LOGINرغم أن الأمر شديد الإحراج، فإن سارة لم تعد تكترث لذلك في هذه اللحظة.كل ما أرادته هو أن تخفي وجهها كي لا يراها أحد.انحدر ذيل فستانها الطويل على الأرض، كحورية بحر جريحة.اندفع أحمد بخطوات واسعة وهو يقتادها خارج القاعة، بينما كان مسعد يحمل الطفل ويسرع خلفهما.قال أحمد بصوت غاضب: "أحضروا الطبيب فورًا".أجابه أحدهم: "حسنًا".كان صدر أحمد يضطرم بالضيق، فهو يشتاق إلى سارة، لكنه لم يكن يريدها في مثل هذا الوضع.والأسوأ أنه لا يعرف أي دواء لعين حقنتها بها رغدة، وهل سيترك أثرًا على جسدها أم لا.دخل الطبيب ليجري الفحص لسارة، أما أحمد فقد ابتعد إلى الرواق وأشعل سيجارة.في الأفق المظلم فوق سطح البحر ظهرت طائرات مروحية عديدة، فتغيّر وجه مسعد وقال بدهشة: "سيدي، أأنت من استدعيتَ فرقة المرتزقة الخاصة؟"كان يظن أن أحمد سيلجأ إلى سلطته ويستعين بجيش نظامي، لكنه فوجئ بأنه استدعى مرتزقة.وهذا يعني أنه حتى لو وقع أمر جلل فلن تُوجَّه أصابع الاتهام إلى السلطات الرسمية.خفض مسعد صوته وقال: "لكن هذا غريب، ألم يكن رجالنا كلهم في…"فقاطعه أحمد مشيرًا بإصبعه إلى فمه، في إشارة للصمت، فمثل هذه الأمور لا يجوز البوح ب
نظرت رغدة إلى القاعة قائلة: "هل من سعرٍ أعلى؟"كان عمار على وشك رفع اللوحة، لكن من بجانبه أمسك بيده قائلًا: "سيدي، فكّر جيدًا، ثلاثمئة مليون لا نقدر على دفعها، هنا يجتمع أناسٌ كبار، فلنترك الأمر، إنها مجرد امرأة، إن شئت نستطيع إيجاد وسيلة أخرى".قال عمار بمرارة في قلبه: "حسنًا"، لكنه لم يكن راضيًا تمامًا.فالقوة هي رأسمال الرجل.أما أحمد فبقي جالسًا كما هو، ساقاه متقاطعتان، ويده تستند إلى وجنته، تشعّ منه هيبة السيد الكبير.كانت رغدة تنتظر أن تراه يسقط في الفضيحة، فإذا بها هي من تتحول إلى أضحوكة."ثلاثمئة مليون للمرة الأولى، ثلاثمئة مليون للمرة الثانية، ثلاثمئة مليون... تمت الصفقة!"أعلنت رغدة النتيجة وهي مكرهة، وقلبها يغلي.لقد أخرج الرجل حقًا ثلاثمئة مليون حقيقية!وقف أحمد يتطلع إلى رغدة بنظرةٍ وكأنه يشاهد مهرجًا: "الآن يمكنني أن آخذها معي، أليس كذلك؟"بعد نصف ساعة سيصل خالد وبقية الرجال، وحتى لو حاولت رغدة أن تلعب حيلةً ما، فسيكون الوقت قد فات.على الأقل في هذه اللحظة لا تستطيع أن تفعل شيئًا، فالجميع يراقب، ولو نكثت عهدها، فسيكون ذلك خرقًا للقوانين.وعلى الرغم من أن ما يفعلونه في الخ
بإثارة رغدة اشتعلت المزايدات من جديد، وهذه المرّة كانت أشد عنفًا بكثير من سابقتها.فقد تضاعف السعر من عشرة ملايين إلى أربعين مليونًا بسرعة أشبه بتحليق الطائرة.وعُرضت صورة سارة مباشرةً على الشاشة الضخمة، أي زاوية التقطتها الكاميرات لم تزد ملامحها إلا كمالًا.وتحت عدسة التصوير عالية الدقة، كان العرق يتصبب من جبينها بكثافة، وعيناها شاردتان، في دلالة واضحة أن مفعول الدواء بدأ يسيطر عليها.وبعض الرجال لم يترددوا، فدفعوا ببذخ مقابل هذه الحسناء.أما بين المزايدين، فلم يكن عمار قد دخل الحلبة بعد، ومع ذلك فقد ارتفع السعر حتى بلغ سبعين مليونًا قبل أن يتحرك أصحاب النفوذ.وكان التجار يدركون في قرارة أنفسهم أنهم إن ملّوا منها لاحقًا، فسوف يبيعونها إلى غيرهم، مثل هذه المرأة ستظل مطلوبة دائمًا، وسيربحون أموالهم سريعًا.ولهذا أخذ السعر يتصاعد بلا توقف، حتى أوشك على أن يتجاوز التسعين مليونًا.قال أحدهم بجانب عمار بقلق: "يا سيّدي، الوضع لا يبدو حسنًا، أليس هؤلاء قد فقدوا عقولهم؟"ابتسم عمار بازدراء: "فقدوا عقولهم؟ لا، إنهم في غاية الوعي، يريدون الاستمتاع بها أولًا، ثم بيعها لاحقًا للربح".ردّ الآخر: "ل
سُلِّطت الأضواء على وجه سارة، كانت في الأصل نحيلة، فبدت ملامحها أكثر دقة وعمقًا، خاصةً مع أثر مساحيق التجميل، حتى إن مظهرها أشبه بوجه صُمِّم بتقنية النمذجة ثلاثية الأبعاد.وبالأخص خصرها النحيل بدا شديد الرقة، فيما لم يكن صدرها صغيرًا، وساقاها طويلتين، وبشرتها ناصعة البياض.بهذا المظهر المتقن، بدت وكأنها شخصية من عالم الأنمي خرجت إلى الواقع.حتى أحمد، الذي كان دائمًا على يقين بجمال سارة، حين وقع بصره عليها في تلك اللحظة كاد ينسى أن يتنفس.عيناها اللتان غطّتهما عدسات لامعة فضية جعلتاها تبدو مختلفة تمامًا عن المعتاد.أما بشرتها المكشوفة فقد تلألأت فوقها حبيبات دقيقة من البريق، الأمر الذي جعل ذهن أحمد يمتلئ بالصور.مثل حورية عالقة على الشاطئ، أو جنية هبطت خطأ إلى عالم البشر، أو مخلوقة أسطورية تسللت إلى الأرض، جمالها لم يكن يشبه جمال البشر على الإطلاق.قال عمار ساخطًا: "اللعنة، لو علمتُ بهذا مسبقًا لرفعتُ السعر أكثر".فسارع من بجانبه بالقول: "يا سيّدي، هي جميلة بلا شك، لكنها ليست بكرًا، ألم ترَ أن لديها ابنة كبيرة؟ قبلة واحدة لا تعني شيئًا، ما دمتَ قد ظفرتَ بها، فبوسعك أن تفعل بها ما تشاء".
كان الجميع في الدائرة يعرف أن الابن الثاني لعائلة حكيم اشتهر بالطيش واللهو، ومع ثراء عائلة حكيم الفاحش، فإن إصراره على المزايدة لم يكن أمرًا مستغربًا.أما أحمد فلم يكن يرغب أبدًا في الاصطدام بعائلة حكيم ، إذ إن أكثر ما يرهقه هو كبير تلك العائلة العجوز.في القاعة لم يبقَ سوى الابن الثاني يواصل المزايدة، حتى ارتفع مبلغ كشف القناع إلى أربعين مليونًا.حتى عمار شعر أن الأمر مبالغ فيه، فازداد غضبًا وقال بانفعال: "من هو الأحمق الذي يجرؤ على مجاراتي؟"اقترب منه أحد رجاله وقال: "سيدي، لقد تحققنا لكن هوية الرجل غامضة للغاية، لا نعرف من يكون، لكن كلما رفعتَ السعر رفعه هو الآخر على الفور، يبدو أنه عازم على الفوز، برأيي لِم لا نتوقف هنا ونحتفظ بقوتنا للجولات القادمة؟"قهقه عمار ساخرًا وقال: "حسنًا، سأدعها صفقة مجانية، لنرَ إن كانت هذه المرأة تستحق أربعين مليونًا، ولعلّ ذلك الأحمق يموت غيظًا."أُغلق المزاد أخيرًا على مبلغ أربعين مليونًا، وأصابت الدهشة الجميع، إذ أرادوا معرفة من ذلك الأحمق الذي ينفق ثروة طائلة مقابل قبلة واحدة.بل إن بعضهم جلسوا يتشفّون، متسائلين إن كان قادرا أصلًا على دفع المال، لك
كانت رغدة تريد فقط أن ترى أحمد وهو يفقد أعصابه، فهي تدرك أنه في أعماقه لا يريد لوجه سارة أن ينكشف أمام عيون الرجال الآخرين.إن لم يدفع المال، فسيكون هناك من سيدفعه، ولهذا فإن الخطوة الأولى، أي رسوم كشف القناع، لا بد أن يدفعها هو.العشرة ملايين لم تكن إلا الحد الأدنى، وكانت أيضًا فرصة لرغدة لاختبار مدى قوة أحمد المالية.فإن أخرج هذا المبلغ، فلن يحصل إلا على قبلة واحدة فقط، بينما "حق الاستعمال" بعد ذلك ليس رقمًا هينًا، فبماذا سيدخل المزاد لاحقًا؟أما لو ادّخر المال ليستعد للمزايدة القادمة، فهذا يعني أن سارة ستُجبر على أن يقبّلها رجل آخر.بغضّ النظر عن خياره، فقد عقدت رغدة عزمها على إذلاله.لكنها، مهما حسبت، غاب عنها أمر واحد، وهو أن أحمد، منذ أن وُلد، ربما كان يعاني من قلة الحب، لكنه قطعًا لم يعرف يومًا معنى قلة المال.فعائلة أحمد تحمل إرثًا تجاريًا عريقًا عمره قرن كامل، يضاف إليه موهبته الفطرية في التجارة منذ صغره، هذا فضلًا عن قوة عائلة السيدة صابر لناريمان في الخارج، إذ تُعد من كبريات العائلات هناك.لم يكن ينظر إلى من حضروا نظرة تقدير، بل رأى أنهم جميعًا لا يساوون شيئًا أمامه.بالطبع


![زوجتي الحبيبة: [سيد عبّاد، لقد غازلتك بالخطأ!]](https://acfs1.goodnovel.com/dist/src/assets/images/book/43949cad-default_cover.png)




