Share

الفصل7

Author: ون يان نوان يو
حين ابتعد أنس تمامًا، أدرك طارق أنه نجل عائلة الفاروق الثاني، فأسرعَ في إطلاق لينا، وهرول خلفهُ لتحيته.

لكنَّ أنس صعد إلى سيارته فورًا، وأغلق الباب بعنف بصوت مدو، ثمَّ انطلقت معه عشراتُ السيارات الفاخرة التي كانتْ تنتظر بالخارج.

أدرك طارق أنه أضاع الفرصة، فعاد أدراجهُ ليبحث عن لينا، لكنه وجدها قد هربت نحو المصعد الجانبي.

ومسح شفتيه اللتين قَبّل بهما لينا قبل قليل، بينما اشتعلتْ في عينيه ومضات حماس الصياد الذي يشمّ رائحة الفريسة.

"يا أحمد، ابحث عن عنوان سكنها."

فأجابهُ أحمد، الذي كان يتبعه من خلف، بخضوع: "حاضر يا سيدي."

وبينما عادت لينا إلى منزلها، وضعت حقيبتها جانبًا، ثمَّ جلستْ على الأريكة شاردة الذهن.

ولم تستفق من شرودها إلا حين رنَّ جرس هاتفها.

فأخرجت الهاتف من الحقيبة، وعندما رأت الرقم الظاهرَ على الشاشة، عبستْ قليلًا.

كان المتصل هو سامح فما الذي يدعوه للاتصال بها؟

ترددت لينا لبضع ثوان، ثمَّ فتحت الخط: " المساعد سامح، هل هناك امر ما؟"

فجاءها صوتهُ الخاضعُ المهذب: "آنسة لينا، لقد وجدتُ بعض أغراضكِ في الشقة أثناء تنظيفها، متى ستتسنى لكِ فرصةُ استعادتها؟"

ظنت لينا أن أنس هو من يريد التواصل معها ليفسرَ ما حدث، فلم تكن تتوقع أن الأمر لم يتعدَ نسيان بعض أغراضها. فتحطم قلبها فجأة.

"أيها المساعد سامح ، يمكنك التخلص منها."

وما إن أنهت كلامها، أغلقت الخط دون أن تمنح سامح الفرصة للرد.

ثم قامت بحذف جميع وسائل الاتصال الخاصة بـسامح وأنس بلا تردد.

بالأمس، كانت لا تزال تتوهم أن أنس سيتصل بها، لذا لم تجرؤ على حذفه.

لكن الآن، بعد أن عرفت الحقيقة كاملة، انطفأ كل أمل في قلبها.

أغلقت هاتفها، ثم انكمشت على الأريكة وغرقت في نوم عميق.

لم تعرف كم ساعة نامت، حتى أيقظها صوت طرق على الباب.

مريم كانت تعمل في الفترة المسائية مؤخرًا وتعود متأخرة، وقد تركت مفاتيحها معها.

عندما سمعت الطرق، ظنت أن مريم قد عادت من مناوبتها المسائية، فنهضت مسرعة لفتح الباب.

ولكن عندما فتحت الباب، لم تكن مريم بل طارق!

حالما رأت ذلك الوجه المتناقض بين المظهر المهذب والجوهر الفاسد، شحب لون وجهها فورًا.

حاولت إغلاق الباب بسرعة، لكن طارق مدّ ذراعه الطويل ودفع الباب ليفتحه.

تراجعت لينا إلى الوراء خائفة من فعله.

"سيد طارق، ما الذي تُريدُه؟!"

ذلكَ المختلّ قد وجد طريقه إلى منزلها!

رآها طارق ترتعد كأرنب مذعور، فازداد اهتمامًا بها.

اتكأَ بيديه على الباب، وحنى رأسه نحوها: "لا تخافي، لن آكُلَكِ!"

كانت عيناه سوداء اللون، مع لون رمادي من عرق مختلط، تتقدان بحماس كالصياد الذي يحدق في فريسته.

"آنسة لينا، ألن تدعيني أدخل لأجلس قليلاً؟"

سألَها بأدب، لكنَّ صوته أرعبها.

فكيفَ لها أن تدعَ رجل مثل طارق يدخل، وهي تعرف جيدًا ما يمكن أن يفعل؟

أجابَتْ ببرودٍ: "المعذرة، هذا منزل صديقتي، لا يمكنني."

حاولت إغلاق الباب بسرعة، لكنَّه سبقها بخطوة طويلة، ودخل مُغلقًا الباب خلفه.

أُغلق الباب، وفقدت لينا أيَّ فرصةٍ للهروب.

اسودَّ وجهُها، وعلاهُ الظلام.

"سيّد طارق، ما غايتك من هذا؟"

"غايتي أنتِ"

قال ذلك بعينين ثابتتين تحدقان بجسدها، ولم يحاول إخفاء غرضه مطلقًا.

كانت لينا قد ارتدت قبل نومها رداءً حريريًا، ذا رقبة متسعة بعض الشيء.

وبما أن طارق أطول منها، فأبصر ما لم يكن ليراه لو كان في مستواها.

أسرعت بضمّ طرفي ردائها لتستر صدرها، لكنّ في هذا الالتفاف المحكم برزت أنحاؤها بجلاء. ذلك الوجه الصغير كراحة اليد، وإن شابه شحوب المرض، إلا أنه يثير الشفقة.

ملامحها الناعمة التي تخلو من أيّ عيب، وعيناها الصافيتان كالماء، وكأنهما تحويان نجومًا.

تحت تموّجات شعرها الكثيف كأعشاب البحر، تتراءى أنوثةٌ فاتنة في تناسق بديع بكل جزء في جسدها.

ذلك الجمال الآسر الذي يخطف الأبصار، يثير شهوة الجميع بسهولة.

وهذا هو ما أسر طارق منذ ذلك اليوم الذي جاءت فيه بتلك الوثائق، حيث كاد لا يتمالك نفسه.

وها هي الآن تقف أمامه مرتديةً ثوب نوم رقيق، فكيف له أن يتحمل؟!

ألهبت مشاعره الجامحة غريزته، ففقد طارق صوابه، ودفعها بفظاظة نحو الحائط.

"سأعطيك مائة ألف دولار. مقابل ليلة واحدة!"

ارتعدت لينا خوفًا، ودفعت بيديها يائسةً ضد صدره محاولةً إبعاده.

"ابعد عني! لست امرأة تُشترى بالمال !"

لقد نجت لتوها من مصير العيش تحت وصاية أحدهم، وما أسرع ما عاد القدر ليقدمها لقمة سائغة لمن يدفع أكثر! سخرية قاسية!

"خمسمائة ألف دولار. مع فيلا فاخرة!"

"حتى لو عرضت عشرات الملايين، لن أقبل! اتركني الآن وإلا سأتصل بالشرطة!"

"اتصلي! من يجرؤ على اعتقالي؟!"

لم يبدُ طارق أدنى خوف، وواصل تقبيل وجهها بعشوائية.

حاولت الهرب بكل قواها، لكنه نجح في وضع قبلة على جبينها.

ذلك الملمس البارد، كأنه لسان ثعبان زاحف، أشعرها بالقرف الشديد.
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (2)
goodnovel comment avatar
ام عبدالرزاق عبدالرزاق
حرام مسكينه
goodnovel comment avatar
Zainab Alfarsani
اتوقع تقع في حبه
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 1012

    بعد أن بحثت فاطمة بعناية في ماضي مريم، ابتسمت وقالت: "آنسة مريم، هكذا أنا، دائمًا ما أولي اهتمامًا لأمور تامر، كما أنه أيضًا مولع بالقراءة ولا يجيد سوى الدراسة ولا يفهم شيئًا في العلاقات الاجتماعية أو ملاحقة الفتيات. بصفتي والدته، أشعر بالقلق كثيرًا، لكن هذا حال جميع الآباء والأمهات في الدنيا، ولا بد أنكِ تتفهمين ذلك، أليس كذلك؟"ليس لديها والدين، فكيف لها أن تتفهم؟ شعرت مريم بعدم الارتياح قليلًا، فابتسمت ابتسامة مصطنعة، واختلقت عذرًا لتنهض وتقول: "عمي، عمتي، سأذهب إلى دورة المياه أولًا، تناولوا الطعام."ما إن غادرت مريم، حتى تلاشت فجأة ابتسامة فاطمة الأنيقة، وقالت: "تامر، مع أن كلامها مقنعًا تمامًا، إلا أنني لا أصدق أن فتاة خاضت تلك التجارب في أماكن ترفيهية ستكون نظيفة."كان الرجل الذي يجلس على المقعد الدائري المجاور متكئًا بظهره على الأريكة المصنوعة من خامة الكراتييه، وأمال رأسه قليلًا، فانسدلت خصلات شعره السوداء، وعيناه الحادتان اللتان تخفيان بريقًا مثبتتان على كأس النبيذ الذي تنعكس عليه الأضواء.كان سهيل يجلس إلى جانبه، وعندما لاحظ أنه يريد السماع بوضوح أكبر، سارع بإخراج هاتفه، ووض

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 1011

    كان سؤالها مُبهمًا للغاية، ولو كانت فتاة أخرى لما استطاعت فهمه، لكن مريم كانت مختلفة، فقالت: "لا يوجد أي سبب خاص. أردت فقط أن أستقر في مدينة اللؤلؤة، والاستقرار في هذا المكان الثمين يحتاج إلى المال، وأنا لا أقوم بصفقات الجنس مقابل السلطة، فلم أملك إلا الاعتماد على شرب الخمر مع الزبائن لكسب المال وشراء شقة. في البداية، شعرت أن ذلك يُرضيني تمامًا، لكن عندما تعرضت للاستغلال من قبل الأثرياء وأصحاب النفوذ، فأدركت أن الوظيفة المستقرة لا تُحقق لي شيئًا."بددت تلك الكلمات شكوك فاطمة في أن مريم باعت جسدها لتصل إلى مكانتها، وقالت: "فهمت، تجربتكِ تشبه تجربتي قليلًا، لكن كانت درجاتي في المدرسة أفضل بقليل، فاجتزت كل الامتحانات وسافرت إلى الخارج والتحقت بجامعة مرموقة، وهكذا تمكنت من ترسيخ مكانتي تمامًا. الحياة ليست سهلة على المرأة، يمكنني تفهمكِ."لم تُظهر فاطمة رفضًا واضحًا، لكن كلامها كان يحمل دائمًا إحساسًا بتفوقها على الآخرين، مما جعل مريم تشعر بعدم الارتياح قليلًا، فرفعت عينيها مجددًا ونظرت إلى تامر، فبدا وكأنه لم يفهم قصد والدته، ولم ينطق بكلمة دفاعًا عنها، بل ظل مشغولًا بوضع أنواع من الطعام ف

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 1010

    عندما دخلت مريم إلى المطعم، وبعد أن رآها تامر الذي كان يجلس على المقعد الدائري الأنيق، نهض فورًا ولوّح لها بيده قائلًا: "مريم، نحن هنا."عندما رأت مريم ذلك الشخص ذو الهيبة والمفعم بالطاقة، شعرت ببعض الخوف وأرادت الانسحاب، لكنها كانت قد دخلت بالفعل، وكان عليها المضي قدمًا.شدّت قبضتيها وسارت نحوه، ثم لاحظت الزوجين في منتصف العمر الجالسين في أقصى الطاولة.كان الرجل يرتدي بدلة أنيقة وربطة عنق سوداء، وقوامه مهيب وملامحه وسيمة، ويشبه تامر إلى حد ما.كانت المرأة ذات وقار وأناقة، وقوامها رشيق وملامحها لطيفة، فبدت هادئة وطيبة.عندما رآها الاثنان، استقبلاها بسرعة مبتسمان، وقالا: "آنسة مريم، تفضلي بالجلوس."كانا ودودين جدًا، ودعوها لتجلس، ثم سألاها عمّا ترغب في تناوله، وتركاها تختار بنفسها، وفي هذه الأثناء، كان تامر منشغلًا بمناداة النادل.أسلوبهم الودود خفف ببطء من توترها، فطلبت بعض المشروبات حتى لا تجعلهم ينشغلون أكثر من ذلك.لم يتحدث والد تامر كثيرًا، أما والدته فاطمة الهلالي، كانت هي من تطرح الكثير من الأسئلة: "آنسة مريم، منذ متى وأنتِ على علاقة مع تامر؟"نظرت مريم إلى تامر الذي كان يقطع شري

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 1009

    عندما كان يقول ذلك، مرّ أحدهم بجانبهما ونظر إليهما بدهشة كأنه سمع ما قاله، فاحمرّ وجه لينا المستدير، وقالت: "يا إلهي! أطبق فمك بسرعة."غطت شفتيه وهي تصرخ قائلة: "لم تكن كثير الكلام في السابق، فلماذا أصبحت ثرثارًا الآن؟"فتح أنس شفتيه ليردّ عليها، لكنها ضغطت عليهما مجددًا، وقالت: "يا إلهي! لا تفتح فمك بعد الآن، أغلقه!"وبينما كانا يتجادلان بمرح، وصل سامح برفقة العروس إلى الفندق، وجلس جميع من في قاعة الحفل.صعد مُقدم الحفل إلى المنصة، مُلقيًا الكثير من كلمات التهنئة المُبهجة قبل أن ينتقل إلى الموضوع الرئيسي ويدعو العروسين للصعود إلى المنصة.سُلط الضوء على العروس، وجعلها الضوء الرقيق تبدو جميلة كحورية نزلت من السماء.وقفت على الطرف الآخر من السجادة الحمراء وفي عينيها ابتسامة، تنتظر بهدوء العريس الوسيم ليأخذها.كان سامح يحمل باقة من الورود، مرتديًا بدلة سوداء بذيل طويل، وقد سرّح شعره إلى الخلف كاشفًا جبينه اللامع الممتلئ، وسار بحيوية تجاه الدكتورة شيماء.ناولها الورود بثقة، ثم أمسك بيدها وسارا خطوةً بعد الأخرى على السجادة الحمراء على أنغام موسيقى الزفاف الهادئة المهيبة، متجهين نحو المنصة.

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 1008

    كانت لينا تمسك بذراع أنس وهما يدخلان قاعة حفل الزفاف، وفي تلك اللحظة تمامًا صادفا أمير خارجًا.توقف كلاهما قليلًا، وحدق أمير في هذين الزوجين المثاليين أمامه، ولم يستطع تمالك نفسه، وسخر قائلًا:"سيدة لينا، لم أركِ منذ وقت طويل."تجاهل أنس تمامًا، وألقى التحية فقط عليها، وعيناه تحملان احتقارًا وازدراءً.لم تردّ لينا عليه، وجذبت أنس ليمرّا من جانبه، لكن عندما خطيا بخطواتهما، أطلق أمير فجأة ضحكة ساخرة."سيدة لينا، لم تكوني بهذه النضارة عندما رأيتكِ آخر مرة، يبدو أن حياتكِ الزوجية سعيدةٌ جدًا."لقد كان كلامه صريحًا جدًا، وإذا تجاهلته مجددًا، فستكون تلك إهانة مبالغ فيها."لا شأن لك بسعادتي من عدمها يا دكتور أمير."رفع أمير شفتيه بابتسامة احتقار."هذا صحيح، أنا فقط أعرف أن سعادتكِ تلك نتيجة تضحية شخص بحياته."تجمدت فجأة يد لينا التي كانت تمسك بذراع أنس، وظهر بعض الاضطراب على وجهها.شعر أنس بذلك، فتردد لثانيتين قبل أن يلتفت مباشرة ويحدق فيه ببرود."هل وليد من جعلك تقول ذلك؟""هه"أطلق أمير ضحكة ساخرة."لقد اختار أن يحقق مبتغاكم، فكيف سيطلب مني أن أقول مثل هذا الكلام؟"كان أنس يرتدي بدلة سوداء،

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 1007

    كان التحقيق في أمر تامر عاجلًا، لكن حفل زفاف سامح والدكتورة شيماء يجب أن يقام في موعده.كان حفل زفاف مساعد الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاروق فخمًا للغاية، واصطفت السيارات الفاخرة أمام مدخل فندق المرجان.لم يقتصر الحضور على شخصيات بارزة فقط من مدينة اللؤلؤة، بل حضر أيضًا من تربطهم أعمال تجارية بمجموعة الفاروق.حجز سامح الفندق بأكمله، ليضمن أن يكون لكل الضيوف، سواء كانوا مدعوين أو غير مدعوين، مكان يجلسون فيه.زوجة والد أمير هي من أنجبت سامح، لذا أتى شخص أيضًا من عائلة أبو النور، وهو أمير.دخل الرجل الفندق دون أن يقول الكثير، لكنه ما إن رأى منى حتى اعترض طريقها في نهاية الممر.كان يرتدي بدلة سوداء، وهيئته نبيلة، وملامحه باردة، ومطبقًا شفتيه لتكشف عن قسوة باردة."استلمت استدعاء المحكمة، يا لكما من جريئين! تجرؤان على رفع قضية ضدي!"لمست أصابعه البيضاء التي قاربت على أن تصبح شفافة خد منى، لكنها تفادته بوجه بارد."أما زلت تتحرش بي ونحن نرفع عليك دعوى قضائية؟ ألا تخشى أن تُضاف تهمة جديدة؟"ابتسم أمير ابتسامة هادئة وواثقة تشبه مصابيح القاعة البيضاء، لامعة وآسرة، لكنها مؤذية."منى، وفقًا لعلاقتنا،

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status