ذاك الرجلُ في ثوبٍ أبيضَ كلِّه، وعلى خصرِه حُليّةٌ من اليَشْم، يعدو شديدَ السُّرعة.ولمّا مرَّ بقربِه لم يَنْسَ أن يُرسِلَ ضِحكةَ استهزاءٍ خفيّة.وعقَدَ عبدُ الرقيبِ الليثيُّ حاجبَيْه؛ فإنّ صاحبَه لا يُشبهُ أهلَ تهذيب النَّفَس، فلِمَ أسرعُه هكذا؟ثم أبصرَ لوقته تحت قدمي الفتى رُقيتَيْنِ للنَّسيمِ الصافي مُلتصقتَيْن!فهزَّ عبدُ الرقيبِ رأسَه، وشرع يُسوّي نَفَسَه وخُطاه؛ إذ لا يدري كم بقي من الدرجات، وعليه أن يصون قواه ما استطاع.فلمّا بلغَ سُلّمَ الألفِ درجةٍ، وكان عرضه مائة ذراع تقريبًا، وجده قد غصّ بالناس، ولم يُبقوا إلا شِقًّا في الوسطِ يعرضُ قيدَ قدمين للصعود.فإذا بمتقدّميه يبطُؤون، فيقِفُ من وراءَهم وقوفَ المضطرّ.والصبيانُ والصبايا القاعدون على الدرج للنَّفَس ينظرون إلى المارّين نظرَ المتلذّذِ المُستهين.بل إنّ في وجوهِ بعضِهم ابتسامًا لا سترَ عليه.ويظهر أنّهم أُغْروا بأقاويل تُزَيّن لهم هذا الحشرَ، ليُبقوا دربًا ضيّقًا يحبسُ سرعةَ الصاعدين.فتبسّمَ عبدُ الرقيبِ تبسّمًا باردًا عند شَفَتِه."حقًّا: من ابتُلِيَ بالمطرِ، أحبّ أن يَشُقَّ مظلاّتِ غيرِه!""هُم!"وطافت عينُ قلبِه حولَ
더 보기