Share

الفصل 671

Author: سيد أحمد
"طَــق!"

كانت سارة تتناول طعامها، ولا تدري ما الذي أصابها، فقد كانت جائعة حقًا، غير أن شعورًا بالقلق أخذ يتسلّل إلى قلبها منذ لحظات، وفجأة انزلقت الملعقة من يدها وسقطت على الأرض مُحدثةً صوتًا حادًا.

انحنت سارة على الفور تهمّ بالتقاطها، لكن السيدة ناريمان قالت مذكِّرةً: "لا داعي لذلك، دعي الخادمة تفعل."

غير أنّ أصابع سارة لم تسلم، إذ جرحها أحد شظايا الخزف، فتساقط الدم قطرةً بعد أخرى فوق القطعة البيضاء المكسورة.

قالت السيدة ناريمان بقلق: "كُفّي عن ذلك فورًا."

ثم أشارت بيدها لتستدعي إحدى الخادمات كي تضمد لها الجرح، أما سارة فبقيت تحدّق في الدماء بشرود قائلة: "منذ متى خرج أحمد؟"

طمأنتها السيدة ناريمان: "لا تقلقي، سيعود قريبًا جدًّا"، وفي تلك اللحظة دوّى رنين الهاتف الموضوع على الطاولة.

قالت: "سأرد على المكالمة."

أفلتت يد سارة واتجهت لتجيب، لكن ما إن وصلها الصوت من الطرف الآخر حتى تغيّر وجهها المعتاد على الهدوء، بل نهضت فجأة من مكانها.

ثم قالت السيدة ناريمان: "علمت، سأرسل المزيد من الرجال فورًا."

اشتدّ القلق في قلب سارة وقالت بسرعة: "أمي، ما الذي حدث؟"

قالت السيدة ناريمان: "لا شيء، مجرد مشك
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 676

    هيثم كان يتصرّف وكأنّ شيئًا لم يحدث، وهو يمسك بيد الجد وجدي متظاهراً بالبرّ والحنان قائلاً: "جدي، ما قاله أبي صحيح، سواء اعترفتَ بي أم لا فلن يغيّر ذلك حقيقة أنّنا جميعاً من دمٍ واحد ومن عائلة واحدة".ثم أضاف سامر بدوره: "صحيح يا أبي، في الماضي كنتُ مندفعًا بعض الشيء، لكن هذه السنوات جعلتني أدرك خطئي، وقد جئت اليوم خصيصًا لأقدّم لك الاعتذار، فاغفر لي".كانت هذه محاولة واضحة للهجوم من كلا الجانبين مستخدمَين ورقة العاطفة العائلية، وقد بدا جليًّا أنّهم جاؤوا مُستعدّين منذ البداية.سارة كانت قد هدأت تدريجيًّا، لكنها لم تستطع تجاهل التوقيت، إذ أنّ أحمد لمّا وقع له الحادث قبل قليل، جاء هؤلاء على الفور، فهل كان الأمر محض صدفة أم شيئًا دُبّر بليل؟الجد وجدي بدا عليه الإرهاق الشديد، جسده منهك وقوّته خائرة، حتى أنّه لم يعد يملك طاقةً للغضب أو الشتم.حينها، ارتفع صوت السيدة ناريمان بنبرة باردة: "أأنتم صُمّ أم حمقى؟ ألم تسمعوا ما قاله الجد؟ سامر، إن لم تخنّي الذاكرة فقد قلتَ بنفسك يومًا أنّك لن تطأ عتبة عائلة أحمد ولو لخطوة واحدة، فهل صفعتَ وجهك بيديك الآن؟ هل شعرتَ بألمها؟"نظر سامر إلى ناريمان ب

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 675

    قال سيد سامر بصوت رخيم يصل من صالة الاستقبال: "أبي، ما دمتُ أسمع صوتك ما يزال قويًّا وواضحًا، فهذا كفيل بأن يطمئنني."على مدى هذه السنوات، زار البيت بضع مرّات، لكن في كل مرة كان يُطرد خارجًا. كان يحرص على كرامته، فلا يلحّ على المجيء، على عكس اليوم، حيث جاء بوجهٍ متصلّب وهيبةٍ جعلت الحرس يترددون في التصدي له.فالجميع يعلم أنّه في نهاية المطاف يظل الابن الوحيد للجد وجدي، وإن عاد يومًا ليطالب بمكانته، فمن يجرؤ على عداوته؟هذه المرة لم يأتِ وحده، بل اصطحب معه شهيرة وهيثم، وظهروا كأسرة مترابطة أمام الجميع.وضعت سارة الوعاء الذي لم ترتشف منه إلا قليلًا، حدّقت في الثلاثة لحظةً ولم تدرِ أكانت هي والسيدة ناريمان مجرد أضحوكة، أم أنّ سيد سامر وأسرته هم الأضحوكة الحقيقية.وحين رأت السيدة ناريمان أنّها وضعت الوعاء جانبًا، مالت نحوها وقالت بنبرة هادئة: "كلي قليلًا بعد، لا تدعي القمامة هذه تعكر صفو مزاجكِ."حتى وقد جاءت الضرة إلى باب البيت لتستعرض قوتها، ظلّت السيدة ناريمان محتفظةً برباطة جأشها.ارتشفت سارة بضع جرعات إضافية من الحساء، ثم ابتسمت في سرّها، فما يجري ليس إلا خلافات عائلية، وهي بالنسبة ل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 674

    تحت انعكاس ألسنة النار، بدا البحر أشبه بوحشٍ هائجٍ يزأر في جنون.قالت سمية وهي تروي ما جرى: "سيّدتي، قبل أن يتمكّن رجالنا من الاقتراب، جاءنا صوت الانفجار من جهة السيّد أحمد، وفي خضمّ ألسنة اللهب سمعتُ حتى دويّ إطلاق النار، وعندما أسرعنا إلى هناك كان الوضع قد خرج تمامًا عن السيطرة، لم نكن نحمل أقنعة واقية من الغازات، ثم إنّ النيران كانت مشتعلة على نحو مخيف، وفوق ذلك كان هناك قنّاصة متأهبون من بعيد، لذلك..."امتلأت عينا سمية بالاعتذار، فحتى هي نفسها لم تكن لتتوقع أن يكون خصومهم على هذا القدر من القسوة والدهاء، فما تركوا منفذًا ولا فرصة لالتقاط الأنفاس.لقد استغلّوا رغبة أحمد في القبض على العدو حيًّا، وحوّلوها إلى فخّ عظيم نصبوه له ليدفعه دفعًا إلى السقوط فيه.قالت السيدة ناريمان بوجه عميق التفكير: "سمعت أنّه قبل بضعة أشهر، أرسل الطرف الآخر أكثر من مئة مرتزق مدرّب لاغتيال سارة، وها هي اليوم قد خرجت من البلاد، لكنهم لم يكتفوا بمعرفة وجهتها بهذه السرعة، بل أعدّوا كل شيء في وقت قصير كهذا، فمن يكون هذا الشخص بحق؟"ردّت سمية قائلة: "أيًّا يكن، فمن المستحيل أن يكون إنسانًا عاديًا، لقد استهنّا ج

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 673

    بعد أن تناول الجد وجدي الدواء شعر أن دقات قلبه لم تعد متسارعة، فهو يعرف أنّ أحمد ليس فتىً متهوّرًا، بل طالما كان خبيرًا في مثل هذه المواقف، ولهذا كان واثقًا من أنّه سيخرج سالمًا من تلك الكارثة.لكن...ما إن أغمض عينيه حتى تخيّل مشهد ألسنة النار المشتعلة في كل مكان، ففي مواجهة مثل هذه الكوارث المروّعة، يبقى الإنسان عاجزًا تمامًا.تمامًا كما يقف المرء بلا حول ولا قوة أمام انهيار جليدي مهما امتلك من قوة.رأى الخادم ملامح التعب بادية على وجه الجد وجدي فسارع إلى القول: "سيدي، لا تقلق كثيرًا، فما زالت النار في مكان الحادث مشتعلة، والهواء ملوّث بالغازات السامة، وقد أرسلنا رجالنا للبحث عن السيد أحمد، وسنحصل على الأخبار قريبًا."استند الجد وجدي إلى كرسيه المصنوع من الخيزران، وغطّى جبينه بكفيه، ثم تمتم بصوت متهدّج: "إن كان ذلك الصعلوك قد لقي حتفه حقًا، فكيف لي أن أواجه جدّتَه حين ألحق بها في الدار الآخرة؟"وقف الخادم إلى جانبه، وعيناه على خصلات شعره التي غزاها الشيب، وللمرة الأولى شعر أن الجد وجدي قد شاخ بالفعل. تنهد وقال: "السيد أحمد رجل مبارك، وسيحفظه الله."في تلك اللحظة كانت سارة قد عادت إل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 672

    شعرت سارة في تلك اللحظة وكأن أحدهم ضربها على رأسها بهراوة، فتراجعت خطوتين أو ثلاثًا قبل أن تستند بجسدها المرتعش إلى حافة الطاولة لتتمكن بالكاد من الوقوف، كانت ساقاها واهنتين لا تقويان على حملها.قال الجد وجدي: "يا ابنتي، لا يوجد في هذه الدنيا شيء مطلق، ما قلته كان تحليلًا من منظور إنسان عادي فقط، الانفجار وما نتج عنه من موجة حر وغازات سامة لا يمكن أن ينجو منها أحد عادة، لكن أحمد ليس شخصًا عاديًا، لقد تلقى تدريبات احترافية، وواجه أصعب الظروف والتحديات، يجب أن نثق به، فلن يصيبه مكروه، لأنه ذلك النوع من الرجال الذي لا يُهزم".قالها الجد بصوت متزن محاولًا أن يكون واقعيًا، لكن سارة، وهي تفكر بالاتصال الذي لم يُجب عليه، لم تستطع أن تطمئن ببساطة، بل كان قلبها يتقلّب في بحر من القلق.ثم سألته: "إذن ما هو الوضع الآن؟"أجاب الجد وجدي: "لا يزال مفقودًا حتى هذه اللحظة، وأنا مثلك لم أحصل بعد على أي خبر مؤكد، نطاق الانفجار كان واسعًا جدًا، والمكان هناك مصنع مهجور منذ زمن، لا سكان فيه، وكل أجهزة المراقبة متوقفة منذ سنوات، لذلك لا أحد يعرف ما الذي جرى بالفعل في الموقع".كادت سارة أن تنهار تمامًا، فمنذ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 671

    "طَــق!"كانت سارة تتناول طعامها، ولا تدري ما الذي أصابها، فقد كانت جائعة حقًا، غير أن شعورًا بالقلق أخذ يتسلّل إلى قلبها منذ لحظات، وفجأة انزلقت الملعقة من يدها وسقطت على الأرض مُحدثةً صوتًا حادًا.انحنت سارة على الفور تهمّ بالتقاطها، لكن السيدة ناريمان قالت مذكِّرةً: "لا داعي لذلك، دعي الخادمة تفعل."غير أنّ أصابع سارة لم تسلم، إذ جرحها أحد شظايا الخزف، فتساقط الدم قطرةً بعد أخرى فوق القطعة البيضاء المكسورة.قالت السيدة ناريمان بقلق: "كُفّي عن ذلك فورًا."ثم أشارت بيدها لتستدعي إحدى الخادمات كي تضمد لها الجرح، أما سارة فبقيت تحدّق في الدماء بشرود قائلة: "منذ متى خرج أحمد؟"طمأنتها السيدة ناريمان: "لا تقلقي، سيعود قريبًا جدًّا"، وفي تلك اللحظة دوّى رنين الهاتف الموضوع على الطاولة.قالت: "سأرد على المكالمة."أفلتت يد سارة واتجهت لتجيب، لكن ما إن وصلها الصوت من الطرف الآخر حتى تغيّر وجهها المعتاد على الهدوء، بل نهضت فجأة من مكانها.ثم قالت السيدة ناريمان: "علمت، سأرسل المزيد من الرجال فورًا."اشتدّ القلق في قلب سارة وقالت بسرعة: "أمي، ما الذي حدث؟"قالت السيدة ناريمان: "لا شيء، مجرد مشك

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status