All Chapters of سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك: Chapter 931 - Chapter 940

1062 Chapters

الفصل 931

لم تغفل سارة عن التوتر والذعر في عينيه، وتساءلت في داخلها، ماذا فعلتُ حتى يشعر ابني تجاهي بهذا الخوف؟قالت وهي تضمه إلى صدرها وتكرر كلماتها: "آسفة، أنا آسفة."لم يعرف فارس ما الذي ينبغي أن يفعله، فتلعثم قائلًا: "أنه... أنتِ، كيف جئتِ إلى هنا؟"قالت بصوت مرتجف: "حبيبي، سامحني، لقد جئتُ متأخرة."تفاجأ فارس وهو يردد في نفسه: "أمي؟" وشعر أنه لا بد أنه سمع خطأ، فهل اعترفت به حقًا؟قالت له: "يا بني، لقد أسأتُ الفهم من قبل، ولم أجدك إلا الآن، كل الذنب ذنبي أنا."شدّت سارة ذراعيها حوله بقوة، والدموع تتساقط من ذقنها بغزارة حتى بللت عنقه الصغير.في تلك اللحظة لم يكن هناك أعظم من هذا الحضن ليكون عزاءً له.ناول أحمد الأدوية وهو يقول: "سارة حبيبتي، داوي جراحه أولًا."أفلتت سارة ابنها على مضض، وأخذت تحدّق في وجهه بعينين تفيض حنانًا ووجعًا.قالت بقلق: "لا بد أنها تؤلمك كثيرًا، أليس كذلك؟"أجاب بصوت خافت: "لا تؤلمني." وظل يحدّق إليها بذهول، كأنه يخشى أن تختفي في أي لحظة.وحين رأى سارة تنظّف جراحه وتضع الدواء، التفت بارتباك نحو أحمد يسأله: "أبي، هل هذه أمي حقًا؟"مدّ أحمد يده يمازحه بخفة وهو يلمس أنفه:
Read more

الفصل 932

لاحظت سارة أن فارس شديد الحساسية، فهو دائم القلق من أن يفقد ما حصل عليه بصعوبة.راحت تُهدّئ مشاعره بصبر، تكرر على مسامعه مرة بعد مرة كم تحبه.كما صنعت له وجبة لذيذة بيدها، فأكل منها كثيرًا حتى شبع حدّ التخمة، ولم يتوقف إلا حين انتزع أحمد العيدان من بين أصابعه.كان يعلم أن الطعام الذي تعدّه أمه ليس شيئًا يمكن أن ينعم به كل يوم.قالت سارة وهي جالسة على حافة النافذة تشير إليه بيدها: "تعال إليّ يا فارس."أسرع الصغير بتصرف مطيع، وتسلق بخفة حتى وقعت به أمه في أحضانها.من هناك، رأى المشهد الخارجي وقد بدا مختلفًا تمامًا، حتى ساحة التدريب التي اعتادها صارت تبدو أجمل، ولعله كان بسبب مرافقة أمه له.ابتسمت سارة برفق وقالت: "اسمك يا حبيبي، هو من اختيار أمك، أخذته من أحد حروف اسمي واسم والدك، ولدت وأنت تحمل فيك محبتي كاملة."رفع الصغير رأسه وسأل ببراءة: "إذن، يا أمي كنتِ تحبي أبي كثيرًا آنذاك، أليس كذلك؟"ابتسمت بأسى وأجابت: "بلى، كنت أحبه كثيرًا."ثم تابعت دون أن تخفي الحقيقة: "مهما كان شعوري تجاه والدك، فأنت يا بني ثمرة سبعة أشهر من حملي، يومها والدك استخدم بعض الحيل ليأخذك مني، فافترقنا ولم أعلم
Read more

الفصل 933

كان فارس يحب كثيرًا أن يستمع إلى شكواها عن أحمد، ففي هذا العالم لا أحد يفهم أحمد مثلما تفهمه سارة.على عكس ما كان يحدث حين كان بجانب صفاء، فحينها كانت تكرر دائمًا أنه يجب أن تجد وسيلة لإرضاء أحمد حتى يبقى معها وقتًا أطول.قال الطفل في براءة: "لكن إن كان أبي بهذا السوء، فكيف كنتِ تحبين أبي إذن؟"قالت سارة بغيظ شديد: "ذاك لأنني كنت عمياء يا بني، أتدري كم كان عدد الرجال الذين سعوا خلفي في ذلك الوقت؟ كانوا كعدد الأسماك في النهر، غير أن قلب أمك انخدع بوجه أبيك."رد الطفل بخيبة: "لكن لو أن أمي تزوجت غيره، لما كنت أنا هنا، ولا كان لي إخوة صغار أيضًا."أسرعت سارة بتغيير كلامها: "أبوك في الماضي كان يبدو كإنسان بالفعل، بل إنه أحسن إلى أمك في أوقات كثيرة، ولذلك كانت أمك في فترة حملها بك سعيدة كل يوم، فرِحة وهي تنتظر قدومك."قال الطفل: "ماذا عن الآن؟ فأبي لا يزال يعامل أمي معاملة جيدة، وأنا أعلم أن كل ما يفعله من أجلكِ إنما هو لحمايتكِ."قالت سارة: "الماضي ماضٍ، والحاضر حاضر، وما أستطيع أن أعدك به يا بني هو أنه مهما كان المستقبل، ستبقى أمك تحبك دائمًا كما هي الآن."تمتم فارس بصوت خافت: "ماما، ألا
Read more

الفصل 934

قالت الطفلة سارة: "ماما، سأكون مطيعة، ولن أغضبكِ بعد الآن أبدًا، أرجوكِ لا ترحلي، ابقي بجانبي، أرجوكِ."حين سحبتها السيدة نور بعيدًا، سقطت بقوة على الأرض.ومع ذلك، ظلت تجرّ قدميها المصابة وتركض خلفها، وهي تتوسل بلا انقطاع أن تعود.في تلك اللحظة لم يكن في قلبها سوى فكرة واحدة، صحيح أن السيدة نور كانت باردةً معها في معظم الوقت، لكنها كانت بالنسبة لها "الأم"، وإن رحلت فلن يبقى لها أم بعد ذلك.حتى لو بقيت كما كانت، باردة بعيدة، فلا بأس، المهم أن تبقى، المهم أن تتمكن هي من النظر إليها كل يوم.بعد رحيل السيدة نور، كانت ليلًا ونهارًا تتمنى عودتها.كل يوم كانت تراها في صورة الأمهات اللاتي ينتظرن أبناءهن بعد المدرسة، وتراها في الأمهات اللواتي يقدمن الطعام لأطفالهن، وتراها في الآباء والأمهات الذين يشاركون في الأنشطة العائلية في المدارس، وتراها في الآباء الذين يمسكون بأيدي أبنائهم في مدينة الألعاب، وتراها في الأمهات اللواتي يرفعن أطفالهن إلى حضنهن بحنان إذا تعثروا وسقطوا.لقد عاشت كل تلك المشاعر المريرة، ولهذا أقسمت في سرّها أن تمنح أبناءها عائلة سعيدة كاملة.لكن ما الفرق بينها الآن وبين ما فعلته
Read more

الفصل 935

مدّت سارة يدها بحنان تمسح على رأس فارس، وقالت: "حبيبي، أمك قادرة على تفهّم رغبتك، لكن أحيانًا في هذه الحياة لا يكفي أن نتمنى حتى نحصل على ما نريد، صحيح أنك تتمنى أن تجتمع العائلة كلها معًا، وهذا ليس خطأ، لكن هل فكرت يومًا أن وجودي مع والدك لن يجعلني سعيدة؟"نظر إليها فارس بعينين دامعتين، وقد بدا واضحًا أنه لم يخطر هذا السؤال بباله من قبل.تابعت سارة تشرح له بصبر: "وأنت صغير يا حبيبي، كنتُ أنا أيضًا أحلم بما تحلم به الآن، كنت أتمنى أن تجتمع عائلتي الصغيرة معًا، لكن في ذلك الوقت كانت جدتك لا تحب جدك، كانت تعاملنا ببرودٍ يومًا بعد يوم، فكر لو أن إنسانًا يعيش كل يوم بمشاعر ممتلئة بالحزن، ماذا سيحدث مع مرور الوقت؟ سيغرق في الاكتئاب، يصبح سريع الغضب، وينشر تعاسته على من حوله، هل سبق وأن ربيت طائرًا صغيرًا؟"أجاب الطفل: "لدي قطة صغيرة، والدي أحضرها لي، قال إنها من الحيوانات التي تحبها أمي."ابتسمت سارة قليلًا وقالت: "الطائر يختلف عن القطة، فالقطة تستطيع أن تركض بحرية في البيت، أما الطائر فكل عالمه لا يتجاوز ذلك القفص الضيق، طول حياته يقف على باب القفص يحدّق في السماء الزرقاء، السماء قريبة جدً
Read more

الفصل 936

هكذا استطاعت سارة أن تُقنع طفلها.ففارس رغم صِغَر سنه، لم يرث عن أحمد عناده وصلابته.كل منطلقاته كانت تدور حول سارة وحدها.ملامحه وإن كانت تشبه أحمد إلى حدّ كبير، غير أن طِباعه حملت شيئًا من رقة سارة وحرصها على الآخرين.وأمثال هؤلاء غالبًا ما يُرهقهم العيش، ويستدرّون شفقة القلوب، لأنهم لا يقدّمون أنفسهم أبدًا، بل يجعلون مصلحة غيرهم أولًا.في تلك الليلة، ظلّ الطفل ملتصقًا بين ذراعيها، وقد تشبثت يداه الصغيرتان بحافة ثوب نومها بقلق.تأمّلت سارة الندوب المرسومة على وجهه، فشعرت أن قلبها يتمزق موجة بعد موجة.كانت تدرك أن تلك الجراح ليست نهاية، بل بداية طريق، وأن الدرب أمام فارس لن يكون إلا مليئًا بالشوك.وهي إذ تضطر إلى فراقه، أخذ الحزن يعصر صدرها مرارًا.لكنها كانت تدرك يقينًا حقيقة واحدة، أنه سواء الآن أو مستقبلًا، إن لم تغيّر مسار حياتها، فلن يستطيع لا أحمد ولا فارس حمايتها إلى الأبد.فإذا ما وُجد من يترصّدها بفرصة، فقد تنتهي حياتها دون أثر.وحياتها هذه لا تُمنح سوى مرة واحدة.ما بيدها إلا أن تسلك طريق القوة، وإلا فحتى أمثال ندى قد تتمكن من صفعها باستخفاف.من دون سلطة أحمد ونفوذه، ستجد نف
Read more

الفصل 937

بعد أن طبعت سارة قبلةً على جبينه، غادرت الغرفة، وما إن سمعا صوت الباب يُغلق برفق، حتى فتح الأب والابن أعينهما في وقت واحد، وكأنهما قد اتفقا مسبقًا.امتلأت عينا فارس بالدموع، وقال بصوت مرتجف: "أبي، هل حقًا لا يمكنها البقاء؟"غاصت ملامح أحمد في الحزن والحنان، وهمس بأسى: "أنا آسف يا بني."بمجرد أن خرجت سارة من الغرفة، انقضّ عليها هواء الشتاء البارد كسكاكين حادة تشقّ وجهها، حتى شعرت أن بشرتها قد تجمّدت من الألم.وبالفعل، كما قال أحمد، كان كل شيء قد أُعِدّ مسبقًا.قال أحدهم باحترام: "سيدتي، الطائرة قد جُهّزت لكِ، يمكنكِ المغادرة الآن."أجابت: "شكرًا لكم."ثم أضاف بصوت معتذر: "لكن مهبط الطائرات بعيد قليلًا، ستضطرين للمشي إليه."ردّت سارة بهدوء: "لا بأس." ولوّحت بيدها.كانت ترتدي معطفًا سميكًا من الريش، وقد دفنت وجهها بأكمله داخل غطاء الرأس.شعرت أن أحدًا يراقبها من بعيد، لكنها لم تجرؤ على الالتفات.لأنها كانت تخشى إن التفتت أن تفقد إلى الأبد قدرتها على المضيّ قدمًا.تمتمت في سرّها مرارًا، لا تلتفتي، امضِ إلى الأمام فقط.في الداخل، كان أحمد يحمل طفلهما، مختبئًا وراء الستائر.والصغير غارق في ا
Read more

الفصل 938

"لا ترحلي يا ماما! انتظريني!"تساقط الثلج طوال الليل حتى غطّى الأرض بطبقة سميكة، وبالكاد استطاع فارس أن يزحف من بين الثلج، لكن باب الطائرة كان قد أُغلق، والمروحية بدأت ترتفع.ركض فارس بكل ما أوتي من سرعة نحوها، رغم أنه كان قد وعد سارة بالأمس، إلا أن لحظة الفراق حين وقعت، أطاحت بكل وعوده، ولم يَبقَ سوى غريزته.فهو ليس سوى طفل صغير، طفل عاش بلا أم، يملأ وجهه التعلّق الشديد بسارة.صرخ وهو يجهش بالبكاء: "ماما لا ترحلي! بالكاد التقيت بكِ، أرجوكِ ابقي معي، ماما!"سقط بجسده الصغير مجددًا على الثلج، وانفجر في بكاء مرير وهو يناديها بلا توقف.لكن الرياح العاتية اليوم كانت تبتلع كل الأصوات، وصوت المروحية يصمّ الآذان، فكيف لسارة أن تسمع نداؤه؟صرخ بكل قوته: "ماما، أنا أشتاق إليكِ، كنت دائمًا أشتاق إليكِ، ألا تبقين من أجلي؟ سأكون مطيعًا، أعدكِ أن أكون طفلًا جيدًا، كنت أكذب حين قلت إنني لا أريدكِ، في الحقيقة أنا لا أحتمل فراقكِ، أريد أن أراكِ كل يوم، لا أريد التدريب، لا أريد أن أكون وريثًا، كل ما أريده أن أكون ابنكِ فقط، ماما... انظري إليّ مرة أخيرة..."زحف فارس ببطء من على الأرض، لكنه ما لبث أن جلس
Read more

الفصل 939

رأت سارة من على متن الطائرة أحمد وهو يحتضن فارس وسط الثلوج، فانقبض قلبها كأن أحدهم قد شدّه بقوة.لقد كانت حقًا أمًّا غير جديرة بلقبها.بعد أن اجتمعوا بشقّ الأنفس، ها هي مجددًا تضطر لترك يد طفلها، فكم سيكون فارس حزينًا الآن؟ألصقت كفيها على زجاج النافذة، ودموعها لم تتوقف لحظة.وفي النهاية، لمحت الأب والابن يغيبان شيئًا فشيئًا وسط الثلوج، حتى لم يعد لهما أثر.بهذا الفراق، لا تدري متى سيُتاح لها أن ترى ابنها مرة أخرى.اتجهت الطائرة نحو الجزيرة، وقد استغرق الأمر من سارة نصف نهار كامل حتى تستعيد توازنها بعد وداعها لطفلها.ولم تكن الطائرة قد هبطت بعد حين رأت ليلي تلعب دور الدجاجة الأم، وخلفها مارية تمسك بها، بينما كان آدم يمثل دور النسر، ورغم أنها لم تسمع أصواتهم فقد أحست بمدى سعادتهم.وما إن دوّى صوت المروحية حتى توقفت ليلي عن اللعب، وأخذت الطفلين معها لاستقبالها.لم تمضِ سوى أيام قليلة على الفراق، لكن يبدو أن ابتعادها عن فؤاد قد جعل نفسية ليلي أفضل بكثير، وأوضح ما بدا عليها هو تحسّن لون وجهها الذي لم يعد شاحبًا كما كان من قبل.قالت مبتسمة: "حبيبتي سارة".وصاحا الطفلان بفرح: "مامي!"اندفعا
Read more

الفصل 940

نظر أحمد إلى فؤاد الذي بدا عنيدًا تمامًا كما كان هو في الماضي، دون أن يسخر من براءته.في الحب، كل إنسان طفل صغير، ولا يزيده خبرة إلا ما يمر به من محن وتحديات.وهذه الخبرات لا يمكن أن تكتسب بكلمات الآخرين، فبعض الآلام لا بد أن يتذوقها المرء بنفسه.لم يسخر أحمد من غروره في هذه اللحظة، لأن القدر عادل، وما كُتب أن يأتي سيأتي لا محالة.ثم إن أحمد قد شعر فعلًا بتميّز مشاعر فؤاد تجاه ليلي، ولم يكن الأمر مجرد عشيقة عابرة كما يدّعي.لا بأس، فالحب كفيل بأن يروض كل من يكابر بلسانه.وخلال حديثه، ألقى فؤاد نظرة أخرى على شاشة المراقبة، حيث ظهرت ليلي جالسةً على الشاطئ تحدّق في البحر، ويبدو أن حالتها قد استقرت كثيرًا عما كانت عليه.يبدو أن اقتراح أحمد كان صائبًا هذه المرة، فهي في حاجة إلى دفء الأصدقاء وبراءة الأطفال لتتعافى.قال فؤاد: "هذه الفترة الأوضاع في عائلتي مضطربة، سأدعها تبقى في الجزيرة ثلاثة أشهر، ثم أعيدها."إسقاط ليلي هذه المرة أثار غضبه بشدة، فقام بتصرفات متهوّرة من أجلها، حتى إن خطيبها الرسمي ما زال طريح العناية المركزة حتى اليوم.وكانت عائلته ذات نفوذ كبير أيضًا، وحين علموا أنه افتعل ضجّ
Read more
PREV
1
...
9293949596
...
107
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status