All Chapters of بعد رحيلي شابَ شعره في ليلة: Chapter 181 - Chapter 190

300 Chapters

الفصل 0181

لم تعد ورد تسمع أي صوت.أصبح عالمها غارقا في الصمت.لكن سهيل لم يكن يعلم.…توقف تساقط الثلج في مدينة الشمس.لمست بسمة وجه ورد، وقالت والدموع تملأ عينيها: "سآخذك إلى مدينة عاصمة لعلاج أذنيك! في مدينة عاصمة يوجد أفضل الأطباء، وسنعالجك حتما."أرادت ورد أن تطمئن أمها، فقالت: " أمي، أنا بخير."بضع كلمات بسيطة، لكن فقدانها للسمع جعل نبرة صوتها تبدو مشوهة قليلا.كانت بسمة على وشك الانهيار، لكن الأم حين تحتاج إلى القوة تكون أقوى، فأصبحت أكثر تماسكا الآن.في ذلك اليوم، عاد ياسر وزوجته مع ورد إلى مدينة عاصمة.نسق ياسر مع فريق من كبار الخبراء ليجري لورد تشخيصا شاملا، ففي هذا الوقت لا يحتملون إضاعة أي دقيقة؛ ما دام هناك بصيص أمل واحد، فلا يجوز الاستسلام.عند الثانية بعد الظهر، دخلت سيارة عائلة نور السوداء ببطء من بوابة المستشفى.وكان أمام السيارة جمع من الناس يثيرون الضجيج.وبدا أن ثمة بكاء امرأة أيضا.لم تكن ورد تسمع شيئا، بل رأت السائق يوقف السيارة وينزل ليفرق الحشد، وحين تفرق الناس قليلا، رأت ظلا تعرفه…كان سهيل وحسناء.كانت حسناء تبكي ودموعها تغرق وجهها، حافية القدمين، وعلى ثوب المستشفى آثار
Read more

الفصل 0182

شحب وجه سهيل حتى صار بلا دم.تقدمت سكرتيرة ليلي خطوة إلى الأمام، وبدا على وجهها برود قاس، وقالت بصوت مثلج لا يرحم:"دعني أنا أخبرك بما حدث!""حين عدت مسرعا إلى مدينة عاصمة لتعزية تلك المرأة الشريرة، كانت أذنا سيدة ورد قد فقدتا السمع بسبب ضغط الهواء! في ليلة كانت عاصفة الثلج في مدينة الشمس فيها هوجاء، كل شيء مغمور بالبياض، لم نتمكن من العثور على سيارة على الإطلاق. وقتها كنت ساذجة، قلت إنك في الفندق، وإني لو توسلت إليك، فستجد حلا—فأنت دائما الرجل الذي لا يعجز عن شيء!""لكنك… عدت إلى مدينة عاصمة.""فلم أجد أمامي سوى طلب المساعدة من السيد ياسر. وصل السيد ياسر والسيدة بسمة إلى مدينة الشمس ليلا، والرجل في الخمسين من عمره حمل سيدة ورد بيديه نحو نصف ساعة حتى يصل إلى المروحية، مع أن الثلج في مدينة الشمس تجاوز نصف متر! وعندما وصلنا المستشفى كان قميص السيد ياسر مبللا تماما، والنصف الأسفل من جسد السيدة بسمة قد تجمد، ومع ذلك… لم يضع أحد سيدة ورد على الأرض، لأنها بالنسبة إليهم… ابنتهم، روحهم.""أسألك أنت… ما الذي تعنيه سيدة ورد بالنسبة إليك؟""الطبيب قال إن الوقت… فات!""قال الطبيب إنه لو أرسلت سيدة
Read more

الفصل 0183

"أما زلت غير مكتفية؟""حسناء، ماذا تريدين بعد؟"…كان يمكنه أن يكون سعيدا.كانت ورد وطفلها ستكونان بجانبه، وكانت السعادة ستحيط به من كل مكان، وحتى لو كان سهيل غارقا في ذنوبه، فكان لا يزال يملك فرصة ليمسك بالسعادة.لكن تلك الفرصة ضاعت… في كل مرة كانت حسناء تؤذي نفسها، وفي كل مرة كانت تفتعل الفوضى، نفد صبره أخيرا، وهكذا هو وورد وصلا إلى هذا الوضع.قال سهيل بصوت منخفض: "حسناء… لقد انتهى كل ما بيننا."واستدار مبتعدا، بينما بقيت حسناء تبكي خلفه وتصرخ، راكعة على الأرض: "سهيل… سهيل…"ولم يلتفت سهيل أبدا.…لم يتمكن فريق الخبراء من إيجاد حل لمرض ورد.للأسف… فات الأوان.فهذا النوع من الاعتلال العصبي الناتج عن الطقس وضغط الهواء نادر، وليس هناك علاج واضح له الآن، خصوصا أن ورد ما تزال حاملا، ولا يمكن المجازفة باستخدام الأدوية.كانت بسمة حزينة حد الانكسار، وكان ياسر يواسيها، مؤكدا أنه سيستمر في البحث عن أمهر الأطباء.أما وجه ورد فكان هادئا للغاية.ولكن… أي إنسان يفقد سمعه ويبقى غير متأثر؟ نعم، قد ترتدي لاحقا سماعة طبية، ولكن… لن تكون مثل الآخرين، ستظل مختلفة دائما.خرجت من غرفة الفحص مع والديها، وك
Read more

الفصل 0184

في عمق الليل، داخل قصر عائلة نور.كان ضوء القمر يتسلل عبر ستائر الشيفون البيضاء، وينثر بياضه فوق السرير العاجي، كأنه يكسو جسد المرأة بثوب من بلور القمر.كانت ورد نائمة بهدوء.دخلت ظل طويل القامة مع ضوء القمر، خطاه خفيفة، واقترب من السرير، ثم جثا برفق إلى جانبه.لم تكن ورد تسمع شيئا، ولا تشعر بأي شيء.كان سهيل نصف جاث أمامها، يصغي إلى أنفاسها الهادئة، ينظر إلى وجهها الشاحب قليلا، وبعد كبت طويل… لم يستطع منع نفسه من مد يده، ولمس ملامحها الهشة برفق—لو عاد الزمن إلى الوراء تلك الليلة، لما عاد إلى مدينة عاصمة، لما ترك ورد، لما سمح لها بأن تبقى وحدها خائفة في ظلمة الليل.فكلما أغمض عينيه، رأى شكل ورد وهي تتكلم… ورأى شكلها وهي تتعثر بنبرة فقدت انتظامها… وألمه يصبح أعمق."آسف!""ورد… آسف!"ارتجف صوت سهيل، ولمعت دموع محتبسة في عينيه.…استيقظت ورد، فإذا هي في فيلا كبيرة.لم تكن في تلال الرفاهية، ولا في قصر البلاتين، بل في فيلا غريبة عنها تماما.جلست على السرير الأبيض الكبير، تحدق أمامها بذهول. كان حدسها يقول إن هذا مكان سهيل. نزلت من السرير حافية القدمين، ودفعت باب الشرفة الزجاجي، وخرجت لتنظر—
Read more

الفصل 0185

أجبرت ورد على البقاء هنا، تخضع لترتيبات سهيل، وكانت تجلس كل يوم شاردة بلا روح.ومع مرور الوقت، لم تستطع منع نفسها من التفكير… فربما ليست هي وحدها المريضة، بل سهيل أيضا.في الحقيقة… كلاهما كان مريضا!…هنا في هذه الفيلا، يبدو الزمن هادئا وجميلا.أما في الخارج… فالفوضى تعم كل شيء.وبعد نصف شهر، وصل ناصر إلى الفيلا، لا يعرف من أين حصل على الخبر.في مكتب بالطابق الثاني، تعبق رائحة الشاي… ذاك الشاي الثمين الذي يحبه ناصر.لكن الآن— لم يكن ناصر في مزاج يتيح له الاستمتاع بأي رشفة، فأشار إلى سهيل بغضب شديد: "أعدها فورا! أخذت بنت الناس وتركت كلمة واحدة ورحلت، فبماذا أرد على ياسر وزوجته؟ تلك ابنتهم، لحمهم ودمهم!"تلألأت ثريا الكريستال فوق رؤوسهم، وفي ضوئها بدا وجه سهيل بلا أي تعبير: "أبي… ورد زوجتي."أشعل ناصر سيجارة، وبدأ يمشي ذهابا وإيابا، ثم وقف أخيرا."لم تعد كذلك منذ زمن.""إذن ماذا كنت تفعل من قبل؟""بنت عائلة حامد تمرض، فتعالجها تسع سنوات، ولم تمت. أما زوجتك… فلم تعتن بها، فأصابها الصمم! ضع نفسك مكانهم… هل ترضى أن تسلم ابنتك لرجل كهذا؟""أعدها الآن حالا!"…خفض سهيل رموشه، وظل ظلها الكثيف
Read more

الفصل 0186

الحمل لم يجعل جسد ورد أكثر امتلاء.ظل ظهرها ناصعا رقيقا، وشعرها الأسود منسدلا على كتفيها، والماء الساخن ينحدر على امتداد عظم كتفيها، ثم يسقط في الغمزة الصغيرة عند خصرها… حيث توجد شامة حمراء باهتة، جذابة لغاية."دعيني أساعدك على الغسل."أمسك سهيل بجسدها، محاولا أن يساعدها في الاستحمام.لكن ورد ارتجفت فجأة، وبلا وعي صفعت وجهه.وبعد الصفعة، التصقت بجدار السيراميك الدافئ، ترتجف شفتاها وهي تحدق فيه. كانت لا تسمع… ولا تعرف ما الذي يريده سهيل، وخافت أن يكون يريد معاشرتها، فهو قد امتنع عنها طويلا.أدار سهيل وجهه بعد الصفعة.— وكان ذلك مهينا له للغاية.وبعد لحظة، ابتسم بمرارة لطيفة، ثم أخذ يدها وكتب في كفها بضع كلمات.وعندها فقط فهمت أنه يريد مساعدتها على الاستحمام. لم ترض، لكنها لم تستطع مقاومة رجل، ثم إنها حامل.في حمام يملؤه البخار، بدا الرجل بملامحه الحادة ونظراته العميقة غامضا لا يقرأ.كان يغسل جسدها برفق، وراح يده الدافئة تستقر على أسفل بطنها، بلمسة تحمل شوقا لا يخفى. هناك… يكمن طفلهما، مر عليه أكثر من ثلاثة أشهر، ومع ذلك ظل بطن ورد مسطحا بلا أي انتفاخ.رفع سهيل رأسه، ونظر إلى وجه ورد الخ
Read more

الفصل 0187

كان الليل ساكنا هادئا.وقف سهيل وحده في مكتبة الفيلا، يحدق في الثلج الأبيض الممتد خارج النافذة، وكانت ملامح ورد وهي تتكلم… وملامحها اليائسة وهي تبكي… تتردد في رأسه مرة بعد مرة.لا بد أن ورد… لن تستطيع تقبل هذا أبدا!نظر سهيل إلى ظلام الليل، وكانت نظرته قاتمة بلا نهاية—كان يبدو أنه لم يسعد ورد يوما حقا. كان دائما يجرحها… يخذلها… يجعل دموعها تنهمر. والحب— لم يكن هكذا أبدا.…عند الصباح، لم يظهر سهيل.غسلت ورد وجهها وحدها، ثم خرجت لتبحث عن شيء تأكله. كانت حاملا، وحتى إن لم تستطع تناول الطعام، كانت ستحاول لأجل طفلها.فتحت باب غرفة المعيشة… فتجمدت في مكانها.كانت جدتها واقفة على الباب، تحمل سلة بيد، والصغيرة لؤلؤة بالأخرى، تنظر إليها بعطف.وقفت ورد مشدوهة طويلا… ثم بدأت شفتاها ترتجفان.ونادت بصوت مشوه، مكسور—"جــد… تــي."لكن الجدة فهمت. دخلت وهي تضع لؤلؤة على الأرض، وبأصابع مرتجفة أخرجت من السلة أكبر بيضتين مسلوقتين بالسكر، وضعتهما في يدي ورد وهي تكرر: "وأنت صغيرة… كنت تعشقين هذا. به كنت تقوين جسمك. البيت بخير، وأبوك وأمك مشتاقان لك… بس يراعون خاطري."ورد لا تسمع وعالمها هادئ صامت… لكنها
Read more

الفصل 0188

"سهيل، أنت لم تبلغ الثلاثين بعد، وما زالت أمامك فرص كثيرة لتنجب البنين والبنات. احسبها مني، من عجوز ترجوك، من أجل الطفل… دعها تحيا، ورد ليست هشة إلى هذا الحد، ما زالت تستطيع أن تكتب وأن ترى، وستحسن تربية الطفل، تعلمه الأدب والمهارة… أعدها إلى منزلها، وسأدعك ترى الطفل."…قالت الجدة كلاما كثيرا، واستمع سهيل بصمت حتى النهاية.لم يقل 'نعم'، ولم يقل 'لا'!أخذ من يد الجدة نموذج الحذاء الصغير، وكان معدا لأيمن، بلون أزرق فاتح من المخمل، يبدو لطيفا جدا، ونعل الحذاء طري، ولمسه مريح.ابتسمت الجدة ابتسامة لطيفة: "أنا أعلم أنك تحب ورد، وإن كان بينكما نصيب فسينتهي الأمر بخير، وإن لم يكن… فحين تنجب يوما ما بنينا أو بناتا، سأصنع لطفلك زوجا من الأحذية أيضا."اختنق صوت سهيل: "يا جدة…"ربتت الجدة بخفة على ذراعه بيد واحدة: "أعرف… أنت أيضا ولد طيب. كما أخذت ورد إلى عائلة عباس في ذلك الوقت، فأعدها الآن بالطريقة نفسها إلى منزل أهلها، فأمها وأبوها ينتظرانها هناك."رفع سهيل رأسه، ووضع ذراعه ليحجب عينيه.وبعد فترة، قال بصوت منخفض: "حتى لو لم تغفر لي ورد طوال حياتها… لن أتزوج غيرها. سأربي الطفل معها حتى يكبر."
Read more

الفصل 0189

ذاب ثلج مدينة عاصمة.في الصباح، توالت نحو عشر سيارات سوداء فاخرة بسرعة، لتعيد ورد والجدة إلى فيلا عائلة نور. وكما استقبل سهيل ورد يوم زواجه منها، هكذا اليوم يعيدها بالطريقة نفسها، وهذا ما طلبته الجدة.ومهما كان المصير… فإن ورد، كانت زوجة معلنة رسميا.كانت السيارات السوداء اللامعة تدخل على التوالي إلى فيلا عائلة نور، وتوقفت ببطء.داخل السيارة كان الظلام خفيفا، مال سهيل برأسه ينظر إلى ورد، ولم يقل شيئا، بل مد يده يلمس بطنها الصغير برفق شديد، يربت على طفلهما. ثم أمسك بكفها، وظل يعانقها بيده طويلا، بحنان متواصل.لكن مهما كان الفراق صعبا… كان عليه أن يتركها. لقد وعد الجدة بأن يترك ورد ترحل.عادت الجدة ومعها ورد.كان ياسر وزوجته قد انتظرا طويلا خارج السيارة، وكانت بسمة بعيون دامعة، عانقت ورد بقوة، ثم أمسكت بيد الجدة وهي تبكي قائلة: "يا الجدة… أشكرك مرة أخرى."رفعت الجدة سلتها الخشبية الصغيرة، وابتسمت كاشفة أسنانها: "ورد طفلة ربيتها بيدي."لمست بسمة كتف ورد، لتتأكد أنها بخير، لكن حين تذكرت أنها لا تسمع… انفجر الحزن في قلبها.وقف سهيل على الجانب، ينظر إلى ورد بينما يساعدها أهل عائلة نور على دخ
Read more

الفصل 0190

لم تجرؤ السيدة بديعة على قول المزيد، وأشارت له بأن يدخل.خطا سهيل إلى داخل غرفة المكتب.كان ناصر يحمل ثلاث عود بخور، فأشار إلى مبخرة قائلا: "أوقد بخورا للشيخ… لعل روحه في السماء ترعانا، وتحفظ ورد من أن تبقى صماء، وتحفظ طفلها في بطنها سالما معافى."أخذ سهيل عود البخور، وانحنى باحترام، وغرسه في المبخرة.تأمل ناصر ملامحه، ثم نظر إلى الكدمات الواضحة عليه، فغلبته الشفقة، وربت على كتف ابنه: "الشباب تطيش عقولهم أحيانا، وهذا لا مفر منه، لكن عليك أن تكون أكثر حذرا فيما بعد. الطفل صحيح أنه يربى عند ورد، لكنك ما زلت مسؤولا عنه. أما الزواج… فلا تفكر فيها قبل أن يبلغ الطفل ثلاث سنوات.""لن أتزوج ثانية."قال سهيل هذا بهدوء تام.أراد ناصر أن يقول شيئا، لكنه ابتلع كلماته في النهاية.— فطفل ورد سيكون بلا شك طفلا مميزا، حسن المظهر، وإن لم يتزوج سهيل مستقبلا، فبإمكان طفل ورد أن يرث أعمال عائلة عباس.كان سهيل غائبا عن الشركة أياما، فتراكمت عليه الأعمال، وبعد الغداء كان عليه العودة فورا.كان مهار يمسك مظلة سوداء فوق رأسه، ويقول وهو يمشي معه: "يا لهذا الطقس المتقلب! ريح ثم مطر، والبرد رطب يخرق العظم… سيد سه
Read more
PREV
1
...
1718192021
...
30
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status