All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 161 - Chapter 170

200 Chapters

الفصل 161

هزّت سارة رأسها باستمرار، وهي تتوسل إليه بصوت مبحوح: "أحمد، أنا..."لكنه كان يحتضن الطفل بيد، وباليد الأخرى مسح دموعها، ثم قال بنبرة باردة قاطعة: "سارة، إن توسلتِ من أجله بكلمةٍ واحدة، سأثقبه برصاصة، هل تودّين أن تجربي؟"أطبقت شفتيها على الفور، تدرك جيدًا أن هذا الرجل المختلّ قادر على ارتكاب أي شيء.لم يعد أمامها سوى البكاء بصمت، ثم اقترب منها وهمس بصوت خافت: "كل دمعة تذرفينها من أجله، ستتحول إلى دماء تراق من جسده".شعرت وكأن صخرة ثقيلة ترزح فوق صدرها، ورغم آلاف الكلمات العالقة في حلقها، لم تستطع النطق بحرفٍ واحد.اكتفت بهزّ رأسها في عجز، مدّ يده ومسح دموعها، ثم قال برفق ظاهري: "كوني مطيعة، لا تنظري إليه... بعد اليوم، سنعود كما كنّا في السابق".وفي الجهة المقابلة، كان محسن مُقيّدًا، يصرخ بكلماتٍ مشوشة، بينما ظهر حمدي فجأة من حيث لا يدري أحد، وقال بصوت حادّ:"إذا كنتَ مصرًا على القتل، فاقتُلني أنا! لا تقتل الأخ جلال... إنه فقط أراد تحسين ظروف الجزيرة، إنه رجل طيّب... حتى عندما خطفنا ابنك، لم نؤذه، بل أعطيناه الحليب الذي نحن أنفسنا لا نشربه".كان هذا الفتى قد ظهر في أحد الرسومات التي رسم
Read more

الفصل 162

بلغ التوتر ذروته، وكأن أنفاس الجميع عالقة في حناجرهم، لكن الطلقة لم تكن سوى صوت خرج من فم أحمد، فيما ظل الفتى واقفًا، جبينه معقودًا بشدة.أحمد خفض سلاحه، وعيناه لمعتا بنظرة إعجاب خافتة، ثم قال ببرود: "لا بأس، أنت فتى شجاع، لكن حياته لا يملك أحدٌ أن يفديها".ثم توجه بخطواته نحو جلال، وفي تلك اللحظة، باغته جلال بسحب سلاحه، وصوّبه مباشرة نحو جبين أحمد."لا تتحرك"! فوجئ الجميع، وتوجّهت فوهات البنادق نحوه من كل اتجاه، اتضح أن هذا الرجل كان يترقّب اللحظة المناسبة منذ البداية.تحت القناع، ارتسمت على شفتي جلال ابتسامة نادرة، وقال بصوت هادئ: "حياتي لا تساوي شيئًا، لكن إن أمكنني أن أزهق روحك معها، فسيكون مكسبًا كبيرًا لي".ثم نظر نظرة عميقة نحو سارة، وكأن عينيه تقولان لها، من اليوم فصاعدًا، أنتِ حرة.كان جلال يعرف جيدًا، أن لحظة ضغطه على الزناد ستعني نهايته، الرصاص سينهمر عليه من كل اتجاه، ولا مهرب.سارة تجمّدت في مكانها، لم تكن تتوقع هذا الانقلاب المفاجئ للأحداث.هي وجلال لم يعرفا بعضهما إلا منذ نصف شهر، كيف يضحي بنفسه لأجلها؟صرخت بجنون، تركض نحو الاثنين: "لا، لا تطلقا النار"!أمام ذلك المشهد،
Read more

الفصل 163

حين مرّت سارة بجوار محسن وحمدي، بدا الحزن جليًا في عيني الطفلين، وهما يحدّقان فيها بأسىٍ لا يُخفى.ابتسمت لهما ابتسامة خفيفة كأنها تواسيهما بصمت.جلال لم يهمس بكلمة، بل ظل يراقبها بصمت حتى صعدت إلى المروحية. كان يعلم تمامًا أن الوقت لم يحن بعد.لا يمكن لأحمد أن يموت هنا، فلا يجوز له أن يجرّ الجزيرة إلى أي ورطة.لكن ما إن يخرجوا من هذه الجزيرة...توهجت عينا جلال بنظرة حادة، وفي تلك اللحظة، التفت أحمد كأنما شعر بنظراته.تلاقت أعينهما في الهواء، كأنهما أسد ونمر، يحملان نظرات شرسة، تتقابل لتتباعد سريعًا.كلاهما يدرك تمامًا، أن هذا اليوم ليس النهاية.غادرت سارة الجزيرة دون حتى أن تتمكن من توديع أحد، تودّع ذلك الكوخ الصغير، وشجرة الكرز العملاقة، وحنان التي وقفت عند الباب تلوّح لها، والنساء الجارات، والأطفال... كلهم وقفوا يودّعونها.أما جلال، فلا أحد يعلم متى اختفى، لم تلتقط الشمس سوى ظلّ ظهره، يتوارى شيئًا فشيئًا في الغابة، كذئبٍ وحيد، يبتعد بصمت.وداعًا، جزيرتي الصغيرة...أغمضت سارة عينيها، من المؤسف أنها لم تُمهَل حتى ترى زهر الكرز يتفتح.وما زاد قلقها أن أحمد أعادها بهذه الطريقة العلنية،
Read more

الفصل 164

اتسعت عينا سارة من الصدمة.لطالما تخيّلت، طوال الأيام الماضية، ما الذي قد يفعله أحمد حين يتمكّن أخيرًا من القبض عليها، رسمت في ذهنها عشرات السيناريوهات.لكن أبدًا... لم يخطر لها أن يكون هكذا.لقد بدا كمسافر ضالّ في صحراء، والعطشٌ ينهش قلبه، ثم عثر أخيرًا على نبع ماء صافٍ، راح يتذوّقه بحذر، يلامسه بخشوع، يخشى أن يفقده إن بالغ في شغفه.خفق قلب سارة بعنف.ورأت رموش أحمد الطويلة ترتجف في ضوء الشمس، تحجب ما في عينيه من مشاعر، حتى إنها لم تعد قادرة على تمييز ما يدور داخله.هذا الرجل، الذي لم تعرف منه سوى القسوة والصرامة، ها هو يُظهر لمسة من الرقة... بعد طول غياب.لكن في اللحظة التي كانت فيها شاردة، عضّ شفتيها فجأة، بشراسةٍ أيقظتها من غفلتها، الألم اخترقها.تبعه صوته الأجش البارد: "أأنتِ ما زلتِ تفكرين فيه؟"قَسَمًا، لم يخطر ببالها سواه! كيف لها أن تفكّر بغيره وهي بين يديه؟!تجمدت ملامحها، وردّت ببرود: "لا، وقد قلتُ لك مرارًا، لا تربطني به أي علاقة، نحن مجرّد أصدقاء."ضحك، ضحكةً ساخرة، قصيرة وقاطعة.في عينيه، لم تكن سوى خائنة، زوجة خانت عشّه، كلماتها لا تصله، ولا يملك الاستعداد لتصديقها.بل
Read more

الفصل 165

توقف أحمد في مكانه، وألقى نظرة سريعة إلى أسفل نحو يدها التي أمسكت بمعصمه، دون أن ينبس بكلمة، لم يكن في الحمّام سوى صوت انسياب الماء، يخيّم عليه صمت ثقيل أقرب إلى السكون المميت.كانت يدها التي تمسّك بها دافئة ومليئة برطوبة مالحة، تمامًا كالوضع العالق بينهما الآن، حيث لا غالب ولا مغلوب.قالت سارة ببطء، تنطق بكلمات لا تنبع من قلبها: "لا ترحل".قبض أحمد على ذقنها بقوة، وصوته بارد خالٍ من كل دفء: "حتى الآن... ما زلتِ تدافعين عنه؟"شعرت سارة وكأنها تتحدث بلغة لا يفهمها، مهما قالت، فكل ما يراه هو خيانة.لكن، من خان أولاً؟ ومن كسر الوعد؟ أليس هو؟غصّة خانقة ارتفعت في صدرها، خاصة حين خطرت ببالها صور محسن وحمدي، تلك الوجوه الصغيرة التي سلبتها الطمأنينة، ثم زفرت تنهيدة قصيرة. ثم وقفت في حوض الاستحمام دون أن تعبأ بجسدها المبلل، وألقت بذراعيها حول عنقه.ببطء، تسلّل البخار المتصاعد من الماء الساخن إلى قميصه الأبيض، يترك عليه بقعًا مائية تمتد شيئًا فشيئًا، ومع ذلك، لم يتحرك من مكانه.ضمّته بحذر، وشفتاها الحمرَاوان لامستا تفاحة آدم في عنقه لمسة خفيفة، لتشعر بانقباض عضلاته فجأة.همست: "أحمد... أنا لم
Read more

الفصل 166

رغم مرور كل هذه الأيام على رحيلها، كان من المفترض أن يكون حازم قد توصّل إلى بعض الخيوط.وعندما سمع صوتها مجددًا، كان أول ما سأله عنه هو حالتها الصحية.قال بقلق: "سارة، هل أنتِ بخير؟"ما حدث على ظهر السفينة ظل عالقًا في ذهنه، وقد اتصل بها مرارًا بعد تلك الليلة دون أن يتلقى أي ردٍ منها.أجابت باعتذار: "آسفة لأنني أقلقتك، فقد واجهت بعض الأمور وانقطعت عن التواصل لفترة، لكنني بخير الآن".عندها فقط تنفّس حازم بارتياح، وقال: "الحمد لله، ما دمتِ بخير، بالنسبة للأمر الذي طلبتِ مني التحقيق فيه، فقد وجدت بعض النتائج، هل بإمكاننا اللقاء للحديث بالتفاصيل؟"تنهدت سارة، وهي تدرك أنها لم تتخلص بعد من دوامة جلال، وإذا أضافت حازم إلى المعادلة، لا تدري كيف ستكون ردة فعل أحمد.قالت بتردد: "بصراحة، أنا قلقة من أن يتحسس أحدهم الأمر... أشك في أن هناك من يراقب كل تحركاتي، هل أجريتَ التحريات دون أن تثير الشكوك؟"هزّ حازم رأسه مطمئنًا: "لا تقلقي، كنت حذرًا للغاية، الطبيبة جميلة التي ذكرتِها، استقالت من عملها في اليوم الثالث بعد وفاة بسمة".تجعدت ملامح سارة، وقالت بقلق: "استقالت؟! وماذا عن ذلك الرجل؟"، وكانت لا
Read more

الفصل 167

غمرَت السعادة قلب سارة، فسارعت تشكر حازم مرارًا: "شكرًا لك يا رئيس الصف، لقد أسديت لي معروفًا كبيرًا".الآن، إن تمكّنت من العثور على طفل بسمة، ثم أجرت اختبارًا للحمض النووي بينه وبين رشيد، فستتمكن من إثبات أن والدها ليس بذلك الوحش الذي ظنّته.قال حازم مطمئنًا: "اطمئني يا سارة، سأواصل تتبُّع ذلك الرجل، لكن يبدو أنه كان على إستعدادٍ مُسبق أن تتم مُلاحقته، فقد أتقن إخفاء آثره، ولم أستطع التوصّل لشيء جديد حتى الآن، لهذا أحتاج إلى بعض الوقت"."طق طق طق".رنّ صوت طرق خافت على الباب، تبعه صوت هالة من الخارج: "سيّدتي، هل انتهيتِ من الاستحمام؟"سارعت سارة بإنهاء المكالمة، وأغلقت الهاتف قبل أن تفتح الباب وتردّ: "نعم".قالت هالة بلطف: "لا بدّ أنكِ جائعة يا سيدتي، لقد أعددت الطعام، غيّري ملابسكِ وانزلي لتناول العشاء".كلمات هالة الدافئة كانت كفيلة بأن تُذيب ما بقي في سارة من عناد، خاصةً أن معدتها آلمتها من جديد، فنزلت من دون تردّد."ماما! ماما"!صوت الطفل البهيج قطع سكون الدرج، وما إن نزلت حتى هرع فارس إليها، وهو يركض بخطى صغيرة متمايلة، يحمل لعبة في يده.ذابت كل همومها في تلك اللحظة، وفتحت ذراعيه
Read more

الفصل 168

عاد أحمد إلى المنزل بعد أن أنهى حديثه مع عائلة صفاء، كان يظن أن سارة ستكون بانتظاره في غرفة الجلوس، كما اعتادت دائماً.في السابق، مهما تأخر، كان يدخل ليجد ظلها الصغير مستلقيًا على الأريكة. تغفو تحت نور خافت تتركه له خصيصًا.لكن الليلة، حين فتح باب المدخل، لم يكن هناك سوى الظلام، لم تكن سارة على الأريكة، ولم يترك أي ضوء مضاء.كان قد شرب بعض الكحول، فعاد مخمورًا قليلاً.لو كانت الأمور كما كانت في الماضي، لركضت نحوه فورًا، تتذمر من تأخره وهي تحضّر له شرابًا يفيق به من الخمر.رغم شكواها، كانت تلك اللحظات أكثر ما يحب.أما الآن، فحتى مع دفء التدفئة، كان يشعر ببرودة لا تطاق.دفع باب غرفة النوم، وبفضل ضوء الشارع المنبعث من النافذة، لمَح جسدًا صغيرًا تحت الغطاء.لقد نامت.لم تمضِ لحظات حتى أحاطها جسده الدافئ، وعبق الكحول الذي كان يفوح منه أيقظها من نومها.سألته بصوت متهدّج: "هل شربت؟"همس لها بصوت مُتعب وحزين: "سارة، لقد تغيرتِ، قلبكِ لم يعد لي".ضحكت سارة بخفة، وكأنها سمعت نكتة: "أتمزح؟ ومن الذي تغيّر أولًا، ألم يكن أنت؟"عانقها أحمد بقوة، بدا مختلفًا عن طبيعته القاسية، ككلب ضخم يستجدي الدفء.
Read more

الفصل 169

رفعت سارة رأسها، فالتقت عيناها بعيني الرجل الواقف عند باب الغرفة، كان قد نام دون أن يخلع ملابسه، فانكمشت قميصه وتجعد، وتفتحت أزراره العليا.أسند أحمد كتفه على الباب بإهمال، ورغم أن شعره بدا مبعثراً قليلاً، إلا أن وسامته الصارمة لم تتأثر قيد أنملة.كانت مشاعر الذنب قد تملكت من سارة، ففي علاقتها بأحمد لا نهاية للتشابك والتعقيد.وما زاد من ارتباكها أنها أغضبته في وقت سابق، وفكرة أولئك الموجودين على الجزيرة جعلتها تشعر بخوف شديد.قالت متلعثمة، تحاول التبرير: "أنا... لم أستطع النوم"، وكانت تراقب خطاه المتقدمة نحوها باضطراب.كانت تجثو على الأرض، بينما ظل أحمد واقفًا أمامها، بجسده الطويل الذي حجَب عنها الضوء وأسدل فوقها ظلًا ثقيلاً.عيناه كانتا صافيتين، ورائحة الخمر بدأت تزول، تلك العينان السوداوان الخاليتان من الانفعال، جعلت سارة تعجز عن قراءة مشاعره.أسرعت تحاول إعادة الملفات إلى مكانها، وهي تتمتم بتوتر: "كنت فقط... ألقي نظرة لا أكثر".لكن يدًا دافئة وقوية أمسكت بمعصمها.ارتجف قلب سارة، وتملّكها الذعر، فسارعت تتوسل: "أخطأت، لم يكن عليّ لمس ملف شقيقتك، أرجوك لا تغضب..."أحمد لم يقل شيئًا، فق
Read more

الفصل 170

تجمدت سارة لبرهة، وما إن استعادت وعيها حتى كانت ردة فعلها الأولى أن تدفع أحمد بعيدًا عنها.لم يكن السبب شيئًا معقدًا، بل فقط لأنها لم تستطع احتمال أن يلمسها رجل سبق أن لمس امرأة غيرها، فكرة كهذه كانت تثير في نفسها اشمئزازًا لا يُطاق.لكن محاولاتها للخلاص لم تجدِ نفعًا، إذ إن راحة يده العريضة أحاطت برأسها، ليُعمّق تلك القبلة رغماً عنها.عبست سارة وهمّت بعضّه، إلا أنه استشعر نيتها، فقبض على وجنتيها بإحكام، وشلّ حركتها.الفرق الطبيعي في القوة الجسدية بين الرجل والمرأة جعلها عاجزة تمامًا أمامه، فلم يكن بوسعها سوى الاستسلام لتصرفاته،وما إن ظنت أنها ستختنق، حتى أفلتها أخيرًا.رمقته سارة بنظرة دامعة وغاضبة، كأنها أرنب صغير جُرِّد من الأمان.لكن ملامح أحمد كانت باردة، وصوته خافت وفيه نبرة قاسية: "ماذا؟ ألم يعد من حقي أن ألمسكِ؟"ولم يمنحها فرصة للرد، بل ضغط بأصابعه على خديها بقسوة، وتسللت البرودة إلى عينيه اللتين انعكست فيهما مشاعر غامضة.عقدت سارة حاجبيها، وقد شعرت كأنها أمام شخص مختل عقليًا.صرخت وهي تبعد يده بصعوبة: "اتركني! إن كنت لا تطيق الكبت، فاذهب إلى صفاء، أليست هي خطيبتك؟"أطبق عليه
Read more
PREV
1
...
151617181920
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status