Share

الفصل8

Author: ون يان نوان يو
لم يكترث طارق لمشاعرها، ومزق فجأة ثوب نومها.

عندما انزلقت ذلك اليد الباردة المقززة على ظهرها، انطلقت صرخة رعب من لينا.

"طارق!"

صوتها المدوي أوقف يده المتجولة للحظة.

لكنه تردد فقط لبرهة، ثم عاد يحاول نزع ملابسها الداخلية بقسوة.

احتدم غضب لينا حتى كادت تتمنى قتله: "إذا لم تتوقف الآن، سألجأ للقانون!"

توقفت يده مرة أخرى وهو يسحب سرواله، ثم ضحك ساخرًا كأنه يسمع نكتة سخيفة: "حتى الشرطة لا تستطيع لمسي، فكيف بقضية هزيلة؟!"

شددت قبضتها، وقالت وهي تضعط على أسنانها: "أعرف أن عائلتك ذات نفوذ، لكنّي لا أخشاك! في عصر الإعلام هذا، إن تجرّأت على إسكات الحقيقة بقوّتك، سأكشف فضائحك على الملأ "

رفع طارق حاجبيه باستخفاف: "حسنًا! اذهبي للإعلام! أنا بحاجة لبعض الشهرة على أي حال!"

كان رده الصريح دليلًا على عدم اكتراثه، مما أشعر لينا بإحباط عميق. لقد واجهت وحشًا من نوع خاص، ليس مجرد مخلوق منحرف، بل نجل عائلة ثرية تملك السلطة لإسكات أي صوت بمجرد إشارة. مواجهتها المباشرة له ستكون كاصطدام عصا رفيعة بجبل.

بدأ عقلها يستعيد توازنه ببطء. مع خصم مثله، لا مكان للمواجهة المباشرة. فلا يمكنها مجابهته جسديًا، ولا تملك نفوذ عائلة مثله، كان التظاهر بالخضوع هو سلاحها الوحيد.

بصوت ناعم مفعم بالذكاء، همست: "سيّد طارق، ليس قصدي إهانتك... ولا أحب التهديد. ببساطة لا أستطيع مشاركة لحظات حميمة مع من لا أحب."

لاحظت تليينًا طفيفًا في ملامحه، لكنه بالتأكيد لن يترك فريسته تفلت.

أمال رأسه، مقتربًا أكثر: "وماذا لو كنتُ مصممًاعلى امتلاككِ؟"

شعرت بموجة غثيان، لكنها كتمت اشمئزازها: "أعطني وقتًا لأتعرف عليك. عندما يولد الحب، ستكون كل الأشياء جميلة. أما الآن، فإجبارك لي سيزرع الكره فقط."

ابتسم بلا اكتراث، "شعوري هو ما يهم."

إن وقاحته صادمة لدرجة أن لينا – التي كانت تتظاهر بالهدوء – لم تستطع إخفاء ارتعاشة خفيفة على ملامحها.

كتمت لينا رغبتها الجامحة في صفعه، واستمرت في محاولة التفاوض بحكمة: "سيّد طارق، يُقال أن العلاقة بين المتحابين تختلف كليًا عن الإكراه... ألا ترغب في تجربة ذلك؟"

لم يكن طارق أحمقًا، فقد أدرك على الفور أنها تحاول المناورة للخلاص. لطالما ظنها امرأة بلا عقل، لكن ذكاءها المفاجئ في تغيير تكتيكها بعد فشل التهديد، أثار اهتمامه.

أدار رأسه ببطء وهو يدرسها، دون أن يكشف خديعتها، "في النهاية، الأمر واحد!"

كانت عبارته فظة إلى حدّ الإحراج، لكنها تماسكت وأكملت بإقناع: "بل مختلف تمامًا، الحب وحده يمنح اللحظة قدسيتها."

أمال طارق رأسه نحوها وهو يقترب بخبث: "هل جربتِ ذلك من قبل؟"

تصلّبت ملامح لينا للحظة، بينما عبر ذهنها صورة أنس وهو يحتضنها. إحساسٌ قاسٍ كالسكين اخترق قلبها فجأة.

لوعلم أنس بحالها بين مخالب هذا الوحش، كيف سيكون رد فعله؟

هل سيغضب؟ هل سيغار؟ هل...؟

انغمست في تخيلاتٍ عن مشاعره المحتملة، حتى همس لها صوت داخلي مرير، لا، لن يهتم.

لمّا رأى صمتها، أطلق طارق ضحكة ساخرة: "تريدينني أن أنتظر حتى تحبّيني؟! هذه سذاجة لا تُطاق."

لم يعتدْ أن ينتظر عند اصطياد فرائسه – فكلّ ما يهمّه هو إشباع رغبته في الحال. كلّ تلك الألعاب العاطفية لم تكن سوى مضيعة للوقت.

على الرغم من إحساسها بالإحباط، لاحظت لينا أن نظراته الشهوانية خفت حدّتها بعض الشيء. فاستجمعت شجاعتها واستمرّت بإقناعه بنبرة هادئة: "أعطني ثلاثة أشهر فقط، حينما أحبّك، سأقدِم إليك بلا تردد."

"مستحيل."

رفض على الفور: "ثلاثة أشهر مدة طويلة، لا أملك هذا الصبر."

وراء رفضه الواضح، كان هناك مساحة للمساومة. فسارعت لينا إلى التراجع خطوةً إلى الوراء: "إذن شهرين فقط، هل هذا مقبول؟"

لمح طارق نظرة الأمل التي برقت في عينيها فجأة، فلم يتمالك نفسه من لمس خدها برفق: "سأمنحكِ ثلاثة أيام فقط."

في قرارة نفسه، كان يفضل عدم الانتظار، لكن منطق حديثها عن العلاقة القسرية قد أثر فيه. فبالرغم من أن الإجبار قد يمنحه بعض المتعة العابرة، إلا أنه يدرك أن التجربة الحقيقية تتطلب شيئاً آخر.

قرر أن يمنحها هذه المهلة القصيرة لتتكيف، ففي النهاية، بضعة أيام لن تحدث فرقًا كبيرًا، بهذه الطريقة، سيكون لديه متسع من الوقت للتحضير للقاء المقبل.

امرأة مثل لينا – بجمالها وذكائها النادر – تستحق أن تُعامل بخصوصية، وأن تُقدّم لها التجربة بتمهّل وحكمة.
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (2)
goodnovel comment avatar
Benchikh Hayat
كم من فصل في الرواية
goodnovel comment avatar
Halima Janati
Nice story
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 454

    كانت قبلته خفيفة، توقفت عند حدود التذوق، ثم أفلت شفتيها.كانت لمسة أطراف أصابعه البيضاء التي انسابت على خصلات شعرها، ثم لامست وجهها، باردة.نظرت لينا إلى إصبعه الذي كان يتتبع به حاجبيها، ثم أمالت رأسها قليلاً، متجنبةً لمساته.كانت حركتها بالكاد تُلحظ، لكنها أثارت في قلبه آلاف الشكوك، مسببة له ألمًا خانقًا على الفور.تحت جفنيه المزدوجين، كانت عيناه الجميلتان يكسوهما الألم شيئًا فشيئًا، ويغمرهما ضباب مائي، يبلل حدقتيهما المحتقنتين بالدماء."ألا توافقين؟"كان يعرف الجواب لكنه سأل."أجل."أومأت لينا برأسها، وعادت المشاعر المعقدة في عينيها الفاتحتين تدريجيًا إلى الوضوح.كان ردها هو القشة التي قصمت ظهر البعير، حطمت إيمانه فشعر بالعجز وكأنه بلغ نهاية حياته."لماذا؟"لماذا لا توافق على أن تكون معه حتى بعد أن شرح لها كل شيء بوضوح؟لماذا لا يستطع أن يظفر بها رغم بذله قصارى جهده ليفعل ذلك؟لم يُرد في حياته سواها، فلماذا لا يستطيع الحصول عليها؟أطرقت لينا رأسها، وفكرت للحظة، ثم رفعت عينيها الصافيتين اللامعتين، وحدقت فيه."هل تعرف كيف كنت قبل ثماني سنوات؟"ذلك الماضي قبل ثماني سنوات كان ملكًا لوليد

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 453

    توقف أنس عند هذا الحد، وعيناه الشبيهتان بزهر الخوخ، اللتان بالكاد نامتا منذ أيام، احمرتا مجددًا حين نظر إلى لينا."لينا، ذلك المطعم الفرنسي ليس مطعمًا مخصصًا للأزواج، بل هو مجرد مطعم غربي عادي.""ثم إن زجاج المطعم منخفض الانبعاث، وعند حلول الليل، لا يمكنك رؤية الخارج."كانت لينا تشعر بالذهول، وما إن سمعت هاتين الجملتين، لم تستطع السيطرة على رموشها، فارتجفت قليلاً.كانت أصابع أنس تلامس حاجبيها برفق ولطف، كما لو أنه يهدئ من قلقها."إن هوية جمانة مرتبطة بالعائلة المالكة البريطانية، مما يجعلها ذات طبيعة خاصة، وإذا أرادت التحرك، فلا بد من تزييف دليل على غيابها.""لقد توسلت إليّ أن أساعدها وأتظاهر أننا حبيبان، ولكنني لم أرغب في ذلك، فأدرت رأسي ونظرت من النافذة، وصادف حينها أنكِ جئتِ لرؤيتي."بعد أن أنهى كلامه، جذب جسدها الصغير إلى حضنه، وكانت عيناه الشبيهتان بزهر الخوخ تحت رموشه الكثيفة تفيضان بالاعتذار. "لينا، أنا آسف، لم أركِ حينها. لو كنت أعلم أنكِ بالخارج، لكنت خرجت بالتأكيد لرؤيتكِ."عقدت لينا حاجبيها وهي تنظر إليه بذهول، ولكنه رفع أصابعه الطويلة، ومسح على حاجبيها شيئًا فشيئًا."حين خر

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 452

    رفعت لينا رأسها قليلاً، ونظرت إلى وجهه الشاحب، ثم فتحت شفتيها قائلة:"اذهب إلى المستشفى أولاً."لقد قال من قبل عندما كان في واشنطن إنه يعاني من صداع، لكن هذه المرة، سقط على الأرض فاقدًا للوعي بمجرد أن دفعته، ولا تدري ما خطبه بالضبط."لا يوجد ما هو أهم منكِ."حملها أنس، وأجلسها فوق ساقه، ثم أسند رأسه برفق على الأريكة، ورفع رأسه لينظر إليها.كانت في الأعلى، بينما هو كان في الأسفل، كانت وضعيتهما غامضة، فحاولت لينا أن تنزل عن ساقه، لكنه أمسك بخصرها، مانعًا إياها من الحركة.شعرت لينا أن هناك خطب ما بالجزء السفلي منه، فتوقفت عن الحركة، واكتفت بالتحديق به.أمسك أنس بخصرها، وبعد أن كبح اضطرابه الداخلي، فتح شفتيه قائلاً:"لينا، في الواقع، إن السيد فراس ليس هوية مزيفة، بل هو هوية أخرى لي.""عندما كنت في السابعة من عمري، أسس لي السيد متولي منظمة، اسمها الرمزي 'إس'"."تمتد هذه المنظمة حول العالم، وكل أعضاؤها من العائلات النبيلة، وأنا قائدهم."كانت لينا تظن أن السيد فراس هو مجرد اسم وهمي، لكنها لم تتوقع أن يكون له هوية أخرى.لا عجب أنه استطاع الدخول والخروج بحرية من مبنى الكونغرس في واشنطن، وأن الم

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 451

    شدت لينا قبضتيها، وحدقت في الرجل أمامها باستياء شديد."لقد استخدمت هوية مزيفة لإجباري، وجعلتني أعتقد طوال الوقت أنني تعرضت للاعتداء من شخص غريب.""ذلك الشعور بالاشمئزاز والضيق ظل يعذبني، ولم أستطع التخلص منه لوقت طويل.""لقد تعمدت إخفاء الأمر عني ولم تذكر شيئًا، هل فكرت يومًا في مشاعري؟"وقعت كلماتها في أذن أنس كالإبر الحادّة، فاخترقت طبلة أذنه، وتسللت بداخله شيئًا فشيئًا حتى أفقدته صوابه."لينا، لم أتعمد إخفاء الأمر عنكِ، لكن بعد عودتكِ، حدثت بيننا أمور كثيرة.""كل ما كنت أفكر فيه هو كيف أستعيدكِ، ونسيت تمامًا أمر السيد فراس."وما إن أنهى حديثه، حتى ضم لينا الغاضبة بقوة إلى حضنه مجددًا."أنا آسف يا لينا، فعلى أي حال، كنت أنانيًا للغاية، ولم أراعِ مشاعركِ."حاولت لينا جاهدة أن تدفعه بعيدًا، لكنها لم تستطع التغلب على قوته، وأخذ جسدها الصغير يرتجف بالكامل.رفع أنس أصابعه ذات المفاصل البارزة ومررها على ظهرها، مهدئًا إياها بلطف مرة بعد مرة."لينا، كان هذا خطأي آنذاك، فلا بأس إن لُمتني أو كرهتني، لكن صحتكِ ليست على ما يرام، فلا تغضبي، حسنًا؟"كان يهدئها بتلك الكلمات اللطيفة، لكن لينا لم تقت

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 450

    "أنا هو السيد فراس."مسح وجهها الجميل بلطف بسبابته، وكانت عاطفته العميقة في عينيه أشد إشراقًا من ضوء الشمس في الخارج.حدّقت لينا باهتمام في الرجل النبيل الذي أمامها، رغم أن الشك ساورها منذ زمن، إلا أنها لم تستطع تصديق الأمر حتى الآن...بعد لحظة صمت، أمسكت بالقناع النحاسي الذهبي في يدها، ووقفت على أطراف أصابعها، ووضعته عليه...عندما التقى أنس بالسيد فراس الذي في ذاكرتها، شعرت لينا فجأة بالذهول والارتباك.انتقلت نظرتها ببطء إلى رقبته النحيلة، حيث وشم التنين الأزرق..."إنه مرسوم."وكأن أنس قرأ ما يدور في ذهنها، فبادر بتفسير الأمر بصوت منخفض.مرسوم؟ إذًا حتى أسلوب الملابس، وتسريحة الشعر الفوضوية، والصوت الأجش، وحتى الهالة المحيطة به كانت كلها تمثيل؟تراجعت خطوة إلى الوراء غير مصدقة: "أنت... لماذا استخدمت هوية مزيفة لإجباري وخداعي؟"كان سؤالها الهامس كسكينٍ يطعن قلبه، ملأه بالذنب والندم والخوف.كان مرعوبًا من فقدانها، فتقدم نحوها، واحتضنها بين ذراعيه، ممسكًا بها بكل قوته.ضغطت لينا بيديها على صدره الصلب، عاجزةً تمامًا عن الحركة، فتوقفت عن المقاومة، ورفعت رأسها لتنظر في عينيه."هل كنت تعتقد

  • لا تعذبها يا سيد أنس، الآنسة لينا قد تزوجت بالفعل   الفصل 449

    ذلك الباب المغلق بإحكام، سرعان ما وصلت إليه خطوات ثابتة وقوية، خطو خطوة تلو الأخرى حتى توقفت فجأة عند المدخل.توقعت لينا أن يفتح الطرف الآخر الباب فورًا، لكن لم يكن هناك أي حركة، وما إن همت بالطرق مجددًا، حتى انفتح الباب فجأة.أمسكت يد نحيلة بمعصمها وسحبتها إلى الداخل بسرعة جنونية ——خارج الباب، لم يرَ نادر سوى يد تمتد، واختفت لينا في لحظة.العصى الصغيرة التي اشتراها ورجال الشوارع الذين استأجرهم لم يُستخدم منهم أي شيء، بل وفقد لينا أيضًا...وقف هناك، فمه يرتعش، وجهه مشوه، وفجأة خرجت مجموعة من الحراس من مكان غير معروف.أشار القائد إليهم وصاح: "اقبضوا عليهم وقدموا بلاغًا بتهمة التجمع وإثارة الشغب!"عندما سمع رجال الشوارع أنهم سيؤخذون إلى الشرطة، صرخوا مذعورين، وألقوا القضبان وفروا في كل الاتجاهات!سقطت القضبان الحديدية، واصطدمت بقدمي نادر، فأحس بألم شديد، وأظهر أسنانه متألمًا، وبدأ يتصبب عرقًا باردًا.قبل أن يلتقط أنفاسه، جلس الحارس الشخصي الرئيسي أمامه وربت على كتفه بحنان."يا أخي، تعال معنا..."ثم حمله أربعة حراس شخصيين محترفين إلى المصعد الخاص، أدخلوه واقفًا وأخرجوه مستلقيًا، الأمر ال

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status