LOGINتزوجت سارة من أحمد لمدة ثلاث سنوات، ولكنها لم تستطع التغلب على حبه السرّي لعشر سنوات. في يوم تشخيصها بسرطان المعدة، كان يرافق حبه المثالي لإجراء الفحوصات لطفلها. لم تثر أي ضجة، وأخذت بجدية ورقة الطلاق وخرجت بهدوء، لكن انتقمت منه بشكل أكثر قسوة. اتضح أن زواجه منها لم يكن إلا وسيلة للانتقام لأخته، وعندما أصابها المرض، أمسك بفكها وقال ببرود: "هذا ما تُدين به عائلتكم ليّ." فيما بعد، دُمرت عائلتها بالكامل، دخل والدها في غيبوبة إثر حادث بسيارته، حيث شعرت بأنها لم تعد لديها رغبة في الحياة، فقفزت من أعلى مبنيِ شاهق. ." عائلتي كانت مدينة لك، وها أنا قد سددتُ الدين" أحمد الذي كان دائم التعجرُف، أصبح راكعًا على الأرض بعيون دامية، يصرخ بجنون ويطلب منها العودة مرةً بعد مرة...
View Moreدخل أحمد مع جموع الناس إلى قاعة المزاد.وقبل أن يبدأ، سمع أصواتًا صاخبة يملؤها الحماس.قال أحدهم: "سمعت أنّ الليلة ستُعرض حسناء لا مثيل لها."وردّ آخر: "نعم، وصلتني الأخبار أيضًا، البضاعة الليلة ستكون ثمينة."ضحك ثالث قائلاً: "لقد مللنا الأيام الماضية، وقريبًا سنعود إلى اليابسة، أليس من الأفضل أن نغتنم الفرصة ونستمتع بمشهد كبير؟"كان كل رجل في القاعة يخفي وجهه خلف قناع.لكن تحت الأقنعة، ما إن تراها، إلا وجوه قبيحة ملوّثة.جلس أحمد للتوّ، حتى جاءه رجل إليه.وسأله: "السيد فايز؟"جلس أحمد واضعًا ساقًا فوق الأخرى، وأطلق هالة العظمة التي اعتاد عليها، ولم يكن له أي شبه بذلك الرجل الخاضع الوديع أمام سارة.قال بهدوء: "أنا"، في تلك اللحظة، كان الغضب المستعر في داخله كفيلًا بأن يُرهب حتى الأشباح.مدّ الرجل إليه رسالة.فتحها أحمد، وإذا بالخط نفسه الذي اعتاد أن يراه، وما إن قرأ ما فيها حتى انتفخت عروق يده، فظهر غضبه جليًا.كتب فيها: "زعيمتنا قالت، إن رفضتَ، فانتظر لترى كيف تتحوّل الأم وابنتها إلى ألعوبة بين يدي الآخرين."عبارة "ألعوبة بين يدي الآخرين" أصابت قلب أحمد كطعنة مسمومة.قبض على الورقة حت
منذ القدم هناك مثل يقول، الفقير لا يجادل الغني، والغني لا يجادل صاحب السلطة.عائلة أحمد استطاعت أن تصمد لأكثر من مئة عام، ولم يكن ذلك بسبب التجارة وحدها، بل لأن خلفها سندًا من علٍ، ولولا ذلك الدعم ما كان لها أن تبلغ ما بلغته اليوم.حتى لو امتلك المرء ثروةً طائلة، فإن غياب هذا السند يجعله في النهاية لعبةً بين أيدي الآخرين.خطوة أحمد الأخيرة أضرّت بمصالح الكثيرين، وهددت مستقبله، وأعطت خصومه فرصةً للانقضاض عليه، ولم يكن هذا تصرفًا حكيماً.لكن ماذا بوسعه أن يفعل؟ زوجته وطفلاه في قبضة غيره، وكل طريق أمامه قد سُدّ.هذا الطريق، مهما بدا محفوفًا بالمخاطر، هو السبيل الوحيد لإنقاذ سارة.تنهد أحمد بعمق وقال: "لم يعد أمامي طريق للعودة."كان مسعد يختلف عن خالد ومحمود، فهو ظلٌّ خفيّ يتحرك في العتمة ليحل مشاكله، ونادرًا ما يظهر للعلن.وحين ظهر بنفسه، كان ذلك دليلًا على أن طريق أحمد قد غدا أكثر خطورة من أي وقت مضى.قال بصوت متهدج: "يا رئيسنا..."قاطعه أحمد بصرامة: "أبلغ كل الرجال على السفينة، أن يكونوا مستعدين لأسوأ الاحتمالات."جثا مسعد على ركبة واحدة وقال بلهجة حازمة: "أمرك."منذ أن خطا هذه الخطوة،
كان المزاد الحيّ أكثر صخبًا من أي قاعة للموت، فقد هرع الضيوف منذ وقت مبكر للحصول على أرقام الدخول، وكلٌّ منهم يترقّب ما يمكن أن يصطاده من "فرائس" في هذه الليلة.وقبل أن يبدأ العرض، وصل خبرٌ إلى رغدة، بأن أحدهم يريد إيقاف المزاد.ابتسمت رغدة ببرود، وكأنها تعرف تمامًا من يكون، ثم قالت: "ها هو قد جاء أسرع مما توقعت، استمرّوا."لكن أحد أتباعها اقترب بتحفّز وقال: "رئيستنا، الطرف المقابل يبدو ذا شأن كبير، حتى المدير فتحي كان يتعامل معه بكل احترام، واليوم صاحب السفينة ليس على متنها، لو حدث خطبٌ ما، لن نستطيع تحمّل العواقب."شبكت رغدة ذراعيها أمام صدرها قائلة: "سواء كان ملكًا أو شيطانًا، ما دام صعد على هذه السفينة، فعليه أن يلتزم بقوانيننا، ألا تدركون ما الذي يجعل هذا المكان مقصدًا لكل هؤلاء الزبائن؟ إنه لأن لا أحد، مهما علا شأنه، يستطيع التدخّل هنا، فإذا كُسرت هذه القاعدة، فهل سيأتي أحد مجددًا؟"اعترض الرجل بتردّد: "ولكن..."قطعت كلامه بحركة ضجر من يدها: "أخبروه، إن أراد أن يأخذ الناس، فليُظهر لنا ما عنده."ثم التفت أحد رجالها وقال بقلق: "رئيستنا، تلك المرأة ذكرت أيضًا اسم أحمد، أتظنّين أنه ج
حين نطقت سارة بتلك الكلمات، غمرها شعور بالمرارة.فكم كرهت ذلك الرجل وتمنّت ألّا تراه ثانيةً في حياتها، لكنها الآن وجدت نفسها مضطرة للاحتماء باسمه كي تنجو.قالت بصوت ثابت: "إن لم تصدقيني فابحثي على الإنترنت، فقط أطلقي سراحنا، وسأتغاضى عمّا حدث اليوم، وكأن شيئًا لم يكن".بدأ بعض الرجال من حول رغدة يهمسون محذرين: "أخت رغدة، هذه المرأة تبدو فعلًا ذات شأن، من الأفضل ألّا نثير غضبها، فالتورط مع أصحاب المال والنفوذ عاقبته وخيمة".وأضاف آخر: "صحيح، لا داعي أن نضحّي بأنفسنا من أجل انتقام قديم".رمقتهم رغدة بنظرة باردة قاسية وقالت: "اصمتوا أيها الجبناء، لمجرد أنها قالت إنها الزوجة السابقة لأحمد صدقتم؟ إذًا دعوني أقول لكم إني ابنة الإمبراطور الغير الشرعية، فهل ستؤمنون أيضًا؟"رغم كلماتها الساخرة، لم تتوقف يداها، بل سارعت للبحث عبر الإنترنت.نعم، وجدت اسم أحمد بالفعل، ومكتوب عنه أنه متزوج.لكن لم تظهر أي معلومات إضافية عن طلاقه أو عن زوجة سابقة، وحتى صورة زوجته الحالية لم تكن موجودة.زمجرت رغدة غاضبة وهي تلوّح بالهاتف: "أيتها الحقيرة، كيف تجرؤين على خداعي! هو لم يطلّق أبدًا، فمن أين جئتِ بقصة الزو
كانت سارة قد حُقنت بمخدر من قِبل رغدة، فغدا جسدها واهنًا ضعيفًا، وبدت مستغرقة في النعاس، رأسها ثقيل ودوارها يزداد، وردود أفعالها بطيئة.كانت قادرة على سماع ما تقوله رغدة، لكن احتاجت بضع ثوانٍ لتتمكن من الرد.فعلى سبيل المثال، أرادت أن تركض، لكن يديها وقدميها لم تستجيبا لها، بل غدتا رخوتين بلا أي قوة.حتى نفسها كانت قد حُقنت بالدواء، فكيف بحال مارية الآن؟ أين هي؟ وهل تجرأ هؤلاء المرضى النفسيون على إيذائها؟جرى تبديل ثياب سارة قسرًا، ووضعوا عليها مساحيق التجميل، بل وأعدّوا لها تصفيفًا كاملًا.حدّقت رغدة في المرأة المتأنقة أمامها، التي كانت بهدوئها البارد كقمر في السماء.قالت وهي تلمس وجه سارة بملمس مريض: "يا إلهي ما أكرمه، لقد وهبكِ وجهًا كهذا".اقشعر جسد سارة حتى ظهر على بشرتها أثر قشعريرة، وقالت بصوت واهن يكاد يختفي: "أطلقي سراحنا، وإلا ستندمين، زوجي السابق لن يترككم بسلام..."قهقهت رغدة باستهزاء: "ها أنتِ قلتِ بنفسكِ إنه زوجكِ السابق، من الأفضل أن تنشغلي بخليلِكِ الجديد".قالت سارة ببرود: "لسنا سوى صديقين".ابتسمت رغدة بازدراء: "لا يهمني ما علاقتكما، هو أغضبني، وأنا لا أنسى ثأري أبدًا
خلال هذين اليومين تحسّن جسد أحمد كثيرًا، غير أنّ السعال لم يفارقه بعد.ومع اقترابهم من الوصول إلى مدينة الشمال، غادر خالد ومحمود السفينة خفيةً.من جهة، كان عليهما إيصال العقود والوثائق التي وقّعها أحمد على السفينة في الوقت المناسب، ومعالجة بعض شؤون الشركة.ومن جهة أخرى، كان على خالد ترتيب الأمور مسبقًا كي لا تشكّ سارة بعد نزولها من السفينة.الأيام تمرّ بهدوء، ومسعد كالعادة يوصل الطعام إلى سارة يوميًا، ولم يكن هناك ما يثير الريبة.لم يتوقّع أحد أن يختلّ الهدوء فجأة قبيل الفجر.طرق أحدهم على الباب، وكان ذلك توقيتًا غير مألوف، فالزوّار في مثل هذه الساعة نادرون، هل يمكن أن تكون سارة؟تغيّر وجه أحمد، إذ لم يكن قد غيّر ثيابه بعد، وكان في خضمّ اجتماع عبر الفيديو.أشار بعينيه إلى مسعد ليتفحّص الأمر أولًا، اقترب مسعد من العين السحرية ونظر قائلًا: "لا أحد."فتح الباب بحذر، أطلّ بجسده، فلم يرَ أحدًا، بل كان هناك صندوق موضوع عند العتبة.قال باستغراب: "غريب، أيمكن أن يكون هدية صغيرة من طاقم الخدمة؟"حمل الصندوق وفتحه بدافع الفضول، وما إن وقعت عيناه على ما بداخله حتى ارتعدت يداه، وسقط الصندوق أرضًا.






Comments