All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 731 - Chapter 740

838 Chapters

الفصل 731

لم يمض وقت طويل على نوم أحمد حتى سمع حركة مفاجئة، رفع رأسه فرأى سارة تسقط نحو الأرض، فأسرع بخطواته والتقطها بين ذراعيه. قال بصوت متوتر: "أأنتِ بخير يا حبيبتي سارة؟" ومع أنّه كان قد أمسك بها بالفعل، إلا أنّ ظهره قد ابتل بعرقٍ بارد من شدّة الفزع.جسد سارة لم يعد يحتمل كما الأجساد العادية، فمجرد سقوط صغير قد يسبب لها ضررًا لا رجعة فيه. كان وجهها شاحبًا كصفحة بيضاء، تمتمت بصوت متهدّج: "أنا..." لكنها لم تكمل، إذ لم يكن لديها من القوة ما يكفي حتى لتعاند أحمد، بل إن مجرد نطق كلمة واحدة كان يؤلمها حتى يكاد يخنقها.قال أحمد بسرعة: "ما الأمر؟ هل عطشتِ أم جائعة؟ إن احتجتِ إلى شيء فأخبريني فقط."ترددت سارة قليلًا ثم قالت بصوت خافتٍ محرج: "أيمكنك أن تحضر لي ممرضةً أنثى تعتني بي؟"فهم أحمد على الفور، فحملها مباشرة إلى الحمّام، وهناك أبعدته بإصرار وحرج. وقف هو خارج الباب يترقب، ثم سارع إلى الاتصال بسمية لتأتي، وفي الوقت ذاته جهّز لها الإفطار.بعد أن اغتسلت سارة على عجل، بدا وكأنها قد استنفدت كل طاقتها، ثم أعادها أحمد بحرص إلى الفراش وأسندها.وقال لها بنبرة جادّة: "حبيبتي سارة، لا تعاندي، أهم ما ت
Read more

الفصل 732

حين شعرت سارة بتوقف حركاته فجأة، سألت بهدوء: "ما بك؟"أجاب أحمد بصوت منخفض وهو يواصل لمس شعرها برفق أشد، حتى أنه لم يجرؤ أن يضغط بأصابعه: "لا شيء."ومع ذلك، تساقط الشعر لم يتوقف، يسقط شيئاً فشيئاً.عندها أدرك أحمد أخيراً لماذا قصّت سارة شعرها منذ عامين.فقد كان أضعف أوقاتها حينها ولم يكن إلى جانبها، أما الآن فلا شيء في الدنيا يمكن أن يجعله يتركها وحدها.أزاح بعض الخصلات المتناثرة بأطراف أصابعه، ثم أحضر لها معطفاً صغيراً غطّى به كتفيها، وحملها بلطف إلى الكرسي المتحرك ودفعها خارج الغرفة، وقبل أن يخرج أوصي بتغيير فراش السرير بآخر نظيف.كان يعلم أن كل فتاة تحب أن تبدو جميلة، ويتذكر جيداً أنها في أيامهما السعيدة كانت تحب شعرها الطويل أكثر من أي شيء آخر.حين كانت ترتدي فستاناً بسيطاً وتثبّت شعرها بدبوسٍ من اليشم.وكانت تتباهى بمهارتها في رفع شعرها بيد واحدة وهي تبتسم بفخر طفولي.كانت سارة حينها كثيرة الكلام، أما الآن فقد غابت عنها الرغبة في الحديث، تحدّق أمامها بعينين ساكنتين يصعب أن يُقرأ ما في أعماقهما.دفعها أحمد تحت ظل شجرة كبيرة تطل على ممر عشبي، حيث كان بعض المرضى وذويهم يستلقون تحت ال
Read more

الفصل 733

كانت سمية تقف غير بعيدة، وحين رأت أنّ الوضع يوشك أن يتفاقم، أسرعت لتدفع بكرسي سارة بعيدًا.وقبل أن تغادر لم تستطع أن تمنع نفسها من إلقاء نظرة ممتلئة باللوم على أحمد، كأنّها تقول في سرّها، أي مسرحية هذه التي تؤديها الآن؟ لقد صَعُب كثيرًا أن يذوب الجليد بينهما قليلًا، فإذا به يعيد كل شيء إلى أجواء مشحونة متوترة.تقدّم محمود وقال: "أيها الرئيس أحمد، لا يمكنك التصرّف بعجلة مفرطة، كلما أسرعتَ أكثر ازدادت خسارتك."تنهد أحمد وقال بصوت منخفض: "أنا أخشى أن تفقد حبيبتي سارة إرادة البقاء، أردتُ أن أمنحها سببًا للتمسّك بالحياة، كنت أظن أن رؤيتها لفارس ستوقظ في أعماقها غريزة الأمومة، لكن يبدو أنّ الأمور سارت على غير ما تمنيت."قال محمود محاولًا إقناعه: "سيدي الرئيس، عليك أن تتخلى عن هذه الفكرة، زوجتك وصلت إلى حال لا تحتمل أي صدمة جديدة، أما أمر الطفل الصغير فليؤجَّل إلى وقت آخر."أومأ أحمد بتعب: "لا خيار آخر إذن."ثم انحنى قليلًا وحمل فريدة بين ذراعيه، وبرغم ما يكنّه من كراهية شديدة لصفاء، إلا أن هذه الطفلة تبقى آخر ما خلّفه سالم من دمائه، فلم يجد بدًّا من رعايتها بحنان الأبوة.اقتربت صفاء وهي تدفع
Read more

الفصل 734

فتحت سمية فمها محاولةً أن تنصح سارة، غير أنّ سارة لوّحت بيدها قائلة: "أريد أن أستريح قليلًا، لا تدعي ذلك الرجل يدخل، لا أريد أن أراه"."حسنًا... "غطّت سمية سارة بالبطانية وغادرت، وفي الخارج كان أحمد يحمل فارس، وعلى وجه الصغير ما زالت تتدحرج حبات الدمع الكبيرة، فبدت ملامحه غايةً في الحزن والضعف.قال فارس وهو يتمسك برداء أبيه بنبرة متوسّلة: "بابا، أريد ماما".كان فارس قد شارف على إتمام عامه الثالث، وصار قادرًا على التعبير عن نفسه بوضوح.وقد مضت فترة طويلة لم يرَ فيها والدته، هو لا يفهم عندما كانت أمه دائمًا تحتضنه وتلاعبه في السابق، صارت فجأة قاسيةً وباردة، وكل ما يتمناه أن تعود لتعانقه.احتضنه أحمد بذراع واحدة، وعلى وجهه ملامح ألمٍ لا يوصف، وقال بهدوء: "ماما مريضة، ولا تستطيع أن تحضنك الآن"."مريضة؟" تحرّكت عينا فارس الكبيرتان في دهشة، ثم تمتم: "حقًّا؟"قال ذلك وأخذ يقلّد نفسه حين أصابه الزكام، فسعل بشكلٍ مصطنع، فابتسم أحمد قليلًا وهو يلمس برفق أنفه الصغير قائلًا: "ماما مريضة بمرضٍ شديد".فقال فارس بحماس طفولي: "ناخذ دواءً ونأخذ حقنة".أجابه أحمد وهو يخفي تنهيدة موجوعة: "نعم، سنعطي مام
Read more

الفصل 735

أجابت سارة بنبرة هادئة: "ربما حقًّا قد ضاقت بهم السبل، وإلا فمن ذا الذي سيشعر بالملل إلى درجة أن يسرق حتى زهور المستشفى؟"ابتسمت رئيسة الممرضات وقالت: "أرى أنّ مثل هؤلاء الناس قد فقدوا أبسط قواعد الأخلاق، والآن يا آنسة سارة عليكِ أن ترتاحي جيدًا."أغلقت رئيسة الممرضات الباب وغادرت، ولم يمض وقتًا طويلًا حتى غلب النعاس سارة، لكن بدا وكأنها سمعت الباب يُفتح مجددًا.النعاس أثقل جفنيها، فلم تلقِ بالًا للأمر.لكنها لم تسمع خطواتٍ تُقاربها، بل على العكس كان بجانبها صوتٍ خافت متسلّل، يشبه حركة فأر صغير يتخبّط في الخفاء.وفجأة شعرت بشيءٍ فوق رأسها، هذا ليس تصرّف طبيب.فتحت سارة عينيها، لتلتقي مباشرة بعينين مستديرتين واسعتين تحدّقان بها.كان وجهًا صغيرًا ناعم الملامح، يكاد يلتصق بوجهها، ولما رآها تستيقظ أبدى ذلك الصغير ملامح من الإحراج.قال بصوتٍ طفولي: "ماما، إكليل من الزهور."كان فارس يحاول جاهدًا تعديل الإكليل على رأسها، بينما يده الصغيرة ما زالت متيبّسة في مكانها.تمتمت سارة بدهشة: "أنت؟" ثم وقعت عيناها على الإكليل في يديه، لتصطدم بموجة من الذهول.أيمكن أن يكون اللص الذي شكت منه رئيسة الممرض
Read more

الفصل 736

كان فارس قد بدأ يستعيد وعيه، غير أنّ ردة فعله الأولى بعد أن تلقّى الضرب لم تكن البكاء، بل الحيرة والذهول.لم يفهم ما الخطأ الذي ارتكبه، ولماذا صفاء ضربته؟سرعان ما ظهر على وجهه الصغير أثر كفّ غائر، إذ احمرّ وانتفخ خدّه الأيمن في الحال.صفاء، بعد أن فاض غضبها، اجتاحها الندم سريعًا، فحملت الطفل إلى حضنها وهي تقول بلهفة: "حبيبي، لم أقصد أن أوجعك، ماما لم تتعمّد ذلك."كانت تحمل في قلبها كراهية لا حدود لها لسارة، لكن ما إن تذكّرت أنّ سارة أوشكت على مفارقة الحياة، حتى انفرج صدرها بشيء من البهجة.ومرّ على وجهها بريق من النشوة وهي تقول في جنون: "تلك الحقيرة ستموت قريبًا، هذا رائع! حبيبي، لقد صار لنا أبٌ من جديد، وأنت تشبهه كثيرًا، لذلك يجب أن تُرضيه وتكسب وُدّه، عندها سيعاملنا أنا وأنتِ أفضل."بعد أن مرّت صفاء بتلك الانهيارات والانتفاضات، لم يعد عقلها مستقيمًا، فقد غدت تتنقّل بين الضحك والبكاء، وملامحها يغشاها الجنون، حتى بدأ فارس يزداد خوفًا من هذه المرأة.امتلأت عيناه الواسعتان بالذعر، ولم يقدر على لفظ كلمة واحدة.في هذه اللحظة طرقت صفية الباب، وما إن دخلت حتى وقع بصرها على وجه فارس الذي قد
Read more

الفصل 737

كانت صفية ترافق السيدة صفاء لسنوات طويلة، ولم يسبق لها أن رأت تلك المرأة في مثل هذه الحال البائسة.صفاء لم تكفّ عن البكاء، وهي تجهش بصوت مبحوح: "لقد فقدتُ أبي وأمي، ولم يعد لي بيت أعود إليه، وهذه الحياة لن تسمح لي أن أنهض من جديد، لم يعد لي إلا هذان الطفلان، وإن أخبرتِ أحمد بالأمر، فلن يسمح لي برؤيتهما بعد اليوم."كانت صفاء تتشبث بسروال صفية برجاءٍ مهين، فاضطرت صفية أن تترك لها جملة قصيرة: "هذه المرة فقط، ولن تتكرر."ثم حملت فارس بين ذراعيها وغادرت، وأثناء أن وضعت له كمادة من البيض لتخفيف الورم، لم تستوعب كيف يمكن لأم أن ترفع يدها بهذا العنف على ولدها الوحيد.سألت برفق: "هل يؤلمك؟"لكن فارس اكتفى بهز رأسه صامتًا، وعلى ملامحه ظلّ الانكسار بادياً، مما جعل قلبها ينقبض أكثر.تنهدت صفية قائلة في سرّها: "يا للخطايا، أي ذنبٍ جناه هذا الصغير؟"أما سارة، فبمرضها هذا اضطرب بيت عائلة أحمد كله، وحين عاد أحمد إلى المبنى الصغير، وجد الجد وجدي جالسًا تحت شجرة النبق، يتمتم بكلماتٍ غير مفهومة.اقترب منه وسأل الخادم: "هل عاودت جدي نوبته من جديد؟"أجاب الرجل الكبير بحزن: "نعم، منذ أن رحلت الجدّة وحالته م
Read more

الفصل 738

سأل أحمد جدَّه ساعاتٍ طويلة دون أن يتمكن من انتزاع أي خبرٍ منه، وكل ما وصل إليه من خلال مختلف القنوات أنّ تلك السيدة المسماة شادية، يُرجَّح أنّها هربت من الخارج إلى مدينة الشمال طلبًا للجوء، مستخدمة هويةً واسمًا مزيفين، ثم اختفت مجددًا وسط الاضطرابات.تنفّس أحمد بمرارة، إذ أنّ تامر ما زال مختفيًا بلا أثر، وكلما طال الانتظار، لم يكن ينتظر سارة سوى الموت، والفارق الوحيد يكمن بين موتٍ مبكر أو مؤجل.ومع ذلك، لم تكن الأيام الماضية خاليةً من المكاسب، فعندما وصل أحمد إلى الغرفة المظلمة، كان هيثم لا يملك سوى رمقٍ أخير، جسده غارق في الدماء، ويبدو أنّ خالد لم يُبدِ أي رحمة في سبيل انتزاع اعترافٍ منه.قال خالد: "سيدي الرئيس، لقد اعترف هيثم بأنّ معرفته بإحسان تعود إلى عامين أو ثلاثة، لم يلتقيا وجهًا لوجه قط، لكنها ساعدته مرارًا، وهذه المرات كلّها مرتبطة بمحاولاته في الاستحواذ على أسهم عائلة أحمد".فردّ أحمد قائلًا: "إذن ليس غريبًا أن يمتلك هيثم كل تلك الأسهم، فهناك يدٌ خفيّة ساندته، ومن يملك القدرة على إنفاق مئات الملايين لشراء روح حبيبتي سارة، فلا شك أنّه يتمتّع بثروةٍ هائلة".أومأ خالد موافقًا:
Read more

الفصل 739

مكثت سارة في المستشفى أسبوعًا كاملًا، وبعد انقضائه أنهت إجراءات الخروج، وخلال هذا الأسبوع من النقاهة استطاعت أن تتحرك بنفسها وتخطو خطوات قليلة خارج السرير، غير أن كريات الدم الحمراء والبيضاء كانت قد انخفضت إلى مستوى خطير، لا يتجاوز بضع نقاط، فصارت تشعر بالدوار يوميًا وبضعفٍ بالغ.ومع ذلك، كان الخروج من المستشفى بالنسبة لها أمرًا عظيمًا، يكفيها أن تتنفس هواء الخارج ولو كان جسدها واهيًا.عادت إلى بيت عائلة أحمد، وكانت نجلاء تدفع كرسيها المتحرك وهي تقول بلهجة مفعمة بالحنية: "سيدتي، لقد رتّب السيد أحمد خصيصًا لكِ غرفة في الطابق الأول، تطلين منها مباشرة على الفناء، فقط اطمئني واعتني بصحتكِ، سيأتي اليوم الذي تتعافين فيه بإذن الله.""حسنًا."أما أحمد، فربما كان يخشى أن يجرح مشاعرها، إذ إنه لم يظهر أمامها طوال الأيام الماضية. لكنها كانت تدرك أنّه في معظم الأوقات لا يدخل إليها إلا بعد أن تغفو، فيجلس إلى جوارها حارسًا صامتًا، وما إن تفتح عينيها حتى ينسحب بهدوء.لم تفهم سارة ما جدوى ذلك، فما الداعي من هذا التظاهر بالاهتمام؟ إنه رجل له زوجته وأولاده، فلماذا يبذل تجاهها هذا العطف المريب؟غير أنها
Read more

الفصل 740

رأت سمية أن سارة متعبة ومزاجها سيئ، فحاولت مواساتها قائلة: "هذه الأيام لم تأكلي جيداً، واليوم بما أنكِ وجدتِ شهيتكِ، فقد أعدّت لكِ السيدة ناريمان بنفسها الطعام."أومأت سارة برأسها، ولم تركب الكرسي المتحرك، بل سارت بخطوات بطيئة حتى وصلت إلى غرفة الجلوس.كانت السيدة ناريمان تضع المئزر على خصرها وقالت بابتسامة: "اجلسي سريعاً، الطعام صار جاهزاً."على المائدة كان هناك مزهرية من الخزف الأبيض الفاخر، وضعت فيها أزهار قُطفت حديثاً، تلمع أوراقها كأنها نُضّدت بالندى.في ذهن سارة ومضة من ذكرى قديمة؛ حين كانت في الشتاء القارس تضع الزهور في إناء داخل البيت الدافئ، وبطنها منتفخ بالحمل، وعلى شفتيها ابتسامة صغيرة.باب الغرفة يُفتح، يدخل أحمد غاضباً يلومها بشدة على ذهابها لمشاجرة صفاء، ويذكرها بأنها حامل.لكنّه نسي أن سارة أيضاً كانت حاملاً.حين اشتد الغضب في قلبه، أمسك بالزهريّة وقذفها أرضاً، فتبعثرت الزهور على البلاط البارد."آه..." وضعت سارة يدها على رأسها، فبين الحين والآخر تبدأ بعض الذكريات المفقودة تعود إليها على نحوٍ مباغت.اقتربت منها السيدة ناريمان قلقة: "ما بكِ يا زوجة ابني؟ هل يؤلمكِ رأسكِ؟"
Read more
PREV
1
...
7273747576
...
84
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status