ابتسمَ عبدُ الرقيبِ ولم يُجِبْ، فهزَّ قيسُ القُنَنِ منكِبَيْه وقال. "حين دخلنا، أراد أولئك الأوغاد أن يكيدوا لنا، فقتلنا ثلاثةً منهم." وانكمشَ بؤبؤا أنور السَّويِّ، غيرَ أنّ وجهَهُ ظلّ ساكنًا لا يضطرب. ورأى عبدُ الرقيبِ ذلكَ كلَّهُ، ولم يَمْنَعْ قيسًا من ذِكْرِ الخبر. إذِ الحِذْرُ واجبٌ من الناسِ، فَلْنُوقِفْ رجالَ جبلِ السَّنَد على الجادَّةِ لئلّا تسولَ لهم الأنفُسُ السُّوءَ. وحينَ لم يبقَ بينَهم وبينَ طائفةٍ كأنّها مدينةٌ إلاّ يسيرٌ، وقفَ عبدُ الرقيبِ فجأةً. وجثا يَجُسُّ الأرضَ بكفِّه، فتبدّلَ لونُهُ بغتةً! "اهربوا! الأمرُ مُريب!" فما إن سمعَ فتيانُ طائفةِ سيفِ الصَّيفِ الأكبر قولَهُ حتّى انطلقوا لا يلتفتون. وهذه الطاعةُ أدهشتْ أنورا قليلًا، ثمّ جرى يتلوهم ونادى أصحابَهُ أن يلحقوا. "يا أخا لِي! ما الخبرُ؟ لِمَ الفرار؟" وصاحَ أنور من خلفٍ على بُعدِ مائة ذراع. فقالَ عبدُ الرقيبِ مُكفهرَّ الوجهِ: "سِرْبٌ عظيمٌ من الدوابِّ الرُّوحيّةِ يكرُّ إلينا!" "كثيرٌ! كثيرٌ!" ولمّا عَدَوْا قليلًا، وكانَ بينَهم وبينَ الأسوارِ الشامخةِ والبابِ نحوُ ثمانية ألف ذراع، إذا الغبارُ يثورُ من
Baca selengkapnya