Share

الفصل 9

Author: ندي عبد الرحمن
"هل يوجد أحد بالداخل؟"

سألت يارا بقلق، كانت تخشى أن تكون رنا بالداخل، فلو صادفتها سيكون الموقف محرجًا للغاية.

سيف عبس حاجبيه وقال: "برأيكِ من قد يكون بالداخل؟"

سحبت يارا زاوية شفتيها بابتسامة باهتة وقالت: "لا شيء."

رمقها سيف بنظرة باردة، ثم دفع الباب ودخل.

بمجرد دخولهم، هبت رائحة الخمر القوية في وجوههم.

رأوا كريم مستلقيًا على حافة النافذة القريبة، إحدى ساقيه تتدلى خارج الحافة، ونصف جسده يكاد يسقط، وعلى الأرض تنتشر زجاجات الخمر المتنوعة وكؤوس محطمة!

"ماذا تفعل هناك!"

صرخ سيف وهو يندفع بسرعة، رفع ساق كريم وأعاد جسده إلى الداخل خوفًا من سقوطه وإصابته.

"لماذا تقفين هناك متجمدة؟ أسرعي وساعديني!"

التفت سيف نحو يارا التي كانت واقفة مذهولة بجانب الباب.

"حسنًا." وضعت يارا حقيبتها جانبًا وركضت نحوه بسرعة، كانت رائحة الخمر تفوح من جسد كريم بشدة، وكانت أزرار قميصه مفكوكة نصفها.

كان غارقًا في السكر، فاقدًا للوعي تقريبًا، عقد جبينه بإحكام ، صدره يرتفع ويهبط باضطراب، بشرته شاحبة، بدا وكأنه مجرد سكير تائه.

ورغم هذا المظهر المبعثر، إلا أن وسامته لم تتأثر، بل أضفى عليه شيئًا من الجاذبية الفوضوية.

مدت يارا يدها تتحسس جبينه، بدا دافئًا، لم تتأكد إن كان ذلك بسبب الخمر أم أنه مصاب بالحمى.

لمن كان يشرب حتى هذا الحد؟ لرنا؟

تساءلت بمرارة، فالمرأة قد عادت، فلماذا إذن؟

"لماذا لم تمنعه من الشرب؟ كيف تركته يصل إلى هذا الحد؟"

سألت يارا وهي تعقد حاجبيها بغضب.

"تلومينني؟"

أشار سيف إلى نفسه باستهزاء، "ألا تخجلين؟ أنتِ زوجته! رجلكِ يقضي ليلته في الخارج يشرب، وأنتِ لا تكترثين؟"

"أنا..."

لم تستطع يارا أن تنطق بحرف.

بعد لحظة طويلة، قالت بصوت خافت: "هو كان مع رنا، لا بد أنه كان سعيدًا، فلم أجرؤ على إزعاجه."

"ماذا؟!"

صرخ سيف بصوت كاد يصم الآذان، "هل فقدتِ عقلكِ؟ تعنين أن زوجكِ مع امرأة أخرى وأنتِ لا تهتمين؟ هل تخرجتِ بامتياز مع مرتبة الشرف من مدرسة الفضائل النسائية؟"

ظلت يارا صامتة.

"نحن على وشك الطلاق."

ابتسمت يارا بمرارة، حاولت أن تكبح ارتجاف شفتيها، وقالت: "لذا لم يعد لي حق أن أقول شيئًا عن حياته."

"طلاق؟!"

تجمد سيف في مكانه، "لا عجب أن كريم شرب حتى فقد وعيه! اتضح أن السبب كله أنتِ!"

يارا حاولت أن تشرح: "ليس بسببي، بل هو..."

"اصمتي!"

قاطعها سيف بعنف.

"أين أساء إليك كريم بالظبط؟ ورغم ذلك تريدين أن تتخلي عنه؟ منذ أن تزوجكِ لم يعد يعبث خارجًا، لم يرتكب أي خطأ بالخارج، مهما حدث كان أول من يفكر بكِ، حتى عندما كنا نجتمع معًا ونحضر بعض الفتيات، كان يبعدهن عنه تماما، يجلس ويشرب وهو يراقب الوقت، يخشى أن يتأخروتقلقي عليه!"

"من أجلكِ ابتعد عن الجميع! هل تظنين أننا لم نرَ بعيننا كم أحبكِ؟ حتى لو لم تدركي، نحن ندرك! أي امرأة في العالم كانت ستحلم برجل مثله، وأنتِ تريدين الطلاق؟ هل جننتِ؟"

أخذ سيف نفسًا عميقًا، وضع يديه على خصره وقال بانفعال: "قولي لي، أي فنان تافه من أولئك الذين يملكون ملامح حزينة وقاتمة أغواكي؟ قولي لي حتى أذهب وأحطمه بيدي!"

حدقت به يارا بدهشة، ثم قالت: "أتذكر أنك حين حضرت زفافي، راهنت أنت وبعض أبناء الأثرياء على أن كريم لن يتحملني أكثر من ثلاثة أشهر وسيخونني، ثم خسرت خمسة ملايين واضطررت إلى الغناء عاريًا."

لم ينطق سيف بكلمة.

حك أنفه بارتباك ونظر بعيدًا وقال: "لا تذكري موضوع الغناء، لقد كنت أرتدي سروالًا قصيرًا!"

"أعلم، كان سروالًا قصيرًا أحمر اللون."

أضافت يارا بابتسامة خفيفة: "رأيت الفيديو، كنت تتمايل بشكل مضحك."

"فيديو؟!"

انفجر سيف غاضبًا، "من صور الفيديو؟ أين رأيته؟ قولي لي بسرعة!"

فجأة أصبح سيف عاصفًا، اندفع نحو يارا وأمسك بكتفيها بقوة.

تألمت يارا قليلًا وقالت: "اتركني!"

"قولي لي! من هذا الوغد الذي التقط الفيديو؟!"

وسط هذا الصراخ، بدأ كريم يفتح عينيه ببطء.

رؤيته الضبابية التقطت ملامح شخص مألوف.

قفز من على النافذة دفعة واحدة، واندفع نحو يارا، جذبها خلفه ليحميها، ثم أمسك بياقة قميص سيف ولكمه بقوة!

Patuloy na basahin ang aklat na ito nang libre
I-scan ang code upang i-download ang App

Pinakabagong kabanata

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل408

    نظرت يارا إليه بصمت.ما الذي يريده هذا الرجل منها؟هل يريدها أن تفقد السيطرة وتصرخ به كالمجنونة؟هل عندما يرى امرأة لا يحبها تفقد عقلها من أجله، سيمنحه ذلك شعورًا برجولته وتفوّقه؟أنزل كريم يديه اللتين كان يسند بهما الحائط، وتراجع بضع خطوات، مباعدًا المسافة بينهما، كانت نظرته يغمرها كآبة عميقة لا يُمكن وصفها بالكلمات.قال بصوت منخفض مبحوح: "تلك الأمور التي لا تريدين أن تخبريني بها، دعيها إذًا تتعفّن في صدرك إلى الأبد. لقد كنتِ على حق، حتى لو أخبرتني بها، النتيجة لن تتغيّر."قبضت يارا على قبضتيها بقوة، والغضب يغلي في عروقها.شعرت وكأنها لعبة بين يديه، يفعل بها ما يشاء، يرفعها إلى السماء ثم يُسقطها في الجحيم، كان يحب العبث بمشاعرها دائمًا ثم يتظاهر بالبراءة.هذا هو كريم ، الرجل الذي أحبّته طوال هذه السنين.دوّى صوت صفعةٍ عالية صفعةٌ وجّهتها بكل قوتها.احمرّ خَدُّ كريم من شدتها، أحس بوخزٍ خفيفٍ على وجهه، فمرّر أصابعه عليه بهدوء، ثم نظر إليها بثبات دون أن يُبدِي أيّ انفعال.كان كفّ يارا ترتجف من شدّة الألم، كأن جلدها يتشقّق.كانت تودّ لو تمزّقه تمزيقًا في تلك اللحظة.استدارت بسرعة وفتحت

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل407

    رخّى كريم قبضتيه اللتين كانتا تشتدّان أكثر فأكثر، فخف ضغطهما عن كتفيها."هل حقًا تريدين أن أقطع علاقتي بها؟""ليست المسألة ما إذا كنتُ أريد أم لا، أنا فقط طرحتُ شرطًا، ستستطيع تنفيذه أم لا هذا يعود إليك."كانت يارا تعلم أن كريم يستحيل أن يفعل ذلك، ولذلك قالت ما قالت لتسدّ عليه الطريق. فهي لا يمكن أن تُطلعه على حقيقة ما في قلبها، ولا على الأمر الذي تخفيه عنه.ولو أنها قالت له الآن، فما الذي سيحدث؟ سيدير ظهره ويعود إلى رنا، وتتحوّل هي إلى مسكينة فقدت حتى آخر أسرارها.خفض كريم جفنيه، وحدّق عميقًا في المرأة القريبة منه حدّ الملامسة، ثم دنَت شفتاه من خدّها، وراح دفء أنفاسه يلامس بشرتها لمسًا خفيفًا، وقال بصوتٍ مبحوح: "إن أنا قطعتُ علاقتي بها، فهل ستعودين إليّ؟"قبضت يارا على طرفي ثوبها بكفّيها.توتّرت قليلًا، وأرادت أن تفلت من أنفاسه الحارّة، فحوّلت وجهها جانبًا."كريم، لا تعبث معي. ولا تسألني أسئلة لا معنى منها.""ولِمَ ترينها بلا معنى؟ أليس شرطكِ أن أقطع علاقتي برنا؟ إذن أخبريني إن وافقتُ على شرطك، هل تعودين إليّ زوجة من جديد؟"ارتجف قلب يارا حين سمعت الجدية في نبرته، واستدارت نحوه تحدّق

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل406

    في ذاكرته، كانت يارا لم تقل يومًا إنها لا تحبه، لكنها أيضًا لم تقل إنها تحبه.لذلك ظل الأمر بالنسبة له لغزًا، لم يكن يعرف، بل كان يُخمِّن فقط، ويظن أن يارا لا تحبه، وأنها لم تكن سعيدة معه.شعرت يارا بوخزة ألم في صدرها، رفعت رأسها بصعوبة ونظرت إليه بصمت، وابتسمت ابتسامة خفيفة تحمل شيئًا من السخرية، وقالت: "ألا ترى أنك مثير للضحك؟ تسألني هذا السؤال الآن؟ ما الذي تريده بالضبط؟"قال كريم وهو يضع كفيه على الجدار خلف أذنيها، محاصرًا إياها داخل ذراعيه واقترب منها قائلًا: "أريد أن أعرف شعورك نحوي، أريد أن أعرف الحقيقة."كان أطول منها بكثير، وحين يتكلم معها، كان ينحني قليلًا، حتى صار وجهه قريبًا جدًا من وجهها، وقال بصوت خافت: "الآن قولي لي، ما هو شعورك الحقيقي تجاهي؟ أريد أن أسمع الحقيقة.""..."في الواقع، لم يكن كريم وحده من لا يفهم يارا، بل يارا أيضًا لم تفهم كريم.لم يفهم أيٌّ منهما الآخر، وكأن بينهما شيئًا ينتظر أن يُكشَف، لكنهما يخافان من كشفه.ظلّا على هذا الحال من الجمود، حتى تراكم بينهما المزيد من سوء الفهم.قالت يارا بهدوء: "هل تريد أن تسمع الحقيقة حقاً؟ إذا قلت لك، هل سيتغير شيء؟"قال

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل405

    "كل الأطباق التي على المائدة مما تحبّه هي، أليس هناك ما أحبّه أنا؟"بدت سهير وكأنّها تشعر ببعض الغيرة.رفع كريم رأسه وقال بهدوء: "أنا لا أعرف ما الذي تحبينه، ولم تخبريني يومًا، فنحن نادرًا ما تناولنا الطعام معًا."نظر إلى والدته دون أن يظهر على وجهه أيّ تعبير.تجمدت ملامح سهير قليلًا.تابع كريم وكأنّه لم يحدث شيء، وواصل وضع الطعام في طبق يارا.التفتت يارا تنظر إلى ملامحه الجانبية الجادّة، فغمرها شعورٌ بالحزن والمرارة.هل يعاني من انفصام في الشخصية؟ يجرحها من جهة، ثم يتعامل معها بلطف من جهة أخرى.قالت وهي تنهض: "عذرًا، سأذهب إلى الحمام." وضعت العيدان جانبًا وغادرت قاعة الطعام.سألت سهير بنبرة ذات مغزى: "كريم، لماذا تتقرب بهذا الشكل من زوجتك السابقة؟"فأجاب بهدوء: "أليست هي مَن ساعدتني؟ أليس من الطبيعي أن أرد الجميل وأضع لها بعض الطعام؟ المعاملة بالمثل.""ساعدتك؟ تقصد تلك الليلة حين سهرت في بيتي وهي تراجع بيانات شركة النهضة؟"رأى كريم ابتسامة غامضة على وجه أمه، فعبس قليلًا وقال: "مجموعة سكاي تفادت خسائر ضخمة بسبب شركة النهضة، وأنا بعت أسهمها في الوقت المناسب وربحت كثيرًا، أليست تلك مساعد

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل404

    عادت يارا مرة أخرى إلى المنزل الذي كانت تقيم فيه مع كريم .كان هذا منزلهما الزوجي سابقًا، وكل تفاصيل الديكور فيه مصممة وفق ذوقها.في هذا المكان، عاشا معًا عامًا كاملًا من السعادة.البيت ما زال هو نفسه، لم يتغير شيء.لكن الناس تفرّقوا.عندما دخلت إلى الردهة، رأت سهير وائل جالس على الأريكة، فقالت بدهشة: "ما الذي تفعله هنا؟"كل مرة يرى فيها سهير، يشعر وائل بشيء من الاضطراب، فوقف على الفور وعدّل سترته، واعتدل في وقفته.حتى في منتصف عمره، لم يتخلَّ عن الاهتمام بمظهره.ولن يكون مبالغة إن قيل إن وائل لو مثّل في دراما تجسّد شخصية الأب الأنيق صاحب النفوذ، فمجرد وقوفه هناك كفيلٌ بإثارة إعجاب الجمهور.قال وائل بابتسامة: "سهير، ما الذي جاء بكما أيضًا؟"عقدت سهير حاجبيها قليلًا، وشعرت بشيء غير مطمئن، وفي تلك اللحظة خرج كريم من الداخل قائلًا: "أنا من استدعيته."ظهر كريم أمام الجميع بقميص أبيض وبنطال أسود كلاسيكي أنيق، ملابسه البسيطة والكلاسيكية لا تبلى موضتها أبدًا. رغم أن ملامحه بدت مرهقة بعض الشيء، إلا أن وسامته ما زالت واضحة لا تخفى.سقطت نظراته دون قصد على يارا، فالتقت عيناهما للحظة.أرادت يارا

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل403

    "أمي، لا تقولي مثل هذا الكلام مجددًا، إنه لا يحبّني" قالت يارا بانفعال، "لو كان يحبّني فعلًا، لما طلقني من أجل رنا، ولما آثر تصديقها مرّة بعد أخرى وجرحني، لذلك هو لا يحبّني أصلًا""لأن كريم أحمق" قالت سهير، "لقد عانى من نقص الحبّ في طفولته، ولهذا لا يفهم ما هو الحبّ، ولا يعرف كيف يميّزه. واليوم هدف لقائي به أن أجعلكما تتحدثا بشكل جيد وجهًا لوجه، وتسأليه بوضوح من التي يحبّها حقًا""هل دبرتِ هذا اللقاء من أجلي أنا وكريم؟" تراجعت يارا بضع خطوات إلى الوراء وقالت، "لا، لا يمكنني مقابلته، لقد اتفقنا أن يعيش كلٌّ في طريقه، لا أستطيع...""توقّفي" أمسكت سهير بذراعها، "يارا، هل إلى هذا الحدّ أنتِ جبانة؟ ما قد يحدث من مجرد لقاء؟""هو لا يحبّني، ورؤيته الآن لن تكون إلا إهانة لي. لقد طلّقني من أجل رنا، ومهما حدث، لن أستطيع الرجوع إليه أبدًا."برغم الألم الذي يوجد في قلبها، ورغم حبّها لكريم، كانت يارا تدرك في أعماقها أنّها لا يمكنها أن تحاول استعادته."إن تجرّأ على إهانتك فسأضربه بنفسي! أعطي نفسك فرصة أخيرة، أليس هذا من حقك؟ أعلم أنكِ تتألمين، ورؤيتكما أنتما الاثنان تتألمان، تجعلني أتذكر نفسي مع وال

Higit pang Kabanata
Galugarin at basahin ang magagandang nobela
Libreng basahin ang magagandang nobela sa GoodNovel app. I-download ang mga librong gusto mo at basahin kahit saan at anumang oras.
Libreng basahin ang mga aklat sa app
I-scan ang code para mabasa sa App
DMCA.com Protection Status