فجأةً رنّ الهاتف، وما إن حدّقتُ في الشاشة حتى تجمّدت نشوتي. فارس. لم نتواصل منذ أيّام، وها هو يتّصل فجأة؛ يبدو أنّه تلقّى هو أيضًا حكم المحكمة. رفعتُ الهاتف، وأنا أهمس لنفسي: أيتراجع الآن؟ وإن تراجع… فماذا أفعل؟ أأُرسل جُمانة إلى السجن فعلًا؟ لقد نالت ما يكفي من البؤس. لا، لن أكون رقيقة القلب إلى حدّ السذاجة؛ هذا ما اتُّفقنا عليه أصلًا، إن جرؤ على التراجع فسأُقدِم بلا تردّد. استقرت أفكاري، ففتحتُ الخط: "ألو…" قال بصوته الأجشّ المُثقَل بالحزن: "جيهان، هل وصلَكِ الحكم؟" أجبتُ بهدوء بارد: "عدتُ للتوّ إلى البيت واستلمتُه الآن." "أمتأكّدة أنّ ما بيننا سينتهي هكذا؟" عقدتُ حاجبيّ وحدّدت نبرتي: "ماذا تعني؟ أتريد الاستئناف؟" ضحك بمرارة وقال بلا رضا: "منذ الصباح وأنا أقلب الأمر، وفكّرتُ فيه يومًا كاملًا…" انتفض قلبي، أهو جادّ فعلًا؟ قلتُ بنبرة مكظومة الغضب: "فارس، لا تنسَ أنّ بيدي أدلّة تُدين أختَك جُمانة." حافظتُ على هدوئي كي لا أُريه اضطرابي: "أتظنّني ما زلتُ تلك الساذجة التي لا تفكّر إلا بغيرها؟ لا تنسَ أنني أرسلتُ أبي إلى السجن، فمَن تكون أختك أصلًا!" ساد الصمتُ عند الطرفَ الآخر
Read more