All Chapters of بعد الخيانة... وجدت حبي الحقيقي: Chapter 191 - Chapter 200

300 Chapters

الفصل191

مللتُ من إرسال الرسائل على الواتساب عدة مرات، فاتصلتُ بها مباشرةً. تحدّثنا بفرحٍ طوال الطريق واتفقنا أنه حين تصل إلى مدينة قرناج ستقيم عندي لنجلس سويًا ونتحدّث مطولًا. وقبيل وصولنا إلى قصر البردي رأيتُ عند البوابة من بعيد ظلًا ممشوقًا يستقبل شمس الشتاء، منتصبًا كالسرو، وسيِمًا على نحوٍ لافت. خفق قلبي فجأةً واستحييت. كنتُ أظنه في الشركة، فإذا به اليوم لم يعمل عملًا إضافيًا. لما توقفت الراية الحمراء L5 تقدّم سُهيل وفتح لي باب السيارة. ابتسمتُ بتوترٍ وخجل وسارعتُ لافتتاح الحديث: "يبدو أنك متفرّغ اليوم؟" "ليست متفرّغًا تمامًا، لقد عدت لتوي من الخارج." قالها مبتسمًا، وبدت ملامحه الوضّاءة تحت الشمس أشدّ فتنةً، وفي عينيه وميضٌ يربك القلب. لتوّه عائدٌ من الخارج… قلّبتُ عبارته في ذهني، لا أدري هل عاد خصيصًا للقائي لِيُعوِّض ما فات، ففي المرة السابقة كنتُ أتناول العشاء في قصر البردي وأراد الرجوع لكنه فوّت الموعد لانشغاله، ولم نلتقِ إلا على الطريق وتحدثنا بضع كلمات. نزلتُ وفتحتُ صندوق السيارة لأُخرج الأغراض، فسارع هو للمساعدة. "هاتان البدلتان ثقيلتان، دعيني أحملهما أنا." ابتسمتُ ولم أ
Read more

الفصل192

"هل تشرحين لي لماذا؟ هل لأنك تكرهينني أنا، أم تخشين مما قد يقوله الناس؟" إزاء سؤاله المباشر ازداد وهج وجهي، وزاغ بصري يمينًا ويسارًا ولم أجرؤ على النظر إليه. "أنا… أنا أشعر أنّني مطلّقة، وسمعتي ليست حسنة، لذلك…" لم يُصرّح بكلماته صراحة، لكن المعنى كان واضحًا. وبردّي هذا فلا بدّ أنه فهم ما بين السطور. غير أنّ سُهيل ابتسم بلا اكتراث وقال بخفة: "أنا لستُ اليوم فقط من علم بطلاقك، ثم إنّ فشل تلك الزيجة لم يكن ذنبك، الطرف الآخر هو من خذلك، فلِمَ تحملين عبئًا؟" "القول سهل، لكن كلام الناس مخيف، وبيتكم شديد الانضباط…" ولم أجد لائقًا أن أُكمل ما بعد ذلك وجهًا لوجه. عائلة البردي شديدة الانضباط، ومقامها رفيع، والمنطق يقول إنّ اختيار سُهيل لزوجة سيكون بالغ التدقيق ومتكافئ المكانة، وأنّ المرأة ينبغي أن تكون من كل ناحية. شكلًا، وعلمًا، وكفاءةً، ونسبًا. لا غبار عليها. أما أنا، فمأصلي عادي، وتعليمي عادي، وإن كان عملي يزدهر، فلا يغيّر حقيقة أنّ لي أبًا في السجن، وأنّ الطلاق وصمة. وليس لديّ ما أُباهي به سوى هذا الوجه. لكن الجمال أمام نخبٍ عليا مثل عائلتهم هو أهون ما يُذكر. لمّا رأى سُهيل تردّ
Read more

الفصل193

لمعت عينا السيدة البردي، وتناولَت الوشاح وهزّت رأسها مرارًا: "أحبّه، هذا النيليّ وقور وفخم، والتطريز رشيق أيضًا." "نهضت السيدة البردي، ولفّت الوشاح على الفور، ودارت أمامي دورتين قائلة: "ما رأيك؟" "جيد جدًا، أنتِ ذات حضور رفيع، وأيًا كان تنسيقك تبدين أنيقة." "قالت السيدة البردي وهي لا تكفّ عن مديحي: "تُجيدين الكلام! إنما هو حُسن ذوقك وبصرك. تنورة القصور التي صنعتِها لسندس، بدا قوامها فيها بغاية الأناقة." "قالت السيدة البردي وهي ترتدي الوشاح دون أن تطيق نزعه ثم جلست تُجاملني: "شكرًا لكِ، لقد أتعبتِ نفسك حقًا." "إشارة بسيطة من القلب، ويكفيني أنّها راقت لكِ." "وأثناء دردشتنا، نزل سُهيل مرتديًا تلك البذلة السوداء." "لمّا التفتت السيدة البردي، إليه نهضت مسرعة تستقبله: "حقًا رائعة! فاقت طلعتُك فيها سَنا أبيك في شبابه. آه، ما أوسمك وما أهيب طلعتك." "وبينما تمدح ابنها عادت تُشيد بي: "جيهان، براعتك في الأزياء الرجالية مذهلة أيضًا! بعد حين اصنعي لأبي سُهيل بدلتين." "ارتبكتُ فورًا وقلت: "يا سيدتي، لِسالم البردي هيبةٌ…" "لوّحت السيدة البردي بيدها: "عجوز فحسب، أيّ مهابة وأيّ كلام! اصنعي له
Read more

الفصل194

تنفستُ الصعداء خفية، التقت عيناي بعيني سهيل، فمالت شفتاه بابتسامة خفيفة تُشير إليّ ألا أتوتّر كثيرًا. لكن كيف لي ألا أتوتّر؟ في هذه المدة، كان الشدّ والجذب الموارِب بيني وبين سُهيل متّقدًا على نحو غير مسبوق. في الحقيقة لا ينبغي لي أن أكون هكذا. فأنا لا أرقى إلى مثل هذه العائلة، وكان عليّ أن أعرف قدري وأرسم حدودي بوضوح. لكنني امرأة أعمال، ولا سيّما أنّي اليوم صاحبة عمل، فأدرك أكثر فأكثر أهمية صَون العلاقات. ومثل ذي الجاه سُهيل، من ذا في البلاد كلّها يقدر أن يغلق الباب في وجهه؟ يقولون الاستناد إلى الشجرة الوارفة يهب ظلالًا وراحة، فإن لم يكن من أجلي فعلى الأقل من أجل موظفي شركتي الكثيرين، عليّ أن أستند إلى هذه الشجرة السامقة، وأستثمر نفوذه في جلب المنافع للشركة ودفعها إلى التطوّر. وربما يرى بعضهم أني نفعيّة ومتكلّفة، غير أنّ هذا العالم واقعيّ إلى هذا الحد. وأمّا الحديث عن العزّة والأنَفَة، فبلطف يسمّونه ألّا تنحني لخمسة مكاييل من الرز، وبغير لطف يسمّونه جمودًا وحماقة. ثم إن الأمر ليس أنني أتذلّل وأُلحّ حتى أظفر به، بل هو عطية يقدّمها صاحبها طوعًا، وإن لم أُبدِ الامتنان بدوتُ جاح
Read more

الفصل195

نهضت السيدة البردي ولم تُجِب على ذلك، واكتفت بقولها: "تمهّلوا في الأكل، سأصعد لأستريح. جيهان، تفضّلي بالزيارة، حين تسنح لكِ الفرصة." كنتُ أظن أنني أغضبتُ السيدة البردي وأنها ستطردني، فإذا بها تدعوني "أن أزورهم حين تسنح الفرصة". غمرني الامتنان، فقمتُ مؤدبة وقلت: "حسنًا، السيدة البردي، شكرًا على كرم ضيافتكم." قالت بابتسامة خفيفة: "لا شكر على واجب." ثم استدارت وغادرت قاعة الطعام. قال سُهيل وهو يراني واقفة لا أتحرّك: "اجلسي، كُلي على مهل." خفضتُ نظري إليه وقلتُ بخفوت: "شبِعتُ، وعندي عمل بعد الظهر فلا بد أن أعود إلى الشركة." نظر إليّ، حاجباه كسيفين وعيناه لامعتان، هادئٌ كالياقوت: "أخافتكِ كلمتا أمي؟ لم تقصد سوءًا، فقط ترى أنكِ وحيدةٌ ومتعبة، وأنه ينبغي أن تجدي شريكًا موثوقًا." قلت: "أعرف، السيدة البردي تريد مصلحتي." ابتسم وقال: "طالما تفهمين فهذا جيد. اجلسي وتناولي قليلًا بعد، على الأقل رافقيني." بعد قوله هذا، لم يسعني الرفض فجلستُ أرافقه. بعد الطعام، استأذنتُ للمغادرة. لكن سُهيل طلب من الخدم إحضار معطفه. قلت مسرعة: "لا حاجة، الجوّ بارد خارجًا، لا تُكلّف نفسك بتوديعي." فقال: "ا
Read more

الفصل196

اندهشتُ قليلًا وقلت: "لا بأس، لستُ ناعسة." لكن في الثانية التالية لم أتمالك نفسي وتثاءبت. ابتسم سُهيل وقال: "نامي، سنحتاج إلى ساعةٍ حتى نصل إلى شركتك." فكّرتُ أنّي إن لم أنم فسيبقى الصمتُ محرجًا، وإن تحدّثتُ خشيتُ أن يتجاوز الحديثُ الحدود فيزيد الحرج. لذا فالنوم أنسب فعلًا. حتى لو لم أنَم فسأتظاهر بالنوم. "نعم، لا بأس." كنتُ أنوي التماوت لا غير، أفكّر في مسودّات التصاميم وفي ترتيب عرض الأزياء بعد العيد في ميلانو، فإذا بسُهيل يضغط زرًا واحدًا فينضبط مقعدي فورًا على الوضعية المريحة الموافقة لبيئة الجسد، فأستلقي نصف استلقاءٍ مريح. التفتُّ إليه بلا وعي، فشرح: "هكذا أريح قليلًا." "حسنًا، شكرًا..." لم أجد إلا أن أبتسم وأجيب. أغمضتُ عينيّ ولا يزال الحرجُ في صدري. هذا النمط من المرافقة أوضحُ أنه أنسب للعشّاق أو الأزواج. وأيُّ رجلٍ وامرأةٍ بعلاقةٍ عاديّة يفعلون هذا؛ أحدهما يقود والآخر يسترخي نصفَ استلقاءةٍ وينام؟ لكنني لا أُجيد تشغيل هذه السيارة ولا أعلم أين أضغط لأرفع مسند الظهر، فلم يسعني إلا أن أبقى هكذا مستلقية. وكانت النتيجةُ واضحة؛ السيارة مريحةٌ جدًا وهادئةٌ جدًا، فبينما أنا
Read more

الفصل197

قال سُهيل بنظراتٍ هادئة وملامحَ ساكنة، وبعد أن حدّق بي بضع ثوانٍ تكلّم ببطء: "جيهان، أستطيع أن أنتظر. سنةً أو نصفها، أو حتى ثلاثًا أو خمسًا، أستطيع أن أنتظر." انفجر رأسي دهشةً! تجمّدتُ مكاني واجتاح رأسي دوارٌ مباغت. لقد مزّق ستار الكتمان فجأةً ومن دون تمهيد، وصرّح بمشاعره صراحةً قاطعة! لا أدري كيف بدا وجهي حينها، لكن خفقان قلبي بلغ سرعةً غير مسبوقة. كيف أردّ؟ أأرفض ثانيةً أم أقول إذن انتظر؟ قلتُ متلعثمة: "سـ… السيد سُهيل، أنا..." قال: "قلتُ لكِ: لا تناديني (السيد سُهيل)." "…" كان رأسي مضطربًا أصلًا، وقطعه لكلامي جعلني أتوه أكثر ولا أعرف ماذا أقول. فتح سُهيل الباب ونزل من السيارة، ثم دار من أمامها إلى جهتي. استدرتُ نحوه مذهولةً، وعيناي ربما اتّسعتا كالنُحاس، أحدّق فيه بلا حيلة. قال وهو يقف إلى جواري، بنبرةٍ دافئة هادئة يوضح كلامه أكثر: "كنت أتخوّف من المصارحة قبلًا؛ أوّلًا لأنكِ لم تكوني مطلّقة بعد، وثانيًا لأني خفتُ ألاّ يكنّ قلبكِ لي شيئًا، فإذا صارحتُك خسرنا حتى صداقتنا الطبيعية." "كنتُ أنوي البقاء في حدود الغموض قليلًا كي أراكِ بين حينٍ وآخر، لكنكِ الآن قد طلّقتِ، وربما
Read more

الفصل198

لكن تلك الطَّرْقة بصوت مُدوِّي لم تُفزع منتظري المصعد داخل الباب فحسب، بل أفزعت سُهيلًا أيضًا فزعًا غير هيّن. قال صارخًا فجأة: "جيهان!" لكنني لم أجد وجهًا للردّ، ولا جرأة على التوقّف. وصل المصعد في تلك اللحظة، ودخل الموظفون المنتظرون تباعًا، ولم أتوقف عن السير، وقلتُ: "انتظروا"، وأنا أغطي جبهتي وأندفع إلى الداخل سريعًا. أُغلق باب المصعد وبدأ بالصعود. هو— تنفّستُ الصعداء، وقلبِي يخفق بعنف، ورأسي يطنّ. لم أتجرأ على تصور ردّة فعل سُهيل. لا بدّ أنه يظنّني حمقاء، ويحسب أنّي أعشقه حتى الثمالة، لذا أربكني اعترافه فأفقدني رُشدي، فأصبحتُ طائشةً متهوّرة. صعدتُ ودخلتُ الشركة، ولمّا مررتُ بمكتب المدير العام فوجئتُ بوجود شخصٍ فيه. ومن خلال الباب الزجاجي رأيتُ المدير التنفيذي الذي عيّنتُه قبل وقتٍ قريب يعمل وقتًا إضافيًا. لمّا انتبه إليّ، رفع رأسه مُتفاجئًا وقال: "المديرة جيهان، ما الذي جاء بكِ إلى الشركة؟" أنزلتُ يدي عن جبيني، ودخلتُ مبتسمةً وقلت: "بل كان عليّ أن أسألك أنا؛ نادرٌ أن يكون اليوم عطلة ومع ذلك يأتي السيد رائد طوعًا ليعمل إضافيًا، يبدو أنني لم أخطئ الاختيار." ابتسم السيد رائ
Read more

الفصل199

"ما الذي تحبه المديرة جيهان؟ شاي، أم قهوة، أم حليب أو عصير؟" وضع الملفّ، واستدار نحو ركن الضيافة ثم التفت يسأل. "قهوة." "حسنًا." كان ينشغل عند ركن الضيافة، أمّا أنا فدلّكتُ جبيني وقد خُيّل إليّ أنّ ورمًا خفيفًا قد ظهر، فانقبض صدري وأزحتُ خصلات الغرّة لأخفيه. جاء السيد رائد يحمل كوبين من القهوة، "هذه حبوب قهوة أرسلها لي صديقٌ من دولة سفانك، تذوّقيها يا مديرة جيهان كيف تجدينها." "حسنًا، شكرًا." رفعتُ الكوب وتذوّقتُ رشفة، وقبل أن أتبيّن النكهة قال فجأة: "مديرة جيهان، ماذا حل بجبينكِ؟ كأنّه متورّم قليلًا." حين سمعتُ هذا أحسستُ بالحرج، فابتلعتُ القهوة وعدّلتُ شعري بيدي، "آه، لا شيء… اصطدمتُ بلا قصد." "تحتاجين إلى كمّادةٍ باردة لتخفيف الورم." وقبل أن يُتمّ كلمته نهض متّجهًا إلى ثلّاجة الركن. كان هذا المكتبُ سابقًا لفارس. مع أنّه لم يكن يداوم كثيرًا، إلّا أنّ المكتب كان مجهّزٌ تجهيزًا كاملًا. ركنُ ضيافةٍ، وثلّاجة، وغرفةُ استراحة، ودورةُ مياه؛ كلّ شيءٍ موجود. سرعان ما وجد السيد رائد كيسَ ثلج، ثم بحث عن منشفةٍ نظيفة ليلفّه بها. ظللتُ أقول "لا تُتعب نفسك"، لكنّه أصرّ بدافع اللطف. ف
Read more

الفصل200

أن تهتمّ حقًّا بشخصٍ وتكترث له يعني أن تلاحِظ تفاصيله كلّها؛ حتى الوعكات الصغيرة تراها بعينك ويتألم قلبك لأجلها. في النهاية، كم مرّة في العمر نصاب بأمراض جسيمة أو نتعثّر بعقبات كبرى؟ المودّة الحقّة تتجلّى في صغائر الأمور والتفاصيل اليوميّة. حين خطَر لي ذلك، ندمتُ على نبرتي قبل قليل وشعرت أنّي لم أُحسن التصرّف، وقلتُ في نفسي إنّ عليّ أن أعتذر له لاحقًا."المديرة جيهان، المديرة جيهان؟" نادى السيد رائد مرّتين، فانتبهتُ كمن يفيق من حلم. "آه؟ ماذا قلت…" نظر إليّ وفي عينيه شيء من القلق: "أأنتِ بخير؟ إن لم يكن اليوم مناسبًا، لنؤجّل عملنا إلى يوم الاثنين." "لا، أنا بخير، ولديّ وقت اليوم." شدّدتُ عزيمتي، أمسكتُ كيس الثلج على جبيني وبالأخرى جذبتُ رزمة الملفات. "ما المسألة التي ذكرتَها؟ سأجيبك."الشركة عصارةُ جهدي كلّه، ونادرًا ما يعثر المرء على مديرٍ مسؤولٍ ومجتهدٍ مثله، فكيف أكون أنا عائقًا أمامه؟ بعد ما مررتُ به مع فارس، ازددتُ يقينًا بأنّ المسيرة المهنيّة درعُ المرأة. ومهما يكن ذاك الشخص سُهيل، فلن أدع أحدًا يزعزع عزيمتي على العمل.بقينا في المكتب طوال الفترة بعد الظهر؛ لم نُراجع فقط الأع
Read more
PREV
1
...
1819202122
...
30
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status