Share

الفصل 8

Author: ندي عبد الرحمن
"هل يوجد شئ آخر؟"

قالت يارا وهي تعبس حاجبيها، وقد بدا عليها شيء من الضيق، رغم أنها بريئة القلب والنية، إلا أن خيانة زوجها لها قد مزقت روحها، وها هي الآن تُتهم بالخيانة ظلمًا من أصدقائه.

"مشاركة طاولة؟ أنتما فتاة متزينة كالزهرة المتفتحة ورجل يرتدي بدلة رسمية أنيقة، تصادف أن كل منكما جاء بمفرده إلى هذا المطعم، وتصادف عدم وجود طاولات شاغرة، فتجلسان معًا؟ أتظنني أحمقًا؟"

"أنا حقًا لا أعرف هذه الآنسة، أرجوك لا تسيء الفهم."

تقدم آدم خطوة إلى الأمام موضحًا.

"لم أتحدث إليك، اصمت!"

قال سيف ببرود قاطع.

ومع ذلك، لم يتغير وجه سيف، وظل متمالكًا لأعصابه تمامًا.

"أنت تفتقر إلى الأدب."

قالت يارا بحدة، حاجباها مشدودان.

"سواء صدقت أم لا، هذه هي الحقيقة."

"الحقيقة؟ يارا، هل تعلمين..."

كان على وشك أن يذكر اسم كريم، لكنه حين لمح آدم يقف إلى جانبه، عبس فجأة.

"ماذا بك؟ هل لازال لديك أمر آخر؟"

سأل بنبرة غير ودودة.

ابتسم آدم ابتسامة خفيفة وقال: "آسف، سأغادر الآن."

ظل يحافظ على تهذيبه حتى اللحظة الأخيرة.

وقبل أن ينصرف، ألقى نظرة غامضة نحو يارا، عيناه تعكسان حيرة غير مفهومة.

"سيف، أعلم أنك كنت تكرهني دائمًا، فكر كما يحلو لك."

قالت يارا ببرود، ثم استدارت وغادرت.

"كريم شرب الكثير الليلة الماضية، هل تعلمين ذلك؟"

صاح سيف نحو ظهرها.

توقفت يارا في مكانها، واستدارت تنظر إليه، "ماذا قلت؟"

لكنها سرعان ما ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت: "لا بأس، لا بد أنه كان سعيدًا، ومن الطبيعي أن يشرب أكثر من المعتاد."

رؤية هدوئها وبرودها جعلت ملامح سيف تزداد عبوسًا.

كان يود أن ينفجر غاضبًا، لكنه تذكر أن هذه المرأة تخص كريم، ولو عرف كريم أنه أهانها، لكان الثمن غاليًا.

"هل تودين الذهاب لرؤيته معي؟"

سأل سيف محاولًا كبح غضبه.

"لا داعي، لدي أمور أخرى."

أجابته يارا بنبرة باردة.

رؤيته لن يجلب لها سوى الألم.

"يارا، أنتِ حقًا بلا ضمير! تتركين زوجكِ في شقتي يومين، يشرب حتى يغيب عن الوعي!"

ارتجف قلب يارا، وقالت بصوت مرتعش: "ماذا تعني؟"

ألم يكن مع رنا ليلة أمس؟

هي بنفسها أعدت له ماء الاستحمام له، لا شك أنهما كانا ينغمسان في الحميمية.

"لا طاقة لي بالثرثرة معكِ، هو الآن بحالة يُرثى لها، إن أردت رؤيته تعالي، وإن لم تريدي، فهذا شأنكِ!"

قال سيف ذلك وهو يستدير مغادرًا.

نظرت يارا إلى الكيس الذي يحمله، وشعرت بشعور غريب بالقلق.

"انتظر."

نادته وتبعته.

حدقت بالكيس في يده وسألته: "ما هذه الأدوية؟"

"للتسلية!"

رد ساخرًا.

حدقت فيه يارا بدهشة، "ماذا؟"

"هل تمزحين؟ الأدوية للعلاج، بماذا تظنين أني سأفعل بها؟"

أخبرها بعصبية.

"هل أنت مريض؟"

سألته يارا بقلق.

"ليس أنا، بل زوجكِ!"

اهتز قلبها بشدة، "ماذا أصابه؟ لماذا يحتاج للعلاج؟"

"ألا تعلمين؟"

قال بازدراء.

"هل هو مريض حقًا؟"

"يا للعجب!"

ضحك رامي بسخرية مريرة، "زوجك يعرف أدق تفاصيلكِ حتى موعد دورتكِ الشهرية، وأنتِ لا تعرفين أنه مريض!"

"أنا... أنا حقًا لا أعلم، أرجوك أخبرني!"

توسلت إليه يارا بعينين دامعتين.

ركب رامي السيارة دون أن ينظر إليها.

تسرعت يارا وجلست في المقعد الأمامي بجانبه.

قاد رامي السيارة حتى وصلا إلى إحدى الشقق الفاخرة وسط مدينة أتلانتا حيث قيمة الأرض لا تُقاس إلا بالذهب، وبالنسبة للناس العاديين، حتى لو امتنعوا عن الأكل والشرب لعام كامل، فلن يستطيعوا شراء مترٍ واحد فيها.

عند الباب، أدخل كلمة المرور، ثم فتح الباب بخطوة هادئة، لكنه عندما التفت إلى الوراء، رأى يارا لا تزال واقفة مكانها دون أن تتحرك.

استدار نحوها وقال: "ما بكِ؟ ادخلي."
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 100

    تجاهل كريم رفضها، وأضاف جملة أخرى: "عندما اتصلت بي، كنت بالفعل مع رنا في الحمام.""لا تقل شيئًا بعد الآن، لن أسمع!"سدّت يارا أذنيها قائلة: "لا أريد أن أسمع ما فعلته معها هناك!"تقدم كريم وأمسك بيدها، وسحبها بعنف من أذنيها، وقال: "لماذا لا تسمعين؟ هل تعتقدين أنني فعلت شيئًا معها؟"ردّت بغضب: "ما فعلته تعرفه أنت جيدًا."فجأة ابتسم كريم وقال: "يارا، هل فهمتِ أخيرًا هذا الشعور؟"تفاجأت يارا وسألته: "ماذا تقول؟"أجاب: "بالأمس في المستشفى، كنت تلومينني لأنني لم أستمع لتفسيرك، ولكنك الآن لا ترغبين في الاستماع لتفسيري.""..."صُدمت يارا، كانت بالفعل لا تريد الاستماع له، لكن هل يحتاج هو ورنا إلى شرح بعد؟قالت يارا متمردة: "هذا مختلف!"رد كريم معترضًا: "ما الفرق؟ أنتِ فقط تسمعين أنني كنت معها في الحمام، ولكنك لا تسمعين لماذا كنت معها هناك؛ تمامًا كما حدث بالأمس، سمعت أنكِ رميتِ الماء على رنا، لكنني لم أسمع تفسيركِ، يارا، لا يمكنكِ إنكار أننا في هذه الحالة، كلا منا فاقد للعقلانية."الآن فهم كريم شعور يارا من أمس، لم يرغب في سماع تفسيرها رغم أنها كانت تريد توضح موقفها.لقد وصل إلى هذه الحالة هو أ

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الحلقة 99

    قال كريم وهو يقطب حاجبيه: "البارحة انجذبتِ إلى حضني، والآن تمنعيني من لمسكِ، ما الذي يجعلكِ تغضبين هكذا؟""هل نسيت أنا فقط غاضبة، لأنني رششت ماءً على وجه رنا! اذهَب إليها، فهي ذات مزاج حسن، ولا تأتِ إليّ!" كان صوت يارا يملؤه المرارة."هل ما زلتِ غاضبةً بسبب ما حدث ليلة البارحة؟""لا أريد الحديث عن ما حدث ليلة البارحة!"شعرت يارا بأن ما حدث هذا الصباح أكثر إثارةً لغضبها من أحداث الليلة الماضية."أعترف أنني تصرفت بعجلةٍ البارحة، رنا حاولت الانتحار، ولم أفكر كثيرًا حينها، لا أعرف بالتحديد ما الذي جرى بينكما، فلنتنازل كل منا خطوة، ألا توافقين على ألا نذكر الأمر مجددًا؟"أطلقت يارا تنهيدة ساخرة: "حين تغضب، تمسكني بقوة وتجبرني على الاعتذار لها بعنف، والآن تقول لا نذكر الأمر؟ يبدو أن كل شيء يجب أن يتم وفقًا لأفكارك.""حسنًا، أعتذر لكِ." تقدم كريم خطوة، وقال: "إذا كنتِ تلومينني، فاصفعيني على وجهي عدة صفعات."أمسك بيدها وضرب وجهه بها.تفاجأت يارا وسحبت يدها بسرعة،"هل جننت؟""يا يارا، أعتذر لكِ بصدق عن ما حدث الليلة الماضية، لا يهمني سبب رش الماء، لم يكن يجب أن أقول لك تلك الكلمات، ولم يكن يجب أ

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 98

    نَدِمَت يارا أشد الندم على المكالمة التي أجرتها، حتى أنها تتخيل المشهد بوضوح.لم تستطع التحمل أكثر، فأغلقت الهاتف بغضب.ألقت به جانبًا، وانهارت بالبكاء على السرير."كريم يا حقير، يا حقير!"فكرة أن كريم كان يساعد رنا في الحمام، سواء بمسح جسدها أو ربما الاستحمام معها ، أصابتها كصاعقة.كانت لا تزال تشعر بالألم، وشعرت كأن صاعقة ضربت رأسها.اتضح أنها لا تزال قادرة على الشعور بالألم.هي كانت تعتقد أنه يكفي ألا تنظر أو تفكر في الأمر، لكن القدر شاء أن تسمع ذلك، فكيف لها ألا تفكر فيه؟حتى تنفّسها أصبح مؤلمًا، وشعرت بضيق في صدرها.حاولت أن تفرض على نفسها التنفس بعمق من أجل الجنين في بطنها.حضّرت وجبة الغداء بسرعة، ثم ذهبت يارا إلى غرفة الطعام لتأكل.لم يكن لديها شهية، لكن من أجل الجنين كان عليها أن تأكل، فدفعت الطعام إلى فمها بشدة، وحاولت بلُطف بلع الطعام، لكن معدتها كانت تعاني من اضطرابات شديدة.خاصة عندما تتذكر ما فعله كريم مع رنا في الحمام، شعرت بأنها حتى لم تستطع ابتلاع لعابها!"سيدتي، هل هناك ما يؤلمكِ؟ هل الطعام لا يعجبكِ؟"سألها الخادم، وقد لاحظ عليها ملامح التعب وصعوبة البلع."لا... لا

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 97

    لم ينم كريم طوال الليل، ظلّ إلى جانبها يراقبها طوال الوقت، وكلما تحرّكت قليلاً، سارع ليفحص ما إذا كانت تتألّم، أو إذا كانت بحاجة إلى الماء.حتى بزغ الفجر، مدّ كريم يده يتحسّس حرارة جبين يارا.وعندما تأكّد من أن حرارتها قد انخفضت، تنفّس أخيرًا الصعداء.كان كريم مرهقًا جدًّا، فجلس على السرير، وفرك منتصف أنفه بأصابعه، ثم سار مترنّحًا نحو الحمّام، لكنه اصطدم بسلة المهملات دون قصد.توقف فجأة، خشية أن يكون قد أيقظ يارا، لكن لحسن الحظ، كانت لا تزال تغطّ في نوم عميق.انحنى كريم ودفع سلة المهملات قليلًا إلى الداخل، وفجأة لمح داخلها حبتين من الدواء.بدا على وجهه علامات الدهشة.ألمت قل يارا قد قالت إنها تناولت الدواء؟ فلماذا إذًا الدواء في سلة المهملات؟لماذا كذبت عليه؟ مجرد حبتين فقط، لماذا لم تتناولهما؟ لم تكن يومًا من النوع الذي يرفض تناول الدواء.شعر كريم بعدم ارتياح، وأدار رأسه ناظرًا بعمق إلى المرأة النائمة على السرير....عندما استيقظت يارا مجددًا، كان الوقت قد اقترب من الظهيرة.كانت وحدها على السرير.حدّقت بعينيها نحو السقف، وبدت شاردة، ما زال دوار خفيف يدور في رأسها .تذكّرت بغموض أن كري

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 96

    كانت تضع مقياس الحرارة في فمها، ووجهها شاحب، لكن ملامحها منزعجة ومنتفخة من الغضب، بدت لطيفة إلى حدٍّ ما، لكنها أيضًا مثيرة للشفقة.عندما حان الوقت، أخذ كريم مقياس الحرارة من فمها، ونظر إلى الدرجة، كانت ثمانٍ وثلاثين.حمّى خفيفة.لكن عندما رأى الرقم، قَطَب كريم حاجبيه بقلق، وقال: "سآخذك إلى المستشفى لتلقّي المحلول."فردّت يارا برفض شديد: "لا، لا أريد الذهاب إلى المستشفى."قال كريم: "لكن لديكِ حمى، وأنتِ بحاجة إلى..."قاطعتْه قائلةً: "كريم، لماذا تُصرّ على أخذي إلى المستشفى؟ لقد سببتَ لي صدمة نفسية، هل نسيت؟ أنت من أخذني إلى المستشفى، ولهذا أصبحتُ هكذا، ماذا تريد بعد؟"قالت يارا ذلك عن عمد، فهي تخشى الذهاب إلى المستشفى، إذا أُجري لها فحص، واكتُشف أمر حملها، فسيكون الأمر كارثيًا.تجمّد كريم للحظة، ثم قال: "إذا كنتِ لا تريدين الذهاب إلى المستشفى، لا بأس، سأجعل الطبيب يأتي لإعطائك المحلول هنا."ردّت بهدوء مصطنع: "الخادم أعطاني الدواء، وقد تناولته، أريد النوم الآن."في الواقع، لم تتناول الدواء، بل شربت الماء فقط ورمت الدواء في سلة المهملات.رأى كريم الكوب الفارغ على الطاولة بجانب السرير، فتن

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 95

    أأنتِ ما زلتِ غاضبةً مني؟" قالها بعدما رأى على وجهها نظرة مملوءة بالاستياء، ربما كانت قد كرهته تمامًا."أنا؟ كيف أجرؤ على أن أغضب منك؟ اذهب وابقَ مع رنا، كي لا يصيبك القهر من رؤيتك لامرأة شريرة مثلي!"قولها إنها ليست غاضبة كان محض كذب، فهي كانت ممتلئة بالغضب تجاهه.عندما سمع كلمة "شريرة"، شعر فجأة بوخزٍ في قلبه، لقد كانت كلماته السابقة قد انغرست في قلبها تماما.وبينما كان كريم لا يعرف بماذا يرد، بدأت يارا تسعل من جديد.أسرع وضمها إلى حضنه، وأخذ يربت على ظهرها بلطف، قال بصوتٍ حنون: "دعينا نقيس حرارتكِ، أرجوكِ، كوني مطيعة.""دعني وشأني." ضغطت بكفيها على صدره، محاولةً إبعاده.لكنه تمسّك بها بشدة، ولم يسمح لها بالحركة."قيسي حرارتكِ، وسأترككِ وشأنكِ، وإن لم تفعلي، فسأظل أحتضنكِ هكذا."كان مستعدًا ليبقى محتضنا إياها طوال الليل.بدأت يارا تدفع صدره بعنف، وهي تقول بغضب: "لا أريد قياس الحرارة، ابتعد عني."كانت تتصرف كطفلة مدللة في لحظة عناد.لم تفهم ما الذي يريده هذا الرجل منها، لقد أهانها في المستشفى، ثم عاد فجأة ليقلق عليها ويهتم بحرارتها؟ وكيف علم أنها مريضة؟إما أن والدته أخبرته، أو أن كب

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status