لمّا رجع عبدُ الرقيبِ الليثيُّ إلى الدارِ الملحقةِ رأى شيخهُ قائمًا على بابِها. فأسرعَ إليهِ ضاحكًا يقول: "يا شيخي، ما الذي جاء بك؟" فضحكَ الشيخُ وقالَ خافتًا: "أردتُ أن أرى ما الذي ظفرتَ به من كتابِ سلوك." ففتحَ الفتى البابَ وأدخلَهُ القاعة. وقالَ مُستحييًا: "إنّما أخذتُ جزءًا منقوصًا…" فقطّبَ نُعيمُ بنُ تَيْمٍ حاجبَه وقالَ بوقار: "أوَما نِلتَ «سُنَّةَ الرعدِ السماويّ الأوَّليّ»؟" غيرَ أنّ الشيخَ لم يُكثِرِ القول، بل قالَ مُسَلّيًا: "لا ضير. فإذا بلغتَ طورَ الجُمانِ الذهبيّ صحبتُك إلى بعضِ المزاداتِ نلتمسُ فيها ما هو أَوفى وأجود." فسرى الدِّفءُ في صدرِ الفتى بكلماتِ الشيخ. وأمّا سببُ اختيارِه لهذه السِّفْر فلا يسوغُ له أن يُفضيَ به إلى الشيخِ الآن. ثمَّ لم يبرَحِ الشيخُ، بل أخذهُ إلى الحُجرةِ الهادئةِ للسلوك. وكان في الدارِ الملحقةِ حُجرةٌ للسكونِ غيرُ صغيرة. فلمّا دخلا رفعَ الشيخُ يدَه، وغرَزَ عشرَ قطعٍ من لُجينٍ داني المنزلة في مِصفوفةِ جمعِ الروح. فغَلُظَ في الحجرةِ نَفَسُ السماءِ والأرض. وقالَ الشيخُ مبتسمًا: "أُعينُك في ترتيبِ مسائلِ الكتاب؛ فهي أوّلُ مرّةٍ لك، لِئلّ
Baca selengkapnya