Share

الفصل 701

Author: سيد أحمد
تألمت سارة حتى عجزت عن الكلام، وكانت السيدة ناريمان في الأصل تنوي الجلوس لترى مشهدًا مثيرًا، لكنها لم تتوقع أن يسبقها هذان الأم وابنها إلى إثارة المتاعب.

يبدو أنهم يريدون استغلال هذه الفرصة للعثور على ذريعة يطلبون بها من الجد وجدي طرد سارة ومن معها!

قالت السيدة ناريمان بحدة: "سيد سامر، بما أنك تحب ترديد هذه الكلمة، فهل ترغب في أن تُنقش أيضًا على شاهد قبرك حينما تموت؟"

نظر السيد سامر إلى السيدة ناريمان بضيق وقال: "هذا لا يخصكِ، اصمتي."

لكن السيدة ناريمان وقفت أمام سارة لتدافع عنها، وانفجرت في وجه السيد سامر قائلة: "فلترخس أنت!"

جمد سيد سامر في مكانه، وكذلك شهيرة، بل إن كل الحضور انبهروا من جرأتها.

وحده الجد وجدي الذي بدت على وجهه علامات الحرج فسعل مرتين، ثم قال: "يا زوجة ابني، انتبهي لصورتكِ، فجدة أحمد أكثر الناس ضيقًا، احذري أن تزحف إليكِ في منامكِ الليلة من قبرها لتنهال عليكِ ضربًا."

ففي الماضي، حين كانت السيدة ناريمان تغضب، كانت توبخ شهيرة أحيانًا، لكنها لم تستخدم يومًا لفظًا خارجًا، فقد نشأت مدللة كابنة أسرة عريقة.

أمّا الآن، وبعد أكثر من عشرين عامًا، كيف تحولت إلى امرأة أكثر شراسة
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 704

    قال باستياء: "أبي، هناك الكثير من الناس هنا، لا تُحرجنا حتى لا نصبح أضحوكة".قال هيثم بنبرة حادة: "جدي، بما أنك لا تطيقني، فأنا وأمي سنغادر، فقط أتمنى ألا تندم لاحقًا، هيا بنا يا أمي".كانت كلماته تحمل تهديدًا صريحًا.تدخل السيد سامر على الفور وأمسك بيديهما بقوة قائلاً: "طالما أنا موجود هنا فلن أسمح لكما بالمغادرة، أبي، أصل الخلاف كله بسببها، فهل يصعب عليها أن تعتذر؟"لكن صوتًا هادئًا دافئ النبرة ارتفع من بين الحضور: "أظن أن من يجب أن يعتذر ليس هي، بل ابنك".التفتت سارة بتعجب، فقد بدا الصوت مألوفًا لديها، وما إن أدارت رأسها حتى رأت أنه باسل، ذلك الشاب الذي التقت به صدفة في المطار قبل مدة.كان إلى جواره فتاة شابة تمسك بيده بقلق، وكأنها لا ترغب في أن يتدخل في شؤون عائلة أحمد.لكن باسل لم يبالِ، بل تقدم بخطوات واثقة، وقد بدت على ملامحه سكينة الطبيب الحاذق، وكانت أولى كلماته موجَّهة لسارة: "هل أنتِ بخير؟"منذ أن افترقا في ذلك الشتاء، مرَّ ما يقارب العامين دون لقاء. لم يكن يعرف كيف أصبحت حالتها الصحية الآن، لكن الأورام عادة ما تُحاصر المريض.حتى وإن خضع لعملية جراحية، فالأعوام الخمسة الأول

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 703

    لم تكد كلمات "قد رحل أخي الأكبر" تُقال، حتى التفت سيد سامر بنظرة حادة نحو ابنه، وسأله بجدية: "ماذا قلت؟"فأجابه هيثم بصوت هادئ يخفي سمًّا قاتلًا: "أبي، أخي الأكبر جُرَّ إلى الانفجار، وحتى الآن ما زال مفقودًا، والأرجح أنه قد فارق الحياة."ساد الذهول أرجاء المكان، فالكل يعرف أن أحمد، رغم إقامته الطويلة في دولة الشمال، إلا أن مكانته وهويته في العائلة لا يُمكن إنكارها. وإن صحّت وفاته، فإن كل الميراث وحق الوراثة سيؤولان مباشرةً إلى هيثم.عندها فقط أدرك الحاضرون سبب سماح الجد وجدي بعودة هيثم وأمه شهيرة إلى العائلة، فالحقيقة كانت مكشوفة أمام أعينهم.أما سيد سامر فقد سمع في الأيام الماضية بعض الأقاويل، لكنه ظل يظن أنها مجرد شائعات مدسوسة، فكيف يمكن أن يموت أحمد وهو في كامل قوته؟ غير أنّ سماعها الآن من فم هيثم نفسه جعله يتملكه القلق، فسأله بصرامة: "لا دليل قاطع لديك، فما الذي يجعلك تقول إنه قد مات بالفعل؟"قال هيثم بسخرية: "أبي، لقد سمعتَ كما سمع الجميع بخبر انفجار المصنع المهجور قبل أيام، فهل تظن أن أخي يمكنه النجاة من قوة تفجير كهذه؟"ساد الصمت على السيد سامر طويلًا، بينما تجمدت ملامحه كالجل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 702

    كانت شهيرة تبكي بحرقة حتى انقطع نفسها، وهي تقول: "زوجي العزيز، كنت أظن أنكما قد انفصلتما منذ زمن، وأنني سأربي ابني جيدًا وأدير شؤون المنزل بصدقٍ واجتهاد، وكنت مؤمنة أنّه سيأتي يوم يرى فيه الجد وجدي إخلاصي فيعترف بمكاني، لكن لم أتوقع أن تمر كل هذه السنوات وما زلنا غرباء، دعنا نرحل، فهذا البيت لم يعد يتسع لنا".مع أنّ السيدة ناريمان لم تنطق بكلمة واحدة، إلا أن السيد سامر قد اشتعل غضبًا من كلمات شهيرة، فبمجرد أن ساعد ابنه هيثم على النهوض، صرخ بحدة: "لماذا أنتما من يرحل؟ إن كان لا بد لأحد أن يخرج، فهي التي يجب أن ترحل!"لكنّه ما إن تفوّه بها حتى ندم فورًا، كان يعلم جيدًا أن السيدة ناريمان عانت كثيرًا في هذه السنوات، ولم يكن ينوي طردها أصلًا، بل إنه فكر أكثر من مرة أنه إن رغبت في البقاء، فلن يمانع أن تقضي شيخوختها بسلام داخل بيت العائلة.غير أنّ الغضب حين يسيطر على لسانه يجعله يطلق الكلام بلا وعي.كلمات جارحة تشبه الخناجر التي تمزّق القلب، وحتى إن سُحبت بعد ذلك تبقى آثارها دامية لا تزول.كان قد اعتاد على هذا النمط؛ يعرف في قرارة نفسه أنه يخطئ، ومع ذلك يواصل العناد، محاولًا إقناع نفسه أن بإم

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 701

    تألمت سارة حتى عجزت عن الكلام، وكانت السيدة ناريمان في الأصل تنوي الجلوس لترى مشهدًا مثيرًا، لكنها لم تتوقع أن يسبقها هذان الأم وابنها إلى إثارة المتاعب.يبدو أنهم يريدون استغلال هذه الفرصة للعثور على ذريعة يطلبون بها من الجد وجدي طرد سارة ومن معها!قالت السيدة ناريمان بحدة: "سيد سامر، بما أنك تحب ترديد هذه الكلمة، فهل ترغب في أن تُنقش أيضًا على شاهد قبرك حينما تموت؟"نظر السيد سامر إلى السيدة ناريمان بضيق وقال: "هذا لا يخصكِ، اصمتي."لكن السيدة ناريمان وقفت أمام سارة لتدافع عنها، وانفجرت في وجه السيد سامر قائلة: "فلترخس أنت!"جمد سيد سامر في مكانه، وكذلك شهيرة، بل إن كل الحضور انبهروا من جرأتها.وحده الجد وجدي الذي بدت على وجهه علامات الحرج فسعل مرتين، ثم قال: "يا زوجة ابني، انتبهي لصورتكِ، فجدة أحمد أكثر الناس ضيقًا، احذري أن تزحف إليكِ في منامكِ الليلة من قبرها لتنهال عليكِ ضربًا."ففي الماضي، حين كانت السيدة ناريمان تغضب، كانت توبخ شهيرة أحيانًا، لكنها لم تستخدم يومًا لفظًا خارجًا، فقد نشأت مدللة كابنة أسرة عريقة. أمّا الآن، وبعد أكثر من عشرين عامًا، كيف تحولت إلى امرأة أكثر شراسة

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 700

    كان هو هيثم ثانيةً، ثم رفعت سارة رأسها وحدّقت فيه ببرود قائلة: "ما الأمر؟"اليوم ارتدى الرجل بدلة بيضاء نقية، ومع وسامته البارزة بدا في أعين الغرباء وكأنه شاب أنيق ذو ذوق رفيع، غير أنّ سارة وحدها كانت تعلم أي قلبٍ خبيثٍ يختبئ تحت هذا المظهر البراق.قال مبتسمًا بسخرية: "لماذا تعاملينني بكل هذه القسوة يا زوجة أخي؟ لقد جئتُ بدافع القلق عليكِ لا أكثر".نظرت إليه نظرة حادة وردّت: "قلتُ لك من قبل، إن تجاوزتَ حدودك مرة أخرى، صدّق أو لا، سأخلع فكّك هذا بيدي".تراجع هيثم خطوة وهو يلمس معصمه بتوترٍ خفيف ثم ابتسم بوقاحة: "زوجة أخي تبدين هادئة وباردة من الخارج، لكن طباعكِ حادة فعلًا، جعلتني أتساءل، تُرى، على السرير هل سيكون الفرق بهذا الوضوح أيضًا؟"ما إن أنهى كلماته حتى رفعت سارة الكوب الذي في يدها ورشّت ماءه الدافئ في وجهه مباشرة.كانت حركتها هادئة غير أنّ المكان كان عامرًا بالأنظار، وكل فعلٍ صغير يكفي لإثارة الاهتمام، فما إن سقط الماء على وجهه حتى التفتت الأنظار إليهما في الحال.شهيرة التي لمحت المشهد تغيّر لون وجهها سريعًا، فأسرعت بخطواتها نحو سارة قائلة: "سارة، ما الذي يحدث؟ ماذا فعل ابني بكِ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 699

    كأن الزمن توقّف في تلك اللحظة، حقًا هل يمكن أن تبلغ المرأة هذا القدر من الجمال؟إحداهن كزهر الربيع، والأخرى كقمر الخريف.شدّ سامر أصابعه على كأس الشامبانيا، شعر وكأنه يحلم، أخذ يتساءل بينه وبين نفسه، هل هذه فعلًا هي السيدة ناريمان التي يعرفها؟انهمرت في ذهنه صور لا تُحصى لها وهي تكسر الأشياء بعنف، تصرخ بين الخرائب بكل ما أوتيت من قوة، أو تبكي متوسلةً ألا يرحل عنها، أو تسبّ وتشتم شهيرة بفظاظة.أما الآن، فقد بدا على وجهها البرود والكبرياء، كإلهة تسحر القلوب بنظرة واحدة، عينيها تجولان على الحاضرين دون أن تتوقف لحظة عند وجهه.كأنهما أصبحا غريبَين لا صلة بينهما، حتى نظرتها إليه غدت غريبة.بينما كان هيثم يحدّق بوجه سارة بعينين يكاد يذوب فيهما شغفًا، كان يعرف منذ زمن أن هذه المرأة فاتنة، لكنه لم يتخيّل أن ظهورها بهذه الفساتين البسيطة والأنيق سيجعلها أشبه بنجوم فوق القمر، تنظر من علٍ ببرود، وتثير في الرجال رغبة غامضة في إخضاعها.لحظة دخول الجد وجدي مع زوجة ابنه ناريمان، ثم مع زوجة حفيده سارة، جذبت أنظار القاعة بأسرها.الصورة التي بدت عليها السيدة ناريمان كانت بعيدة كل البعد عن تلك "المجنونة" ا

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status