صغير، فحتى ريشه لن يقدر أن يبسطه، فأي جمال يبقى ل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 479

    تبدلت ملامح وجه رشيد من الذهول إلى الصدمة، ثم استقرت أخيرًا على السعادة والارتياح."حقًّا... حقًّا؟"بدت علامات الاطمئنان واضحة عليه، فقد كان يظن أن الخلاف بين سارة وأحمد قد بلغ حدًّا لا رجعة فيه، ولكن ما سمعه الآن جعله يدرك أنه ربما كان يبالغ في قلقه، فطالما أن بينهما طفلًا، بل توأمًا، فذلك لا شكّ أمرٌ مبشّر.قالت سارة: "هل تظن أنني سأكذب عليك؟ لقد مرّ أكثر من شهر، وأنا أحمل توأمًا."اهتز قلب رشيد فرحًا، وقال بحماسة: "هذا رائع، حقًّا رائع."كان يعلم أن سارة فقدت جنينها بعد الحادث الذي تعرّض له، ورغم أنها كانت تُجبر نفسها على الابتسام كلما زارها، إلا أن جسدها كان يذبل يومًا بعد يوم، وهو لم يكن ليتجاهل ذلك.أما الآن وقد عادت تباشير الحياة إليها ويوجد طفل يربطهما، ومشاعر بينهما، فبوسعه أن يطمئن قليلًا.لكنه سألها متوجسًا: "ولكن ما الذي يجري بينكِ وبين أحمد؟ إن كنتما تنتظران طفلًا، فلماذا لم يعد يزورك؟"كتمت سارة ما في قلبها، حاولت أن تمسك لسانها عن قول الحقيقة، فإفلاس عائلتها، ومرضها، وخيانة من حولها، كلها أمور لا يستحسن أن يعلم بها والدها الآن وهو لم يسترد عافيته بعد، فما الفائدة من أن

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status