All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 451 - Chapter 460

858 Chapters

الفصل 451

وقفت فاتن خلف سارة، وقد لاحظت تردّدها الطويل، فارتسمت على وجهها علامة استفهام وسألتها: "سيدة سارة، هل هذه الملابس لا تُعجبكِ؟"أجابت سارة: "لا، بل إنها جميلة للغاية، فقط أشعر بشيءٍ من الحزن."لم تكن فاتن تعرف شيئًا عن الحكاية الطويلة من الحبّ والخصام بينها وبين أحمد، ولم يكن بوسعها أن تفهم ما الذي تخبّئه كلمة "حزن" من مرارة وألم.قالت سارة بصوت خافت وهي تحوّل بصرها جانبًا: "اختاري لي أنتِ"، فقد اعتادت على ارتداء ما تجود به أرصفة السوق، هذه الثياب الفاخرة لم تعد تناسبنها، بل تُربكها.وقفت فاتن أمام خزانة الملابس، تنظر وتختار، بينما تهمس بمرح: "سيدة سارة، أنتِ تملكين قوامًا جميلًا، ووجهًا حسنًا، وبشرة ناصعة البياض، أنتِ مثل شماعة العرض، حتى لو ارتديتِ كيسًا من الخيش، فستبدين فاتنة."أخرجت فستانًا أبيض بسيطًا بقصّة راقية وقَصّة متقنة تُضفي عليه لمسة من الرقي.ثم قالت: "ما رأيكِ بهذا؟ أشعر أنه يناسبكِ كثيرًا."ارتدت سارة الفستان الأبيض، فابتسمت فاتن برضا وقالت: "انظري، كم يبدو ملائمًا عليكِ يا سيدة سارة، أنتِ حقًا أشبه بابنة عائلة أرستقراطية، أناقتكِ وهدوؤكِ وطباعكِ لا يملكها أحد."همست سا
Read more

الفصل 452

كانت فاتن امرأة طيبة القلب، رغم ظروفها الصعبة، إلا أنها ظلت دومًا إيجابية ومتفائلة.رأت سارة فيها انعكاسًا لذاتها في الماضي، كأنها شمس صغيرة تشرق كل يوم بابتسامة مشرقة، مهما انهار العالم، لن تُسقطها الرياح.قالت فاتن: "افعلي كما أفعل، ابتسمي قليلًا، عندما تكونين في مزاج جيد، فإن طفلكِ الصغير في أحشائكِ سيشعر بذلك أيضًا."ربما كانت ابتسامتها دافئة جدًا، أو ربما مجرد ذكر الطفل حرّك أوتارًا رخوة في قلب سارة، فما إن وضعت كفها على بطنها حتى ارتسمت على شفتيها ابتسامة لا إرادية.في تلك اللحظة، كانت أشعة الشمس تتساقط على وجهها، فبدت سارة متألقةً بجمال أمومي يسرق الأنفاس، كأنها مخلوقة من نور لا يُصدّق.قالت فاتن بإعجاب: "كنتُ أعلم أنكِ تزدادين جمالًا حين تبتسمين، سيدة سارة، أنتِ أجمل امرأة رأيتها في حياتي، جميلة ومتقنة كأنكِ خُلقتِ من أجل الكاميرا، لو دخلتِ مجال التمثيل، ستصعدين للنجومية فورًا."هزّت سارة رأسها مبتسمة بأسى، فقد كان حلمها في السابق أن تُصبح طبيبة، لكن الآن...أيّ مستقبل بقي لها أصلًا؟كل ما تطمح إليه الآن، أن تلد هذا الطفل بسلام، فهي لا تجرؤ حتى على الحلم بأكثر من ذلك.فالطمع قد
Read more

الفصل 453

صوت سارة جاء ثابتًا وحاسمًا، لم يكن فيه أدنى تردّد، وكأنها أعلنت بوضوح أنّ قلبها لم يعد يحمل له ذرة حب، بل كراهية خالصة."أعلم ذلك."لو كانت هذه الكلمات قد خرجت من فم سارة في السابق، لكان أحمد قد انفجر غضبًا، لكنه اليوم لم يُظهر أدنى انزعاج، بل كان وجهه مغطًى بالندم.قالت ببرود: "أنا أعيش كل يوم أفكّر كيف سأنتقم، أحمد، لا تضيّع وقتك في محاولات عقيمة، فأنت أيضًا أحد أعدائي."قال أحمد: "حبيبتي سارة، كل ما أريده هو أن أُحسن إليكِ."انتهز فرصة توقف السيارة عند إشارة المرور، ومدّ نحوها كوبًا من شاي الفواكه، "طعمه حامض وحلو في آنٍ واحد، مذاقه لا بأس به."لم تستطع سارة مقاومة الرغبة، فارتشفت منه رشفة، إذ كانت خلال الحمل مولعة بالنكهات الحامضة والحلوة، وكانت تحب الكُمكوات الصغيرة والفاكهة، ومع الليمون الأخضر والجريب فروت، كان المذاق منعشًا لا يُقاوم.لكن رشفة واحدة لم تكن كافية، فأمسكت بالكوب وواصلت الشرب، المذاق الحامض الحلو بدّد غثيانها وأراح معدتها الثائرة.أما أحمد، فبدأ القلق في عينيه يذوب تدريجيًا، وهو يقودها نحو مطعم غربي كانا يرتادانه كثيرًا في السابق.قالت باستغراب: "ألم نكن سنذهب إلى
Read more

الفصل 454

مع ازدياد حرارة الطقس، بدأت اليراعات بالخروج من جحورها، تنثر ومضاتها في ظلمة الليل، كأنها نجوم صغيرة معلّقة في الهواء.هبت نسمة باردة، فعطست سارة بصوت خافت."آتشي."عندها فقط اعتدل أحمد في جلسته، وتقدّم نحوها وهو يحمل بيده قنينة زجاجية.يبدو أنه كان يلاحقها منذ وقت طويل، فالزجاجة امتلأت بما لا يقل عن عشر يراعات تومض بهدوء.ورغم أن هذا المنظر لا يضاهي روعة ما شاهدوه ذات مرة في الجزيرة، إلا أن تلك الأضواء الخافتة داخل الزجاج بدت ساحرة في غاية الجمال.قال بنبرة طبيعية وهو يمدّ الزجاجة نحوها: "هل تشعرين بالجوع؟" لم تمدّ سارة يدها لتأخذها، فاكتفى هو بتعليقها على جانب الخيمة، ثم خلع سترته وألقاها برفق على كتفيها."رغم أن الطقس بدأ يتحسن، إلا أن الجبال ما تزال باردة، وقد لاحظتِ أنكِ لم تأكلي كثيرًا على العشاء، فلا بد أنكِ جائعة، تعالي لأريكِ ما أعددتُه."نظرت إليه سارة ببرود، حاجباها معقودان، وسألته بلهجة صارمة: "لمَ أتيتَ بي إلى هذا المكان؟"أمسك بيدها وقادها نحو طاولة الرحلات، وقال: "الليلة ربما نشهد زخات من شهب برج الدلو، وأتذكّر أنكِ قلتِ لي ذات مرة أنكِ تحلمين بمشاهدة زخّة شهب."في ذلك ا
Read more

الفصل 455

ساد صمت كثيف بين الاثنين، وكأن الهواء تجمّد في المسافة بينهما، ثم قال أحمد بصوت مبحوح: "حبيبتي سارة، ماذا لو أخبرتكِ أنني لم أخنكِ قط؟"سارة ضحكت بسخرية: "ألم تخُنِّي؟ إذًا أخبرني، من والد فارس؟ وجهه يكاد يكون نسخة عنك، هل تجرؤ على القول بأن صفاء شكّلته من الطين على هيئتك؟"قال أحمد بصوت جاد: "هذا بالضبط ما أريد التحدّث عنه، فارس هو..."لكن قبل أن يتمّ كلامه، انطلق لحن خاص يعرفانه جيدًا، نغمة خصصها لصفاء.كان ذاك اللحن الذي أرعب سارة يومًا، اللحن الذي ما إن يُسمع، بغضّ النظر عمّا كانت تفعله مع أحمد، فإنه ينهض ويهرع إليها كمن يركض إلى مصيره.نظرت سارة إليه، على وجهها سخرية حادة: "لماذا لا ترد؟ ممّ تخاف؟ لم أعد زوجتك، لم أعد أكترث بك أصلًا..."لكن أحمد لم يردّ، بل ضغط مباشرة على زر إنهاء المكالمة، ثم أمسك بيدها من جديد، وعيناه جادتان: "سارة، اسمعيني، الأمر بالغ الأهمية، لم أخبركِ من قبل لأن..."رن الهاتف مرة أخرى، لكن هذه المرة لم تكن صفاء، بل كانت صفية.اتصال منها في هذا الوقت لا يعني إلا أمرًا يتعلق بالأطفال.اضطر أحمد للإجابة: "ما الأمر؟"جاء صوت صفية القلقة، على غير عادتها: "سيدي، ال
Read more

الفصل 456

نيزك؟سارة، منذ طفولتها وحتى كبرت، انتظرت مرات لا تُعدّ ولا تُحصى، وسهرت ليالٍ طويلة أملًا برؤية نيزك، لكنها لم تره قط، أما اليوم، فقد جاء هذا النيزك فجأة، دون أي إنذار، حتى إنها لم تكن مستعدة على الإطلاق.وحين أدركت ما يحدث، كانت قد شبكت كفيها معًا، وارتسم في ذهنها أمنية واحدة، وهي أن يكن فارس بخير وسلام.فتحت عينيها، فرأت أمامها مشهدًا مبهِرًا يغمره بياض فضي ساطع، كانت النيازك البيضاء تمرق عبر السماء الواسعة، كل واحدة تجرّ ذيلًا طويلًا خلفها، تخترق السماء بتألق يقطع الأنفاس.شعرت سارة وكأنها في حلم، وكأنها فعلًا واقفة وسط وابل من الشهب.أيّ حديث عن الفراق الأبدي لا معنى له الآن، فكل ما يدور في رأسها هو جنينها الذي ينمو داخل أحشائها.تمنت أمنيتين لا ثالث لهما، أن يخرج فارس سالمًا، وأن يُولد طفلها بسلام.وفي طريق عودته إلى المدينة، كان أحمد هو الآخر قد رأى تلك النجوم المتساقطة تملأ السماء.أيها النيزك، إن كنتَ فعلًا قادِرًا على تحقيق الأمنيات، فأمنيتي الوحيدة أن أشيخ مع سارة، ونكمل حياتنا سويًا حتى النهاية.كان يعلم جيدًا أن سارة، لو سمعت ما يدور في قلبه الآن، لضحكت ساخرة، لكنها لم تكن
Read more

الفصل 457

ما إن سمع فارس كلمة "أمي" حتى أضاءت عيناه الصغيرتان، وشدّ بيديه الصغيرتين حزام الأمان، وهو يردد بحماس لا ينضب: "ماما، ماما".في هذه اللحظة، لم يعد أحمد راغبًا في إخفاء حقيقة ولادة سارة لابنهما في الماضي، فلو علمت أن الطفل لم يمت، بل عاش سالمًا وبصحة جيدة، فهل ستشعر ببعض السعادة؟ هل سيخفّ احتقارها له بعض الشيء؟بينما كانت السيارة تمضي في طريقها، رنّ هاتف أحمد، فبادر بالرد، وانبعث من سماعة البلوتوث صوت محمود الجاد: "سيد أحمد، هناك خبر غير سار"."ما الأمر؟""تمكّنا من استعادة لقطات المراقبة التي تعرّضت للاختراق، وتبيّن لنا أن الحادث الذي تعرّض له الطفل لم يكن محض صدفة، بل دفعه أحدهم عمدًا، ولولا أنّ الطفل كان سريع البديهة وتمكّن من إيقاف نفسه، لكان الأمر تجاوز الإغماء بكثير".ضاق صدر أحمد بقوة، كان يعلم أن المستشفى الخاص الذي نُقلت إليه صفاء قد أنشأ درجًا لولبيًّا ضخمًا لأغراض جمالية.ولو كان فارس قد تدحرج من أوله حتى آخره، لكانت العواقب وخيمة.تابع محمود قائلًا: "تزامن سقوط الطفل مع مرور الأطباء والممرضين في جولة تفقدية، فاندفعوا بسرعة لإنقاذه، بينما استغل الجاني الفرصة للفرار، ولولا وجو
Read more

الفصل 458

ما إن سمع هذا الكلام حتى انفجر فارس بالبكاء، وهو يصرخ بصوت متهدّج: "أمّي، أريد… أريد أمّي!"كان فارس طفلًا مطيعًا، نادرًا ما يبكي، لكنه حين يتعلّق الأمر بسارة، يبكي بحرقةٍ لا تُحتمل.تنهد أحمد بمرارة، ثم قال بصوت منخفض: "هذه المرة الأخيرة، بعد أن نرى أمكِ علينا أن نرحل، حسنًا؟"لم يفهم الصغير ما قصده، لكنه كان سعيدًا لمجرد أن يتمكّن من رؤية والدته، ودموعه لا تزال على وجنتيه، هزّ رأسه بطاعة.مدّ أحمد يده ليمسح دموعه، ثم مسح فمه الصغير من آثار اللعاب، وقال بهدوء: "هيا، سنذهب الآن لرؤية أمكِ."كان داخل الخيمة الهوائية نورٌ خافت بلونٍ أصفر باهت، يتلألأ مثل نجمٍ صغير.في العادة، يكون فارس قد نام في مثل هذا الوقت، لكنه الآن كان متيقظًا تمامًا، عيناه الكبيرتان تشعّان بالبريق، ولم ينتظر حتى الوصول، بل قفز من حضن أحمد وركض بخطواته القصيرة نحو الخيمة.كانت سارة جالسة على السجادة، تتأمّل النجوم في السماء، ولم يكن بها رغبةٌ في النوم.لكنها تفاجأت فجأة، حينما اصطدمت عيناها بجسدٍ صغير يركض نحوها، فتسمرت في مكانها، وكأنها تحلم.في الماضي، ما إن تستدعي صفاء أحمد، لا يعود أبدًا، لكنه هذه المرة لم يَعُد
Read more

الفصل 459

سارة فتحت فمها وكأنها تهم بالاعتراض، لكنها ما لبثت أن سكتت حين تذكرت أن الطفل لا يفهم هذه الأمور أصلًا، فلماذا تُرهقه بعبارات لا تعنيه؟ثم إنها تعرف، بالنسبة للطفل، ما دام ينمو بأمان وسعادة، فهذا يكفي.سرعان ما أغمض فارس عينيه، وأراح رأسه في حضن سارة، وراح يغطّ في نوم هانئ تصحبه أنفاس ناعمة منتظمة، بل إنّ عند زاوية شفتيه ظهرت خيوط رقيقة من اللعاب اللامع.مدّت سارة يدها تمسحه برفق، وعيناها تتابعانه بنظرات دافئة حنونة.ترى، هل سيكون الطفل الذي في أحشائها شبيهًا بفارس؟ أليس هو أيضًا ابن أحمد؟"حبيبتي سارة."في هذا الجو الهادئ من الليل، انبعث صوت أحمد خافتًا مبحوحًا، ممزوجًا ببعض الحزن، فشق سكون الليل.تجمدت ملامح سارة، وازداد وجهها برودة، لم ترد عليه، بل بقيت صامتة تنتظر ما سيقوله تاليًا.تنحنح أحمد قليلًا، وكأنّه كان يبحث عن صياغة مناسبة، وبعد تفكير طويل قال: "فارس يحبك كثيرًا، وأنا أعلم أنكِ تحبينه أيضًا، يمكنكِ أن تعتبريه ابنكِ، فتعامليه كما لو كان طفلكِ حقًا."ضحكت سارة بسخرية، ثم قالت بنبرة باردة: "صفاء كسرت ساقها ولم تعد قادرة على رعاية الطفل، فخطر لك أن تخدعني وأتكفّل أنا بتربيته؟
Read more

الفصل 460

كانت سارة قد اعتادت على برودة أحمد، وظنّت أن أكثر ما يُرعب فيه هو قسوته القديمة.لكنها أدركت الآن أنّ الهجوم المباشر لا يُقارن رعبًا بابتسامته الحالية ونظرته الحنونة وهو يتحدث.وما كانت سوى تخمينات لا أكثر، إذ لم تجرؤ على كشف حقيقة حملها.قالت بصوت ثابت: "أحمد، لن أحبك أبدًا، ولن يحدث ذلك مهما طال الزمن".لكن أحمد لم يُعر لكلماتها أي اهتمام، بل قال بهدوء: "حبيبتي سارة، المستقبل لا يزال طويلًا".لم تجادله سارة، بل انكمشت بهدوء في مكانها، لا تجرؤ على استفزازه أكثر.من يحاول التفاهم مع مجنون، إما أنه ملّ من الحياة، أو ظنّ أن المجنون قد ملّ منها.ما تستطيع فعله الآن هو أن تختبئ وتنمو بصمت، تنتظر تعافي رشيد، وتنتظر نمو طفلها حتى موعد الولادة، وتتمسك بالحياة لأطول فترة ممكنة.قبل ذلك، لا مجال لإثارة أي مشكلة جديدة.حين رآها قد أغمضت عينيها، مدّ أحمد يده بلطف ورتّب الغطاء فوق جسدها بعناية، ثم انحنى وطبع قبلة خفيفة على جبينها.قال بنبرة دافئة تخفي تهديدًا: "سارة، لا تحاولي الهرب مني، هذه فكرة غبية، هل تفهمين؟"كان الجو في شهر يونيو، ومع ذلك شعرت سارة وكأن البرودة تسري في جسدها من الرأس حتى الق
Read more
PREV
1
...
4445464748
...
86
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status