"جيهان... أنتِ بالغةُ الخبث! قلبُكِ كقلوب الأفاعي والعقارب، ومكركِ عميقة!" ظلّت سهى صامتةً برهةً، ولم تجد ثغرةً في كلامي، فعضّت على أسنانها من الغيظ وارتجفت نبرتها. ابتسمتُ صامتةً، ثابتةَ الأعصاب. هم الذين تنمّروا عليّ مرارًا، وافتروا عليّ، بل وتآمروا لإيذائي؛ فإذا بي، كلما قلبتُ الطاولة، سبقوني بالشكوى وهاجموني، واتّهموني. أيُّ وقاحةٍ هذه، لا يكاد العقل يتصوّرها. رفعتُ كوب الكاكاو الساخن، أهمّ أن أرتشف رشفةً أخيرة ثم أنصرف، فإذا بطرف عيني يلمحها تمدّ يدها الخاطفة نحو فنجان القهوة. وما إن همّت برشّ القهوة عليّ، حتى سبق فعلُ الجسد تفكيرَ الرأس؛ فاندفعتُ وأسلتُ الكاكاو من يدي. التقت رشقتان بلونٍ بنّي في الهواء، لكن قِصَرُ المسافة إلى سهى كان في صالحي. وبحساب قوّة الدفع، لأن دفعتِي كانت أقوى وكوبي كان ممتلئًا أكثر، غلب سيلُ الكاكاو سيلَ قهوتها، وردّ بعض ما رشتْه إلى جهةِ مصدره، فسقط كلّه عليها. وللمصادفة، لولا أنّي تعمّدتُ التأخيرَ نصف ساعةً قبل النزول، فشُربُها قارب الانتهاء؛ لما خرجتُ رابحةً من هذا التراشق، ولكان الضررُ متبادَلًا. كأنّ القدر رتّب ذلك؛ السماء نفسها ساندتني. أرب
Baca selengkapnya