All Chapters of بعد الخيانة... وجدت حبي الحقيقي: Chapter 391 - Chapter 400

468 Chapters

الفصل391

رتبتُ أغراضي في يدي وسرتُ نحو سهيل، وبعد أن خلا المكانُ من زملائنا. مع أن قلبي سبقني إليه منذ زمن، إلا أنني عند الاقتراب أحسست بالخجل والتوتر فتعمّدت التمهّل. كان قد وقف يحيّي الزملاء واحدًا واحدًا، ولما رآني آتية بخطى بطيئة تقدّم لاستقبالي. وقبيل أن أصل، فتح ذراعيه وابتسامة آخذة في الاتساع ترتسم على وجهه الوسيم الهادئ. لم أعد أطيق التكلّف، فانبثقت ابتسامتي فجأة وركضتُ ألقي نفسي في حضنه. تلقّفني بثبات، ولفّ ذراعيه حول خصري ورفعني ودارت بنا بضع لفّات في مكاننا. تجمّع غير قليل من الأجانب حولنا، تلمع في عيونهم نظرات المتفرّجين على مشهد لطيف. لمّا أنزلني، تلاقت عيوننا، فاحمرّ وجهي كالنار وقلت همسًا: "الناس كلهم ينظرون، ألا تكفّ قليلًا." انحنى وقبّلني سريعًا، والضحكة لا تفارق عينيه: "لسنا نعرفهم أصلًا، فلينظروا. ثم أليست شوارعهم تعجّ بالعُشّاق يقبّلون في وضح النهار؟" رمقته بنظرة دلال ولم أجب. ما زال يتذكّر تلك الجملة. سأل وهو يشبك أصابعه بأصابعي: "جاهزة نتحرك؟" "نعم." ثم سألته بقلق: "متعب؟ إن كنت متعبًا نعود إلى الفندق، وإن لم تكن فنتعشّى أولًا." "إلى العشاء. أنتِ عملتِ حتى الآ
Read more

الفصل392

بعد أن قال ذلك، ضمّني من جديد، وطبع قبلة متحفِّظة على جبيني. كنت أعرف أنّ كثرة المرافقين حوله تجعل شوقه لي يفور في صدره وهو مضطر لكتمانه. وأنا كذلك، ما باليد حيلة. في تلك اللحظة، لم أعد أريد طعامًا، كل ما أردته هو الرجوع إلى الفندق. أمّا ماذا نفعل هناك، فالراشدون يفهمون. لكن، وبوجود هذا العدد من العيون، ما عليّ سوى كتم ما في نفسي والذهاب معه لتناول العشاء بتصنُّع الهدوء.قال سهيل: "أطباق الأجانب عاديّة جدًا، لا تُقارَن بما تطبخينه." تذكّرتُ حركة الزملاء، فضحكت: "فريقنا جاء أكثر من مرّة، والذين لديهم خبرة جاؤوا هذه المرّة ومعهم نودلز سريعة التحضير." سأل باهتمام: "وأنتِ، أحضرتِ؟" قلت: "لا، أنا لا أتدلّل على الأكل، يكفيني أن أملأ بطني." فقد كبرتُ في عائلة الناصر وأنا أتعرّض لألوان من القسوة. كم من بقايا طعام التهمتُها، ومن أين لي حقّ الانتقاء؟ إن ترفّعتُ جعت. لهذا فطعام الخارج هذا ليس «مطبخًا مظلمًا» بالنسبة إليّ؛ على الأقل مكوّناته طازجة، وهو أفضل ألف مرة من بقايا الأمس.نظر إليّ سهيل، وفي عينيه حنوّ واضح: "ذاك كان حين لم تتوفّر لك الظروف. أمّا الآن، فأنت قادرة على تحسين مستو
Read more

الفصل393

كان حدسي مصيبًا. ابتسم سهيل، واضح أنه تذكّر. سألته مباشرة: "ألستَ من تعمّد ألّا يستردّه، وتركه لي قصداً؟" ضغط شفتيه، وبدت في ابتسامته رهافةٌ وخجل، ولم ينطق. واضحٌ إذن. "إذًا فقد أهديتني عهدَ حبٍّ من قبل، ولا حاجة للسوار." قال: "منديل قماشي… لا قيمة له." قلت: "لكن نيتك ثمينة. سنوات طويلة ولم تنسني، وهذه المواظبة ثمينة. بالنسبة إليّ، لا شيء أغلى من هذين الأمرين."للمرة الأولى أستطيع قول كلامٍ رقيق بلا تردّد. زفر سهيل ببطء، وتنهد بدلالٍ وعجز: "طبعك… هو الأعند ممّا رأيت." قلت: "هذا اسمه مبدأ." وبعد أن شبعتُ، وضعت الأدوات، ومسحت فمي بالمنديل وأكملت: "نحن معًا، تهديني وأهديك، لكن لا يصحّ بعد الارتباط أن نمحو الدَّين القديم—هذا موضوع آخر." كنتُ قلتُ هذا من قبل حين سددتُ جزءًا من الدَّين، واليوم أؤكّده من جديد. وقبل أن يجيب، تناولت هاتفي وحوّلت له المال فورًا. "انظر هل وصلك؟ بضعة ملايين فقط… ليست كثيرة… لكن حين تكبر شركتي سنكسب أكثر فأكثر." كان يقيني بمستقبل الشركة عاليًا. هزّ رأسه: "حسنًا، حين تصيرين ثريةً صغيرة، أنا أيضًا أرتاح قليلًا." ضحكت: "لا بأس، إن بقينا معًا… أعيلك أنا."
Read more

الفصل394

"وإلّا؟" نظر إليّ وابتسامة هادئة في عينيه، كأنه يتعمّد ملاطفتـي: "ألا تريدينني أن أسكن هنا؟" احمرّ وجهي واضطرب لساني، فاستدرتُ أمشي: "لا شأن لي أين تسكن، حتى لو نمتَ في الشارع." لحق بي وأمسك يدي: "إن رافقتِني، فلن أقول الشارع فقط، حتى حظيرة بقر تمشي." "ومن ذا الذي سينام معك في حظيرة بقر!" حاولتُ سحب يدي، فاقترب أكثر وطوّق خصري، ولصق جسدي بجسده. اختلّ خفقاني في اللحظة، وتسربت إلى أنفي رائحةٌ أعرفها فيه؛ عبقُ غابةٍ وعشب، ومعه ذلك الأريج الذكوري الذي يبعث على الخجل والخفقان. عندها ما عاد في وسعي قولُ كلمةٍ واحدةٍ للتظاهر بالصلابة. أزداد يقيني أن سهيل ظاهرُه رجلٌ مهذّبٌ رقيق، أنيقٌ ووقور؛ وفي الباطن، رِقّةٌ تخفي قوّة، وأناقةٌ تسكنها سطوة. وما إن يُبدي طرفًا من تلك السطوة، حتى يسلبكِ القدرة على التراجع والرفض. كما الآن؛ كفّه القوية مثبتة على خاصرتي كأنها تمسك بنصف روحي. كلُّ ما عندي من فطنةٍ وصلابة… بلا جدوى في هذه اللحظة. دخلنا المصعد فقال مباشرة: "ادخلي الغرفة وجهّزي ثيابًا بديلة، وتعالي معي إلى الطابق العلوي." دهشتُ، ورفعتُ رأسي نحوه: "العلوي؟" "نعم، الجناح الرئاسي." طبعًا…
Read more

الفصل395

"اذهبي كُلي شيئًا!" لم أجد ما أجيب به من الحرج، فدفعتُ صندوق الطعام إلى لينا. جلست لينا جانبًا تأكل، وهي تراقبني أجمع ثياب المبيت، وأحمل أدوات العناية، ثم أضع الحاسوب وملفّات العمل، فصفّرت متعجّبة: "يعني لا تنوين الرجوع للنوم هنا لبضعة أيام؟" سارعتُ أنفي: "لا طبعًا، متى رجعتِ لغرفتكِ أعود أنا أيضًا." اعترضت لينا: "يعني يجوز أن تنامي مع السيد سهيل، ولا تنامين معي؟" "لينا!" أمام سهيل تقول كل شيء، ألا تُبقي لي ماء وجه؟ كان سهيل بجانبنا يبتسم ابتسامةً محايدة، وعلى وجهه شيءٌ من الحرج. واصلت لينا المزاح وهي تأكل، وهذه المرّة مع سهيل: "سيد سهيل، جيهان غدًا مشغولة جدًّا، عليك أن تترفّق بها، لا تُتعبها." "لينا!" وددتُ لو أسدّ فمها بوسادة. أجاب سهيل بجدّية: "الجناح الرئاسي فيه أكثر من غرفة نوم، آنسة لينا، لا داعي للقلق." "آهاا…" مدّت لينا صوتها وهي تهزّ رأسها، ثم فاجأتنا بسؤالٍ أقرب إلى الصدمة: "لكن، سيد سهيل، كيف تصبر؟ مع جمال جيهان وقوامها—أنا امرأة ولا أقاوم—فكيف أنت… مممم!" لم تكمل، فقد استدرتُ وأطبقتُ كفّي على فمها. "مم… مممم…" حاولتْ إزاحة يدي وتابعت تخاتل: "لماذا تسدّين فمي… ه
Read more

الفصل396

الآن، بعدما قال: "على أيّ حال… عاجلًا أو آجلًا"، ازددتُ توتّرًا وقلقًا. أهو عاجلٌ أم آجل؟ تشتّت رأسي بأفكارٍ شتّى، ولم أنتبه إلّا وقد أدخلني إلى الجناح الرئاسي. تأمّلتُ الاتساع المترف والتجهيزات الفاخرة وخدمة المدير الشخصي، فاستعدتُ هدوئي سريعًا وطردتُ الهواجس من رأسي. قلتُ متردّدة: "أممم… في أيّ غرفة سأنام؟" أشار سهيل بيده: "طبعًا في غرفة النوم الرئيسية." ضممتُ ثيابي إلى صدري ودخلت. وما إن رأيتُ السرير الوثير الممهّد بأجواءٍ رومانسيّة، حتى انتبهتُ لِما فاتني، فاستدرتُ فجأة: "لا… هذا غير صحيح! إن نمتُ في الرئيسية فأنتَ ستنام—" كان قد تبعني إلى الغرفة. وحين التفتُّ، كان يسند الباب بظهره برفق ويغلقه، وأكمل كلامي: "وأنا أيضًا سأنام في الرئيسية." "ماذا؟" حدّقتُ في عينيه العميقتين المبتسمتين، وفهمتُ أنّني وقعتُ في الفخّ، فتلعثمت: "إذًا… نحن—" قال وهو يقترب خطوةً خطوة، بصوتٍ منخفض كأنّه يخرج من صدره: "سننام… لا أكثر فقط نوم. إلى أين ذهب خيالك؟ أم أنكِ… تريدين أن يحدث أمرٌ مختلف قليلًا؟" تبعثرت نظراتي، وعرفتُ ما ينوي فعله، فاضطرب قلبي حتى خِلتُه يقفز إلى حلقي. "لا… لا أريد. لكنك قبل
Read more

الفصل397

بعد أكثر من عشرة أيام من الانشغال المتواصل، انطلق عرض الأزياء أخيرًا. طوال اليوم كنتُ أهرول بين الكواليس والمنصّة، بالكاد جلستُ لحظة ألتقط فيها أنفاسي. قسّمتُ تصاميمي إلى عدّة سلاسل؛ فإلى جانب سلسلة تنورة القصور ذات الطابع النوراني، أعددتُ سلسلة "عروس الزهور"، وسلسلة الطابع المهني.خلال الاستراحة، كنتُ أراجع مع العارضات تفاصيل الفقرة التالية، فتمتمت يارا في أذني: "جيهان، بعض الزملاء قالوا إنهم رأوا السيد فارس، يجلس في مقاعد كبار الضيوف يشاهد العرض." كنتُ أعدّل ثوبًا على إحدى العارضات، فانعقد حاجباي والتفتُّ نحوها: "أيّ فارس؟ هل تقصدين فارس الهاشمي؟" "نعم، هو." أومأت يارا.تجمّدت ملامحي لحظةً ثم تماسكت: "لا تهتمّي به. إن أراد الحضور فلن أستطيع منعه." ونحن في أيام العيد، قطع سهيل هذه المسافة ليكون إلى جانبي، وله أن يقول إنه جاء ليُساندني. أمّا فارس… فبيته مليء بالمشكلات، وهو نفسه ليس في أحسن حال، فما الذي جاء به الآن؟ صحيح أنه حين كانت الشركة بين يديه كان يحضر أسابيع الموضة، أمّا الآن فلا علاقة له بالعلامة. وبعد الخلاف الذي وقع بيننا… ما الذي يدفعه للحضور؟ولأن يارا قالت ما قالت،
Read more

الفصل398

مدَّ فارسُ الباقةَ أمامي وظل ثابتًا، كأنه إن لم أتسلّمها سيبقى يمدّها هكذا. كان سهيل يطوِّق خصري بذراعٍ ويحدّق في فارس بوجهٍ متجهّم، ثم أومأ بخفّة، ففهم شهاب وتقدّم فورًا ليتسلّم الباقة بدلًا عني. لكن فارس سحب يده مبتعدًا وتجنّبها. قال: "جيهان… لقد آذيتِني وآذيتِ عائلة الهاشمي كثيرًا ولم أحاسبك، أفلا تقبلين حتى باقة زهور منّي؟" كان حولنا غيرُ قليل من المعارف، ومنهم بعض كبار الشخصيات التي أعرفها في الوسط، وكذلك صحفيون لم يغادروا بعد. أدركتُ أنّ فارس اختار عمدًا هذا المحفل الكبير ليحرجني، وخشيتُ أن يتضخّم الأمر في الإعلام، فلم أردّ الجدل وتسلمتُ الباقة. قلت: "الزهور أخذتُها، أمّا الكلام فغيرُ لازم. صحيح أنّ هذه العلامة أسّسناها معًا، واستمرار اسمها لا يعني أنّني ما زلتُ أحنّ إليك؛ إنما تغيير اسم العلامة أمر معقّد." ناولتها فورًا لشهاب، ثم واصلتُ بثبات: "لكن بما أنك أثرتَ النقطة اليوم فقد أدركتُ أن عليّ إنجاز الأمر مهما كان مرهقًا. بعد انتهاء أسبوع الموضة وعودتي سأباشر تغيير الاسم مباشرة." مع أنني أحبّ اسم أمسية فاخرة للتفصيل، إلا أنّ الوقت حان لتركه، وإلا تمادى فارس في أوهامه وظنّ
Read more

الفصل399

انقبض قلبي وأنا أسمع ذلك. كان فارس في الماضي ودودًا متواضعًا، وصورةُ عائلة الهاشمي عند الناس إيجابية جدًّا، يتصدّرون أعمال الخير كل عام. أمّا الحقيقة فكانت… قال سهيل: "مع أنّ الخلاف كان بين العمّال والمقاول الفرعي، ولا تتحمّل عائلة الهاشمي المسؤوليةَ الكبرى، إلا أنّهم بعد وقوع الحادث، كي لا يتأثر المشروع بالسلب، شاركوا في التستّر على الحقيقة وساعدوا المقاول في لملمة الأمر." ثم تنهّد: "لم أُرِدْ الخوض في هذا ونحن في العيد، لكن ما دمتِ ترين فارس يلاحقك، فيبدو أنّ الوقت حان ليتلاشى وجود عائلة الهاشمي من مدينة قرناج تمامًا." لذتُ بالصمت قليلًا حتى هدأتُ، ثم هززت رأسي: "طالما ارتكبوا مخالفاتٍ وجرائم، فالعقاب واجب." حدّق فيّ سهيل: "جيّد أنك تفكّرين هكذا. خشيتُ أن تظنّي أنّني أفعل ذلك لأزيح منافسًا…" قلت بسرعة وأنا أرفع نظري إليه: "مستحيل! يوم أخبرتكِ بهذه القصة كنتُ قد فقدتُ الأمل في فارس تمامًا، وما يفعله لا يخصّني. ثم إنّ جُمانة جنّت وكادت تشوّهك أنتِ وسندس، ولن أبلعها!" ابتسم سهيل برضا وتنهد طويلًا: "يبدو أنّ مكاني في قلبك تفوّق على فارس بلا منازع." انفلتتْ مني: "هو وأنت لا مجال للم
Read more

الفصل400

بعد أن ودّعتُ الزملاء وواصلتُ طريقي إلى الخارج، فَجأةً رَبَتَ أحدٌ على كتفي من الخلف. التفتُّ، ولمّا رأيتُ ذلك الوجه ارتفع في قلبي نذيرُ سوء: "فارس، أنتَ—" ولم أكمل؛ إذ كتم فمي فجأة. لم يضع كفَّه مباشرةً، بل ضغط بمنديلٍ بين راحته وشفتَيَّ. في لحظةٍ تداعت إلى رأسي هواجسُ مرعبة لا تُحصى. مخدِّر، اعتداء، وحتى قتل… لا أدري لماذا، لكن شرَّه في نظري تمدّد بلا حدود. ولم تمضِ ثوانٍ حتى فقدتُ الوعي وسقطتُ في غيبوبة.…. حين صحوتُ ثانيةً، فتحتُ عينيَّ على ظلامٍ دامس لا أعرف معه أين أنا. حاولتُ أن أتحرّك قليلًا، فانتبهتُ إلى أنّ يديَّ وقدميَّ مكبَّلتان. "أفقتِ؟ سريعًا نوعًا ما." دوّى صوتٌ مألوف عند أذني، فارتجفتُ رعبًا في الحال. كان الصوتُ بجانبي تمامًا. أكنتُ مُغمىً عليّ وهو ملازِمٌ لي طَوال الوقت؟ وبهذا الشرّ والغلّ، ألا يفعل شيئًا بي وأنا بلا وعي؟ تزحلقتُ في العتمة محاوِلةً الابتعادَ عن مصدر الصوت. ثم "نقرة" وانقلب الظلامُ ضوءًا. أضاء المكانُ كله. قبّضتُ حاجبيّ وحدّقتُ نصفَ حدجة، فعيناي لم تألفا الضوء بعد. قال وهو يقرّب كوبًا إلى فمي: "تشربين؟ شربتِ خمرًا كثيرًا هذا المساء، لا
Read more
PREV
1
...
3839404142
...
47
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status