كيف يطوّر المدربون الترجمه من الانجليزي الى العربي لكتب الخيال؟

أحيانًا أحسّ أن تدريب المترجمين لكتب الخيال أشبه بتدريب فرقة مسرحية على أداء نص خارق؛ نحتاج لتنسيق بين الصوت، الإيقاع، والشخصية. أُفضّل البدء بتدريبات سريعة تُعيد تشكيل الجمل: أطلب من المتدرّب ترجمة فقرة، ثم إعادة كتابتها بأسلوب متكئ على لهجة محددة—تلميحية، تهكمية، أو شعرية—لمعرفة كيف يتغيّر النص عندما نغيّر النبرة. هذا يساعد كثيرًا في التعامل مع حوارات الشخصيات.

كما أعطي مهامًا تركز على الاختراعات والاسماء الغير موجودة في الثقافة العربية: هل نترجم اسم مخلوق جديد أم نحتفظ به؟ في ورشتي، نجرّب عدة استراتيجيات: نقل لفظي مثل 'هوغورتس'، تعريب معنوي، أو اختراع مصطلح عربي جديد يحافظ على الإيقاع. أُدرّبهم أيضًا على استغلال الترجمة الآلية كأداة مساعدة وليس حكمًا نهائيًا—نقوم بتحرير ناتج الآلة وتركيبه ليشبه السرد البشري.

أختم دائمًا بتشجيع التجريب والمغامرة: ترجمة الخيال تسمح لك بأن تكون شريكًا في الإبداع، لذا أميل إلى حلقات قراءة مع قرّاء حقيقيين وأطلب تقارير إحساسية عن كل نسخة، لأن ردود الفعل الحيّة هي المقياس الحقيقي لنجاح الترجمة.

لا شيء يضاهي إحساس إعادة صياغة عالم خيالي بلغة أخرى؛ أجد أن تدريب المترجمين على هذا النوع يتطلب خليطًا من الحرفية الأدبية وحس اللعب والإبداع. أبدأ عادةً بتشجيع المتدربين على قراءة العمل الأصلي بصوتٍ عالٍ أو الاستماع إلى نسخ مسموعة منه، لأن الصوت والوتيرة والهمس في الحوار هما روح الخيال. بعد ذلك أطلب منهم تحليل شخصية رئيسية أو مشهد صغير—ليس لترجمة كل شيء حرفيًا، بل لاستنباط النغمة: هل السرد ساخر؟ رومانسي؟ متشنِّج؟ هذه الخطوة تُعلمهم أن الترجمة ليست نقل كلمات فقط، بل نقل إحساس.

أُدرّبهم على تقنيات عملية: بناء قاعدة مصطلحات (termbase) لعناصر العالم الخيالي—أسماء الأماكن، الأسلحة، المخلوقات، والنظام السحري—مع قرارات واضحة حول النقل أو النطق أو التعريب أو الاحتفاظ بالأصل. نجرّب أمثلة واقعية؛ مثلاً كيف نتعامل مع اصطلاحات مثل 'break the ice' داخل حوار شخصيات في عالم سحري؟ أُشجعهم على اختبارات بدائل: ترجمة حرفية مقابل تعريب إبداعي، ثم نعيّن قرّاء تجريبيين لمعرفة أي خيار يُبقي الإيقاع ويخدم القصة.

التدريب العملي يمرّ عبر ورش تحرير متكررة: كل مترجم يقدم مسودة أولى، تتبعها جلسة نقد بنّاءة، وتحسينات، ثم مراجعة للأسلوب والتماسك. أُدرّبهم على استخدام أدوات مساعدة مثل ذاكرات الترجمة وملفات التوافق، لكن أؤكّد أن الأدوات ليست قرارية؛ القرار الإبداعي يبقى إنسانيًا. نمارس أيضًا 'الترجمة العكسية' (back-translation) لأجزاء مختارة للتأكد من أن النتيجة تحتفظ بمضمون ومغزى النص الأصلي.

الجانب الثقافي لا يُهمل: أُعلّمهم كيف يوازنوا بين محليّة النص (domestication) وإبقاء طابع الغربة (foreignization). في كتب الخيال قد نحتاج لشرح خفيف عبر حواشي أو عبارة مترجمة بحكمة بدلاً من ترجمة حرفية تقتل السحر. أخيرًا، أُحفّز المتدربين على أن يصنعوا مذكرات ترجمة يشرحون فيها اختياراتهم، لأن ذلك يسهل التواصل مع المحررين والناشرين ويحفظ اتساق العالم الخيالي عبر الطبعات. بالنسبة لي، متابعة ردود القرّاء والاطلاع على نصائح زملاء آخرين هي المرحلة التي تُكمل الرحلة، لأن ترجمة الخيال نشاط حيوي يتطوّر مع كل قراءة ومراجعة.