4 回答
ما أحببته في تصميم غلاف 'وتين' هو كيف استطاع المصمم أن يترجم المشاعر إلى شكل بسيط يفهمه العين سريعاً. لاحظت رمزاً متكرراً على الغلاف يدل على الفقد والربط، واستخدام فراغ ذكي حول العنوان جعل الصورة تتنفّس.
أنا كنت أراقب عملية المراجعة من زاوية قارئ شغوف؛ التعديلات الصغيرة في المسافات بين الحروف والخلفية جعلت الغلاف أكثر هدوءاً ودفئاً. وبالنهاية، شعرت أن الغلاف يعمل كدعوة هادئة للغوص في الرواية، لا يصرخ من على الرف بل يهمس بأن هناك شيئاً جديراً بالاهتمام داخل الصفحات.
أذكر أن أول ما فعلته عندما تسلّمت نسخة مبكرة من المخطوطة كان أن أترك القهوة جانباً وأغمضت عيني لأشعر بنبرة النص؛ هذا الشعور قاد كل قرار بصري لاحق. قرأت 'وتين' كاملةً مرتين، ثم بدأت في رسم تصاميم مصغرة بسرعة — صور صغيرة بحجم الطابع تختبر الإيقاع البصري والأيقونات الممكنة.
بعد ذلك جمعت مرجعيات بصرية: صور أقمشة، ظلال ضوء الصباح، خرائط قديمة، وبعض أعمال الخط العربي المعتمدة على الفراغ. اخترت لوحة ألوان محدودة لتعكس المزاج العام للرواية؛ درجات ترابية محايدة مع لمسة لون واحد واضح ليكون نقطة ارتكاز. العمل مع فكرة واحدة كرابط بصري — شيء بسيط ولكن رمزي — ساعدني على تبسيط الغلاف حتى يبرز بين رفوف المكتبة.
النهاية كانت عملية تكرار: عرضت ثلاثة خيارات للكاتب والدار، تلقّيت ملاحظاتهم، وعدّلت المساحات البيضاء والخطوط حتى وصلت إلى توازن بين الجاذبية التجارية والصدق الأدبي. أحب الطريقة التي يحكي بها الغلاف جزءاً من القصة دون أن يسرقها، وأتذكّر شعور الرضا عندما طبعت العيّنات الأولى ورأيت التفاصيل تنبض في الورق.
هناك شيء من القسوة الرقيقة في عملية اختيار الخط لغلاف 'وتين'؛ لم أرغب في خط متكلّف يبعد القارئ كما لم أرغب في خط عادي لا يمسك بمزاج الرواية. بدأت بتجربة خطوط يدوية مستوحاة من الخطوط التقليدية لكن مكسّرة قليلاً، ثم حولتها إلى نسخ رقمية نظيفة مع الحفاظ على حواف خشنة تنبض بالإنسانية.
من الناحية التقنية، عملت على تحويل الرسوم اليدوية إلى ملفات عالية الدقة، ضبطت الألوان حسب نظام CMYK لأنني أعرف كيف يمكن أن تتغيّر الألوان بين الشاشة والطباعة. قمت باختبارات طباعة لعيّنات الألوان، ولاحظت أن ظلال البني الدافئ تفقد عمقها على ورق مصقول، فانتقلت لورق مطفي أثبت تباين الألوان وأحسنت قراءة التفاصيل الدقيقة. كما فكرت في استخدام لمسات خاصة مثل نقش بسيط أو UV موضعي على العنصر البارز ليضيف بُعداً حسّياً.
ما أدهشني هو كيف أن كل قرار تقني — نوع الورق، سماكة الحبر، زاوية القطع — يؤثر على القصة التي يحكيها الغلاف قبل أن يفتح القارئ الصفحة الأولى.
قبل أن أبدأ في أي رسم، رسمت طريقتي في التفكير: صور متفرقة، ملاحظات كلمات، عناوين بديلة. كانت مهمة تصميم غلاف 'وتين' بالنسبة لي أن يعطي القارئ وعداً عاطفياً؛ وعد بأن ما في الداخل يحمل نبرة محددة. اعتمدت على تباين قوي بين الخط والصورة لأنني أردت أن يكون العنوان واضحاً من مسافة، لكن أيضاً أن يتداخل مع الخلفية كشعور متشابك.
خلال العمل، جربت خامات مختلفة للغلاف — ورق مطفي مع شريط لامع صغير، تغليف قابل للمس يعطي الإيحاء بالملمس المتكرر في الرواية. الحوار مع المصوّرة ومحرر النص كان مستمراً: اقتراحاتهم حول الرمزية البصرية قادتني لتقليل التفاصيل في الصورة الأساسية، وجعلت الشكل أكثر رمزية وأقل حرفية. النتيجة جاءت غلافاً بسيطاً ولكنه غني باللمسات الصغيرة التي تكشف أكثر عند الاقتراب، وهذا كان هدفي من البداية.