Share

الفصل 739

Auteur: سيد أحمد
مكثت سارة في المستشفى أسبوعًا كاملًا، وبعد انقضائه أنهت إجراءات الخروج، وخلال هذا الأسبوع من النقاهة استطاعت أن تتحرك بنفسها وتخطو خطوات قليلة خارج السرير، غير أن كريات الدم الحمراء والبيضاء كانت قد انخفضت إلى مستوى خطير، لا يتجاوز بضع نقاط، فصارت تشعر بالدوار يوميًا وبضعفٍ بالغ.

ومع ذلك، كان الخروج من المستشفى بالنسبة لها أمرًا عظيمًا، يكفيها أن تتنفس هواء الخارج ولو كان جسدها واهيًا.

عادت إلى بيت عائلة أحمد، وكانت نجلاء تدفع كرسيها المتحرك وهي تقول بلهجة مفعمة بالحنية: "سيدتي، لقد رتّب السيد أحمد خصيصًا لكِ غرفة في الطابق الأول، تطلين منها مباشرة على الفناء، فقط اطمئني واعتني بصحتكِ، سيأتي اليوم الذي تتعافين فيه بإذن الله."

"حسنًا."

أما أحمد، فربما كان يخشى أن يجرح مشاعرها، إذ إنه لم يظهر أمامها طوال الأيام الماضية.

لكنها كانت تدرك أنّه في معظم الأوقات لا يدخل إليها إلا بعد أن تغفو، فيجلس إلى جوارها حارسًا صامتًا، وما إن تفتح عينيها حتى ينسحب بهدوء.

لم تفهم سارة ما جدوى ذلك، فما الداعي من هذا التظاهر بالاهتمام؟ إنه رجل له زوجته وأولاده، فلماذا يبذل تجاهها هذا العطف المريب؟

غير أنها
Continuez à lire ce livre gratuitement
Scanner le code pour télécharger l'application
Chapitre verrouillé

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 842

    الطفلة ضاعت! لقد استغلت انشغالها بالرياضة وخرجت خلسة!كانت مارية دائمًا مطيعة وهادئة، ولم يخطر ببال سارة أبدًا أنها ستغامر بالخروج سرًّا من أجل البحث عن حسني.ألا تعرف ما هو هذا المكان؟ألا تدرك كم يختبئ على هذه السفينة من أشخاص منحرفين؟إنها طفلة صغيرة، جميلة الملامح، بريئة الوجه، ولو وقعت أنظار أحد هؤلاء المرضى النفسيين عليها، فستكون العواقب لا تُحتمل.فهناك في هذا العالم الكثير من الأثرياء المضطربين نفسيًّا، والعواقب التي يسببونها أشدّ فتكًا من مجرد التهديد.بعضهم يعشق شعر النساء، وبعضهم الآخر يهوى أقدامهن.هؤلاء ينشرون طلباتهم عبر الشبكة السوداء، لتتحول إلى تجارة سرية عالمية تبحث عن "السلع" المناسبة.وبعد تحديد الهدف، يتقربون منه تحت غطاءٍ مختلف، كأن يُوهموا فتاة صغيرة قليلة الخبرة أنهم يصحبونها في رحلة سياحية إلى الخارج، ثم تُباع هناك.ومنهن من تُباع أعضاؤها، أو تُستغل أجسادهن، وحين ينخفض "ثمنهن" يُسلَّمن إلى جامعي التحف البشرية من المنحرفين، فيتحولن إلى بقايا مشوّهة تُعرض كقطع تذكارية.وعلى هذه السفينة بالذات، يوجد الكثير من تلك الوحوش المقنّعة بوجوه بشر!شعرَت سارة بأن عقلها يكا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 841

    كان أحمد ما يزال يعاني بعض السعال، وبعد أن أوصل سارة إلى باب غرفتها وأوصاها ببضع الكلمات، ثم غادر.بما أنّ بنية سارة أضعف من غيرها، ومرضه لم يبرأ تمامًا بعد، فإن البقاء في مكان غير جيد التهوية قد ينقل العدوى إليها وإلى الطفلة.لذلك، ومن أجل سلامتهما، قرّر أحمد ألّا يعود إلا بعد أن يتعافى جسده بالكامل.وفوق ذلك، فبما أنّ سارة بالكاد تقبّلت بقاءه، فالأنسب أن يبتعد قليلًا عنها، حتى لا يزيد من أعبائها.سلمها الخنجر، وأوصاها ألّا تخرج من الغرفة عبثًا، وأكّد لها أنها ستكون آمنة ما دامت داخلها.عادت سارة إلى الغرفة، فوجدت مسعد ومارية مستغرقين في اللعب.كانت مارية قد ألصقت على وجهه الكثير من الملصقات على شكل نجوم وأقمار، وعلّقت حول عنقه عقدًا، وفي أذنيه أقراطًا، حتى أنّها وضعت على أصابعه العشرة أظافر مزيّفة.أما مسعد، فكان يحمل عصًا سحرية ويلعب دور البطل: "بالا لا... سحر طاقة التحوّل..."لكنّه لم يتمكّن من إنهاء دورانه بالعصا حتى وقع بصره على سارة واقفة عند الباب، فارتسمت على وجهه ابتسامة متيبّسة وقال بخجل:"إحم... سيدتي، لقد عدتِ بسرعة."لم تفهم سارة من أين أتى حسني بهذا الرجل الغريب الأطوار،

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 840

    قبل أن تتمكّن سارة من فتح فمها، بادرها أحمد بإضافة: "لا داعي لأن تشعري بالاضطراب يا سيدتي، فحبي لكِ هو شأني وحدي، سأظل كما كنتُ من قبل، أقلّل من وجودي في حياتكِ ولن أتدخل فيها كثيرًا، غير أنّ...""غير أنّ أختيار حُبّي لكِ جاء بمحض إرادتي أيضًا ، يمكنكِ ألا تتقبليني، لكنكِ لا تستطيعين أن تمنعيني من حبكِ."أحسّت سارة بسخونة تتسلّل إلى أذنيها، أين ذهبت بساطة هذا الرجل وصدقه القديم؟ لقد جعلها عاجزة عن الهروب، لا تدري كيف تردّ عليه.وكان أحمد هو من كسر هذا الصمت المربك، إذ أزاح الغطاء جانبًا ونزل من السرير قائلًا: "حسنًا، لقد قلتُ لكِ من قبل ألّا تحمّلي نفسكِ أي عبء بسببي، سأوصلكِ بنفسي، فالوقت قد تأخّر، ومن الأفضل أن تنالي قسطًا من الراحة مبكرًا."قالت على عجل: "لا حاجة، أستطيع العودة وحدي، فالمسافة قصيرة.""المكان غير آمن ليلًا على ظهر السفينة، سأوصلكِ."كان قد ارتدى معطفه بالفعل، وحين لمح أنها ترتدي ثيابًا خفيفة، التقط سترته ووضعها على كتفيها بحركة طبيعية.ولمّا لم تجد سارة فرصة للاعتراض، بادرها بالقول: "اطمئني، إنها نظيفة."قالت مرتبكة: "أنا... لم أقصد ذلك، أنا فقط..."فقاطعها بهدوء: "أ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 839

    كان أحمد يعرف جيدًا طبع سارة، فبعد ما جرى بينهما، هي لن تسمح له بالبقاء إلى جوارها.لقد أدرك منذ زمن أن هذه اللحظة ستأتي، وكل ما فعله في الأيام الماضية من تجنّب وابتعاد، لم يكن إلا محاولةً لتأجيلها قدر المستطاع.سكبت سارة له كأسًا من الماء، ثم جلست على الكرسي المجاور.قالت بهدوء: "مع أنَّك اعتنيتَ بنا كل هذه الفترة، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي أقدّم لك فيها كأس ماء."ضغط أحمد قبضته على شفتيه وسعل قليلًا ثم مال برأسه، وقال بصوت منخفض: "شكرًا."قالت بقلق: "أتريد أن تتناول بعض الدواء؟"أجابها: "لا بأس، مجرد سعالٍ متبقٍ، لكنه أفضل بكثير من قبل."قالت سارة بصدق: "لقد ساعدتني كثيرًا في هذه الرحلة، وأنا ممتنة لك، فأنت رجل طيب، مجتهد وكفؤ، لكن رعايتك للأطفال أمر يفوق قدراتك الحقيقية، فأنت ما زلت شابًا، وينبغي أن تخرج لتواجه الحياة."كانت كلماتها رقيقة، أما أحمد فكان يمسك الكوب بكلتا يديه، وأصابعه تتحرك ببطء على الزجاج الأملس، وعيناه منخفضتان كأنه غارق في أفكاره.وبعد صمتٍ طويل، قال أخيرًا: "هل يزعجكِ أنني أحبكِ؟"طرحه المفاجئ أربك سارة، ولم تعرف كيف ترد.كانت تظن أن طبعه الصارم سيجعله، مثل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 838

    مرّت الأيام يومًا بعد يوم، ولم يظهر حسني طوال ثلاثة أيام، فلم تعد سارة وحدها التي نفد صبرها، بل حتى الأطفال باتوا قلقين.اعترضت طريق مسعد مرة أخرى قائلة: "ما حال مرضه بالضبط؟ مضت كل هذه الأيام ولم يتحسن؟"قال وهو يحاول تهدئتها: "لا تقلقي يا سيدتي، لقد تحسّن كثيرًا، لكن الأخ حسني يخشى أن يكون ما زال يحمل فيروسًا فيعديكم."لم تكن سارة تدري، هل يتجنبها عمدًا، أم أن مرضه بلغ به حدًّا خطيرًا بالفعل؟فهو في النهاية كان يعاملها بطيب طوال هذه الفترة، وكان من الواجب أن تطمئن عليه بعينيها.قالت بلهجة حاسمة: "سأذهب لرؤيته، أين هو؟"أجابها: "لا حاجة، فالأخ حسني لن يرضى أن تذهبي إليه."قالت بإصرار: "لن أفعل أكثر من إلقاء نظرة، أطمئن على حالته ثم أرحل، في أي غرفة هو؟"تردد مسعد: "أنه...."قالت بصرامة: "إن لم تخبرني، فلن تغادر هذا الباب اليوم."حكّ رأسه بحرج وقال: "يا سيدتي، أنا فقط أساعد الأخ حسني في إحضار الطعام إليكِ، فلا تحرجيني."قالت: "كل ما أريده هو أن أراه، وهذا ليس إزعاجًا."قال بعد تفكير: "حسنًا، سأخبر الأخ حسني أولًا."تنفست سارة الصعداء وقالت: "حسنًا، سأنتظر خبرًا منك."عاد مسعد مسرعًا إل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 837

    لم يكن مسعد مخطئًا، فأحمد مريض حقًا، لقد أصابته الحمى يومًا وليلة، وبات ملقى على السرير يترنح بين الحياة والموت.كان خالد يجلس بجانب السرير، يقطع تفاحة كما تفعل ربة بيت عجوز، ولسانه لا يكف عن الثرثرة.قال وهو يرمق سيده: "يا سيدي، أنظر إلى حالك الآن، أي شبحٍ أصبحت؟ لماذا تعذّب نفسك؟ نصف عامٍ كامل وأنت تتبع السيدة متخفيًا باسم مستعار، وفي النهاية لم تلمس حتى يدها."رمقه محمود بنظرة حادة وقال: "خفف من كلامك، أتظن أن السيدي يهوى هذا الحال؟"ثم ناول أحمد كوبًا من الماء الفاتر: "اشرب يا سيدي، كلما شربت أكثر استعادت صحتك أسرع."كان وجه أحمد شاحبًا، وشفاهه متشققة من الجفاف، وقد بدا منهكًا إلى حدٍّ مخيف.شرب كوب الماء، ثم اتكأ على حافة السرير، ودلك جبينه بيده، رأسه ما يزال يثقل عليه، وأول ما خرج من فمه كان اسم سارة."كيف حال سارة حبيبتي هناك؟"ابتسم خالد وقال: "اطمئن، فمسعد دقيق كالعجائز، يعرف كل ما تحبه السيدة عن ظهر قلب، لن يخطئ في شيء أبدًا، غير أن..."وقعت عينا أحمد على وجه خالد المتردد: "تكلّم."قال على مضض: "السيدة لا تكفّ عن السؤال عنك، ولم يجد مسعد حيلة إلا أن يخبرها بالحقيقة."سأل أحمد

Plus de chapitres
Découvrez et lisez de bons romans gratuitement
Accédez gratuitement à un grand nombre de bons romans sur GoodNovel. Téléchargez les livres que vous aimez et lisez où et quand vous voulez.
Lisez des livres gratuitement sur l'APP
Scanner le code pour lire sur l'application
DMCA.com Protection Status