إقليم الصَّيْف الأكبر، صعيد السَّحابة الزُّرقى، بلدة الصَّرْد الشَّمالي.غلامٌ في السادسةِ أو السابعةِ يتقرفصُ عند سِبْعٍ حجريٍّ بإزاء الباب الخلفيّ من دار آل زاهر.في صقيع الثلج يلبسُ قميصًا غيرَ ملائمٍ لجسدٍ ناحلٍ فيرتجفُ كالسُّنبلة.والأعجبُ أنّ عينيه معصوبتانِ بخرقةٍ سوداء.تُبرزُ الخرقةُ حاجبَيْنِ كسيوفٍ وأنفًا أشمَّ وشفتينِ رقيقتين.وخدّاهُ محدّدانِ أشدَّ التحديد.قعقعةٌ…انفتح البابُ الخلفيُّ لدارِ آلِ زاهر ثم أعقبهُ وقعٌ مُثْقَل.طَخ!طُرِحت جثّةٌ يابسةٌ من البابِ إلى الخارج.فسقط الجسدُ الضامرُ على الأرض فثلمَ الثلجَ ثَلْمًا ضحلًا.تردّد زُهَيْرُ خادمُ الدارِ في فروٍ سميكٍ ولمعتْ في عينهِ شفقةٌ يسيرة.ألقى أربع مائة فلس إلى الأرضِ وردَّ ما بقي في كُمّه.طَقّ!فلمّا سمعَ الفتى نهضَ ونفضَ الثلجَ عن ثوبه وأخرج على وجهه الأزرقِ بسمةً وادعةً وقال: "أزُهَيْرُ أنت؟ أأُلقيتَ آنفًا فضلاتِ المائدةِ من الدار؟"ثم قرفصَ وجعلتْ كفّاهُ المحمرّتانِ تتحسّسانِ الثلجَ على عَجَلٍ.وظلّتِ البسمةُ على وجهه حتى لمسَ جثّةً باردةً تنفذُ قَرَّها إلى العظم!جمدتْ يدُ عبدِ الرقيبِ في الهواءِ وارتجفتْ شف
اقرأ المزيد